ڤيشاخاداتا

ڤيشاخاداتا Visãskhadatta يعد من كبار كتاب الأدب المسرحي في عصر ازدهار الأدب السنسكريتي؛ إذ يرجح عدد من علماء اللغة السنسكريتية مثل ألفرد هيلبرانت A.Hillebrandt وڤولفگانگ مورگن‌روت W.Morgenroth، بتحليل سمات أسلوبه الأدبي لغوياً أنه عاصر الملك تشاندراگوپتا الثاني Candragupta II في القرن الرابع الميلادي، وبذلك يكون معاصراً لأمير المسرح السنسكريتي كالي‌داسا Kalidasa. لا يعرف كثير عن تفصيلات حياته، سوى أنه من طبقة الكشاتريا Ksatriya (ثاني الطبقات الاجتماعية في الهند القديمة بعد الكهنوت، وأتباعها هم من النبلاء العسكريين). كان آمر مقاطعة صغيرة، وذا ثقافة واسعة، وخبرة مسرحية راسخة تجلت في أعماله التي لم يبق منها سوى واحدة تعد من لآلئ المسرحيات السنسكريتية، ولاسيما أنها النموذج الوحيد بامتياز للمسرح السياسي وخلفيات التخطيط والممارسات والمكائد.

استمدت المسرحية عنوانها «خاتم راكشاسا» Mudrã rãkshasa من الخاتم الذي يستخدمه الوزير راكشاسا ليُذيِّل به أوراقه الرسمية. قسم ڤيشاخاداتا مسرحيته الطويلة هذه إلى سبعة فصول تتمحور أفعالها كافة حول صراع سياسي، وعلى الرغم من أن الحكاية قد حاكها خيال المؤلِّف، إلا أن بعض الشخصيات والأحداث تحيل المُشاهد إلى وقائع تاريخية حقيقية مازالت حية في الذاكرة، كانتقال السلطة من أسرة ناندا Nanda الحاكمة في القرن الرابع ق.م. إلى أسرة ماوريا Maurya، والشخصية الرئيسية فيها الوزير تشاناكيا Canakya، وهو مؤلف السفر الشهير في العلوم السياسية «آرثاشاسترا» Arthashastra. وفي المسرحية يتعرض تشاناكيا هذا إلى إهانة شخصية من ملك سلالة ناندا، ويطرد من وظيفته مستشاراً، فيقسم على الانتقام، ويأخذ على نفسه عهداً بأن لايعقص شعره كالسادة النبلاء، قبل أن يحقق خطته بالقضاء على سلالة الناندا وتنصيب ربيبه تشاندراگوپتا على العرش، وبتحالفاته مع الأعداء المجاورين ينجح في حشد جيش يغزو پاتالي‌پوترا Pataliputra عاصمة النانديين ويسيطر عليها، وبذلك تبدأ مؤامرات تشناكيا، فقد نجح راكشاسا، وزير الناندا، بالهروب إلى الجبال وبدأ يعد العدة لاستعادة السلطة، فلم يفكر تشاناكيا بالقضاء على راكشاسا، بل كان تخطيطه السياسي أبعد ذكاء ودهاء، إذ إن راكشاسا في رأيه رجل دولة قادر وذكي ومخلص، ولهذا لايجوز القضاء عليه، بل لابد من كسبه إلى صف تشاندراگوپتا وزيراً مخلصاً، ومن ثم يتنسك تشاناكيا في الغابة نِشْداناً لخلاص الروح.

غلاف ترجمة إنگليزية لمسرحية مودرا راكشاسا لكاتب القرن الرابع ڤيشاخاداتا.

وفي سياق المسرحية يعرض المؤلف الدسائس والمكائد والمؤامرات المحاكة من الطرفين، من دون أن يستخدم أي عنصر رومنسي، إذ ليس في المسرحية أي دور رئيس تؤديه امرأة، حتى يضيق الخناق على راكشاسا، فيجبر على الالتحاق بتشاندراگوپتا. وبغية توضيح فعالية ذلك يستعرض المؤلف نظام المخابرات وفن التجسس وإمكاناته المتنوعة. وعلى صعيد التعبير اللغوي لجأ المؤلف إلى الشعر والنثر، حسبما تمليه الحالة من ضرورة فنية، لتطوير الفعل المسرحي وتصوير الشخصيات والشخوص بحيوية فعالة مؤثرة.

وفي المقدمة التقليدية للمسرحية السنسكريتية التي يدور فيها الحوار عادة بين المؤلف ومدير الفرقة وبعض الشخصيات الرئيسية، يورد ڤيشاخاداتا في مسرحيته رأيه بموقف الكاتب المسرحي من مهمته، فيشبِّه دور المؤلف بدور الوزير أو الكاهن، إذ على كليهما أن يوفر لمختلف العناصر الفاعلة شيئاً من حرية الحركة؛ وعليه في الوقت نفسه ضمان أن تشكل جميعها معاً إطاراً موحداً، لخدمة الهدف الأعلى للمسرحية، وهو أن الدبلوماسية الذكية يمكن أن تحقق الهدف بأفضل مما تحققه الحروب المدمرة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المصادر


وصلات خارجية

الكلمات الدالة: