تصريحات هامة يدلي بها الفريق أول محمد فوزي وزير الحربية يتحدث فيها عن التطورات التي أدخلت على القوات المسلحة منذ حرب يونيو

تصريحات هامة يدلي بها الفريق أول محمد فوزي وزير الحربية يتحدث فيها عن التطورات التي أدخلت على القوات المسلحة منذ حرب يونيو، القاهرة، في 9 أبريل 1968، منشور من جريدة الأهرام، العدد الصادر في 10 أبريل 1968.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنشور

أعلن الفريق أول محمد فوزي وزير الحربية أن التشريعات التي صدرت بعد حرب 5 يونيه قد مكنت من تنظيم القوات المسلحة على أسس علمية، وهذه الأسس تجعل هذه التنظيمات تعيش مدة طويلة ولا يعتريها شيء من التغيير نتيجة للأحداث وقال إن إعادة التركيب التنظيمي للقوات المسلحة مكن من إعطائها المرونة الكافية لتحقيق الهدف كما تم هذا التنظيم على أسس علمية بالنسبة للعنصر البشرى والتسليح، كما أعطى السيطرة بمفهومها العسكري وهو حسن الإدارة وقد تم هذا التنظيم فعلا وانتهينا منه بالنسبة لفروع القوات المسلحة الأربعة. كما تم إعادة تنظيم القيادة العامة للقوات المسلحة التي تحقق القيادة السليمة المبنية على أسس علمية وعلى خبرة سابقة. والتشريعات التي صدرت في هذا الصدد آمنت بالقيادة الجماعية في وقت السلم إذ أن القرارات التي تصدر من القيادة الجماعية عادة ما يصيبها النجاح دائما، أما في وقت الحرب حيث لا يتسع وقت لمناقشة أو لدراسة فانتهى القرار على القيادة الفردية. وقد جمعنا بين الاثنين.

وقال الفريق فوزي إنني أحب أن أشرح نقطة هامة تلك هي أن كلمة الحرب وأحيانا يُطلق عليها كلمة الصراع المسلح لها مفهوم من الناحية الزمنية طويل يتخلله عدة معارك تكون هذه المعارك أحيانا خاسرة وأحيانا أخرى ناجحة ولا توجد حرب طويلة لا تشملها كلتا الحالتين أما كلمة الهزيمة فعادة تستعمل بعد الحرب وبعد معارك كثيرة خاسرة. وهذا المفهوم لدينا نحن العسكريين في أن المعركة التي تمت في 5 يونيه كانت معركة خاسرة ترتب عليها التزام ضروري في إعادة بناء القوات المسلحة بمفاهيم جديدة وأسس علمية جديدة.

وقال الفريق أول محمد فوزي إن مهمة مجلس الدفاع الوطني، أنه أحد الأجهزة الجماعية التي تساعد القائد الأعلى للقوات المسلحة في دراسة ووضع القرارات الجذرية التي تخص شعب الجمهورية العربية المتحدة من وجهة النظر العسكرية، وهو أحد التنظيمات التي تحقق القيادة الجماعية في وقت السلم ثم جاء بعد ذلك التسليح فقد حدث في معركة 5 يونيه أن خسرنا حوالي 80% من أسلحتنا. وسرعان ما تجاوب معنا الاتحاد السوفيتي ومد القوات المسلحة بنفس التسليح الذي خسرناه في هذه المعركة وكان تجاوبا سريعا وفعالا، وقامت القوات المسلحة بتنظيم هذا التسليح حتى يمكن تقصير الوقت الذي مر منذ وقعت المعركة حتى الآن ثم جاء بعد ذلك الإيمان الكامل بالتدريب العنيف وبالتدريب الشاق وبالتدريب المتواصل لقاعدة القوات المسلحة، ومن بين الخبرات التي اكتسبناها من هذه المعركة الاهتمام برفع كفاءة وقدرة وفاعلية الجندي المقاتل. وأضيف إليه لفظا آخر أصبح ضروريا هو "المقاتل الصالح" ، وأصبح ضروريا أن يكون الجندي المقاتل الصالح فردا من مستوى ثقافي معين، ومن هنا دخل عنصر جديد طبق بعد المعركة وهو مبدأ الاختيار وليست القرعة- كما كان المفهوم قديما وهو مفهوم خاطئ ومبدأ غير سليم من الناحية العلمية، فإذا كان لدينا الكفاية في الرجال فلماذا لا نختار الأحسن؟ والأحسن هنا تعني المقارنة على أساس الناحية العلمية والناحية الثقافية، إذ أن هذا المطلوب سيتجاوب تجاوباً طردياً مع تعقيدات الأسلحة الحديثة، وكل تحرك في القوات المسلحة سواء في التدريب أو في التخطيط أو في مفهوم العمليات كله مبني على أسس علمية.

ومضى الفريق أول محمد فوزي يقول:

من ضمن النتائج التي أخذناها من المعركة السابقة هي عدم قدرة الجندي الأمي في تفهم أسلوب المعركة، بعد المعركة مباشرة كان قانون التجنيد لا يطبق التطبيق الصحيح، القانون ده اسمه قانون الخدمة الوطنية، وهو قانون إجباري على جميع الشبان اللائقين للخدمة العسكرية أعدادهم كبيرة لماذا ننتقي الأمي وهو غير مطلوب لالتزامات المعدات الحديثة، فمن هنا جاء مبدأ الاختيار ومن هنا جاءت أسبقية الالتحاق بالقوات المسلحة كي تقتصر على المتعلمين والمثقفين. وهذا وفر لنا أشياء كثيرة.

وتحدث الفريق فوزي عن علاقة الجندي والضابط فقال : إن القاعدة المقاتلة للقوات المسلحة تتركب من معادلة بسيطة ذات ثلاثة أطراف:

الطرف الأساسي فيها الجندي المقاتل الصالح. والطرف الثاني هو المعدة وهي أشمل من كلمة السلاح ثم القائد المباشر الذي هو الضابط الصغير. وإذا جمعنا هذه العناصر مع بعضها تكونت القاعدة المقاتلة الصالحة.

وقال عن مفهوم المعركة إن الشعب كله يحارب. ولكن الجيش هو أداة النصر. فنحن نقول إن شعب الجمهورية العربية المتحدة يحارب شعب إسرائيل والإمكانيات الذاتية لشعب الجمهورية العربية المتحدة هي الأساس القوي الذي يؤثر في الحرب.

وتحدث عن حركة الجماهير يومي 9 و 10 يونيه، فقال إن الإرادة الشعبية التي ظهرت في ذلك الوقت كانت بداية خط جديد التزمت به القوات المسلحة. وتلقت منه القوة والتصميم والإصرار على رفض الخسارة.

وفعلا لولا هذه الإرادة لما تم بناء القوات المسلحة في هذا الوقت من الزمن في 7 أشهر أو 8 أشهر تمكنت القوات المسلحة من أنها تحقق الواجب عليها، ومنعت العدو من استغلال نجاحه لمعركة 5 يونيه، وكان يمكن بغير الإرادة أن تنقلب المعركة الخاسرة إلى هزيمة محققة، تستسلم فيها القوات المسلحة، ويستسلم فيها الشعب.

وقال الفريق فوزي: إن القوات المسلحة كانت هي درع الشعب واليوم هي درع الشعب وفي المستقبل هي درع الشعب، وأفراد القوات المسلحة خصصهم الشعب، ليكونوا أداة قتال تحمي مكاسبه وتحميه - وهذا هو المفهوم الذي ينبثق منه واجب القوات المسلحة.

وواجب القوات المسلحة يتلخص في كلمة واحدة فقط هي القتال- تقاتل القوات المسلحة كي تحقق أنها درع للشعب تحميه وتحمى مكاسبه. القتال فقط هو واجب القوات المسلحة وليس لها واجبات أخرى غيره.

إن جميع أفراد القوات المسلحة يرفعون قدرتهم وكفاءتهم القتالية كي يحققوا الواجب الوحيد لهم وهو القتال.

وتحدث عن دور ومسئولية الشباب من العمال والفلاحين والطلبة، ورغبتهم في الاشتراك في المعركة، فقال إن هذا بغير شك شعور وطني فياض. لكن الاشتراك الحقيقي في المعركة لا يكون إلا بالتفرغ للعمل في القوات المسلحة.

فالطالب مثلا لا يستطيع أن يتفرغ لواجبين: واجب الدراسة وواجب القتال، أما إذا كان سيقضي فترة محددة للتدريب في القوات المسلحة فنحن لا نعطيه إلا واجبا بقدر هذه الفترة.

وتحدث عن برنامج 30 مارس، وانتخابات الاتحاد الاشتراكي وظروف الحرب التي نمر بها، فقال إن حشد القوى - كل القوى - مبدأ من مبادئ الحرب.

والبيان فيه حشد وفيه تنظيم للقدرات البشرية وكل الإمكانيات في بلادنا، وذلك كله لصالح المعركة القادمة.

وبعد الحديث عن التركيب التنظيمي والتسليح والتدريب، قال إن هناك عنصرين هامين لتشييد البناء العسكري الصحيح، أحدهما روح القتال وهذه الروح عنصر أساسي يكمل العناصر الأخرى ومن هذه لا تتأتى الحركة الإيجابية أبدا وتوفير هذا العنصر بند هام تقع مسئوليته على القادة الكبار في القوات المسلحة- وله أسلوبه كي يستغل الطاقة التدريبية القتالية ويعطيها الحركة الإيجابية كي تندفع وراء هدف وإذا اعتبرنا الثقة بالنفس والثقة في الهدف من المبادئ الهامة، فإننا نضيف إليها الثقة بالهدف. وهذه تتحقق بالروح المعنوية المكتسبة من التدريب الشاق والعنيف وشعارنا اليوم إما النصر أو الاستشهاد.. ولا نقول الموت لأنه مكتوب على الجميع.

بعد ذلك يبقى بند نستكمل به كل العناصر، وهو بند السيطرة. ذلك أنه بعد التنظيم والتسليح والتدريب وإذكاء روح القتال، يجب أن توجه كل هذه العناصر بسيطرة كاملة نحو هدف إيجابي بمعنى أن تكون لها القدرة على التدمير والمعركة تصبح ناجحة إذا تم تدمير أكبر عدد من أفراد وإمكانيات العدو، أينما كان هو.

وقال الفريق فوزي إن القوات المسلحة تؤمن بالشعب وهي جزء لا ينفصل عنه، وقد غضب الشعب من نتيجة معارك يونيه، وحاولت العناصر المعادية أن تستغل هذا الغضب ولكن نهضة القوات المسلحة أوقفت هذه المحاولات.

وختم وزير الحربية تصريحاته بقوله إن القوات المسلحة قبل المعركة كانت مشغولة بواجبات أخرى، وهذا المفهوم زال الآن. والتلاحم تام بين القوات المسلحة والشعب.


المصادر