الحشوية وصف يطلقه بعض المتحاملين على متبعي الفكر الوهابي نسبة إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب – – وقد نقموا عليهم أنهم قد أبطلوا التأويل، واتبعوا ظاهر التَنْزيل، وخالفوا أهل البدع والتأويل.[1] فهم مع كونهم ينفون عن الله عزّ وجلّ مشابهة المخلوقات؛ فإنهم يثبتون لله تعالى ما أثبته لنفسه في القرآن الكريم وما صحّ من السنّة النبوية من الصفات: كالوجه والعينين واليدين والأصابع والساق كل ذلك بما يليق بجلاله سبحانه عما يقوله من يلحد في أسمائه علواً كبيراً [2].

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

منشأ التسمية في القرون الأولى

وقد ورد أن أول من تكلم بهذا اللفظ كان زعيم المعتزلة، عمرو بن عبيد143هـ)، يحكى عنه أنه قال: (كان عبد الله بن عمر حشوياً) يعنى من العامة الذين هم حشو!

قال الحافظ ابن حجر – - في ترجمة ابن النديم: ( أنه غير موثوق .. لما طالعت كتابه ظهر لي أنه رافضي معتزلي، فإنه يسمي أهل السنة: الحشوية) أ.هـ

أما الاستخدام الصحيح لهذا اللفظ فقد ذكر أن الحشوية قوم كانوا يقولون بجواز ورود ما لا معنى له في الكتاب والسنة, كالحروف في أوائل السور وكذا قال بعضهم, وهم الذين قال فيهم الحسن البصري – - لما وجد قولهم ساقطا, وكانوا يجلسون في حلقته أمامه: "ردوا هؤلاء إلى حشا الحلقة", أي جانبها. والمتأمل يرى أن مذهب الحشوية على هذا هو: ورود ما يتعذر التوصل إلى معناه المراد مطلقا كتفويض معنى الاستواء مثلا. وهذا أقرب في وصف حال من يرمي أهل السنة والجماعة بدائه؛ ويلقب أهل التوحيد الحق بالحشوية وينبزهم. والله الموعد.


أسباب التسمية في العصور الحديثة

إنه ليس في الدنيا .. من ينسب إلى نوع من الإلحاد والبدع، إلا وهو يطعن في أهل السنة من المحدثين،والفقهاء، والمفسرين…إلخ وينظر إليهم بعين الحقارة ويسمونهم بأسماء هم أولى بها منهم، فالجهمية يسمونهم مشبهة ونابته، والقدرية يسمونهم مجبرة، والزنادقة يسمونهم الحشوية، والمعتزلة يسمونهم زوامل أسفار، والرافضة يسمونهم نواصب … إلخ . وكل ذلك عصبية، وغياظ لأهل السنة، ولا اسم لهم إلا اسم واحد وهو "أصحاب السنة"[4]. ولا يلتصق بهم ما لقبهم به أهل البدع كما لم يلتصق بالنبى صلى الله عليه وسلم تسمية كفار مكة ساحراً، وشاعراً، ومجنوناً، ولم يكن اسمه عند الله، وعند ملائكته، وعند انسه، وجنه، وسائر خلقه، إلا رسولاً نبياً برياً من العاهات كلها قال تعالى : { انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا } [5]. فالوقيعة في أهل السنة من علامات أهل البدع والزيغ قديماً وحديثاً.

المصادر

  1. الدرر السنية للعلامة حمد بن ناصر بن معمر
  2. كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد لشيخ الإسلام محمد بن سليمان التميمي النجدي
  3. لسان الميزان للحافظ ابن حجر العسقلاني
  4. كتابات أعداء الإسلام ومناقشتها لمؤلفه: د/ عماد السيد محمد إسماعيل الشربينى – الأستاذ بجامعة الأزهر أصول الدين القاهرة
  5. الآية 48 من سورة الإسراء، وانظر : قواعد التحديث للقاسمى ص 58