جورج والن

(تم التحويل من فالين)

جورج أوگست والن (بالفنلندية: Yrjö Aukusti Wallin، ويعرف باسم عبد الولي) (و. 24 اكتوبر 1811 - 23 اكتوبر 1852) كان رحالة فنلندي اهتم بدراسة اللهجات العربية المختلفة، وكان من أوائل المستكشفين الأوروبيين لجزيرة العرب في عقد 1840.

المستكشف والرحالة جورج والن بالملابس العربية

تخرّج من جامعة هلسنكي عام 1829م، وغادر من هناك نحو هامبورگ ثم پاريس ومرسيليا ثم إلى استانبول ومنها نحو القاهرة. في القاهرة لازم والن رجال دين ودرس عندهم وحفظ أجزاء من القرآن، وبعدها بدأ رحلة داخلية في مصر ثم غادرها نحو الجزيرة العربية، وكانت محطته الأولى مدينة الجوف، وبقي فيها حوالي ثلاثة اشهر ونصف وغادر منها نحو حائل.

في يناير 1844م، وصل إلى القاهرة حيث مكث سنة واحدة تعلم خلالها الخط العربي والعلوم الإسلامية، وشملت اهتماماته موضوعات شتى: قضايا قبلية، سياسية، وكتابات قديمة، وعلم النبات والطبوغرافيا. ومن القاهرة، سافر إلى فلسطين عام 1845م، وكان يعتقد بأن دخول الجزيرة العربية من شماليها هو أقل الطرق إثارة للشبهات. وفي سبتمبر من العام نفسه أصبح أول أوروبي يدخل مدينة حائل التي كانت تحت حكم ابن الرشيد، وبعد قضاء شهرين هناك لم يتمكن من السفر إلى الرياض لخطورة الطريق. وأخيراً انضم إلى قافلة كانت في طريقها إلى الحج مؤملاً أن يذهب إلى المدينة، وبعد أداء الحج توجّه إلى جدة ومنها إلى القاهرة، حيث قضى ثلاث سنوات في الدراسة، ثم نزل على ساحل البحر الأحمر وتجوّل في الجزء الجنوبي من سيناء، ووصل إلى مناطق لم يصلها أي أوروبي من قبل. ثُمَّ عاد إلى حائل مؤملاً زيارة الرياض، ولما فشل غادر حائل إلى البصرة، ومن هناك توجه إلى هلسنكي حيث عمل أستاذاً للغات الشرقية في جامعتها، توفي وهو يعدّ العدة للسفر إلى الجزيرة العربية. ويعد والين من أشهر الرحالة الأوروبيين في الجزيرة العربية.

جورج والن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

زيارته لمدينة حائل

غادر والن من الجوف نحو حائل وحل ضيفا عند الأمير عبد الله العلي الرشيد مؤسس دولة آل رشيد في حائل، ولم يلبث حتى اشترى منزلاً في حائل. وكتب والن في مذكراته أنه في حائل "نسي العالم كله"، وقضى اياماً سعيدة فيها لدرجة أنه فكر في قضاء بقية عمره هناك، لا سيما وأنه صاحب الكثيرين من هناك وتكوّنت له صداقات عديدة إلى حد أن أحد الشعراء من مدينة حائل قد وعده بتزويجه ابنته في حال استجاب للإقامة.

من كتاب والن عن رحلته، هذه المقتطفات حول حائل:

  • تكثر في جبلي أجا وسلمى الينابيع والآبار، ومياه آبارها، دون استثناء، من نوعية ممتازة، عذبة وخفيفة، وتساعد على الهضم السريع.
  • إن الحبوب المزروعة في حائل تفضّل على المستوردة من بلاد مابين النهرين، بسبب جودتها وطبيعة مادتها، وتباع بسعر أعلى من سعر الحبوب المستوردة.
  • بخلاف سكان البلدات الصحراوية الأخرى، فإن (الحضر) من قبيلة شمر، يعدون أكثر تفوقاً من (بدو) القبيلة، في الشجاعة وفن استعمال السلاح، ودون أدنى شك يعود الفضل إليهم (أي الحضر)، وليس إلى البدو، في كل انتصارات عائلة آل رشيد.
  • إنني أعد شمر، على نحو لا نزاع فيه، واحدة من القبائل الأكثر نشاطاً وقوة في بلاد العرب في الوقت الحاضر (عام 1845م)، وقوتهم ونفوذهم يزدادان بإطراد كل سنة. فمن القصيم إلى حوران، ومن ديار ابن سعود في شرق نجد إلى جبال الحجاز، خضع العرب لإبن رشيد والتزموا بطاعته من خلال أداء الزكاة له.
  • في أثناء إقامتي في حائل كان هناك نحو 200 شخص من جميع أنحاء بلاد العرب ضيوفا على الأمير عبد الله (عبدالله العلي الرشيد) ينتظرون صدور قرار في قضية أو قضاء حاجة أخرى.
  • يقول السكان أن أي فرد يمكنه أن يسافر عبر أراضيهم من أدناها إلى أقصاها حاملاً ماله فوق رأسه دون أن يعترضه أحد أو يخاف، مجرد خوف، من نهبه.
  • في المراحل الأولى للوهابيين كانوا يحرّمون التبغ (الدخان) تحريماً قطعياً، ويحرّمون لبس الحرير للرجال، ويحرّمون الشعر والموسيقى وكافة أنواع الفنون واللهو، وقيّدوا أكل الأرز لفترة لأنه لم يكن موجودا على عهد الرسول، ويحرّمون العلاقات الودية مع المسلمين الآخرين فضلا عن غير المسلمين، ويعدّون قتالهم واجباً دينياً ان استمروا في زيارة أضرحة الأولياء. أهالي حائل من جهتهم، كانوا قد أخبروني بطريقة لا تخلو من التهكم والسخرية أن أتباع ابن سعود لا زالوا يعتقدون بهذه المبادئ الوهابية ويتمسكون بهذه الآراء. وأرى أن أهالي حائل وشمر أبطلوا هذه الممارسات، ويتحلون بالتسامح إزاء زوارهم أيا كانوا.
  • تحتوي مكتبة القاضي في حائل على كتب فقهية فقط، اشتراها جميعا من مشهد علي (النجف).
  • حينما قدمت إلى حائل دهشت كثيراً ليس فقط لرؤيتي الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث واثنتي عشرة سنة في مجالسة كبار السن، ومبادلتهم الحديث، ولكن أيضاً أخذ رأيهم في مواضيع تفوق مستواهم، والاستماع إلى مايقولونه باهتمام. ويعيش الصغار مع آبائهم في محبة وألفة، ولم أر في حائل تلك المشاهد الكريهة المألوفة بمصر، والد حانق يضرب ابنه، ولا رأيت الإذلال الذي يعانيه صغار الأتراك الذين لا يُسمح لهم ابداً بالجلوس أو حتى الكلام في حضرة آبائهم المتغطرسين، ولم أر في العالم كله أولاداً أكثر تعقلاً وأحسن خلقاً وأكثر إطاعة لآبائهم من الحائليين.
  • على الرغم من آراء الوهابيين ضد الشعر، إلا أن جبل شمر (حائل) يعتبر موطنه، وهم رجالاً ونساءاً ينظمون قصائد غالباً ما تكون مرتجلة، ويحفظ كل شخص صغيراً وكبيراً قصائد كثيرة، وأمراء عائلة الرشيد كلهم شعراء، كما كان امرؤ القيس، الشاعر الشهير الذي كان ملكاً عليهم قديماً.


مكة وفلسطين وفارس

اعتنق الإسلام وزار مكة في 1845، وهي المحظورة على غير المسلمين. وفي الفترة بين 1846 و 1848 زار فلسطين وبلاد فارس.

وبحلول عام 1850، عاد والن إلى اوروبا، حيث نشرت الجمعية الجغرافية الملكية كتابه بعنوان Notes taken during a Journey through part of Northern Arabia ومنحته ميدالية مؤسسها اعترافاً ببحثه الرائد. أكمل والن رسالة الدكتوراه في 1851 وعـُيـِّن لاحقاً أستاذا للأدب الشرقي في جامعة هلسنكي.

وفاته

كتب والن أنه أصبح يرى الثقافة الاوروبية كابتة وأنه "لم يعد يستطيع أن يأقلم نفسه مع اوروبا". وبغض النظر عن السبب، فإن والن توفي في 23 أكتوبر 1852، فقط بعد ثلاث سنوات من عودته إلى فنلندا ويوم واحد قبل أن يبلغ الحادية والأربعين. وطلب من والدته قبل موته أن يـُدفن في مقابر المسلمين وليس المسيحيين، وأن يكتب على شاهد قبره اسم الإسلامي "عبد الولي" بالعربية.

الهامش

وصلات خارجية