بهاء الدين بن شداد

(تم التحويل من Baha ad-Din ibn Shaddad)

بهاء الدين بن شداد (10 رمضان 539هـ - 14 صفر 632هـ / 1145 - 1235) هو أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم بن عُتبة بن محمد بن عتّاب الأسدى، قاضى حلب ، المعروف بابن شداد، الملقب بهاء الدين، الفقيه الشافعى . توفى أبوه وهو صغير السن، فنشأ عند أخواله بني شداد فَنُسِبَ إليهم، وكان شداد جده لأمه، وكان يكنى أولاً أبا العزّ، ثم غير كنيته وجعلها أبا المحاسن. ولد بالموصل في شهر رمضان سنة تسع وثلاثين وخمسمائة (539هـ).

يوسف بن رافع بن تميم
شخصية
ولداليوم العاشر من شهر رمضان ، 539 هـ /1144م
توفييوم الأربعاء ، رابع عشر من شهر صفر سنة 632هـ/1234م
حلب
أبرز الأعمالكتاب "النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية" و أيضاً "فضائل الجهاد"
المهنةمؤرخ ، فقيه ، قاضي
مناصب رفيعة
المهنةمؤرخ ، فقيه ، قاضي

وحفظ بها القرآن الكريم في صغره، ثم قدم الشيخ أبو بكر يحيى بن سعدون القرطبي إلى الموصل فلازمه إحدى عشر سنة، وقرأ عليه بالطرق السبع، وأتقن عليه فن القراءات، ورواية الحديث وشروحه والتفسير، وغالب كتب الأدب وغيره، وأخذ منه إجازة في سنة (567هـ). وأخذ عن الشيخ أبو البركات ابن الشيرجي، والشيخ الخطيب مجد الدين الطوسي بالموصل، والقاضى فخر الدين الشهرزورى، والحافظ مجد الدين الأشيري الصنهاجى وغيرهم، ثم أنحدر إلى بغداد بعد التأهل التام، ونزل بالمدرسة النظامية، وترتب فيها معيدًا بعد وصوله إليها بقليل، وأقام معيدًا نحو أربع سنين، ثم أصعد إلى الموصل سنة (569هـ) فترتب مدرسًا في المدرسة التى أنشأها القاضى كمال الدين الشهرزورى، ولازم الاشتغال، وانتفع به جماعة. وفي عام 584هـ، بعد عودته من الحج، استدعاه صلاح الدين الأيوبي الذي كان قد قرأ وأعجب بكتاباته، ولازم ابن شداد صلاح الدين الذي عينه قاضيًا للعسكر،[2] وهكذا، أصبح ابن شداد شاهد عيان على حصار عكا ومعركة أرسوف،[3] وألف كتابه "وقائع حية من الحملة الصليبية الثالثة"[4] أصبح ابن شداد صديقًا مقربًا وواحد من مستشاريه الرئيسيين، لبقية حياة السلطان.[2]

وبعد وفاة صلاح الدين في سنة (591هـ) اتصل بخدمة الملك الظاهر ، وقدم إليه إلى حلب وولاه قضاءها ووقوفها، وكان عنده في رتبة الوزارة والمشاورة، وكانت حلب في ذلك الزمان قليلة المدارس، وليس بها من العلماء إلا نفر يسير، فاعتنى بترتيب أمورها، وجمع الفقهاء بها، وعمرت في أيامه المدارس الكثيرة. وكان الملك الظاهر قد قرر له إقطاعًا جيدًا، ولم يكن ينفق منه كثيرًا، لأنه لم يولد له، ولا كان له أقارب، فتوفر له شىء كثير، فعمر مدرسة بالقرب من باب العراق في سنة (901هـ)، ثم عمر في جوارها دارًا للحديث النبوى، وجعل بين المكانين تربة رسم دفنه فيها، ولها بابان: باب إلى المدرسة، وباب إلى دار الحديث. ولما صارت حلب على هذه الصورة قصدها الفقهاء من البلاد، وحصل بها الاشتغال والاستفاده، وكثر الجمع بها. وكان القاضى أبوالمحاسن بيده حل الأمور وعقدها، لم يكن لأحد معه في الدولة كلام، وكان حسن المحاضرة، جميل المذاكرة و الأدب غالب عليه، وكان كثيرًا ماينشد في مجالسه:

لا تضع من عظيم قدر وإن كُنتَ مُشارًا إليه بالتعظيم.

وصنف كتاب "ملجأ الحكام عند التباس الأحكام" يتعلق بالأقضية في مجلدين، وكتاب "الموجز الباهر في الفقه"، وكتاب "سيرة صلاح الدين ابن أيوب"، وغير ذلك. وفى أخر عمره لم يبق له حديث في الدولة، ولا كانوا يراجعونه في الأمور، فلازم داره، وكان يفتح بابه لإسماع الحديث كل يوم بين الصلاتين، وظهر عليه الخرف، واستمر على هذه الحال مديدة إلى أن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مكانته العلمية

أثنى عليه كثير من العلماء، وأكثروا من درجة توثيقه ومن هؤلاء :

  • عمر بن الحاجب الذي قال عنه: "«كان ثقة، حجة، عارفاً بأمور الدين. اشتهر اسمه وسار ذكره، وكان ذا صلاح وعبادة، وكان في زمانه كالقاضي أبو يوسف في زمانه»".
  • قال عنه زكي الدين المنذري: "«حدث بحلب ودمشق ومصر وغيرها من البلاد ودرس بغير مدرسته، وأقرأ، وولى قضاء العساكر في الأيام الناصرية مدة، وقضاء القضاء بمدينة حلب، وصنف تصانيف حسنة»".
  • قال عنه تاج الدين السبكي: "«كان إماماً فاضلاً ثقة، عارفاً بالدين والدنيا رئيساً مشاراً إليه، متعبدًا متزهداً، نافذ الكلمة، وكان يشبه القاضي أبي يوسف صاحب أبي حنيفة في زمانه»" وقال: "«اجتمعت الألسن على مدحه، والقلوب على حبه، لمكارمه وأفضاله ونفعه الطلبة في العلم والدنيا»".
  • أثنى عليه ابن خلكان وترجم له ترجمة كبيرة وقال: "«لقد أخذت عنه كثيراً»". وقال: "«وكان القاضي أبو المحاسن يسلك طريق البغاددة في ترتيبهم وأوضاعهم، والروؤساء الذين يترددون إليه كانوا ينزلون عن دوابهم على قدر أقدارهم، لكل واحد منهم مكان معين لا يتعداه»".
  • وذكره ابن كثير بقوله "«كان رجلاً فاضلاً، أديباً، مقرئاً، ذا وجاهة عند الملوك»".
  • قال عنه ابن قاضي شهبة "«قصده الطلبة للدين والدنيا، وعظم شأن الفقهاء في زمانه لعظم قدره، وارتفاع منزلته»".

وقد قدم عليه ابن خروف الشاعر فكتب إليه رسالة كان مطلعها:

بهاء الدين والدنياونور المجد والحسب
طلب مخافة الأنواءومن نعماك جلد أبي
وفضلك عالم أنيخروف بارع الأدب


مرضه ووفاته

وقد استنفذ ابن شداد بقية عمره في العلم والتدريس في حلب إلى أن مرض ووهن الشيخوخة فلزم مكاناً دافئاً يقيم فيه متدثراً لا يقوم إلا لأداء الصلاة، ويؤرخ ابن خلكان لذلك بقوله "كنا نسمع الحديث ونردده إليه في داره وقد كانت له قبة تختص به وهي شتوية لا يجلس إلا فيها صيفاً أو شتاء، لأن الهرم كان قد أثر عليه حتى صار كفرخ الطائر من الضعف لا يقدر على حركات الصلاة إلا بمشقة، وكانت النزلات تعتريه في دماغه، فلا يفارق تلك القبة، وكان رحمه الله لا يخرج لصلاة الجمعة إلا في شدة القيظ، وإذا قام إلي الصلاة بعد الجهد يكاد يسقط".

ويقول ابن خلكان :"ولقد كنت انظر إلى ساقيه وإذ وقف للصلاة كأنهما عودان رقيقان لا لحم عليهما". فكانت وفاته في حلب يوم الأربعاء 14 صفر 632هـ، ودفن في قبره الذي بناه لنفسه بجوار مدرسته في حلب.

ويقول المنذري: "وصلينا عليه صلاة الغائب بحران في الشهر المذكور" ولم يرزق ابنًا ولا كان له أقارب.

وجعل داره خانقاه للصوفية، لأنه لم يكن له وارث.

مؤلفاتة

النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية

المصادر

  1. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة شداد1
  2. ^ أ ب خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة Baha
  3. ^ Lyons & Jackson 1982, pp. 305, 337
  4. ^ Gabrieli 1984, p. xxix

موسوعة الحضارة الإسلامية