زهير ياسر عبد الرحمن خليل (1 سبتمبر 1943 - 8 أغسطس 2007) قاضي ومستشار وناشط فلسطيني من داعمي ومؤازري العديد من المؤسسات الوطنية كنقابات العمال ولجان المرأة ولجان الفلاحين ,ومؤسسات مختصة بالمعتقلين وحقوق الإنسان,واتحادات الشباب والطلاب وغيرها من المؤسسات والهيئات الوطنية. ، كان رجل إصلاح فكان عضوا في لجنة الإصلاح المركزية في مدينة طولكرم التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية زهير خليل أحب فلسطين كان عاشقاً لفلسطين عشق لا يضاهيه حتى حبه لنفسه، ظل حتى الرمق الأخير مناضلاً مخلصاً لوطنه، حتى وهو على فراش المرض يحدث ويوصي من حوله ومن يزوره بعشق فلسطين ، يوصي بالنضال والإخلاص وبالوحدة الوطنية.

وفي عام 1967 وقعت الحرب وتكررت نكبة فلسطين تحت اسم النكسة، وضاعت الضفة الغربية وقطاع غزة كما ضاع الجزء الأعظم من فلسطين من قبل، كان آنذاك طالباً في جامعة القاهرة يمارس دوره الوطني في خدمة قضيته في المجال الطلابي واتحاد طلبة فلسطين حيث كان سقوط الضفة والقطاع تحت الاحتلال الأثر الكبير في نفسه فعاش مرارة وحرقة الهزيمة، ولم تفت النكسة من عزيمته بل زادته إصرارا على النضال ومواصلة العلم رغم أن عائلته فقدت 50% من أملاكها مع وقوع النكبات المتتالية على فلسطين انطلاقا من إيمانه بأهمية التعليم ودوره في المجتمع وان التعليم هو السلاح الذي يقاوم به الإنسان مصاعب الحياة، حيث زاد من شغف العودة إلى ارض الوطن لخدمة قضيته وشعبه ليمارس دوره الوطني ليعود إلى أرض الوطن مقرراً في نفسه مقارعة هذا الاحتلال لدحره عن الأرض الفلسطينية، ومن خلال إيمانه بقضيته وموقعه وعمله قاضياً ومدعياً عاماً منذ عام 1970 واصل عمله الوطني من خلال تأييده لمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، لعب دورا أساسيا بالدعوة لمقاومة الاحتلال ودحض مخططات الاحتلال وأعوانه، وتحريض الناس على العمل الوطني . تمسك ودافع عن القرار الفلسطيني المستقل متمرداً على جميع المخططات التي أحيكت ضد الشعب الفلسطيني، كان من قادة حملة إفشال ما سمي في السبعينات ب روابط القرى التي صنعتها إسرائيل لتشكيل قيادة بديله لمنظمة التحرير الفلسطينية كمظله للنضال الفلسطيني ووقف أمام جميع المخططات لخلق قيادة بديله عنها ، وقف عنيداً وجريئاً في وجه عملاء الاحتلال ومخططاتهم، وعرف عنه مواقفه الوطنية المشرفة آنذاك في رفض تدخلات الإدارة المدنية في القضاء الفلسطيني وتسييره لمصلحة الاحتلال ومخططاته رافضاً الامتيازات، هذا كله دفع الاحتلال إلى ممارسة الضغوطات عليه عبر التهديد والوعيد ، حيث عجزت سلطات الاحتلال النيل من صموده ولم تأخذ منه حق ولا باطلاً. وهذا وبسبب زيادة الضغوطات عليه استقال من عمله كقاضي عام 1981 ليتفرغ في عمله في مكتب المحاماة الذي افتتحه في وسط مدينة طولكرم ليكون معلما من معالمها ومركزاً للعمل الوطني، حيث لمع اسمه في أوساط مدينة طولكرم وقراها بوطنيته وإخلاصه ، ورغم انه كان مكتباً للمحاماة إلا أنه كان يخصص من وقته في المكتب للعمل الوطني وممارسة دوره في خدمة شعبه، ومفتوحاً أمام أي زائر كان،وكان المرحوم ناشطاً في مجال الدفاع عن الأراضي، حيث الكثير من أهل المنطقة يعرفون فضله في تحرير واسترجاع الأراضي لأهلها من أيدي المستوطنين، عبر رفع القضايا أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية. عين في لجان الدفاع عن الأراضي بقرار من منظمة التحرير الفلسطينية، حيث كان متابعاً لعمليات مصادرة الأراضي والتزوير من قبل شركات يهودية عن طريق بيوعات غير قانونية التي تتم بمساعدة عملاء الاحتلال آنذاك، وكان له الفضل الكبير في خلو منطقة الشعراوية من مواقع استيطانية ومنها بيوعات الأراضي في منطقة الصافح ، وبيوعات الأراضي ما بين النزلة الشرقية والوسطى .

انتخب في لجنة المحامين العرب- القدس وكان مسئولا عن لجنة الأراضي فيها, كتب في العديد من الصحف المحلية وله العديد من المقالات في مجال الأراضي والتزوير وتحذير الناس من الوقوع في غدر أعوان الاحتلال، تعرض للكثير من التهديدات من عصابات المستوطنين وإطلاق النار منهم. حيث كانت إحدى هذه المحاولات أثناء توجهه إلى إحدى قرى محافظة سلفيت ، وأخرى في محافظة نابلس .[1] كان مكتب المحامي زهير الخليل مركزاً للعمل الوطني، اقتحمه رجال المخابرات الإسرائيلية عدة مرات بتهمة ممارسة أنشطة في المكتب تمس الأمن الإسرائيلي. وبسبب قيامه بهذا العمل الوطني المسؤول فرضت عليه الضرائب الباهظة للنيل من عزيمته.

مارس أيضا نشاطه الوطني من خلال عضويته في لجان الدفاع عن الحريات، وفي عام 1985 كان من قادة حملة التوقيع على مبايعة منظمة التحرير الفلسطينية، عندما باع الكثير أنفسهم للغير، وشارك في إفشال الوفود المساومة على القرار الوطني المستقل.

كان ناشطاً في جميع المجالات، داعماً لجميع الفعاليات الوطنية مشاركاً في جميع الأنشطة، محتضن لكل وطني وشريف مكتبه مفتوحاً لكل من أراد أن يعمل لقضيته، كان مبادراً لأي عمل وطني داعماً للطالب والعامل والمرأة وجميع شرائح الشعب الفلسطيني في نضاله ضد الاحتلال، محتضن للمعتقل والمحرر لم يبخل يوماً في مشاركته في أي مناسبة أو موقف للتعبير عن حبه لفلسطين ، تعرض للاستدعاء والحجز والضغوط من قبل الحكم العسكري في مدينة طولكرم بسبب نشاطاته وأحيانا الإقامة الجبرية أثناء عمله كمحامي.

وفي عام 1987 في الانتفاضة الفلسطينية الكبرى كما عهدناه لم يقف جانباً بل كان من الأوائل المشاركين في فعاليات الانتفاضة، وكان عضواً في اللجان الوطنية ومستشاراً لها ولعب دوراً أساسيا فيها في مقاومة الاحتلال والتحريض على العصيان المدني وعدم دفع الضرائب التي كانت تفرضها سلطات الاحتلال ومشاركته في اللجان الداعمة لهذه الانتفاضة. وهنا نتذكر عندما شارك وكان على رأس القوى والفعاليات والشبان في قريته دير الغصون بإعلان دير الغصون قرية محررة حيث تم الإعلان عنها محررة عبر سماعات المسجد وإغلاق جميع مداخلها بالحجارة ومنع آليات الجيش الإسرائيلي من دخول القرية لمدة خمسة أيام ورفع الأعلام الفلسطينية فوق معالم القرية ، وهنا نستذكر أيضا إصدار تعليماته للشباب وسهره معهم وجولاته بين مواقع الشبان يحثهم على الصمود وتوفير الدعم اللازم لأهالي القرية.مما دفع الجنرال( متسناع) آنذاك قائد المنطقة الوسطى لاقتحام قرية دير الغصون بقيادته ترافقه قوات كبيرة من وحدة جولاني في تاريخ 10/2/1988 في عملية عسكرية كبرى من اجل اعتقاله مع العديد من نشطاء القرية، وتم اقتياده إلى مركز الحكم العسكري في مدينة طولكرم ووضع على الأرض مكبلاً على باب المركز لمدة ثلاثة أيام يمر عنه ويشاهده زوار المركز، ومن ثم وبعد الضغوطات التي مورست على الحكم العسكري من قبل لجان حقوق الإنسان ولجان المحامين ومحامين إسرائيليين وبسبب تردي وضعه الصحي تم الإفراج عنه ليعاود من جديد في مشاركته في الانتفاضة بوتيرة أقوى ليعاود اعتقاله وسجنه إداريا لمدة ستة أشهر في سجن النقب الصحراوي بتاريخ 12/5/1988 كان وخلال الانتفاضة محتضن لجميع المطاردين حيث كان منزله الجديد الذي بناه ولم يسكنه ملاذاً للمطاردين يختبئون به، حيث اقتحمته رجال المخابرات ترافقهم قوات الجيش مرات عديدة ، داعم ومحتضن أهالي المعتقلين والمبعدين مشارك في توفير الدعم اللازم للأهالي أثناء منع التجول .

شارك في فعاليات الانتفاضة سواء على مستوى الوطن أو في مدينة طولكرم أو قريته دير الغصون وعقد خلال الانتفاضة مؤتمره الصحفي عام 1990 الذي شرح فيه أخطار شارع رقم (6) . وخلال الانتفاضة كلها كان يقوم بالمصالحة بين الناس بعيداً عن المحاكم ورفع القضايا.

كان حريصاً على مشاركة الجميع في الانتفاضة أصدقائه وأقاربه ومعارفه، حتى إن معظم شبان عائلته سجنوا خلال الانتفاضة وأولاده.

وبعد عودة قيادة منظمة التحرير الفلسطينية لبناء السلطة الفلسطينية، شارك في أول انتخابات للسلطة التشريعية للمشاركة في بناء نواة الدولة الفلسطينية ومشاركة إخوانه في البناء والعمل، وبعدها احتضنه وكافأه القائد الزعيم الراحل الشهيد ياسر عرفات ليعينه في المحكمة العليا الفلسطينية ومن ثم عين بقرار من الرئيس عرفات في أول مجلس للقضاء الأعلى ، وعمل في القضاء ليترجم قناعته في بناء مجتمع آمن مستقل ونشر العدالة ، كان إخلاصه وانتمائه لعمله صفة راسخة به، حيث جمعت في زهير خليل صفتان ، صفة حبه لوطنه وصفة حبه لعمله، حيث كان له دور كبير في بناء القضاء الفلسطيني المستقل ، حيث ومنذ عودة السلطة الوطنية الفلسطينية عقد العزم على المشاركة في بناء المؤسسات .

في أيامه الأخيرة في مستشفى الأردن وأثناء مرضه رغم وهن الجسد وبما تبقى له من صوت كان كثير الحديث عن فلسطين وعشقه لها، يوصي بالنضال وخدمة الوطن والمحبة بين الناس وبالوحدة الوطنية، كثير الكلام والحديث عن هموم الوطن وما آلت إليه الأوضاع ، وخوفه من المستقبل ومستقبل قضيته الذي لم يتوقف لحظة خلال سنواته عن العطاء لها حتى وهو على فراش الموت، كان ملحاً ومطالباً لمن حوله متعجلاً أمر العودة وكأنه في قرارة نفسه كان متخوفا أن يعاجله الأجل بعيداً عن ارض الوطن، وحتى عندما طلب من السلطات الاسرائيليه بنقله إلى الأردن أو نقل الجثمان إلى فلسطين من الأردن كان الاحتلال ليرد( ممنوع امنيا) لتأخير النقل .

زهير خليل اسم وعلم من أعلام فلسطين بناه أبو ياسر بعمله وتفانيه وإخلاصه وجهده ومواقفه الوطنية المشرفة ومسيرته النضالية الطويلة ، اسم لن يمحى ولن ينسى من الذاكرة الفلسطينية فهو خسارة للقضاء الفلسطيني وخسارة للشعب الفلسطيني وخسارة لكل مواطن مناضل شريف.

فارق الحياة وفارقت روحه جسده بسكينه يحسده عليها كل مؤمن بالله عز وجل لتعود إلى باريها راضية مرضيه مساء يوم الثامن من آب 2007 عن عمر يناهز 64 عاماً في مستشفى الأردن في عمان ، لينقل جثمانه من مستشفى الأردن إلى وطنه فلسطين تستقبله جموع المحبين والأعزاء والأقارب في مشهد حزين، وينقل جثمانه إلى مسقط رأسه دير الغصون التي أحبها ليرفع على اكف الأحباء والأعزاء في شوارعها في موكب جنائزي مهيب يتقدمه أعضاء من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والوزراء وأعضاء من المجلسين الوطني والتشريعي وممثلو عن قادة الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وشخصيات اجتماعية وعدة ألوف من أبناء الشعب الفلسطيني ناعياً إياه بالقائد الفذ والمناضل الذي نذر حياته مناضلاً في سبيل إحقاق الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني ومدافعاً عن قيم الإنسانية وقيم العدل والمساواة , وان يوارى جثمانه بثرى الوطن الذي عشقه ولم يقبل بغيره وطناً بديلاً مخلفاً وراءه إرثا وطنياً كبيراً.

نعاه الوطن, نعته فلسطين الذي عشقها منذ نعومة أظافره ، نعته منظمة التحرير الفلسطينية الذي آمن بها طوال حياته ، نعاه الرئيس محمود عباس ووصفه برجل الإصلاح الكبير ، حيث عبر الرئيس عن عمق ألمه وتأثره بوفاة هذا المناضل الكبير ، مؤكداً أن فلسطين خسرت برحيله احد أبنائها البررة الذين عرفوا بتفانيهم وعطائهم وبمسيرتهم النضالية الطويلة ، نعاه قادة فصائل العمل الوطني ، والوزراء ، نعته السجون الاسرائيليه الذي ذاق الذل والمهانة بها ، نعاه القضاء الفلسطيني الذي قدم أواخر عمره في خدمته وبناءه ، نعته القوى الوطنية ، نعته الشخصيات والمؤسسات, نعته مدينة طولكرم الذي لم يبخل عنها يوم بأي عطاء، نعته قرية دير الغصون الذي ولد وترعرع في شوارعها وأزقتها ، نعاه الصديق والصغير والكبير الفقير والغني البعيد والقريب . زهير خليل عاش عظيم ، عظيم في مرضه عظيم في وفاته .

  1. ^ [1]