الـتّوتّر النّفساني

إقترح العالم "هانز سلي Hans Selye " سنة 1936 اسم General Adaptation Syndrome للتوتر العصبي.[1]

التّوتّر حالة نفسانية جدّ شائعة في عصرنا حيث تكثر المؤثّرات: من ضغوطات إقتصادية واجتماعية وبيئية وغذائية.. إنّه مجهود يتكيّف به الجسم مع الإعتداءات الخارجية (كحادثة سير أو عملية جراحية أو مرض أو تقلّب طقس.. أو تربّص لامتحان أو تبييت نيّة إنتقام.. أو إنفعال نفساني كالحزن أو الهمّ أو الغضب بل حتّى الفرح المباغت ..). التّوتّر إذن محمود ونافع, به نتجاوز صروف الدّهر من ابتلاءات ومضايقات اقتصادية وتنافس ونجاحات.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مراحل الـتّوتّر

للـتّوتّر ثلاث مر احل بيولوجية:

- أوّلاً: مرحلة التّربّص والتّأهّب، وفيها يزيد الجسم من طاقاته لمواجهة الإعتداء الخارجي بإفراز هرمونا التّوتّر لغدّة الكظر (حسب التّشريح المقارَن أكبر ما تكون هذه الغدّة عند الأسد) وهما هرمونان, الأوّل هرمون الأدرينالين (يسرّع هذا الهرمون التّنفّس فيزيد من أكسجين الدّمّ ، كما يزيد من إنتباه الأعصاب ويرفع ضربات القلب و يرفع ضغط الدّم –لذا يعتبر التّوتّر سبباً مباشراً لارتفاع ضغط الدّمّ-، ممّا يوفّر دماًُ كثيرًا للعضلات،..) أمّا الهرمون الكظري الثّاني فهو الكورتيزون (يرفع سكّر الدّمّ).

- ثـانـيـا: مرحلة المقاومة, لاستمرار الإعتداء الخارجي المـوتّر بغية النّجاح في تجاوزه وذلك بالحفاظ على وفرة طاقات المرحلة الأولى (سرعة ضربات القلب وارتفاع ضغط الدّمّ وسرعة التّنفّس وانتباه الأعصاب).

- أخـيـراً: مرحلة الفشل, الفشل في اجتياز الإعتداء الخارجي المـوتِّر فتظهر الأعراض المُهلكة كصداع الرّأس والأرق واضطرابات النّجو (كالحََرًَّ ة والتّخمة ونفخ الأمعاء ..)، أحيانا آلام قَطَنية أونّملة أو انهيار عصبي.. يكمن سبب هذه الإضطرابات في الطّاقة الوفيرة التي أنتجها الجسم أثناء تربّصه والتي غطّت الإعتداء الخارجي الموتّر وفاضت عليه (فاضت إمّا لأنّ الإعتداء لم يحدث بالمرّة أو حدث فعلاً ولكن بأقل حدّة ممّا كان متوقّعا..)، ويتراكم هذا الفيض مع تكرّر الـتّوتّر، فـيُهـلِك!.. لذا فعلاج هذه الأعراض المُهلكة لاينجح إذا اكتفينا بإزالة العرض المـُهلِك (صداع الرّاس أو الأرق..) ولم نُـزل السّبب الحقيقي أي الإعتداء الخارجي المـوتّر.


أسباب التّوتّر

عديدة منها ما يستحيل التّحكّم فيها وإزالتها (كالمرض والحوادث..) ، ومنها ما نقدر على التّخفيف منها كتقلّبات الطّقسّ..، لكن هناك أسباب ثالثة، نستطيع أن نزيلها بالكامل وهي كثيرة كالغضب ونيّة الإنتقام والجهل وما ينتج عنه من ميوعة وتبعية (إمّا تبعية للنّفس ولشهواتها أو تبعية للأشخاص – ذووا الجاه والمال- أو تبعية للممتلكات..). وهناك مؤثّرات موتّرة عديدة؛ من تلوّث وقلّة حركة وهضم حقوق الجسم (كسوء تغذية وقلّة نوم ..) وجدال وأخطاء السّير وكتم وكذب وتردّد وتجسّس وفضول واستكمالية ومغالاة في الشّعور بالذّنب..

مـقـاومـة الـتّـوتّـر

عديدة، منها:

أوّلاً، عـقـاقـيـر مـهـدّئـة.

ثـانـيـاً، إزالـة أسـبـاب الـتّـوتّـر:

1-كتاب "جدّد حياتك" ص99 ): "إنّ عدم التّربّص لـلإنتقام من الأعداء تزيل التّوتّر وتجنّب الجسم الإضطرابات المُهلكة"، وجاء في نصيحة الشّرطة الأمريكية لأعضائها " نيّة الإنتقام ستؤذيك أكثر إذا حاولت الإقتصاص من الذي أساء إليك".

2- صرف الغضب:

-بالأنشطة اليدوية.

- بالرّمل (الرّمل في الغابة أفضل منه في البيت إذ الغابة غنيّة بالأوكسيجين وتُرضي البال لأنّها تشبع الغريزة الدّفينة والـلاّشعورية لـلإمتلاك أو الحِمى )

-بالضّحك

–أو بمشاهدة مباراة

-أو برياضة عنيفة

-أو بإرخاء عضلات المضغ (أظهرت الدّراسات أنّ هناك علاقة تصاعدية بين الغضب وبين انقباض عضلات المضغ==< تجنّب إذن مزاولة المضغ: العلكة ..).


3- تجنّب التّبعية: يعتبرها العديد من المؤلّفين عاملاً مباشراً للـتّوتّر، ويصنّفون النّاس بحسبها صنفين، صنف كامل التّبعية جدّ متوتّر كالعسكر (وطيـئهم) والحرّاس وسائقي سيّارات الأجرة والكاتبات و معلّمي التّلاميذ.. وصنف قليل التّبعية أحياناً منعدمها كرجال الدّين والأطر العليا.. من أسباب التّبعية: الميوعة, ضعف النّفس (أمام الشّهوات والمصالح..) والجهل وعدم التّديّن، ومن علاجاتها: تجنّب التّقليد الأعمى و الحرص على التّعلّم وعلى الدّين (أي أنّ هناك خالقا يعتني بك : يحفظك ويرزقك ويحدّد أجلك – فيغنيك عن الإهتمام بهما كمثل عالم المختبر الذي يعتني بفئرانه ليخصّصهم لهدف يهمّه..-).


4- تجنّب هضم حقوق الجسم: نوم كاف، وذلك بتجنّب المنبّهات (لاقهوة ولاشاي بعد الغروب)، لاعشاء وفير قبل النّوم (حتى لا ينشغل الجسم بهضمه فيأرق)، لاضوء ولاضجيج عند النّوم.. تغذية متوازنة أو ما يسمّى بتدبير الغذاء؛ وذلك بمراعات الحصّة الغذائية والتي تختلف بحسب:

■ المستويات: كالسّنّ (مثلا يحتاج الرضيع يوميا وحتّى شهره السّلادس لـ7 وجبات..) والجنس (يقلّ احتياج الأنثى عن الذّكر بـ 800 سعيرة )، والنّشاط (تحتاج الحامل لـ400 سعيرة يوميا أكثر ، وتحتاج المرضعة لـ1000 سعيرة يوميا أكثر وتزيد أيضا الحاجة للسّعيرات لدى الرّياضيين ، وكذا من عَمَلهم شاقّ، وأثناء البرد ولدى بعض المصابين كمرضى السّلّ.. وتقلّ لدى مرضى السّكّر والقاعدين وعند ارتفاع حرارة الجوّ..).

■ محتويات الغذاء: بعض الموادّ ضرورية، كالفيتامينات (مثلا حاجة الطّفل للفيتامين "د" أكثر منها لدى البالغ والشّيخ)، والبروتينات (هناك 22 بروتين، 12 منها لا يستطيع الجسم تركيبها، عليه إذن الحصول عليها جاهزة، ويجدها في اللّحوم الحيوانية)، والدّهنيات (منها ما هو أساسي لابدّ للجسم منه، يجده في بعض الزّيوت النّباتية غير المطبوخة).

■ توازنات الغذاء: وجود نسب محدّدة بين أنواعه،كـنسبة البروتينات الحيوانية (اللّحوم..) إلى البروتينات النّباتية(البقوليات كالعدس..) وهي من 1 للبروتينات الحيوانية إلى 3 للبروتينات النباتية، ونسبة الدّهنيات الأساسية إلى الدّهنيات كافّة، ونسبة المعادن فيما بينها كالتي بين الكالسيوم والفوسفور..

■ تجنّب بعض أخطاء التّغذية كعسر الهضم إمّا بعد تناول أغذية دسمة أومقلية أوكثيرة التّوابل أو تناول أغذية غير ممضوغة كفاية، أو العادة السّيّئة بتناول الأشربة خلال الوجبات الغذائية (ممّا يزيد من ابتلاع الهواء وبالتّالي من نفخ البطن وكذا يخفّف من تركيز العصارات المعدية الهاضمة فيعسر الهضم) أو الأكل غير المنتظم كالعادة الشّائعة بتناول فطور مقتضَب لايشبع حاجة الجسم الذي يزاول معظم أنشطته في الصّباح بينما العشاء وفير يفوق الحاجة، لأنّنا نقضي اللّيل في الإستلقاء والرّاحة..، ومن الأخطاء الشّائعة كذلك، الإفراط في الأكل وخطر السّمنة على القلب وعلى المفاصل.. وعكسه التّفريط المخلّ بالتّوازن المُضعِف للمقاومة.. حركات رياضة : يومية (بضع دقائق صباحاً – الصّباح أحسن ، فبعد قضاء اللّيل في الرّاحة تسترجع المفاصل ننضارتها و عكسها في المساء وبعد تعرّضها لعمل وأثقال اليوم تكون المفاصل منضغطة ومنهَكة-) حتّى نتجنّب القعود (المشجّع على تصلّب المفاصل خصوصا مفاصل العمود الفقري وبالتّالي فيسهل تلفها ممّا يؤدّي إلى الألم الـقَـطَـني ثمّ عرق النَّسا). تجنّب الرّياضة كذلك ضمور العضلات وتزيد من فعالية القلب والرّئة..


5- تجنّب الثّلوّث: والتّلوّث لا يهمّ البيئة فقط الأزبال والدّخان والرّوائح الكريهة.. بل أيضا الصّوت العالي والضّوء القويّ والمناظر المقزّزة..


6- أخطاء السّير: المهمّ قضاء ماخرجت من أجله، وحتّى لا تسرع وتتعجّل فـتـتوتّر, أخرج مبكّرا أي ولديك متّسعا من الوقت (عند المشي تجنّب المشية المتراخية لأنّها تضرّ بمفاصل الرِّجل والظّهر، وعند ركوب السّيّارة تجنّب الزّحام واستبدل الطّريق من دون تردّد بطريق آخر أكثر انسيابا وذو إشارات ولو كان أطول, وكما تتجنّب التّوتّر لنفسك تجنّبه لغيرك؛ إحترم قانون السّير (الأسبقيات، الإشارات..) فالطّريق ليست ملكك وحدك.

التوتر والأمراض العضوية

السرطان

في ديسمبر 2020، أفادت دراسة طبية نُشرت في دورية ساينس ترانسشنال مديسن، بأن التوتر يزيد من إفراز هرموني الأدرينالين والكورتيزول، التي تتسبب في إطلاق مُعدلات لپروتين S100A8/A9، الذي بتسبَّب في زيادة نسبة الجزيئات الدهنية التي تدفع الخلايا السرطانية إلى النشاط من جديد، فيؤدي لمعاودة السرطان للمرضى المتعافين.[2]

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ Rippetoe-Kilgore, Mark and Lon. 2006. Practical Programming for Strength Training. ISBN 0-9768-0540-5
  2. ^ "هرمونات التوتر توقظ خلايا السرطان النائمة". ساينتفك أمريكان. 2020-12-09. Retrieved 2020-12-09.
  • ويكيبديا
  • Petersen, C., Maier, S.F., Seligman, M.E.P. (1995). Learned Helplessness: A Theory for the Age of Personal Control. New York: Oxford University Press. ISBN 0-19-504467-3
  • Seligman, M.E.P. (1975). Helplessness: On Depression, Development, and Death. San Francisco: W.H. Freeman. ISBN 0-7167-2328-X
  • Seligman, M.E.P. (1990). Learned Optimism. New York: Knopf. (Reissue edition, 1998, Free Press, ISBN 0-671-01911-2).
  • Holmes, T.H. and Rahe, R.H. (1967). The social readjustments rating scales. Journal of Psychosomatic Research 11:213-218.

وصلات خارجية