الجيوكيمياء Geochemistry، هو علم يستخدم الأدوات والمبادئ الكيميائية الأساسية لتفسير الآليات التي تكمن وراء الأنظمة الجيولوجية الأساسية مثل قشرة الأرض والمحيطات.[1]

والجيوكيمياء هو علم حديث، ظهر في مطلع القرن العشرين، وينتمي إلى مجموعة علوم الأرض التي تدرس تركيب الكرة الأرضية وبنيتها وتاريخها الجيولوجي. وقد نشأت الجيوكيمياء نتيجة تراكم أعداد كبيرة من الدراسات الجيولوجية والكيميائية، وللحاجة الماسة لحل كثير من المسائل المرتبطة بأعمال التنقيب عن مكامن الخامات المفيدة.[2]

العناصر الكيميائية هي المادة الأساسية لعلم الجيوكيمياء الذي يدرس انتشارها وحركتها في الزمان والمكان، وعلاقات منشئها من القشرة الأرضية في الكرة الأرضية خاصة، وفي الأجرام السماوية والفضاء الكوني بصورة عامة. وللتعريف بهذا العلم بصورة أوضح نورد أهم المحاور التي يهتم بدراستها وهي:

- قوانين توزع العناصر الكيميائية في القشرة الأرضية، وفي أغلفة الأرض (المائي والغازي والحيوي) وفي الكرة الأرضية بصورة عامة.

- الخصائص الجيوكيميائية للعناصر الكيميائية.

- قوانين حركة العناصر الكيميائية من خلال دراسة العمليات الجيولوجية، وتحديد أسباب تجمع هذه العناصر وترافقها، وتبعثرها في الفلزات المختلفة.

- دراسة تاريخ العناصر الكيميائية، وتتبع خط سيرها بدءاً من انفصالها عن المهل magma وتشكل الصخور النارية، ثم خضوع هذه الصخور لعمليات التجوية والنقل والترسيب وتشكل الصخور الرسوبية، ثم خضوع هذه الأخيرة لعمليات التحول ثم انصهارها وتشكل المهل من جديد.

- دراسة توزع العناصر الكيميائية في الأجسام الكونية وفي الفضاء الكوني، وربط هذه الدراسات مع مثيلاتها للكرة الأرضية.

- تحديد الأعمار المطلقة للصخور والفلزات وغيرها.

- التنقيب عن مكامن الخامات المفيدة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التاريخ

الحقول الفرعية

توسع هذا العلم توسعاً كبيراً حتى أصبح له فروع متميزة هي:

  • الجيوكيمياء العامة: وتهتم بدراسة القوانين التي تتحكم بحركة العناصر الكيميائية في العمليات الجيولوجية كعمليات التجوية والنقل والترسيب والتحول وتشكل الخامات المفيدة المختلفة.

مكن هذا الفرع من الجيوكيمياء من حل الكثير من المسائل النظرية ذات الأهمية التطبيقية كآلية انتقال العناصر التي تشكل مركبات غير قابلة للانحلال في الماء، وآلية عمليات الترتيب وأسبابه، وكثير من القوانين التي تتحكم في توزع مكامن الخامات المفيدة.

  • جيوكيمياء العناصر: وتهتم بدراسة توزع العناصر الكيميائية، وأشكال وجودها، ومعدلات تراكيزها في الفلزات والصخور وأغلفة الأرض. ولقد مكن هذا الفرع من الكشف عن كثير من الحقائق حول توزع العناصر الكيميائية. نذكر منها أن العناصر الأكثر انتشاراً في القشرة الأرضية هي العناصر الخفيفة التي يقل وزنها الذري عن 29، وأن عناصر الأوكسجين والهدروجين والسيليسيوم والألمنيوم هي الأكثر انتشاراً وأهمية في تكوين القشرة الأرضية وأغلفة الأرض. فالأول يدخل بنسبة 50% تقريباً في تركيب القشرة الأرضية، وأهميته للحياة معروفة، والأول والثاني يشكلان الغلاف المائي، ومن هذه العناصر الأربعة مجتمعة تتكون الصخور الغضارية التي تشكل أكثر من نصف حجم الصخور الرسوبية، وأن العناصر ذات الأعداد والأوزان الذرية الزوجية هي أوسع انتشاراً من غيرها. لكن هناك الكثير من المسائل التي تتطلب حلاً كالتباين الشديد في تراكيز العناصر الكيميائية، ووجود عناصر الندرة التي تصادف في حالة تبعثر ضمن الفلزات الأخرى كالروبيديوم وغيره.
  • البيوجيوكيمياء (الجيوكيمياء الحيوية): وتدرس توزع العناصر الكيميائية وتراكيزها في المادة العضوية، ودور الكائنات الحية في حركة العناصر وتوزعها في أغلفة الأرض المختلفة. وعلى الرغم من أن وزن الكائنات الحية يقدر بنحو 0.01% من وزن القشرة الأرضية إلا أن لها دوراً بالغ الأهمية في العمليات الجيولوجية، والتي تسمى العمليات البيوجيوكيميائية. ونذكر مثالاً على ذلك أن اليود يستحصل بصورة رئيسة من بعض أنواع النباتات البحرية التي تستخلصه من ماء البحر وتركزه في أنسجتها بنسب تزيد مئات المرات على تركيزه في المياه. ومن هذه العمليات أيضاً التركيب الضوئي وتحرر الأكسجين بتأثير الطاقة الشمسية، وتخزين هذه الطاقة على هيئة وقود مستحاث (الفحوم والنفط والغاز).

ومن الموضوعات المهمة في هذا العلم دراسة المقاطعات البيوجيوكيميائية، وهي المناطق التي تتغير فيها تراكيز العناصر الكيميائية عن معدلاتها العامة زيادة أو نقصاناً. وينعكس ذلك في الكائنات الحية بتعرضها للأمراض أو بظهور بعض التغيرات. ولقد تبين أن هناك ثلاثين عنصراً كيميائياً على الأقل يشارك في تكوين هذه المقاطعات. نذكر منها المقاطعات الفقيرة بعنصر اليود والتي تنتشر في المناطق المرتفعة، وفي الأجزاء الداخلية من القارات وغيرها، والمقاطعات الفقيرة بالفلور والتي تتسبب في نخر الأسنان، والمقاطعات الغنية بالفلور وتنتشر في المناطق البركانية وفي مناطق انتشار صخور الأباتيت، وتتسبب عادة في هشاشة العظام. ويستفاد من هذا النوع من الدراسات في العلاج بإضافة العناصر اللازمة إلى المياه والأسمدة وعلف الحيوانات.

  • جيوكيمياء المياه الطبيعية: وتدرس دور المياه في هجرة العناصر الكيميائية وإعادة توزعها في القشرة الأرضية وأغلفة الأرض. ومن أهم موضوعات هذا الفرع دراسة منشأ المياه وتركيبها الكيميائي وأشكال وجود العناصر الكيميائية فيها أو دراسة العمليات التي تتم بين المياه والرواسب القاعية، وبينها وبين الغلاف الغازي. وكذلك دراسة عمليات الترسيب، وتشكل الأملاح، والتنقيب عن الخامات المفيدة (الطرائق الهدروجيوكيميائية). ويقسم هذا العلم إلى فرعين رئيسين هما: جيوكيمياء البحار والمحيطات، وجيوكيمياء المياه القارية الذي يدعى أيضاً الهدروجيوكيمياء.
  • جيوكيمياء النظائر: وتدرس توزع النظائر في العناصر الكيميائية المكونة للأجسام الطبيعية (الصخور والفلزات والمياه والمادة العضوية). لقد بينت الدراسات أن نسبة النظائر للعنصر الكيميائي تتغير بتأثير العمليات الجيولوجية، وبدراسة هذه التغيرات يمكن حل كثير من المسائل كمنشأ الصخور والفلزات والخامات المفيدة، وحرارة تشكلها، ومصدر العناصر الكيميائية المكونة لها.

والمنحى الآخر لهذا العلم هو تحديد الأعمار المطلقة للأجسام والظواهر الطبيعية باستخدام العناصر المشعة كاليورانيوم والتوريوم والبوتاسيوم K40

والكربون C14 الذي يستخدم لتحديد الأعمار التي تقاس بآلاف السنين كأعمار الرواسب الحالية وأعمار بقايا الإنسان القديم وأدواته.

وتهتم بدراسة توزع العناصر الكيميائية وتراكيزها في الأجرام السماوية وخاصة النيازك. كما تدرس تأثير الأشعة الكونية في مكونات أغلفة الأرض وخاصة الغلاف الغازي والتي تتسبب في تشكل بعض العناصر كالكربون C14. تفيد الدراسات الكوسموكيميائية في تدقيق المعلومات عن نشأة الأرض وتطورها، وتشكل أغلفتها، وتطور العمليات الجيولوجية خلال تاريخ الأرض الطويل. وهذا بدوره يفيد في توجيه أعمال التنقيب عن الخامات المفيدة.

الخصائص الكيميائية

البنية المعدنية

الأحماض، الصخور النارية المتوسطة والأساسية

Commonest Minerals الحمض المتوسطة Mafic Ultramafic
كوارتز
Orthoclase (and Oligoclase), Mica, Hornblende, Augite
كوارتز قليل أو معدوم:
Orthoclase hornblende, Augite, Biotite
كوارتز قليل أو معدوم:
Plagioclase Hornblende, Augite, Biotite
كوارتز معدوم
Plagioclase Augite, Olivine
No Felspar
Augite, Hornblende, Olivine
Plutonic or Abyssal type گرانيت Syenite Diorite Gabbro Peridotite
Intrusive or Hypabyssal type Quartz-porphyry Orthoclase-porphyry Porphyrite Dolerite Picrite
Lavas or Effusive type Rhyolite, Obsidian Trachyte Andesite Basalt Limburgite


Nepheline and Leucite-bearing Rocks
Commonest Minerals Alkali Feldspar, Nepheline or Leucite, Augite, Hornblend, Biotite Soda Lime Feldspar, Nepheline or Leucite, Augite, Hornblende (Olivine) Nepheline or Leucite, Augite, Hornblende, Olivine
Plutonic type Nepheline-syenite, Leucite-syenite, Nepheline-porphyry Essexite and Theralite Ijolite and Missourite
Effusive type or Lavas Phonolite, Leucitophyre Tephrite and Basanite Nepheline-basalt, Leucite-basalt


طرق البحث في علم الجيوكيمياء

تبدأ الدراسات الجيوكيميائية في الحقل ثم تتابع في المخابر، وتنجز في مراكز البحث. يقوم الجيوكيميائي في الحقل بدراسة توضع الصخور وبنياتها والعلاقات المتبادلة فيما بينها، وجمع العينات. وفي المخابر تصنع شرائح رقيقة، تدرس بالمجهر الاستقطابي لتحديد الصخور وتركيبها الفلزي، ثم ترسل العينات إلى المخابر الكيميائية لتحديد تراكيز العناصر الكيميائية فيها. وتختار طرائق التحليل الكيميائي المناسبة حسب حساسيتها وحسب التراكيز المتوقعة للعناصر الكيميائية، وأكثر ما يستخدم في ذلك أجهزة التحليل الطيفي لحساسيتها العالية وإنتاجيتها الكبيرة. ثم تخضع النتائج للدراسات الإحصائية واستخلاص النتائج العلمية المرجوة منها.

الأهمية الاقتصادية لعلم الجيوكيمياء

إن الهدف الأساسي للدراسات الجيوكيميائية هو الكشف عن مكامن الخامات المفيدة. وهي تكتسب أهمية بالغة لأنها تعمل على كشف المكامن العميقة التي يصعب أو يستحيل الكشف عنها بالطرائق الجيولوجية الأخرى، وخاصة بعد أن نَفَدَت معظم المكامن السطحية وقليلة العمق. وإضافة إلى ذلك فإن الجيوكيمياء تساعد في حل كثير من المسائل الجيولوجية كتحديد العمر المطلق، ومنشأ الصخور والفلزات والخامات، وشروط تشكلها وغيرها من الأمور الهامة التي تساعد في توجيه أعمال التنقيب عن الخامات المفيدة.


انظر أيضاً

قراءات إضافية

المصادر

  1. ^ Albarède, Francis (2003). Geochemistry: An Introduction. Cambridge University Press. p. 1. ISBN 0-521-81468-5. {{cite book}}: Cite has empty unknown parameter: |coauthors= (help)
  2. ^ محمد أنور محفوظ. "الجيوكيمياء". الموسوعة العربية. Retrieved 2012-04-24.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المراجع

  • ب. أ.غافروسفيتش، الجيوكيمياء العامة (موسكو 1986) «باللغة الروسية».
  • أ. ي. توغارينوف، أسس الجيوكيمياء (موسكو 1973) «باللغة الروسية»
الكلمات الدالة: