سكوپاس (اليونانية القديمة: Σκόπας; ح. 395 ق.م.-350 ق.م.) Scopas معماري ومثَّال من إفسوس، ومن معاصري پراكستيل وليسيپوس. وهو من مواليد جزيرة باروس، ومن ممثلي الأسلوب الاتباعي (الكلاسيكي).

Roman marble رأس ملياگر من الرخام الروماني، على شكل سكوپاس، على جذع مرمم (المتحف البريطاني).
هذه المقالة هي عن المثـّال القديم. إذا كنت تريد الكاتب القديم الذي يظهر اسمه في بعض المخطوطات "سكوپاس"، انظر أگريوپاس.

لم يبق من أعمال سكوباس إلا القليل من بينها أربعة رؤوس ذّكرية وجذع أنثوي من تيجيه Tegea في المتحف الوطني في أثينا، ومنحوتة بارزة منفذة على عمود من أرتيميزيون في المتحف البريطاني في لندن، ومن النسخ الرومانية: منحوتة «منادا الهائجة» و«ملياگر وبوتوس».

تعمَّد سكوباس التعبير الدرامي العنيف المفعم بالحركة والحالات العاطفية، فاجتمع في تماثيله الألم واليأس والهيجان والتردد الداخلي، وبهذا يكون سكوباس قد أبدع أسلوباً مؤثراً في النحت القديم تجلى على سبيل المثال في منحوتة «منادا الهائجة» وهي منحوتة تمثل امرأة شابة تتقدم إلى الأمام وتتجه بجذعها إلى اليمين ورأسها إلى الخلف، أما الحوض والرِّجلان فتتقهقر إلى الخلف وكأن المرأة ثملة. بهذه الحركة اللولبية نحا سكوباس بأعماله منحى جديداً مخالفاً للمعطيات التقليدية التي اعتمدت الرصانة والوقفة المعمارية الثابتة. ومن أجل الوصول إلى التعبير الانفعالي والعاطفي أكد سكوباس انفراج الشفاه والتحديد الواضح للعيون ومعالجة السطح للتعبير عن طبيعة المادة.

واحدة من نسخ رومانية عديدة من پوتوس (الرغبة)، أحد تماثيل سكوپاس، رُمـِّم هنا ليشبه أپولو كيثارويدوس (أپولو، لاعب القيثارة Cithara)
سكوباس: "منحوتة منادا الهادئة"
تخيل لضريح هاليكارناسوس، من عام 1572 نقش من صنع مارتن هيمسكرك

ومن أبرز أعماله أيضاً تماثيل حرة توضعت خارج الكتلة المعمارية تمثل أفروديت في أليدا وأفروديت ساموتراكي وهيراقليس في سيكون، والضخم تياسوس البحري في مدينة أستاكوس.

وإلى جانب النحت نشط سكوباس في مجال العمارة، فصمم في صباه معبد أثينا في تيجيه معتمداً الطراز الدوري. ومن أهم مآثره «ضريح هاليكارناسوس» الذي يعد واحداً من عجائب الدنيا السبع، وهذه التسمية تعود إلى القائد الإغريقي المدفون فيه، وتظهر في هذا الضريح العظمة من خلال الكتلة المعمارية التي تحتويه، وهي شبيهة بالأهرامات المصرية وذات طابع إغريقي واضح. وتقول الأخبار المتناقلة عن هذا المبنى أن زوجة هذا القائد والحاكم أمرت ببنائه بعد موت زوجها، لكن الأقرب إلى الحقيقة أن سكوباس هو صاحب هذه الفكرة، إذ بدأ ببنائه وأنجزه بعد موت الحاكم، وقد نهض هذا البناء في القرن الرابع قبل الميلاد. وكل ما عُرف عن أوصاف هذا الصرح الضخم العناصر المتبقية التي أتاحت لعلماء الآثار إعادة تصوره. تبلغ أبعاد الضريح 77.5 × 66م بارتفاع خمسين متراً، تحيط به أعمدة من الطراز الأيوني، يعلوها سقف هرمي متدرج يحمل عند ذروته عملاً نحتياً من البرونز يتجاوز الحجم الطبيعي ويمثل عربة ملكية بعجلتين تجرها أربعة جياد ويعتليها الملك وزوجه، وقد امتزجت في هذا العمل الروح الشرقية بالإغريقية. فوظيفة الأعمدة لم تكن إنشائية كما جرت العادة في العمارة الإغريقية، بل تزيينية، والثقل الناتج عن كتلة الهرم العلوية توزع على جدران الحجيرة الداخلية التي تحتوي الضريح، ولم تغب الجوانب التزيينية عن هذا العمل، فقد وزعت مجموعة من الهيئات الرمزية بين الأعمدة، وعلى جوانب المبنى تكوينات ذات ارتفاعات مختلفة منفذة بطريقة النحت البارز، وفي الواجهة الشرقية موضوعات الصيد، وفي الغربية صراع الأمازونات. وفي خضم بلاغة العناصر التزيينية هذه يضعف إحساس المشاهد بالاحتواء الكلي للمشهد لتبرز أهمية ضريح حاكم كارياموزولوس الذي أنشئ هذا العمل من أجله.


لقد كان اسكوباس لبيرن Byron كما كان فيدياس لملتن وبكستليز لكيتس Keats. ولسنا نعرف شيئاً عن حياة المَثال القديم إلا من أعماله، وهي الترجمة الحقة لأي إنسان؛ ولكننا لا نعرف أعماله نفسها معرفة أكيدة موثوقاً بصحتها. وإن الرؤوس القصيرة الممتلئة المنفرة للتماثيل المعزو له، أو النسخ التي يقال إنها منقولة عن التماثيل الأصلية، لتظهره في صورة الرجل المسرف في قوته وفي نزعته الفردية. ولقد سبق القول إنه كان يعمل في تيجيا مهندساً معمارياً ومثالاً معاً، وإنه لا يفوقه في قوته وتعدد كفاياته أحد في جميع القرون التي بين فيدياس وميكل أنجلو. وكل ما عثر عليه المنقبون من أعماله قطع قليلة من قوصرة، أهمها رأسان أصيبا بكثير من التلف يمتازان بقصرهما وعرضهما واستدارتهما وبالنظرة العابسة الجافة، وهي الصفات الغالبة على جميع أعمال اسكوباس، ومنها تمثال مهشم لأطلنطا. ويشبه هذه البقايا شبهاً عجيباُ رأس ملياجر Meleager المحفوظ في بيت مديشي برومة. وفي هذا الرأس أيضاً نرى الخدين الممتلئين، والشفتين الشهوانيتين، والعينين المكتئبتين، والجبهة ذات الحافة البارزة بروزاً قليلاً فوق الأنف، والشعر الملوي الأشعث بعض الشيء؛ ولعل هذا التمثال نسخة رومانية من تمثال ملياجر الذي نحته اسكوباس ليكون جزءاً من مجموعة تمثل منظر صيد كلدوني. وفي متحف نيويورك الفني رأس آخر لا نكاد نشك في أنه من صنع اسكوباس، أو منقول عن رأس من صنعه؛ وهو قوي بليد ولكنه وسيم ذكي، وهو أصدق الرؤوس تمثيلاً لما بقي من آثار النحت في العصور القديمة.

ويقول بوسنياس(40) إن اسكوباس قد "صَبَّ" في إليس "تمثالاً من الشبه لأفريديتي البندينية جالسة فوق جَدْي من الشبه". ونحت في سكيون تمثالاً رخامياً لهرقليز لعل النسخة الرومانية المحفوظة في بيت لاندسدون بلندن منقولة عنه مباشرة. وجسم التمثال يدل على النكسة الفنية والعودة بالفن إلى الطراز العضلي البولكليتي، والرأس صغير مستدير كالعادة، والوجه يكاد يبلغ من الرقة وجوه تماثيل بركستليز. وقد أقام في ميغارا، وأرجوس، وطيبة، وأثينة ما يكفي من الوقت لنحت تماثيل شاهدها بوسنياس بعد خمسة قرون من ذلك الوقت، ولعله قد اشترك في تجديد بناء معبد أبدورس. وعبر بعدئذ بحر أيجة ونحت لنيدس تمثالين لأثينا وديونيشس، وكان له شأن كبير في أعمال النحت التي احتاجها بعض الأعمدة في هيكل إفسوس. وفي برجموم Bergamum نحت تمثالاً ضخماً لآريس Ares يمثله جالساً؛ وفي كريسا في أرض طروادة أقام تمثالاً لأبلو سمنثيوس Apollo Smintheus ليخيف الجرذان ويطردها من الحقول. وأقام في سمثريس Samothrace تمثالاً لأفريديتي كان من أسباب شهرتها العظيمة، ونحت في بيزنطية البعيدة تمثالاً لكاهنة باكس Bacchante ربما كان التمثال المحفوظ في متحف البرتنوم بدرسدن والمعروف باسم ميناد الغامضة نسخة رومانية منه. وإن هذا التمثال الرخامي الصغير وحده لخليق بأن يرفع صانعه إلى مرتبة الفنانين العظام - فهو تمثال قوي النحت، فخم الثياب، فذ في وقفته، حي في غضبه، وجميل من كافة نواحيه. ويشير بلني إلى تماثيل أخرى كثيرة من صنع اسكوباس كانت في أيامه قائمة في قصور رومة. منها تمثال لأبلو يرجح أنه هو الذي نقل عنه تمثال أبلو ثيسارودس Apollo Citharoedus المحفوظ في الفاتيكان؛ ومجموعة تماثيل لبسيدن، وثيتيس، وأخيل، ونربديز، وهي كما يقول بلني "آية في دقة الصنع حتى لو أن صاحبها قد قضى حياته كلها في إتمامها؛ ومنها تمثال لأفرديتي عارية يكفي وحده لأن يذيع شهرة أية مدينة"(41).

وملاك القول أن هذه الأعمال، إذا جاز لنا أن نصدر حكماً على صاحبها يستند إلى بقايا قليلة ظنية، توحي بأن لاسكوباس منزلة تقرب جداً من منزلة بركستليز. فهو يمتاز بالابتكار في غير إسراف، والقوة في غير غلظة، وبالتمثيل المسرحي للنوازع والعواطف والمزاج، دون أن تشوه هذه كلها شدةٌ متكلفة. لقد كان بركستليز يعشق الجمال، أما اسكوباس فكان ينجذب نحو الخلق، وكان بركستليز يرغب في الكشف عن الرشاقة والحنان في النساء، وعن الصحة المبهجة والمرح في الشباب؛ أما اسكوباس فقد اختار أن يمثل آلام الحياة ومآسيها، ورفع من شأنها بهذا التمثيل الغني البديع. ولو أننا كان لدينا من أعماله أكثر مما عثرنا عليه منها لما فضلنا عليه أحداً غير فدياس.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الأدبيات

  • Andreas Linfert: Von Polyklet zu Lysipp. Polyklets Schule und ihr Verhältnis zu Skopas v. Paros. Diss. Freiburg i. B. 1965.
  • Andrew F. Stewart: Skopas of Paros. Noyes Pr., Park Ridge, N.Y. 1977. ISBN 0-8155-5051-0
  • Andrew Stewart: Skopas in Malibu. The head of Achilles from Tegea and other sculptures by Skopas in the J. Paul Getty Museum J. Paul Getty Museum, Malibu, Calif. 1982. ISBN 0-89236-036-4


الهامش

قالب:Sculptor-stub