جوڤاني پالسترينا

(تم التحويل من بالسترينا)

جوڤاني دا پييرلويجي پالسترينا Giovanni Pierluigi da Palestrina ‏(3 فبراير 1525 أو 2 فبراير 1526 - 2 فبراير 1594) كان مؤلف موسيقى من عصر النهضة للموسيقى الدينية وأفضل ممثل من القرن 16 للمدرسة الرومانية للتأليف الموسيقي.[1] له أثر مستمر على تطور موسيقى الكنيسة وعمله بلغ قمة البوليفونية لعصر النهضة.[1]

جوڤاني دا پييرلويجي پالسترينا


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته

 
تمثال لپالسترينا، بإسم 'أمير الموسيقى'

جوڤاني پييرلويجي دا پالسترينا كتب الموسيقى للكنيسة الكاثوليكية خلال واحدة من أكثر الفترات تأزماً في التاريخ، فترة خلالها القادة يبحثون عن طرق لعكس الضرر الذي حدث أثناء الإصلاح وظهور شعبية المذهب البروتستانتي. وظيفة موسيقى الكنيسة كانت وحيدة من مواضيع كثيرة نوقشت في مجمع ترنت الذي استمر من 1545 حتى 1663. لنقادها البوليفونية صارت شبكة واضحة أكثر من اللازم للصوت التي أبهمت بدلا من دعمت معنى الكلمات المقدسة. البعض مثل اسقف مودينا حتى ناصرت نظام حصري للغناء البسيط لخدمات الكنيسة.

بالسترينا دائما ينسب له الفضل كمؤلف انقذ البوليفونية وحده: مع الكنيسة على حافة القضاء عليها، طلب منه تأليف قداس يوضح حتما ان الأسلوب البوليفوني كان لا يتفق مع وضوح المعنى أو الروح الدينية بحق. النتيجة، Missa Papae Marcelli (قداس البابا مارسيلوس) أذهل النقاد وأنقذ الموقف على الأقل حتى آخر القرن. رغم أن الحكاية الآن ينظر لها كأسطورة أكثر منها حقيقة يوجد عنصر هام من الحقيقة فيها. بالسترينا حقا بدأ مشواره بالتعلم وجمع تقنيات المؤلفين الكبار الفرانكو -فلامنكيين مثل جوسكان دو بري، لكن استمر في صياغة أسلوبه الخاص الأبسط والأكثر مباشرة، واحد جمع بين البوليفونية وأقسام من الهوموفونينة الأبسط وهي موسيقى حيث الأجزاء المستقلة مختلفة لحنيا لكن تتفق معا إيقاعيا.

اسم پالسترينا مشتق من بلدة على التلال قرب روما حيث ولد. بعد العمل كمنشد في الجوقة في كنيسة سانت ماريا ماجوار في روما عاد إلى مدينة پالسترينا عام 1544 ليعمل عازف أرغن في كاتدرائية سانت اجابيتو.

قد يكون ظل في الظلام لولا أسقف پالسترينا الذي انتخب ليكون البابا جوليوس الثالث وعام 1551 عينه قائد الفرقة الموسيقية أحد الجوقات في كنيسة سانت بيتر. پالسترينا أيضا غنى في جوقة مصلى السيستين. وقد يكون ألف Missa Papae Marcelli عند اعتلاء البابا مارسيلاس الثاني المنصب عام 1555. ربما ردا على توجيه البابا الجديد لمنشديه ان موسيقى تتويجه "لابد أن تنشد بالطريقة المناسبة". اقيل نفس العام من ابرشية السيستين للزواج (كان من المقرر ان يكون الموظفين في الجوقة عزاب)، قضى بالسترينا خمسة أعوام غير مثمرة في الكنيسة التي ليس فيها تمويل سانت جون لاتران قبل التعين في سانتا ماريا ماجوار. عام 1560 شهرته زادت حتى أن الرعاة الأرستقراطيين سعوا له. عام 1571 أعيد تعيينه قائد فرقة جويلا ، وهي الوظيفة التي شغلها حتى وفاته.

وفاة كل من ابنيه 1570 وزوجته 1580 جعلوه يفكر الانضمام للكنيسة حتى ينصب قساً. لكن بدلا من ذلك تزوج ثانية لأرملة ثرية تملك تجارة مزدهرة للفراء بالتالي مكنه ذلك من قضاء سنواته الأخيرة في أمان مادي نسبيا.

رغم أن پالسترينا كتب الكثير من المادريگال (مصدر إحراج ديني له في سنواته الأخيرة) معظم أعماله مكونة من موسيقى دينية. من الواضح هذا المشوار الطويل والمزدهر من المقرر أن يحتوى على قدر كبير من التنوع مع ذلك اسم بالسترينا خاصة بعد وفاته كان يساوي الأسلوب الكلاسيكي لموسيقى الكنيسة الكاثوليكية وهو أسلوب تميز بالوضوح وجمال الصوت والمزاج المتفائل الساكن. المقارنات أحيانا تتم مع رسام عصر النهضة رفاييل، وهو فنان آخر سعى لخلق عالم مثالي من التوازن والانسجام. البعض وجد هذا المنحى المنظم الموقر غير مجزي وحتى ممثل لكن في أفضل حالاته موسيقى بالسترينا تخلق انطباع قوي من السعادة الروحانية دون عبء الشك.


من قصة الحضارة

ظلت الكنيسة الكاثوليكية الراعي الرئيسي للموسيقى مثل غيرها من الفنون، وتقدمت الموسيقى الكاثوليكية، شمال جبال الألب، على الأسس التي وضعتها المدرسة الفلمنكية، وثبت هذا التقليد إيزاك في النمسا ودى لاسو في بارفايا. ووجه لوثر في 1550 خطاباً من أكرم خطاباته إلى لودفيج سنفل يحييه فيه ويطري موسيقاه التي كان يؤلفها في ميونيخ، ويثني على الأدواق الكاثوليك هناك لأنهم "يرعون الموسيقى ويجلونها"(13).

وكان فريق المنشدين كنيسة سستين هو النموذج الذي احتذاه الملوك والأمراء في تأسيس كنائسهم طوال القرنين الرابع عشر والخامس عشر، وحتى بين البروتستانت كان أروع شكل للتأليف الموسيقي هو القداس. وكانت فرقة المنشدين البابوية هي التي تقوم بالقداس في أروع أشكاله. وكان أعظم ما يطمع فيه أي مغن هو أن يلتحق بهذه الفرقة،التي كانت لذلك قادرة على أن تضم إليها أحسن أصوات الذكور في أوربا الغربية.

وكان الكاستراتي، الذين كانوا يسمون آنذاك "الخصيان"- أول من أدخلوا إلى فرقة سستين، حوالي 1550، وسرعان ما أظهر بعد ذلك غيرهم في البلاط البافاري، وكانوا يخصون الأولاد بموافقتهم، وكانوا يغرونهم بأن أصواتهم العذبة الندية ستكون أكبر نعمة وتعويض لهم عن الإنجاب والإخصاب- تلك ميزة وحشية كانت في متناول كل من يطلبها بصفة عامة.

وكانت الكنيسة- مثل أي نظام قديم معقد، لا بد أن يخسر كثيراً بأية بدعة غير موفقة- كانت تتسم بروح المحافظة في الطقوس والشعائر، حتى أكثر منها فيما يتعلق بالعقيدة. أما المؤلفون فكانوا على النقيض من ذلك، يضيقون ذرعاً بالأساليب القديمة، كما كانوا كذلك في كل العصور، وكان التجريب في نظرهم هو حياة فنهم. وكافحت الكنيسة في كل هذه القرون، لمنع التكلف في الفنون الجديدة، ورقة الطباق الفلمنكي، من أن يضعفا وقار القداس الكبير وعظمته. وفي سنة 1322 أصدر البابا جون الثاني والعشرين قراراً صارماً ضد البدع الموسيقية والزخرفة، وأمر بأن تلتزم موسيقى القداس بالأغنية البسيطة الوحيدة، أي الأغنية الجريجورية، كأساس لها، ولا تبيح إلا التناغم الذي يمكن أن يكون مفهوماً للمصلين، وبعمق التقوى في نفوسهم أكثر مما يلهيهم عنا. وظل الأمر مطاعاً لمدة قرن من الزمان، ثم جاءت المراوغة في تنفيذه من أن بعض المنشدين الجهير (الصوت العميق الخفيض) أعلى من المكتوب بجواب واحد. واصبح هذا الجهير الزائف هو الخدعة المفضلة في فرنسا. وظهرت التعقيدات من جديد في موسيقى القداس، وبدأ إنشاد خمسة أو ستة أو ثمانية أجزاء بالفوجة والطباق، جرت فيها كلمات الطقوس الدينية الواحدة عقب الأخرى في فوضى احترافية، أو غرقت في زخارف موسيقية وضعها المغنون وفق أهوائهم. وأدى تكييف أنغام شعبية للقداس، حتى إلى إقحام كلمات بذيئة على النص المقدس. واتفق أن عرفت بعض القداسات بمصادرها العلمانية مثل قداس "وداعاً يا أحبائي" أو قداس "في ظل الشجرة"(14). واستاء إرزم المتحرر نفسه من زيف "فن القداس" حتى أنه احتج على ذلك في ملاحظة دونها في طبعته التي نشرها "للعهد الجديد":

إن الموسيقى الكنسية الحديثة ألفت بحيث لا يستطيع أحد من جماعة المصلين أن يتبين كلمة واحدة متميزة. إن المنشدين أنفسهم لا يفهمون ما ينشدون... لم يكن ثمة موسيقى (كنسية) أيام القديس بولص، حيث كانت الكلمات تنطق بوضوح. إن الكلمات اليوم لا تعني شيئاً. إن الناس يذرون أعمالهم ويقصدون إلى الكنيسة ليستمعوا إلى جلبة وضجيج لم يكن لهم بهما عهد في المسارح اليونانية والرومانية. ينبغي أن تسك النقود لشراء الأراغين وتدريب الأولاد على إطلاق الصيحات والصرخات(15).

واتفقت جماعة الإصلاح في الكنيسة مع إرزم في هذه المسألة. فمنع جيبرتي أسقف فيرونا استعمال أغاني الحب أو الألحان الشعبية في أبرشيته، كما حرم مورون أسقف مودينا كل الموسيقى "المصورة" أي المزخرفة بكل تفاصيل الإثارات والأفكار الرئيسية. وحث المصلحون الكاثوليك في مجلس ترنت على استبعاد كل الموسيقى المتعددة الأصوات من كل حفلات الكنيسة، وعلى العودة إلى الإنشاد الجريجوري ذي الصوت الواحد، ولكن ربما كان من الممكن أن يساعد ميل البابا بيوس الرابع إلى قداسات بالسترينا، على إنقاذ "تعدد الأصوات" في الكنيسة الكاثوليكية.

لقد اشتق جوفاني لويجي بالسترينا اسمه من اسم مدينة صغيرة في الريف الروماني كانت قد دخلت التاريخ في العصور القديمة تحت اسم "براينستي". وإنا لنجده في 1537، وهو إذ ذاك في الحادية عشرة من عمره، بين تلاميذ فرقة المنشدين في سانتا ماربا مجيوري في روما، ولم يكن قد بلغ الحادية والعشرين حين عين رئيساً للفرقة في كاتدرائية مسقط رأسه. فلما توطد مركزه على هذا النحو، تزوج من لوكريشيا دي جوريس، وكانت على شيء من اليسار، وعندما تقلد أسقف بالسترينا منصب البابوية تحت اسم جوليوس الثالث، اصطحب معه رئيس فرقته إلى رومه، وعينه رئيس معبد جوليا في كنسية القديس بطرس، الذي كان يتدرب فيه المنشدون لكنيسة سستين.وأهدى الملحن الشاب إلى البابا الجديد أول كتاب له في "القداسات" (1554) عرض أحدها معزوفة ثلاثية الألحان بمصاحبة منشد واحد لأغنية بسيطة، وأحب البابا هذه القداسات إلى حد أنه منح بالسترينا عضوية فرقة المنشدين في كنيسة سستين.وبدا موقف جيوفني شاذاً، بوصفه رجلاً متزوجاً، وسط هذه الجماعة التي كان أفرادها مترهبين عادة، مما أثار بعض المعارضة. وكان بالسترينا على وشك أن يهدي البابا كتاباً في الغزليات، لولا أن جوليوس عاجله الموت (1555).

ولم يعمر مارسلس الثاني أكثر من ثلاثة أسابيع بعد ارتقائه عرش البابوية. وأهدى الملحن إلى ذكراه (1555) مقطوعته الشهيرة "قداس البابا مارسلس" التي لم تنشر، أو هكذا كانت تسمى حتى 1567. وطرد البابا بول الرابع ذو المبادئ البيوريتانية الجامدة الأعضاء المتزوجين في فرقة منشدي سستين، وخصص لكل منهم معاشاً ضئيلاً. وما لبث بالسترينا أن عين رئيساً لفرقة المنشدين في كنيسة سان جون لاتيران، ولكن هذه الوظيفة، ولو أنها سدت رمقه، لم توفر له نفقات نشر تآليفه الموسيقية. وعاد العطف البابوي يضلله بارتقاء بيوس الرابع عرش البابوية (1559). وتأثر بيوس أيما بمقطوعة lmproperia التي أعدها بالسترينا لاحتفال "الجمعة الحزينة"، ومنذ ذلك الوقت أصبحت هذه المقطوعة جزءاً لا يتجزأ من الطقوس في كنيسة سستين، وظل زواج بالسترينا يحول بينه وبين فرقة سستين، ولكن ارتفع شأنه بتعيينه (1561) رئيساً لفرقة سانتا ماريا مجيوري.

وبعد ذلك بعام واحد بحث مجلس ترنت الذي انعقد ثانية، مشكلة تنظيم الموسيقى الكنسية، لتتسق مع روح الإصلاح الجديدة، ورفض الاقتراح القائل بمنع "تعدد الأصوات" منعاً باتاً. وأقر حل وسط يحث السلطات الدينية "على أن تستبعد من الكنائس كل موسيقى... تقدم شيئاً من الدنس أو الفجور، حتى يظل بيت الله مشهوداً له بأنه بيت التعبد والصلاة ، وعين بيوس الرابع لجنة قوامها ثمانية من الكاردينالات لتنفيذ هذا القرار في أبرشية رومه. وتروي قصة لطيفة أن اللجنة كانت على وشك تحريم الموسيقى المتعددة الأصوات، حين توسل أحد الأعضاء وهو الكاردينال شارل بوروميو، إلى بالسترينا أن يؤلف قداساً يمكن أن يظهر الانسجام الكامل بين تعدد الأصوات والتقي والتدين، واستجاب بالسترينا وألف، وأنشدت الفرقة ثلاثة قداسات أمام اللجنة، أحدها "قداس البابا مرسلس". ولم ينفذ "تعدد الأصوات" من الحكم عليه بالفناء إلا الاتحاد الوثيق بين السمو الديني والبراعة الفنية المهذبة في الموسيقى في هذه القداسات. على أن قداس البابا مرسلس كان قد مضى على تأليفه آنذاك عشر سنوات. ومهما يكن من أمر فإن العلاقة الوحيدة المعروفة بين بالسترينا وهذه اللجنة، هي أنها زادت من راتبه(16). على أننا مع ذلك قد نؤمن بأن الموسيقى التي كان بالسترينا قد قدمها في فرق روما، بفضل إخلاصها للكلمات، وتجنبها للمثيرات الدنيوية وإخضاعها الفن الموسيقي للمقاصد الدينية، قد لعبت دوراً كبيراً في توجيه اللجنة إلى إجازة الموسيقى المتعددة الأصوات(17). وثمة حجة أخرى تضاف تأييداً "لتعدد الأصوات" تلك هي أن تأليف بالسترينا الدينية استغنت، بشكل طبيعي، عن "زخارف الآلات"، وكانت مكتوبة دائماً تقريباً بالأسلوب الكنسي، أي للأصوات فقط.

وفي 1571 أعيد تعيين بالسترينا رئيساً لفرقة كنيسة جوليا، وبقي في هذا المركز حتى موته. وفي نفس الوقت كان إنتاجه غزيراً بلا حدود بلغ في جملته 93 قداساً، و426 ترنيمة تجاوبية، وتقدمه للذبيحة الإلهية، وأغنية دينية ومزموراً وعدداً كبيراً من الغزليات. وكان بعض هذه مبنياً على موضوعات علمانية. ولكن بالسترينا لما تقدمت به السنون، حول حتى هذا الشكل إلى أغراض دينية. وتضمن "كتابه الأول في الغزليات الروحية" (1581) بعضاً من أجمل مقطوعاته. وربما لونت المآسي الشخصية موسيقاه أو شوهتا، فقد توفي ابنه أنجلو في 1576، تاركاً في رعايته حفيدين عزيزين، ماتا بعد ذلك بسنوات قليلة. وتوفي ابن آخر له حوالي 1579. ولكن موت زوجته في 1580 دفعه إلى التفكير في أن يترهب. على أنه تزوج ثانية في بحر سنة واحدة.

إن وفرة إنتاج بالسترينا ونوعيته المذهلتين رفعتاه إلى مرتبة الزعامة على الموسيقى الإيطالية، إن لم تكن الأوربية بأسرها. إن وضعه نشيد الإنشاد Song of Solomon في تسع وعشرين قصيدة دينية (1584)، و "مراثي أرمياء" 1588، و Stabat Mater and Magificat 1590، ثبتت شهرته وقوته الصامدة. وفي 1592 اشترك منافسوه الإيطاليون في إهدائه "مجموعة من مزامير المساء". وكرموه بأنه "الأب المشترك لكل الموسيقيين". وفي أول يناير 1594 أهدى كريستينا دوقة تسكانيا العظيمة "الكتاب الثاني من الغزليات الروحية" التي جمع فيها ثانية بين الإخلاص الديني والبراعة الموسيقية. وبعد ذلك بشهر واحد قضى نحبه وهو في التاسعة والستين من العمر، ونقش على قبره تحت اسمه "أمير الموسيقى". وينبغي ألا نتوقع أن نقدر بالسترينا اليوم حق قدرهن إلا إذا كانت نفوسنا نحن متشبعة بالروح الدينية. وإننا لنسمع اليوم موسيقاه في وضعها السليم بوصفها جزءاً من طقوس مهيبة، وحتى في هذه الطقوس قد تتركنا جوانبنا الفنية مشدوهين أكثر منا متأثرين.

وبالمعنى الحرفي، أي في واقع الأمر، إن الوضع الصحيح لا يمكن أن يعود أبداً، لأن موسيقى بالسترينا كانت موسيقى الإصلاح الكاثوليكي، فهي النغمة الكئيبة للنكسة الصارمة ضد الابتهاج الحسي في النهضة الوثنية، أو قل هي ميكل أنجيلو باقياً على قيد الحياة بعد رافائيل، أو بول الرابع يحل محل ليو العاشر، أو ليولا يحل مكان بمبو، أو كلفن يخلف لوثر. إن ترشيحاتنا المعاصرة ليست إلا معياراً عابراً غير معصوم من الخطأ، وذوق الفرد- وخاصة إذا أعوزته القدرة الفنية والتصرف والإحساس بالخطيئة- إنما هو أساس واه نقيم عليه مقياساً للحكم في الموسيقى واللاهوت. ولكن نستطيع أن نتفق جميعاً على أن بالسترينا، بلغ بفن "تعدد الأصوات" الديني درجة الكمال، في عصره. وأنه، مثل معظم كبار الفنانين، وقف على قمة حد من التطور في الإحساس والتقنية، وتسلم تقليداً فأتمه وأكمله، لقد ارتضى النظام، وعن طريقه وزد موسيقاه بتركيب وبنية، أو رسوخاً معمارياً في وجه أعاصير التغيير الهوجاء. ومن يدري، فربما جاء عصر ليس ببعيد، أرهقته أصوات الأوركسترا العالية الطنانة ورومانسيات الأوبرا- ليجد في موسيقى مثل موسيقى بالسترينا عمقاً في الإحساس، وانسياباً عميقاً هادئاً في الألحان، يصلحان بطريقة أفضل للتعبير عن النفس الإنسانية المتطهرة من غرور العقل والقوة، رابضة مرة ثانية، في تواضع وخشوع وخشية، أمام الوجود الأبدي الذي يطبق عليها.

من أشهر أعماله

القداسات

كتب بالسترينا ما يزيد على مائة قداس، رغم أنه لم يعرض منها الا القليل بانتظام. أشهرها قداس missa papae marcelli المكون من ستة أجزاء قد يكون واحد من القداسات التي عرضت للجنة الكاردينالات تمنوا "اختيار ان كانت الكلمات يمكن فهمها". بالتأكيد يتفق مع توصيات مجلس ترنت: يوجد تأكيد على الوضوح والأفكار الموسيقى تنكشف في خطوات بطيئة منتظمة – نادرا ما توجد قفزات كبيرة بين الفواصل. الموسيقى متنوعة بمجموعات مختلفة من الاصوات وبمزج الكتابة الكونترابنطية والهموفونية – أي الموسيقى المكونة من اصوات مستقلة متداخلة مثلما في الكريالسيون بالمقابلة مع الموسيقى حين تغني الاصوات الكلمات معا في نفس الايقاع مثلما في الجلوريا والكريدو. من قداساته الاخرى قداس missa brevis له نفس السلاسة والمباشرة لكن اكثر حيوية وقداس عيد الميلاد الجميل miss hodie christus natus est يعتمد في مادته الموسيقية على قداس يحمل نفس الاسم.

stabat mater - canticum canticorum

قداس missa papae marcelli (قداس البابا مارسيلوس)، أشهر عمل لبالسترينا هو اللحن لعمل قصير ل"ستابات ماتر"، القصيدة اللاتينية التي تنتمي للقرن ال14 التي توضح معاناة مريم العذراء أسفل الصليب. كتب العمل للجوقة المزدوجة، الكتابة غالبها هموفوني لكن الهدوء الأساسي الذي يميز الموسيقى يساعد على تحديد مرارة الكلمات مثلما يفعل التبادل بين الجوقتين. رد فعل أكثر حيوية للنص يمكن أن نجده في canticum canticorum "اغنية الأغنيات"، وهو لحن لقصيدة حب في العهد القديم التي تفسرها الكنيسة بعدة طرق، بما في ذلك قصة رمزية عن حب المسيح للكنيسة أو حب الرب لمريم. لحن بالسترينا نشر في 1584 ككتاب للموتيت لكن اسلوبيا ال29 لحن اقرب للمادريجال مع بالسترينا بعض رسم الكلمات الحي بشكل خاص.

المصادر

  • the rough guide to classical music by joe staines
  • Article "Palestrina, Giovanni Pierluigi da", in: The New Grove Dictionary of Music and Musicians, ed. Stanley Sadie. 20 vol. London, Macmillan Publishers Ltd., 1980. ISBN 1-56159-174-2
  • Benjamin, Thomas, The Craft of Modal Counterpoint, 2nd ed. Routledge, New York, 2005. ISBN 0-415-97172-1 (direct approach)
  • Coates, Henry, Palestrina. J. M. Dent & Sons, London, 1938. (An early entry in the Master Musicians series, and, like other books in that series, combines biographical data with musicological commentary.)
  • Daniel, Thomas, Kontrapunkt, Eine Satzlehre zur Vokalpolyphonie des 16. Jahrhunderts. Verlag Dohr, 2002. ISBN 3-925366-96-2
  • Della Sciucca, Marco, Giovanni Pierluigi da Palestrina. L'Epos, Palermo, 2009. ISBN 978-88-8302-387-3
  • Johann Joseph Fux, The Study of Counterpoint (Gradus ad Parnassum). Tr. Alfred Mann. W.W. Norton & Co., New York, 1965. ISBN 0-393-00277-2
  • Gauldin, Robert, A Practical Approach to Sixteenth-Century Counterpoint. Waveland Press, Inc., Long Grove, Illinois, 1995. ISBN 0-88133-852-4 (direct approach, no species; contains a large and detailed bibliography)
  • Haigh, Andrew C. "Modal Harmony in the Music of Palestrina", in the festschrift Essays on Music: In Honor of Archibald Thompson Davison. Harvard University Press, 1957, pp. 111–120.
  • Jeppesen, Knud, The Style of Palestrina and the Dissonance. 2nd ed., London, 1946. (An exhaustive study of his contrapuntal technique.)
  • Jeppesen, Knud; Haydon, Glen (Translator); Foreword by Mann, Alfred. Counterpoint. New York, 1939. Available through Dover Publications, 1992. ISBN 0-486-27036-X
  • Lewis Lockwood, Noel O'Regan, Jessie Ann Owens: "Palestrina, Giovanni Pierluigi da". Grove Music Online, ed. L. Macy (Accessed 7 July 2007), (subscription access)
  • Meier, Bernhard, The Modes of Classical Vocal Polyphony, Described According to the Sources. Broude Brothers Limited, 1988. ISBN 0-8450-7025-8
  • Morris, R.O., Contrapuntal Technique in the Sixteenth Century. Oxford University Press, 1978. ISBN 0-19-321468-7 (out of print; one of the first attempts at "direct approach", meaning Morris does away with Fux' five species).
  • Motte, Diether de la, Kontrapunkt. 1981 Bärenreiter-Verlag, Kassel. ISBN 3-423-30146-5 / 3-7618-4371-2 (this text is in German; great, though!)
  • Pyne, Zoe Kendrick, Giovanni Pierluigi di Palestrina: His Life and Times, Bodley Head, London, 1922.
  • Reese, Gustave, Music in the Renaissance. W.W. Norton & Co., New York, 1954. ISBN 0-393-09530-4
  • Roche, Jerome, Palestrina. Oxford University Press, 1970. ISBN 0-19-314117-5
  • Schubert, Peter, Modal Counterpoint, Renaissance Style, 2nd edition. New York and Oxford: Oxford University Press, 2008. ISBN 978-0-19-533194-3 (guidelines for writing and analyzing 16th-century music).
  • Stewart, Robert, An Introduction to Sixteenth-Century Counterpoint and Palestrina's Musical Style. Ardsley House, Publishers, 1994. ISBN 1-880157-07-1
  • Stove, R. J., Prince of Music: Palestrina and His World, Quakers Hill Press, Sydney, 1990. ISBN 0-7316-8792-2 (biographical rather than musicological in nature; is wholly devoid of staff-notation extracts; but corrects some errors found in Z. K. Pyne and elsewhere).
  • Swindale, Owen, Polyphonic Composition, Oxford University Press, 1962. (Out of print, no ISBN available.)
  1. ^ أ ب Jerome Roche, Palestrina (Oxford Studies of Composers, 7; New York: Oxford University Press, 1971), ISBN 0-19-314117-5.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

روابط خارجية


  • Free scores by Giovanni Pierluigi de Palestrina at the International Music Score Library Project
  • Palestrina Foundation
  • recording of Palestrina's Sicut Cervus from Coro Nostro, a mixed chamber choir based in Leicester, UK. Accessed 2010-04-17
  • audio of songs Accessed 2010-04-17
  • Catholic Encyclopedia: Palestrina extended Biography Accessed 2010-04-17
  • Palestrina, princeps musicae Film by Georg Brintrup (2009) IMDb [1]
  •   Texts on Wikisource:
    • Ripley, George; Dana, Charles A., eds. (1879). The American Cyclopædia. {{cite encyclopedia}}: Missing or empty |title= (help)
    • "Giovanni Pierluigi da Palestrina" . University Musical Encyclopedia . New York: University Society. 1912.
    •   [[wikisource:Catholic Encyclopedia (1913)/Giovanni Pierluigi da Palestrina "|Giovanni Pierluigi da Palestrina]"]. Catholic Encyclopedia. New York: Robert Appleton Company. 1913. {{cite encyclopedia}}: Check |url= value (help)