اعدام لويس السادس عشر

اعدام لويس السادس عشر بالمقصلة في 21 يناير 1793 في قصر الثورة ("ميدان الثورة"، ميدان لويس السادس عشر سابقا، وأعيد تسميته پالاس دي كونراد عام 1795) في باريس. وكان هذا من أبرز أحداث الثورة الفرنسية. بعد أحداث 10 أغسطس 1792، والتي شهدت على سقوط الحكم الملكي بعد هجوم الثوار على توليري، تم القبض على لويس السادس عشر، وأودع سجن تمپل بصحبة عائلته، وحوكم بتهمة الخيانة العظمى أمام المؤتمر الوطني وأدين وحُكِم عليه بالإعدام بأغلبية قليلة. اعدامه جعله أول ضحية لعهد الرعب. زوجته ماري أنطوانت أُعدِمت بالمقصلة في 16 اكتوبر، من نفس العام.

"وفاة لويس السادس عشر ملك فرنسا"، من نقش إنگليزي نشر عام 1798.
"اعدام لويس السادس عشر" – نقش نحاسي ألماني، 1793, لGeorg Heinrich Sieveking
"يوم 21 يناير 1793 وفاة لويس السادس عشر في قصر الثورة" – نقش فرنسي.

كان الملك لويس السادس محبا لشعبه، لكن عداءه تجاه الجمعية الوطنية، أثاء الاستياء على حكمه. وكان المسمار الأخير في نعشه، محاولة هروبه من فرنسا في يونيو 1791، في محاولة منه لحشد الدعم لاعادة تأسيس النظام القديم، والتي سميت "الهروب إلى ڤارين"، حيث تم القبض عليه وعائلته قبل الوصول إلى المعقل الملكي حصن مونتميدي، على الحدود الهولندية النمساوية. وبدأ الرأي العام ينقلب ضده خاصة بعد رجوع إلى باريس تحت الحراسة، وقوضت مصداقيته بشكل كبير كملك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المحاكمة

قرر المؤتمر الوطني قراره (حتى لا يكون أمامه سبيل للتراجع) بمحاكمة لويس السادس عشر بتهمة الخيانة. فمنذ 10 أغسطس راح المسئولون في التمبل Temple يقدمون لمعظم أفراد الأسرة المالكة معاملة نصف إنسانية: للملك وكان في الثامنة والثلاثين من عمره، والملكة كانت في السابعة والثلاثين من عمرها، وأخت الملك "مدام إليزابت" وكانت في الثامنة والعشرين، وابنة الملك (مارى تيريز (Marie - Therese (مدام روايال (Madame Royale وكانت في الرابعة عشرة، وابن الملك ولي العهد لويس - شارلز Dauphin Louis - Charles وكان في السابعة من عمره. وبذل الجيرونديون كل ما في وسعهم لتأجيل المحاكمة لأنهم كانوا يعلمون أن الأدلة ستؤدي بالضرورة إلى الإدانة وتنفيذ حكم الإعدام وهذا سيؤدي إلى تكثيف القوى الخارجية جهودها للهجوم على فرنسا، واتفق معهم دانتون في هذا الرأي لكن ظهر شخص آخر في المؤتمر الوطني، إنه لوي-أنطوان سان-جوست Louis-Antoine Saint-Just، وكان في الخامسة والعشرين من عمره، وقد لفت نظر المؤتمر الوطني بدعوته لقتل الملك: "لويس قتل الشعب وحاقت به الهزيمة ... انه همجي (بربري) سجين حرب أجنبي. لقد رأيتم خططه وتصميماته الغادرة .. إنه هو القاتل في الباستيل وفي نانسي وساحة دي مار Champ-de-Mars .. في التوليري. فأي عدو وأي أجنبي قد ألحق بكم الضرر أكثر منه؟"(11) وكان من الممكن أن يتوقف هذا الهجوم بسبب الحكمة والتدبر، لكن حدث في 20 نوفمبر أن تم اكتشاف صندوق حديدي في جدار الغرف الملكية في قصر التوليري فأحضره رولان Roland إلى المؤتمر الوطني ، وكان به دليل يؤكد بقوة تهمة الخيانة، لقد كان الصندوق يضم 625 وثيقة سرية تفضح تعاملات الملك مع لافاييت Lafayette وميرابو Mirabeau وتاليران Talleyrand، وبارناڤ Barnave وعدد من المهاجرين (الذين تركوا فرنسا إثر قيام الثورة) والصحفيين المحافظين. كان من الواضح أن لويس رغم تأكيده ولاءه للدستور، يتآمر للقضاء على الثورة. وأصدر المؤتمر الوطني أوامره بكشف النقاب عن ميرابو، وحطم اليعاقبة تمثالا في ناديهم كانوا قد أقاموه إحياء لذكراه، وتم القبض على بارناڤ Barnave في گرينوبل وهرب لافاييت إلى جيشه، أما تاليران فهرب كما يفعل دائماً. وفي 2 ديسمبر ظهر بعض الوفود من أحياء (أقسام) باريس أمام المؤتمر الوطني وطالبوا بالتعجيل بمحاكمة الملك، وسرعان ما أرسل كومون باريس توصيات شديدة للغرض نفسه، وفي 3 ديسمبر انضم روبيسبير للمطالبين بهذا الأمر. وحمل مارا Marat لواء المطالبة بأن يكون التصويت على المحاكمة علنا by voice &in public حتى يضع الجيرونديين المترددين تحت رحمة السانز-كولوت (الذين لا يرتدون سراويل >بناطيل< قصيرة) في الممرات والشوارع.

وبدأت محاكمة الملك في 11 ديسمبر سنة 1792 أمام أعضاء المؤتمر الوطني جميعا. على وفق ما ذكره سباستيان مرسييه Sebastien Mercier أحد النواب في المؤتمر الوطني فإن "خلفية الصالة تحولت إلى مقصورات وكأنها مسرح، حيث كانت النسوة يرتدين أكثر ملابسهن أناقة ورحن يلعقن المثلجات ويأكلن البرتقال ويشربن المسكرات المعطرة والمحلاة ... ويمكن للمرء أن يرى السعاة والحجاب ... يرافقون خليلة دوق أورليان"(12) وتم إطلاع الملك على الوثائق التي وجدت في الصندوق فأنكر توقيعه وأنكر أي علم له بالصندوق. وواجــه الأســـئلة بالتعلل بعـــدم التذكــر ليعين لنفســه محامين، فعرض كريتيان ده مالشرب Chrètien de Malesherbes الذي دافع عن الفلاسفة Philosohpes والإنسيكلوبيديين (الموسوعيين) في عهد لويس الخامس عشر الدفاع عن الملك، فوافق لويس السادس عشر وهو حزين وقال له: "إن تضحيتك عظيمة لأنك تعرض حياتك للخطر ومع هذا فلن يمكنك إنقاذ حياتي"(31). (وبالفعل فقد أعدم مالشيرب بالمقصلة في أبريل سنة 1794) وفي هذه الأثناء اقترح ممثلو القوى الأجنبية شراء بعض الأصوات لصالح الملك ووافق دانتون أن يكون وكيلا للمشترين لكن المبلغ المطلوب كان أكثر مما يريد أصحاب الجلالة استثماره(14) .

وفي 26 ديسمبر قدم رومين ده سيز Romain de Sèze القضية للدفاع، وساق رومين الحجة بأن الدستور لم يعط لأعضاء المؤتمر الوطني الحق في محاكمة الملك، وأن للملك الحقوق الإنسانية للدفاع عن حياته، فقد كان واحدا من أكثر الرجال إنسانية وأرقهم حاشية ومن أكثر الحكام ليبرالية ممن تبوأوا عرش فرنسا. هل نسي نواب المؤتمر الوطني إصلاحاته العديدة؟ ألم يكن هو الذي بدأ الثورة بدعوته مجلس طبقات الأمة للانعقاد ودعوته الفرنسيين كلهم ليقولوا له عن الأخطاء الحادثة وعن رغباتهم؟

وأجاب المدعي العام بأن الملك قد تفاوض مع القوى الأجنبية للقضاء على الثورة، فلم نستثني وارث العرش إذا كان خائنا مــــن إيقاع القصاص عليه؟ فطالما ظل على قيد الحياة ستحاك المؤامرات لإعادته إلى سلطانه كما كان قبل الثورة. فليكن عبرة للملوك كلهم حتى يرعووا ويتفكروا قبل أن يخونوا آمال شعوبهم.

وبدأ التصويت على جرم(إدانة) الملك في 15 يناير سنة 1793 . فصوت 683 - بمن فيهم ابن عم الملك فيليب دورليان Philipee d`Orléans من بين 749 نائبا على إدانة الملك(15). وقد عارض روبيسبير ومارا وسان ـ جوست Saint - Just حركة طرح هذا القرار (الحكم) للتصديق أو دعوة الشعب الفرنسي للاقتراع عليه من خلال جمعيات القاعدة Primary assemblies، ولم يحظ هذا الاقتراح بالقبول فقد عارضه 424 ولم يوافق عليه سوى 287، لأن دعوة الشعب إلى مثل هذا الاقتراع تعني استفتاءهم على عودة الملكية، كما قال سان جوست. أما روبيسبير الذي طالما دافع عن الديمقراطية وحق الذكور جميعهم في الانتخاب فقد تردد الآن وقال إن "الفضيلة (وتعني الحماسة الجمهورية) كانت دائما في الأقلية على هذه الارض"(16) وعندما وضع السؤال التالي في صياغته الأخيرة في 16 يناير: "ما هو الحكم الذي سيتعرض له ملك فرنسا؟" فإن الفريقين دخلا في نزاع شهدته الشوارع حيث صاحت الجموع مطالبة بحكم الإعدام وهددوا حياة كل من يصوت لحكم أقل من الإعدام، حتى إن النواب الذين كانوا حتى الأمس يطالبون بعدم إعدامه أصبحوا خوفا على حيواتهم يصوتون لصالح الحكم عليه بالإعدام، وأذعن دانتون، وثبت پين Paine على موقفه، أما فيليب دورليان الذي كان مستعدا للحاق بابن عمه فقد صوت لإقصائه (لإعدامه) أما مارا Marat فقد صوت لإعدامه في ظرف أربع وعشرين ساعة أما روبيسبير الذي كان دائما يعارض العقوبات الغليظة (الإعدام) فقد أصبح الآن يقدم الحجج ليبرهن على أن بقاء الملك حيا سيكون خطراً على الجمهورية (17)، أما كوندرسيه فطالب بإبطال العقوبات الغليظة (الإعدام) الآن وإلى الأبد، وحذر بريسو Brissot من أن الحكم بالإعدام سيؤدي إلى دخول ملوك أوروبا كلهم الحرب ضد فرنسا. وبعض النواب في المؤتمر الوطني أضافوا إلى تصويتهم شروحا (تعليقات) فقد قال پاگانل Paganel : الموت! - إن الملك لا يصلح إلا له، أو لا فائدة منه إلا له "وقال ميلو Millaud اليوم إذا لم يكن الموت موجودا لوجب اختراعه". هكذا اقترح فولتير على الرب echoing voltaire on God أما دوشاتل Duchatel - وكان قد مات - فكم كان يود أن ترد إليه الحياة ليصوت ضد قتل الملك أمام المحكمة ثم يموت مرة أخرى(18). وكانت النتيجة النهائية هي موافقة 361 على موت الملك عاجلا، وصوت 334 لتأجيل هذا الأمر.

وفي 20 يناير قتل العضو السابق في فيلق حراسة الملك، لوي-ميشل لپلتييه دي سان-فارجو Louis-Michel Lepeletier de Saint-Fargeau الذي كان قد صوت لصالح قتل الملك. وفي 21 يناير حملت عربة يحيط بها حرس مسلح، سارت على طول الشوارع التي حددها الحرس الوطني، لويس السادس عشر إلى ميدان الثورة (الآن ميدان الكونكورد Concorde أي ميدان الوفاق والوئام). وقبل أن تهوي عليه المقصلة حاول أن يتحدث إلى الجموع: "أيها الفرنسيون، إنني أموت بريئا .. إنني أقول ذلك وأنا على سقالة المقصلة وسأمثل قريبا أمام الرب. إنني أعذر أعدائي، وآمل أن فرنسا - " لكن عند هذه الكلمة أشار سانتير Santerre رئيس حرس باريس الوطني وقال: فلتدق الطبول Tambours " فدقت الطبول، وراحت الجماهير تنظر في صمت كئيب والنصل الثقيل يسقط، وراحوا يبكون حتى النخاع، وفي وقت لاحق قال واحد ممن حضروا هذا المشهد" في ذلك اليوم راح كل واحد يسير ببطء ولم يكن الواحد منا يجسر على النظر إلى الآخر"(19).


قائمة المراجع

  • ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.
  • نكير، آن لويز جرمين، Considerations on the principal events of the French Revolution (1818)
  • Hugo, Victor, The Memoirs of Victor Hugo (1899)
  • Thompson, J.M., English Witnesses of the French Revolution (1938)

Paul and Pierrette Girault de Coursac have written a number of works on Louis XVI, including:

  • Louis XVI, Roi Martyr (1982) Tequi
  • Louis XVI, un Visage retrouvé (1990) O.E.I.L.

هوامش