حريق المسجد الأقصى

(تم التحويل من حريق المسجد الأقصى 1969)

حريق المسجد الأقصى شب في 21 أغسطس 1969 الجناح الشرقي للمسجد الأقصى حريق ضخم، أتت النيران على كامل محتويات الجناح بما في ذلك منبره التاريخي المعروف بمنبر صلاح الدين، كما هدد الحريق قبة المسجد الأثرية المصنوعة من الفضة الخالصة.

منبر صلاح الدين في المسجد الأقصى (مصوّر في 1900-1910)
حريق المسجد الأقصى
حريق المسجد الأقصى

أحدثت هذه الجريمة المدبرة من قبل مايكل دينس روهن دوياً في العالم وفجرت ثورة غاضبة خاصة في أرجاء العالم الإسلامي، في اليوم التالي للحريق أدى آلاف المسلمين صلاة الجمعة في الساحة الخارجية للمسجد الأقصى وعمت المظاهرات القدس بعد ذلك إحتجاجاً على الحريق، وكان من تداعيات الحريق انعقاد أول مؤتمر قمة إسلامي في الرباط بالمغرب.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الخلفية

اتهمت الصحافة العربية إسرائيل بإحراق المسجد الأقصى ادعى مايكل دنيس روهان أنه حاول إحراق المسجد الأقصى بعد أن قرأ مقالة كتبها هربرت و. آرمسترونگ في مجلة بلين تروث الصادرة في يونيو 1967. وقد كانت محطة كنيسة الرب العالمية ترسل ملايين النسخ من تلك المجلة مجانًا كل عام وقد تغير اسم المحطة فيما بعد ليصبح كنيسة الرب العالمية وقد اشتهرت المجلة ببرنامجها الإذاعي عالم الغد والذي أصبح يبث على التلفاز أيضًا من قبل ابنه گارنر تد آرمسترونگ.

لقد كانت تبدو مجلة بلين تروث مجلة محترمة ولكنها تضمنت نبوءات أثبتت الأيام خطأها. كتب هربرت و. آرمسترونگ في العدد الصادر في شهر مايو عام 1941 أنه: قد وقعت الكثير من الأمور منذ العدد السابق وكلها تتفق مع النبوءات. لقد أدارت الحرب رحاها بسرعة فائقة وها هي تقترب من قمة النبوءات. إن هتلر يظهر الآن كالوحش الذي يأتي قبل المسيح وتظهر نبوءات الكتاب المقدس أن قوات المحور سوف تسيطر على مصر والسويس وفلسطين وحتى جبرلتار وما لم نتجه إلى الرب فإن الولايات المتحدة ستجد نفسها في حالة من عدم القدرة الكاملة على الدفاع عن النفس وإن حدث هذا فلن ننتصر أبدًا. إننا نشهد نهاية الوضع الحالي إن هرمجدون (موقع ستقع فيه معركة فاصلة أخيرة) على بعد مسافة قصيرة منا.

وفي عدد 1967 من مجلة بلين تروث جاء في المقالة التي كتبها هربرت و. آرمسترونگ وأدت إلى تحفيز روهان للإقدام على ما أقدم عليه ما يلي: سوف يبنى هيكل يهودي في القدس وستقرب فيه القرابين من جديد... وسيحدث هذا خلال أربعة أعوام ونصف. سيستغرق بناء هيكل كهذا بعض الوقت... ولا أدري كيف يدعون الشهور تمر... سيكون هناك هيكل في القدس قريبًا وسوف تقرب فيه القرابين كل يوم.

لم يكن هذا الادعاء جديدًا في مجلة بلين تروث فقد ورد في الصفحة الرابعة من العدد الصادر في تشرين الأول عام 1958 ما يلي:

سيبني اليهود هيكلاً أو حرمًا في القدس. سيحدث هذا في غضون أقل من 14 عامًا من الآن. (1972)

كان روهان يعيش في أستراليا عام 1967 عندما قرأ مقالة كتبها هربرت آرمسترونگ وقد التقى بكاهن من كنيسة الرب العالمية ليستشيره في مسألة العضوية ولكنه لم يصبح عضوًا ومع ذلك فقد دفعه هذا النص ونصوص أخرى إلى الذهاب إلى إسرائيل عام 1969 من أجل تحقيق نبوءة هربرت و. آرمسترونگ.


موقع الحريق

 
حريق الأقصى

وكان الحريق في مواضع ثلاثة وهي:

الأول: في مسجد "عمر" الواقع في الزاوية الجنوبية الشرقية للمسجد الأقصى، الذي قام الخليفة "عبد الملك بن مروان" بإعادة بنائه سنة 692م، بعد أن هدمته الزلازل.

الثاني: في منبر "صلاح الدين الأيوبي" والمحراب.

الثالث: في النافذة العلوية الواقعة في الزاوية الجنوبية الغربية من المسجد الأقصى، وترتفع عن أرضية المسجد حوالي عشرة أمتار، ويصعب الوصول إليها من الداخل بدون استعمال سلَّم عالٍ، الأمر الذي لم يكن متوفرًا لدى "دنيس روهان"، وكان حريق هذه النافذة من الخارج وليس من الداخل.

قامت سلطات الاحتلال الصهيوني بقطع المياه عن المنطقة المحيطة بالمسجد في نفس يوم الحريق، وتعمَّدت سيارات الإطفاء التابعة لبلدية القدس- التي يسيطر عليها الاحتلال- التأخير؛ حتى لا تشارك في إطفاء الحريق، بل جاءت سيارات الإطفاء العربية من الخليل ورام الله قبلها وساهمت في إطفاء الحريق.

 
دينيس روهان اثناء محاكمته

أما أهم الأجزاء التي طالها الحريق داخل مبنى المسجد الأقصى المبارك فهي: 1- منبر "صلاح الدين الأيوبي" الذي يعتبر قطعةً نادرةً مصنوعةً من قطع خشبية، معشَّق بعضها مع بعض دون استعمال مسامير أو براغي أو أية مادة لاصقة، وهو المنبر الذي صنعه "نور الدين زنكي"، وحفظه على أمل أن يضعه في المسجد إذا حرَّره فلما مات قبل تحريره قام "صلاح الدين الأيوبي" بنقله ووضعه في مكانه الحالي بعد تحرير المسجد من دنس الصليبيين.

2- مسجد "عمر" الذي كان سقفه من الطين والجسور الخشبية.

3- محراب "زكريا" المجاور لمسجد "عمر".

4- مقام الأربعين المجاور لمحراب "زكريا".

5- ثلاثة أروقة من أصل سبعة أروقة ممتدة من الجنوب إلى الشمال مع الأعمدة والأقواس والزخرفة وجزء من السقف الذي سقط على الأرض خلال الحريق.

6- عمودان رئيسان مع القوس الحجري الكبير بينهما تحت قبة المسجد.

7- القبة الخشبية الداخلية وزخرفتها الجصية الملونة والمذهبة مع جمع الكتابات والنقوش النباتية والهندسية عليها.

8- المحراب الرخامي الملون.

9- الجدار الجنوبي وجميع التصفيح الرخامي الملون عليها.

10- ثمان وأربعون نافذة مصنوعة من الخشب والجص والزجاج الملون والفريدة بصناعتها وأسلوب الحفر المائل على الجص لمنع دخول الأشعة المباشر إلى داخل المسجد.

11- جميع السجّاد العجمي.

12- مطلع سورة الإسراء المصنوع من الفسيفساء المذهبة فوق المحراب، ويمتد بطول ثلاثة وعشرين مترًا إلى الجهة الشرقية.

13- الجسور الخشبية المزخرفة الحاملة للقناديل والممتدة بين تيجان الأعمدة.

ردود الفعل

في 28 أغسطس عام 1969 قامت أربعة وعشرين دولة مسلمة بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ضد محاولة إحراق المسجد الأقصى. وقال ممثل الأردن محمد الفرا:

ينضم وفدي اليوم إلى 24 عضوًا تمثل 750 مسلمًا في طلب انعقاد اجتماع لبحث مأساة المسجد الأقصى والنار التي دمرت بشكل كبير ذلك المكان التاريخي المقدس في صباح الحادي والعشرين من آب عام 1969. لقد قدمت السلطات الإسرائيلية أكثر من سبب لاندلاع النيران وفي النهاية اتهمت أستراليًا بمحاولة الإحراق. ووفقًا لمصادر إخبارية إسرائيلية فإن المشتبه فيه هو صديق لإسرائيل أحضرته الوكالة اليهودية كي يعمل من أجل إسرائيل.

لقد رتبت الوكالة اليهودية عملاً للأسترالي في كيبوتس لعدة أشهر حتى يتعلم اللغة العبرية ويتلقى المزيد من التعليم الصهيوني. والتقرير الذي نشرته جروساليم پوست وهي جريدة إسرائيلية شبه رسمية في 25 أغسطس 1969 فيما يتعلق بحياة هذا الأسترالي في الكيبوتس وأحلامه ببناء هيكل سليمان يثير الشكوك حول هذه القضية ويضيف إلى المخاوف والقلق الذي يشعر به المسلمون تجاه هذا المكان المقدس. لقد ألقى هذا التقرير الضوء على المجرم وعلى المتواطئين معه.

اتهمت الصحافة العربية حكومة إسرائيل وادعت أن روهان يهودي. وقيما بعد أشار ياسر عرفات في عدة خطابات تلفزيونية إلى أن محاولة الإحراق هي السبب الذي يدفعه إلى تنفيذ هجمات ضد إسرائيل متجنبًا ذكر روهان بالاسم. أما صحيفة ديلي تلغراف الصادرة في لندن فقد نشرت صورة روهان على صفحتها الأولى ونسخة من مجلة بلين تروث تظهر من جيبه.

كما نشرت الصحافة العربية ما يلي:

في ساعة مبكرة من ذلك الصباح اندلعت النيران في المسجد الأقصى وقد أسرع المسلمون الذين كانوا يصلون في ذلك المكان يساندهم آخرون إلى المكان لإخلاء بعض الممتلكات الثمينة الموجودة في المسجد ومن أجل إخماد النيران. كما وصل إلى الموقع قادة دينيون مسلمون وبعض المسؤولين الأردنيين المتواجدين في المناطق التي تحتلها إسرائيل. وقد وصل الخبر إلى العالم عن طريق راديو إسرائيل الساعة الثامنة أي بعد ساعة ونصف من اندلاع النيران، وقد أذاعت المحطة نبأ الحريق ولكنها لم تقدم أسبابًا لاندلاعه ولم تذكر إن كان قد أخمد. وفي الوقت ذاته أرسلت قوات إطفاء أردنية من رام الله والخليل ونابلس إلى المكان. وقد أفادت وكالة رويترز بأن إطفاء الحريق استغرق خمس ساعات وقد أكدت هذا مصادر إسرائيلية. وفي 23 أغسطس 1969 أرسل ارئيس المصري جمال عبد الناصر رسالة لوزير الحربية الفريق محمد فوزي يقول فيها: "مع كل مشاعر الغضب الجارف والحزن العميق والآلام الروحية والمادية التي تعصف في قلوب امتنا بأسرها من المحيط إلى الخليج فإنني لم أجد من أتوجه إليه هذه اللحظة بخواطري غير القوات المسلحة للجمهورية العربية المتحدة ومن ورائها القوات المسلحة لشعوب امتنا العربية وكل قوى المقاومة الشريفة التي فجرتها التجربة القاسية التي أراد الله بها عز وجل أن يمتحن صبرنا وان يختبر صلابتنا لقد انتظرت وفكرت كثيرا في الجريمة المروعة التي ارتكبت في حق قدس الأقداس من ديننا وتاريخنا وحضارتنا وفي النهاية فإنني لم أجد غير تأكيد جديد للمعاني التي كانت واضحة أمامنا جميعا منذ اليوم الأول لتجربتنا القاسية وذلك انه لا بديل ولا أمل ولا طريق إلا القوة العربية بكل ما تستطيع حشده وبكل ما تملك توجيهه وبكل ما تستطيع الضغط به حتى يتم نصر الله حقا وعزيزا لقد فتحنا للسلم كل باب ولكن عدو الله وعدونا أغلق دون السلم كل الأبواب ولم نترك وسيلة إلا وجربناها ولكن عدو الله وعدونا عرقل الوسائل وسد مسالكها واظهر للدنيا كلها ما كان خافيا من أمر طبيعته ونواياه وحين وقعت هذه الجريمة ضد المسجد الأقصى في القدس فإننا لم نتسرع وانتظرنا لا نتصور أن يكون التدبير قصدا مقصودا ولكن الدلائل القاطعة أمام عيوننا الآن لا تترك لأحد أن يتصور شيئا آخر غير الحقيقة وحدها مهما كانت بشعة ومروعة ولسنا نجد أن هناك فائدة في اللوم والاستنكار وليس يجدي أن نقول بان إسرائيل بعدما حدث للمسجد الأقصى قد أثبتت عجزها عن حماية الأماكن المقدسة كما انه لا نفع من الالتجاء إلى أي جهة طلبا للتحقيق أو طلبا للعدل إن هناك نتيجة واحدة يجب أن نستخلصها لأنفسنا ويتحتم أن نفرض احترامها مهما كلفنا ذلك ألا وهو ان العدو لا ينبغي له ولا يحق له ان يبقى حيث هو الان إن العدو لن يتأثر باللوم أو الاستنكار ولن يتزحزح قيد أنملة عن المواقع التي هو فيها لمجرد قولنا بأنه اعجز من مسؤولياتها ولن يتوقف دقيقة لكي يستمع الى صوت أي جهة تطلب التحقيق والعدل إننا أمام عدو لم يكتف بتحدي الإنسان ولكنه تجاوز ذلك غرورا وجنونا ومد تحديه إلى مقدسات أرادها الله بيوتا له وبارك من حولها إنني أريد أن يتدبر رجالنا من ضباط وجنود القوات المسلحة مشاعر اليومين الأخيرين وان يتمثلوا معانيها وان يصلوا وجدانهم وضمائرهم بوجدان أمتهم وضميرها وان يعرفوا إلى أعماق الأعماق أنهم يحملون مسؤولية وأمانة لم يحملها جند منذ نزلت رسالات السماء هديا للأرض ورحمة إنهم في معركتهم القادمة ليسوا جند أمتهم فقط ولكنهم جند الله حماة أديانه وحماة بيوته وحماة كتبه المقدسة إن معركتهم القادمة لن تكون معركة التحرير فحسب ولكنه أصبح ضروريا أن تكون معركة التطهير أيضا إن أنظارنا تتطلع الآن إلى المسجد الأقصى في القدس وهو يعاني من قوة الشر والظلام ما يعاني ومهما كان ما نشعر به في هذه اللحظات فان دعاءنا إلى الله عز وجل مؤمنا وخاشعا هو أن يمنحنا الصبر والمعرفة والشجاعة والمقدرة لكي نزيل الشر والظلام ولسوف تعود جيوشنا إلى رحاب المسجد الأقصى ولسوف تعود القدس كما كانت قبل عصر الاستعمار الذي بسط سيطرته عليها منذ قرون حتى أسلمها لهؤلاء اللا عبين بالنار سوف نعود إلى القدس وسوف تعود القدس إلينا ولسوف نحارب من اجل ذلك ولن نلقي السلاح حتى ينصر الله جنده ويعلي حقه ويعز بيته ويعود السلام الحقيقي إلى مدينة السلام جمال عبد الناصر"

محاكمة روهان

ألقت الشرطة الإسرائيلية القبض على مايكل روهن وقدمته إلى المحاكمة، وحكمت المحكمة بعدم أهلية مايكل العقلية وأودعته مصحّاً عقلياً وبعدها أقصت اسرائيل مايكل وأبعدته عن البلاد إلى موطنه الأصلي أستراليا.

وهناك من ينادي بتواطؤ الحكومة الاسرائيلية مع مايكل روهن ومنهم من يقول أن روهن لم يكن إلا يهودياً متستراً بغطاء المسيحية.

مرئيات

حريق المسجد الأقصى (21 أغسطس 1969)

المصادر

  • جريدة الدستور الخميس 9 ربيع الثاني 1420هـ /الموافق 22 تموز 1999م.
  • مركز الإعلام الفلسطيني.
  • مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية.
  • موقع الأقصى أون لاين.