تمديد مفاوضات تسوية الملف النووي الإيراني والمفاجآت المقبلة

حول المؤلف

مساهمات حديثة أخرى

اجعل هذه الصفحة أفضل بتحريرها.
Sabbagh
0

تمديد مفاوضات تسوية الملف النووي الإيراني والمفاجآت المقبلة
بداية حرب مذهبية أم استبدال حلفاء؟
ماذا تخفي روسيا وماذا تريد من فكرة الحلف السوري – السعودي – التركي؟

د. أشرف الصباغ

على الرغم من انتهاء المهلة التي حددتها جميع الأطراف، اتفقت السداسية مع إيران على تمديد فترة المفاوضات حول الملف النووي للأخيرة من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي. هذا التمديد، وعلى الرغم من التصريحات الساخنة المتبادلة بين الطرفين قبل انتهاء المهلة المحددة، يعني أنه قد تم التوصل إلى نسبة اتفاق "لا بأس بها" تسمح بالتمديد وبرغبة كل الأطراف من أجل الحفاظ على ما تم التوصل إليه. ومع ذلك لا توجد إلى الآن أي ضمانات للتوصل إلى هذا الاتفاق النهائي، أو حتى الحديث عن وقت محدد. فالتمديد والتأجيل تكررا أكثر من مرة. وكل مرة كانت مصحوبة بتهديدات وإنذارات متبادلة، لم ينفذ أي طرف منها شيئا.

كل المؤشرات تؤكد أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية تسعى بالفعل إلى تسوية هذا الملف والتوصل إلى اتفاقات نهائية. مراقبون يرون أن الغرب عموما معني بإنهاء هذا الملف لعدة أسباب، على رأسها إشراك إيران في مكافحة الإرهاب، وتعويض جزء من الدور التركي الذي بدأ يتراجع بسبب التناقضات الكثيرة بين أنقرة من جهة وبين كل من واشنطن وبروكسل من جهة ثانية. إضافة إلى ملامح التقارب الروسي – التركي من جهة ثالثة. وكذلك وجود بعض التناقضات بين واشنطن والعواصم الخليجية التي دفعت بالعديد من دول الخليج، وعلى رأسها السعودية للبحث عن بدائل، أو في احسن الأحوال البحث عن تنويع للعلاقات.

المنعطفات الشائكة لا تزال على طريق تسوية الملف النووي الإيراني. ففرنسا لا تزال تتمسك بمسألة تفتيش المواقع العسكرية، بينما ترفض إيران بشكل قاطع. ومنذ أيام أعلنت الولايات المتحدة أنها توصلت إلى آلية لتفتيش المواقع الإيرانية "المشبوهة" بطريقة لا تثير انزعاج طهران أو إثارة شكوكها. ولكن لم يعلن أحد عن هذه الآليات أو تفاصيليها أو مدى الاتفاق حولها. كما أن الحديث عن رفع العقوبات وتوقيتات وآليات ذلك لا تزال محل خلافات شديدة، ما قد يستغرق وقتا يفوق 36 ساعة أو حتى أسبوعا.

إن حضور وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مباحثات الثلاثين من يونيو اعتبرته موسكو مؤشرا مهما على إيجابية مسارات التفاوض إلى الآن. ولقاءاته مع نظرائه الإيراني والألماني والفرنسي عكست أيضا مدى مرونة المفاوضات، ولكنها في الوقت نفسه لا تعد ضمانة لأي شئ. إذ أن مراقبين قريبين من تلك المفاوضات تحدثوا حول إمكانية التمديد لعدة أسابيع أو شهور. من جهة أخرى، فلقاء لافروف مع نظيره الأمريكي جون كيري على هامش مفاوضات التسوية النووية، وذلك من اجل بحث سبل مواجهة ما يسمى بتنظيم "الدولة الإسلامية" بناء على توصيات الرئيسين الروسي بوتين والأمريكي أوباما خلال اتصالهما الهاتفي الأخير، هذا اللقاء يعد في غاية الأهمية. ويتعلق بعدد من التحليلات والتقارير بشأن إمكانية مشاركة إيران في مكافحة الإرهاب بشكل رسمي وبتنسيق مع أطراف أخرى. وذلك على الرغم من أنه لم يرد ذكر إيران في تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أو في تصريحات وزير الخارجية سيرجي لافروف بشأن إمكانية تشكيل تحالف من السعودية وتركيا وسوريا والأردن لمكافحة "داعش".

في ظل هذين المشهدين الإقليمي والدولي، يرى بعض التقارير أنه من الصعب الحديث الآن عن عملية الإحلال أو الاستبدال. بمعنى أن لا روسيا ولا الولايات المتحدة تفكران في عملية استبدال الحلفاء أو الأصدقاء. وكل ما هناك أن كل طرف يسعى لدعم حلفائه وضمان أكبر قدر من مصالحه مع أكبر عدد من الأطراف في مراحل ما بعد التسوية. كما أن كل طرف يطرح سيناريوهات إقليمية ودولية تتوافق مع أجنداته ومصالحه من حيث مد علاقات الصداقة أو توسيع العلاقات أو تقليصها مع هذا الطرف أو ذاك.

وفي سياق مقابل يجري الحديث أيضا عن إمكانية قيام الولايات المتحدة بإغراء إيران بالمشاركة رسميا في الحرب ضد داعش ضمن تحالفات أو أشكال بعينها. وهو ما يراه البعض شكلا من أشكال التوريط الأمريكي لإيران بشكل رسمي وعلني. إذ من المتوقع في هذه الحالة أن تنشب حرب مذهبية معلنة تقف وراءها الولايات المتحدة لتعيد تواريخ الحروب الدينية والمذهبية في المنطقة. كما أن روسيا تدرك هذه الحقيقة، ولكنها تغمض عينيها تحسبا لأي تغيرات في العلاقات مع إيران، أو حدوث تغيرات بين طهران والنظام السوري. وبالتالي، فتصريحات بوتين حول إمكانية تشكيل حلف لمكافحة الإرهاب يتضمن سوريا والسعودية وتركيا وقطر قد تكون مفهومة، ولكنها قوبلت بتصريحات ملتبسة من جانب دمشق.

إن تسوية الملف النووي الإيراني خطوة في غاية الأهمية بالنسبة لاستقرار المنطقة والعالم، على الرغم من أن الولايات المتحدة أعلنت على سبيل المثال أنها لن تتراجع عن نشر عناصر درعها الصاروخية حتى إذا تم التوصل لتسوية مع إيران. ومن جهة أخرى هناك الكثير الذي لا يروق لروسيا. ولكن الأخيرة تحاول إعطاء انطباع للجميع بأن كل شئ على ما يرام.


<comments />