خطة ماتي (إنگليزية: Mattei Plan)، هي خطة طرحتها إيطاليا في نوفمبر 2023، لتعزيز التعاون في مجال الطاقة مع الدول الأفريقية والمساعدة في الحد من الهجرة غير الشرعية الجماعية من القارة الأفريقية لأوروپا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية

تظل قضية الهجرة عاملاً هاماً في تفسير تركيز الحكومة الإيطالية على أفريقيا. توجه إيطاليا أنظارها مرة أخرى إلى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء باهتمام متجدد، بعدما استعادت المنطقة أهميتها لدى روما. وفي هذا السياق، نشر المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية في 3أغسطس 2023 تحليلًا لمدير برنامج أفريقيا، جيوفاني كاربوني، يشدد فيه على ضرورة منح هذه المنطقة الجيوسياسية دورًا محوريًّا أكبر في السياسة الخارجية لإيطاليا.[1]

في صيف 2013، وجهت وزارة الخارجية الإيطالية بإجراء تحليل للسياسة الإيطالية في أفريقيا جنوب الصحراء، الذي أسهم في التفكير في مبادرات روما تجاه المنطقة، وكذلك في إعادة إطلاقها. ومن هذا المنطلق، بدأت سلسلة من الإجراءات الملموسة المبتكرة. وأوضح كاربوني في التحليل أن هذه الإجراءات تراوحت من مبادرة إيطاليا-أفريقيا إلى البعثات الثنائية لرئيس الوزراء في ذلك الوقت ماتيو رنتسي إلى جنوب الصحراء الكبرى، وفتح 5 سفارات جديدة، والإصلاح المنتظر للتعاون الإنمائي، وبعثة عسكرية في النيجر، و3 مؤتمرات وزارية إيطالية إفريقية، والكثير غيرها. ومثلت الفترة من 2013 إلى 2018، على وجه التحديد، بداية مرحلة جديدة استعادت فيها المنطقة أهميتها لدى روما بعد فترة طويلة من الانفصال.

لفت كاربوني إلى أن الزخم المبدئي ربما هدأ مع مرور السنوات، لكن الساحة اليوم ربما تكون مهيأة لدفعة جديدة من الديناميكية، مع وجود بعض التشابه في الأسباب. وفي 2013-2014، كانت إيطاليا تتطلع جنوبًا بحثًا عن متنفس للهرب من فترة طويلة من المصاعب الاقتصادية الخطيرة. والسبب الثاني للتركيز على أفريقيا في تلك الفترة تمثل في أزمة المهاجرين في أوروپا في 2015-2016. ولأن معظم الوافدين إلى إيطاليا جاءوا من أفريقيا جنوب الصحراء، كان من الضروري أن تنخرط إيطاليا أكثر مع دول هذه المنطقة.

وعلى الرغم من أن الحاجة الاقتصادية المُلحة تراجعت الآن إلى الخلفية، تظل قضية الهجرة عاملاً هاماً في تفسير تركيز الحكومة الإيطالية الحالية على أفريقيا. وإلى جانب هذا، ظهر عنصر جديد مرتبط بأمن الطاقة الذي تهدد بفعل الحرب في أوكرانيا وقطع الإمدادات الروسية.

في سبتمبر 2022، قال رئيس الوزراء الإيطالي حينذاك، ماريو دراجي، إن الحرب في أوكرانيا "أعادت تشكيل جغرافيا الطاقة والإطار الجيوسياسي"، مضيفًا أن إيطاليا تتطلع إلى "بناء جسر باتجاه الشواطئ الجنوبية للبحر المتوسط، وباتجاه القارة الأفريقية بأكملها".

وحسب التحليل، أعاد وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، هذه الكلمات مؤخرًا عندما قال: "إيطاليا جسر طبيعي بين أوروپا وأفريقيا. ولهذا نريد أن نصبح محورًا للطاقة في المتوسط، عبر ربط إمدادات الطاقة الأفريقية بالطلب الأوروبي".

قال كاربوني في تحليله إن تقليل عدد المهاجرين وزيادة إمدادات الطاقة إلى إيطاليا هو هدف "خطة ماتي"، المبادرة التي أعلنت عنها رئيسة الوزراء الحالية، جورجا ملوني، والوزير تاياني في عدة مناسبات، والمتوقع إطلاقها الخريف المقبل في المؤتمر الوزاري الرابع لمبادرة إيطاليا-أفريقيا.


اسم الخطة

اسم الخطة مستوحى من مؤسس شركة إني، إنريكو ماتي، الذي كان مناصرًا للاتفاقيات الأكثر إنصافًا في توزيع أرباح الطاقة على الدول المستخرِجة الفقيرة ذات المواقف التفاوضية الضعيفة. ولذلك ينبغي أن تروج الخطة لنموذج "غير افتراسي" للتعاون والنمو بين الاتحاد الأوروپي والدول الأفريقية، وتسمح لروما بلعب دور استراتيجي في البحر المتوسط.

هدف الخطة

حسب المحلل الإيطالي جيوفاني كاربوني، لا توجد الكثير من التفاصيل المعلومة عن محتوى خطة ماتي في الوقت الحالي. لكن وزير الخارجية الإيطالي تاياني ربطها بدعم "القطاعات الاستراتيجية لإيطاليا مثل الصناعات الزراعية، والتحول في مجال الطاقة، وخلق الوظائف، وحماية التراث الثقافي والهوية، مع التشديد على أهمية احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية".

تهدف الخطة إلى تحويل إيطاليا إلى مركز للطاقة وبموجب المرسوم، الذي من المتوقع أن يوافق عليه مجلس الوزراء الإيطالي في أوائل نوفمبر 2023، سيساعد الدول الأفريقية في مجالات تشمل التعليم والصادرات والبنية التحتية والصحة والاستغلال المستدام للموارد الطبيعية. بحسب رويترز، تقول مسودة الوثيقة إن "خطة ماتي تشجع مشاركة الدول الأفريقية في تحديد وتعريف وتنفيذ تدخلات الخطة"، وتقول إن الخطة ستستمر 4 سنوات، وتتوخى تنفيذ استراتيجيات مختلفة لمناطق مختلفة من القارة.[2]

أكدت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ملوني مؤخرًا أن دول الاتحاد الأوروپي، التي سئمت من دعم أوكرانيا في [[الحرب الروسية الأوكرانية|حربها مع روسيا خلال مكالمة هاتفية مزيفة نظمها محتالون روس، ربما مرتبطون بأجهزة أمنية. ستشرف على الإدارة المسؤولة عن المشروع، هذا بالإضافة للمقرض الحكومي الإيطالي Cassa Depositi e Prestiti (CDP) ووكالة الائتمان المملوكة للدولة SACE في إدارة الخطة.

نقد

تثير تلميحات ملوني وتاياني عن الخطة عددًا من التساؤلات، وفق كاربوني. ويتعلق السؤال الأول بما إذا كانت الخطة تمثل سياسة إيطالية أم سياسة خاصة بالاتحاد الأوروپي. وإذا كانت الخطة تمثل سياسة إيطالية، يصبح السؤال الثاني هو ما نوعية وقدر الموارد التي ستخصصها الحكومة للتعاون والاستثمار في أفريقيا.

وإذا كانت الخطة تطمح في أن تصبح ذات نطاق أوروپي، مثلما ألمحت الحكومة، فالسؤال هو ما إذا كانت المبادرة الإيطالية تستطيع حشد الدعم وخلق زخم جديد في أوروپا، خاصة أن الاتحاد الأوروپي أطلق حزمة الاستثمار الأفريقية الأوروپية عام 2022، ولن يكون سهلًا على بروكسل الشروع في التزامات ومبادرات جديدة.

أما السؤال الأخير فيتعلق بالوعود التي يقطعها الأوروپيون للأفارقة، مثل حزمة الاستثمار الأوروپية، وخطة ماتي الإيطالية. وقال كاربوني إن المفارقة تكمن في أن هذه التعهدات، التي تهدف نظريًا إلى استعادة المصداقية في أفريقيا، عندما تفشل في التحقق، فإنها تسهم بنحو متزايد في تدهور ثقة الأفارقة في الأوروپيين، ما يؤجج الاستياء المتنامي من الغرب، وهو ما أصبحت حكومات ومواطنو دول المنطقة يعربون عنه بنحو متزايد.

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ "«خطة ماتي».. لماذا تهتم إيطاليا بالدول الإفريقية؟". رؤية الإخبارية. 2023-08-23. Retrieved 2023-11-05.
  2. ^ "Mattei plan". Francesco Sassi. 2023-11-05. Retrieved 2023-11-05.