ابن العسال

أبو محمد عبد الله بن فرج اليحصبي المعروف بابن العسال (ت. 1095/487 هـ) شاعر من طليطلة اشتهر بالزهد والكرامات واجابة الدعوات. وقد تشبه بأبي إسحق الألبيري وعلى طريقته جرى، وكانا معا فرسي رهان في ذلك الزمان صلاحا وعبادة.[1] ليس كثيرا ما وصلنا من شعره الزهدي ولكن ربما كان من أقوى نماذجه قوله[2]:

انظر الدنيا فان أبصرتها شيئا يدومفاغد منها في أمان إن يساعدك النعيم
وإذا أبصرتها منك على كره تهيمفاسل عنها واطرحها وارتحل حيث تقيم


ومن اللافت للنظر أن هذين الزاهدين كانا من أشد الناس إحساسا بسوء الأوضاع السياسية في وطنهما، فبكى ابن العسال سقوط بريشتر ثم سقوط طليطلة.

وصف حال العرب في الأندلس وما يهدد وجودهم فيها من مخاطر محذراً وناصحاً بالهجرة إلى بلدان أخرى حينما قال:

شدّوا رواحلَكم يا أهلَ أندلس      فما المقامُ بها إلاَّ من الغَلَطِ
الثَّوب ينسلُّ من أطرافه وأرى      ثوبَ الجزيرة منسولاً من الوسطِ

ولما سقطت طليطلة رحل عنها وسكن غرناطة وتوفي بها ( - 487 هـ). وكان قبره فيها مكرما والناس يزورونه في عصر ابن سعيد.[3]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تعلمه

روى عن أبي محمد مكي بن أبي طالب، وأبي عمرو المقرئ، وأبي محمد بن عباس، وأبي عمر بن عبد البر، وابن شق الليل، وابن ارفع رأسه، وأبيه فرج بن غزلون، والقاضي أبي زيد الحشا، ومكي بن أبي طالب، وأبي الوَلِيد البَاجِيّ وغيرهم.[4][5]


حاله

قال ابن الصيرفي:[6]

«كان، رحمه الله، فذّا في وقته، غريب الجود، طرفا في الخير والزهد والورع، له في كل جو متنفّس، يضرب في كل علم بسهم، وله في الوعظ تواليف كبيرة، وأشعاره في الزهد مشهورة، جارية على ألسنة الناس، أكثرها كالأمثال جيّدة الرّصعة، صحيحة المباني والمعاني. وكان يحلّق في الفقه، ويجلس للوعظ.»

وقال الغافقي:[6]

«كان فقيها جليلا، زاهدا، متفنّنا، فصيحا لسنا، الأغلب عليه حفظ الحديث والآداب والنحو، حافظا، عارفا بالتفسير، شاعرا مطبوعا. كان له مجلس، يقرأ عليه فيه الحفظ والتفسير، ويتكلّم عليه، ويقصّ من حفظه أحاديث. وألّف في أنواع من العلوم، وكان يعظ الناس بجامع غرناطة، غريبا في قوته، فذّا في دهره، عزيز الوجود.»

شعره

من أمثل ما روي منه قوله:[6]

[من مخلع البسيط]
لست وجيها لدى إلهيفي مبدإ الأمر والمعاد
لو كنت وجها لما برانيفي عالم الكون والفساد


لما استرد الإفرنج أول مدينة من مدن الأندلس، وهي مدينة طليطلة، من يد ابن ذي النون عام 475 هـ، قال ابن العسال في ذلك:[7]

يَا أَهْلَ أَنْدَلُسِ حُثُّوا مَطِيَّكُمْفَمَا المُقَامُ بِهَا إِلَّا مِنَ الغَلَطِ
الثَّوْبُ يَنْسُلُ مِنْ أَطْرَافِهِ وَأَرَىثَوْبَ الجَزِيرَةِ مَنْسُولًا مِنَ الوَسَطِ
وَنَحْنُ بَيْنَ عَدُوٍّ لَا يُفَارِقُنَاكَيْفَ الحَيَاةُ مَعَ الحَيَّاتِ فَي سَفَطِ


ويروى صدر البيت الثالث هكذا:[7]

ومن جاور الشر لا يأمن بوائقهكيف الحياة مع الحيات في سفط

وتروى الأبيات هكذا:[7]

حثوا رواحلكم يا أهل أندلسفما المقام بها إلا من الغلط
السلك ينثر من أطرافه، وأرىسلك الجزيرة منثوراً من الوسط
من جاور الشر لا يأمن عواقبهكيف الحياة مع الحيات في سفط

وروى آخر:[7]

يا أهل أندلس ردوا المعارفما في العرف عارية إلا مردات
ألم تروا بيدق الكفار فرزنهوشاهنا آخر الأبيات شهمات


الهامش

  1. ^ التكملة: 126.
  2. ^ النفح 4: 195، 213.
  3. ^ المغرب 2: 21.
  4. ^ ابن بشكوال. الصلة في تاريخ أئمة الأندلس. الجزء الأول، صفحة 276.
  5. ^ جلال الدين السيوطي. بغية الوعاة. الجزء الثاني، صفحة 52.
  6. ^ أ ب ت خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة إحاطة
  7. ^ أ ب ت ث المقري التلمساني. نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب. الجزء الرابع، صفحة 352.