الأدب التشيكي

ظهرت أول المدوّنات في الأدب التشيكي Czech Literature باللغة السلافية الأم إبان القرنين التاسع والعاشر الميلاديين عندما قام الراهبان كيريل وميثوديوس وتلامذتهما بنشاط تنويري واسع صاحبته أهازيج وقصص شعبية وحكايات. ومنذ أن انهارت الامبراطورية المورافية عام 906م قامت إلى جانب الكنيسة السلافية كنيسة كاثوليكية تتبع الفاتيكان، فسادت اللغة اللاتينية وتنحت اللغة السلافية جانباً، إلى أن عادت للظهور في نهاية القرن الرابع عشر مع تأسيس جامعة براغ في عام 1348. وراح الأدب التشيكي يزدهر مع انتشار الفكر التنويري النهضوي وظهور أدب الفروسية في روايات وملاحم شعبية مثل ملحمة «الألكسندرياده» وانتشار المؤلفات الكوميدية والتعليمية والإرشادية. وكان اسم توماس شتيتني Tomas Stitny من أول وأبرز الأسماء في الأدب التشيكي في القرن الرابع عشر، إذ مهدت كتاباته الفلسفية الدينية لقيام مرحلة جديدة في تطور الأدب في القرن الخامس عشر على أيدي ثلاثة من رجال الدين أهمهم المصلح يان هوس Jan Hus الذي نهض باللغة التشيكية وأسهم في تأسيس أدب الرسائل والأدب الشعبي، وعُرفت الحقبة التي دامت قرنين من الزمن بـ«الهوسية» نسبة إليه، أما الأديبان الآخران فهما بيتر جلشسكي Petr Chelcicky ويان كومنسكي Jan Komensky. وقد اتسمت هذه المرحلة بنضال وطني تحرري أخذ طابعاً دينياً مقاوماً للكنيسة الكاثوليكية.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

العصور الوسطى

 
A writer and historian Cosmas

بدأت طباعة الكتب في تشيكية منذ عام 1468، فانتشرت الأدبيات التاريخية الوطنية وكتب فقه اللغة التشيكية. ثم أصاب الأدب التشيكي الركود والجمود في القرنين السابع عشر والثامن عشر بعد استيلاء السلالة الهابسبورغية Habsburg ذات الأصول النمساوية على السلطة عام 1620 مما شدد من سيطرة سلطة رجعية إقطاعية كنسية كاثوليكية أبادت الكتب التشيكية القديمة، وأعادت سيطرة اللغة اللاتينية، فانتشر أدب شعبي شفهي ناطق بالتشيكية.


التنوير

عاد عصر النهضة والتنوير إلى الظهور مرة أخرى في نهاية القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر، مترافقاً مع نهوض بالثقافة الوطنية وبدء حركة الإحياء الاتباعية (الكلاسيكية)، بالتوجه نحو التاريخ الوطني وتصوير بطولات الماضي. وكان من أهم ممثلي هذه النهضة اللغوي البارز جوزيف دوبروفسكي J.Dobrovsky. الذي قاد النضال من أجل إحياء اللغة التشيكية في الأدب والفكر. واستقرت معالم أدب وطني شعراً ونثراً في مؤلفات أدباء وشعراء من أهمهم تام F.Tam و بوخماير A.Buchmayer وغنيفكوفسكي Ch.Gnivkovsky و يونغمان J.Jungmann وشافاريك B.Chavarek وبالاتسكي F.Balatsky وغانكا F.Ganka وليندا J.Linda، وكولار J.Kollلr وتشيلاكوفسكي F.Celakovsky. ظهرت الإبداعية (الرومانسية) في الأدب التشيكي في ثلاثينات القرن التاسع عشر بقصائد تمجد الحرية وتدعو إلى العصيان، مع نزعة غنائية ذاتية وتأملات فلسفية في قضايا الفرد والذات والإرادة والمجتمع وتشابك العلاقات الإنسانية عموماً. وكان من أهم ممثلي هذا التيار الإبداعي ماخا G.Macha.

 
Božena Němcová, whose Babička (The Grandmother) is considered a classic of Czech Literature

تطورت الدراما التشيكية بين العشرينات والأربعينات من القرن التاسع عشر حين أضفى كليتسبيرا على الدراما ملامح الفروسية وكتب المسرحية الملهاوية (الكوميدية) الشعبية والمسرحية الساخرة، ثم تطورت هذه الدراما في كتابات تيل J.Til فظهرت المسرحيات الحكائية والأسطورية الفولكلورية التي تنامت فيها نزعة الاحتجاج والثورة، خصوصاً في مسرحية «يان هوس» (1849).

تتسم الحياة الأدبية في تشيكية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بنهوض النزعة الواقعية على الرغم من التأثر الواضح والكبير بالحماسة الرومانسية الطامحة إلى الحرية. وتجلّت هذه النزعة الواقعية في تصوير ما اصطلح على تسميته في نقد تلك المرحلة «بالرجل الصغير» وتطوِّرِ موضوعات اجتماعية معيشية ونفسية خلقت أجناساً نثرية جديدة مثل الخاطرة والحكاية[ر] والقصة[ر] والرواية[ر]، وأجناساً شعرية مثل القصيدة الغنائية Lyric والبالادة[ر] Ballade. وافتتح المسرح الوطني في براغ عام 1883 فراحت الدراما التشيكية تتطور بخطا حثيثة. ولاقت الرواية التاريخية رواجاً واسعاً، وتطورت أجناس شعرية جديدة وصولاً إلى ما سمي بالواقعية[ر] الجديدة، متمثلة في شعر زييّر J.Zeyer. وكان أهم أعلام هذه المرحلة نيرودا J.Neruda، وايرا تشيك A.Jirasek، وتشيك[ر] وفرتشلتسكي J.Vrchlicky.

يتسم أدب نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين بتعدد تياراته ومدارسه الأدبية وتضاربها وتأثّره بالمذاهب الفلسفية والحركات العمالية والأفكار الاشتراكية مع حالة من عدم جلاء أفق واضح في الواقع القائم، عانى منها معظم الكتاب التشيكيين، وشكلت أرضاً خصبة لنمو الفوضوية anarchism، فكان أبطال الروايات مشغولين بالبحث عن مثل عليا (روايات بينيشوفا Benesova ونوفيكوفا Nováková) وكان الشعر التشيكي في هذه الحقبة متسماً بروح التمرد والعصيان مثل قصائد نايمان K.Neimann، ولاسيما في مجموعته «عِزَّة الشيطان بيننا» (1897) و«حلم عن حشود القانطين» (1903). ويلاحظ في هذه المرحلة تأثر بيِّنٌ بالمدرسة الرمزية[ر]. وارتبط ما سميّ حينها بـ «جيل العاصين»، وهم من الفوضويين، بالحركة العمالية العالمية ومنهم تومان K.Toman وشراميك وغيليز Gilis. ثم ظهرت في مطلع القرن العشرين نزعة انحطاطية مشحونة بالعداء للماركسية والاشتراكية، مفعمة بالصوفية والجمالية المثالية والفردانية المتطرفة كما في أعمال كاراتشيك J.Karasek وبروخازكا A.Bruchazka وديك F.Dyk وبريجينا. وقد اتسم إبداع أصحاب هذه النزعة بمناهضة الروح العسكرية والحلم بالحرية. ولم يكن للمذهب الطبيعي[ر] naturalism تأثير يذكر في الشعر التشيكي، لكننا نلاحظه في نثر تشابك[ر] وشلايغر J.Chleiger.

القرن العشرون

 
Viktor Dyk was a Czech poet, playwright and writer
 
Karel Čapek's play R.U.R. introduced for the first time to the world the word robot
 
Jaroslav Seifert was the only Czech writer awarded the Nobel Prize in Literature

تبلورت أيضاً في الربع الأول من القرن العشرين موهبة الأدباء التشيك الساخرين وعلى رأسهم هاشيك J.Hasek، الذي كتب مجموعته الساخرة «شفيك الجندي الشجاع» (1920-1923) ورافقه في هذا التيار الساخر أولبراخت I.Olbracht وماييروفا Majerova ونايمان. أُعلنت تشيكية جمهورية مستقلة عام 1918 فكان ذلك بداية لحقبة جديدة في تطور الأدب التشيكي اتسمت بظهور الشعر الثوري والرواية الواقعية والأدب المناهض للفاشّـية، وجرى تمايز واضح بين الأدباء فتوزعوا بين محافظين مثل ديك وميديك B.Medek، وليبراليين مثل تشابك، وثوريين ديمقراطيين وشيوعيين مثل نييدلا، نايمان، أولبراخت، ماييروفا، وظهر تيار شعري عمالي (بروليتاري) قاده فولكير Volker وغورا Gorá، ولم يكن هاشيك بعيداً عن هذا التيار عندما كتب روايته «شفيك الجندي الشجاع أيام الحرب العالمية الأولى» وكذلك فانتشورا F.Vansura في روايته «الخباز يان مارغويل» (1924)، كما تأثرت روايات أخرى بالواقعية الانتقادية مثل روايات تيلشوفا Tilchova وكليتشكا Klicá.

قامت في ثلاثينات القرن العشرين أزمة اقتصادية حادة ترافقت مع خطر الفاشية فظهر كتاب يساريون نادوا بالفن المستقل، وأصدر نزفال[ر] Nezval مجموعة سريالية مشهورة عنوانها «امرأة بصيغة الجمع»، وتشكّل تيار ماركسي كان من أهم ممثليه فوتشيك Ju.Vucek وفاتسلافيك Vatslavek وكونرِد Konred. ومع اشتداد خطر الفاشية ظهرت روايات سفاتوبلوك تشيك وكراتوشفيل Kratochvil ورواية تشابك «الحرب مع سالاماندر» ومسرحية «الداء الأبيض» وكوميديا «الأم».

سبب الاحتلال النازي (1939-1945) خسارة جسيمة للأدب التشيكي، وبعد أن تحرر التشيكيون صار نضال الشعب التشيكي وانتصاره على الفاشية الموضوع الرئيس في الأدب. وقد أسهم في هذا كتاب برجوازيون وطنيون لكنهم ابتعدوا عن الساحة بعد حركة شباط 1948 المعادية لهم، لتبدأ مرحلة جديدة ساد فيها أدب الواقعية الاشتراكية بدءاً من خمسينات القرن الماضي، حيث يلاحظ انجذاب نحو المؤلفات الملحمية المكرسة للانعطاف التاريخي في حياة التشيك نحو النظام الاشتراكي؛ الذي كُرِّست له روايات رجاتش ورجيكا Reszika، وقد عَبَّرالشعر عن العالم الروحي للإنسان المعاصر، والحماسة المعادية للفاشية والعسكرة كما عند زافادا Zavada وغلوبين Globin وكاينار Kainar. وشغلت غنائيات الغزل والطبيعة حَيِّزاً في هذا الشعر كما في شعر فلوريانا Floriana، ثم ظهرت نزعة واقعية تقريرية في مواجهة النزعة الواقعية الاشتراكية القائمة على الماركسية. وقد حاول كتاب هذه النزعة التقريرية أن يبينوا مدى تعقيد الحياة الواقعية والمصاعب التي تواجه المواطن، والتناقضات التاريخية في الحياة التشيكية المعاصرة، لكن السلطة القائمة قمعت هذه النزعة فتوارت عن الساحة، ونتيجة لذلك هاجر عدد من الأدباء إلى البلدان الغربية مثل ميلان كونديرا Kundera وبافل كوهوت Kohut وياروسلاف زايفرت Seifert الذ ي حاز على جائزة نوبل للأدب عام 1948.

ظهرت في أواسط الستينات نزعة انتقادية عدمية nihilism متأثرة بالحداثة[ر] الغربية و«الرواية الجديدة» و«مسرح العبث» وقد ترافق هذا مع الأزمة السياسية الحادة التي واجهت تشيكوسلوفاكية بين عامي 1968 و1969، وقد أثرت هذه الأزمة تأثيراً سلبياً كبيراً في الأدب التشيكي. وكان الكاتب المسرحي هافل Havel من أهم أعلامها.

تكونت في الربع الأخير من القرن العشرين حركة بعث لتقاليد الماضي ونهوض في الأدب النثري التاريخي تؤكد غنى المنبت الإنساني في الأدب التشيكي، وقد بدا هذا في مؤلفات تنحو نحو النقد الحاد للمجتمع وتناول قضايا الإنسان المعاصر من جوانب شتى. لكن موضوع الحرب العالمية الثانية بقي موضوعاً سائداً في هذا الأدب.

استمر الأدب التشيكي على تخوم القرن الحادي والعشرين في تطوره على أيدي كتاب مثل كوزاك Kuzak وجيكا Zika وبلوغارجاBlugrza وكولاروفا Kolarova ونيف Nef، وفي شعر زافادا وتاوفيرا Taufira و سكالا Skala وفلوريانا.

مؤلفون تشيك معاصرون

Czech Literary Awards

انظر أيضاً

الهامش والمصادر

  • رضوان القضماني. "تشيكية (الأدب في )". الموسوعة العربية.

المراجع

  • Česká literatura od počátků k dnešku, by Jiří Holý, Jaroslava Janáčková, Jan Lehár, Alexandr Stich (Nakladatelství Lidové noviny, 2004) ISBN 80-7106-308-8
  • Holý, Jiří, Writers Under Siege: Czech Literature since 1945. Sussex Academic Press, 2007 [1]
  • Weiskopf, Franz Carl. Hundred towers: a Czechoslovak anthology of creative writing. New York : L.B. Fischer, 1945.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وصلات خارجية