الموازنة العامة للدولة

الموازنة العامة للدولة أو الميزانية العامة للدولة، هي بيان تقديري تفصيلي معتمد يحتوي على الإيرادات العامة التي يتوقع أن تحصلها الدولة، والنفقات العامة التي يلزم إنفاقها خلال سنة مالية قادمة؛ فالموازنة تعتبر بمثابة البرنامج المالي للخطة عن سنة مالية مقبلة من أجل تحقيق أهداف محددة في إطار الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول.[1]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التاريخ

 
أسئلة عن الموازنة العامة للدولة، وزارة المالية المصرية. لقراءة الملف، اضغط على الصورة.
قطاع الموازنة العامة للدولة، وزارة المالية المصرية


القرن 17 و18

كانت الأمم والحضارات القديمة تقوم بجباية الأموال وتنفقها دون أي أسس أو قواعد في ذلك، كما أنّ مالية الدولة لم تكن منفصلة عن مالية الملك أو الحاكم حيث يقوم هذا الأخير بالإنفاق على الدولة كما ينفق على أسرته بدأت عملية ضبط الإيرادات ومن ثم النفقات في بريطانيا أين ظهرت فكرة إعداد ميزانية الإيرادات ونفقات الدولة عام 1628 عندما أصبح ضرورة اعتماد الإيرادات والمصروفات من ممثلي الشعب والإذن للملك في جباية الضرائب من الشعب لتمويل النفقات العامة وإلى غاية 1789 في فرنسا.[2]

العصر الحديث

إنّ فكرة الميزانية لم تأت مرة واحدة وإنما تمّ ذلك على مراحل متتالية، ففي انجلترا هي أول دولة استنبطت القواعد والمبادئ التي تقوم عليها فكرة الموازنة الحديثة تم ذلك بعد ثلاث مراحل وهي:

  • ففي المرحلة الأولى تقرر حق ممثلي الشعب بالإذن للملك في جباية الضرائب من الشعب( الملك شارل الأول سنة 1628)؛
  • ثم تأتي المرحلة عندما كان يطلب من نواب الشعب الموافقة على فرض الضرائب، فكانوا يتعرضون لمناقشة الأوجه التي تنفق فيها حصيلة الضرائب؛
  • أما المرحلة الثالثة أين أصبح البرلمان يعتمد الإيرادات العامة والنفقات العامة بالإضافة إلى الاعتماد الدوري، ومن هنا ظهر الشكل العلمي والأكاديمي للموازنة العامة المطبقة في وقتنا الحالي.

تعريف الميزانية العامة

أطلق لفظ الميزانية في بادئ الأمر على حقيبة النقود أو المحفظة العامة ثم قصد بها بعد ذلك مالية الدولة، وفي جميع الحالات تعني كلمة الموازنة العامة الإيرادات والنفقات العامة للدولة، واستخدام لفظ الميزانية لأول مرة في بريطانيا ويقصد به مجموعة الوثائق التي تحتويها حقيبة وزير الخزانة التي هو بصدد تقديمها الى للبرلمان للحصول على موافقة الهيئة التشريعية.

فالميزانية العامة هي نضرة توقعية لإيرادات ونفقات الدولة لمدة زمنية مقبلة عادة ما تكون سنة تخضع لإجازة من السلطة المختصة ،ومن هذا التعريف يتضح إن الميزانية تتضمن عنصرين أساسيين هما:

  • توقع الميزانية العامة: تتضمن الموازنة العامة تقديرا لنفقات الدولة وإيراداتها أي ما ينتظر أن تنفقه السلطة التنفيذية وما يتوقع أن تحصله من إيرادات خلال فترة لاحقة. ومدى الدقة في التقديرات يشكل عاملا مهما في كسب أعمال الحكومة من قبل والسلطة التشريعية، فهناك نفقات يسهل تقديرها بدقة على افتراض استمراريتها مثل رواتب الموظفين، كما هناك أنواع أخرى يصعب تقديرها حيث يعتمد تقدير على عوامل يصعب السيطرة عليها مثل النفقات الاستثمارية أما تقديرات الإيرادات العامة فإنها تتأثر بالنشاط الاقتصادي للفترة اللاحقة. لهذا عند تقدير كل من الإيرادات والنفقات العامة لابد من وضع تقديرات للوضع الاقتصادي والاجتماعي المتوقع أن يكون خلال نفس الفترة،
  • إجازة الميزانية العامة: تعد الموازنة بمثابة خطة عمل الحكومة لفترة لاحقة، غير أنها تبقى في شكل مشروع أو اقتراح بموازنة غير قابلة للتنفيذ إلاّ بعد قبولها من طرف الشعب عن طريق ممثليه في البرلمان، أي أنّ الموازنة العامة تصدر بموافقة السلطة التشريعية واعتمادها.

يقصد باعتماد السلطة التشريعية للميزانية العامة هو الموافقة على توقعات الحكومة بالنسبة للنفقات والإيرادات العامة لسنة قادمة كما تتضمن خاصية الاعتماد أيضا منح السلطة التنفيذية الإذن المسبق بالإنفاق وتحصيل الإيرادات، وبالتالي الموازنة العامة لا تعتبر نهائية إلاّ بعد اعتمادها من السلطة التشريعية، وبعدها يعود الأمر إلى السلطة التنفيذية(الحكومة) مرة أخرى تقوم بتنفيذ بنود الموازنة العامة بالإنفاق والتحصيل في الحدود التي صدرت بها إجازة هذه السلطة قصد تحقيق أهداف المجتمع.

الحساب الختامي والموازنة العامة

  • الحساب الختامي: يعبر عن الإيرادات الفعلية والنفقات الفعلية للدولة عن السنة المنصرمة . أي بيان لحسابات الموازنة ونتيجة تنفيذها عن السنة المالية المعنية وفق الأسس والمعايير المعتمدة.
  • مفهوم الموازنة العامة: البرنامج أو الخطة السنوية للدولة عن سنة مالية مقبلة تتضمن الإيرادات المقدرة المنتظر تحصيلها وكذلك النفقات المقدرة المرخص بالصرف في حدودها من أجل تحقيق أهداف هذه الخطة.

أوجه الشبه بينهما: 1- يتم إعداد الحساب الختامي والموازنة العامة عن سنة مالية تبدأ في 1 يناير وتنتهي في 31 ديسمبر.

2- يتم إعداد كل منهما من قبل وزارة المالية كما يتم عرض كل منهما على السلطة التشريعية لأغراض الرقابة وتقييم الأداء.

3- يتم استخدام تصنيف موحد للحسابات لكل من حسابات الحساب الختامي وحسابات الموازنة العامة.

أوجه الاختلاف: 1- أرقام موازنة الدولة هي أرقام تقديرية أما أرقام الحساب الختامي فهي أرقام فعلية.

2- يتم إعداد الموازنة العامة عن سنة مالية قادمة في حين أن إعداد الحساب الختامي عن سنة مالية منصرمة.

3- يتم إصدار الموازنة العامة بموجب قانون في حين لا يتطلب إصدار الحساب الختامي ذلك.


طبيعة الميزانية العامة

تأخذ الميزانية العامة للدولة أكثر من صفة نحاول التطرق إلى مختلف هذه الصفات القانونية والمالية على النحو التالي.

الطبيعة القانونية

تأخذ الميزانية العامة الصفة القانونية فهي من ناحية الشكل تمر بجميع المراحل التي يمر بها القانون، صدورها من السلطة التشريعية في شكل قانون فهذا يكفي كل الكفاية لاعتبارها قانونية، بما أن الموازنة تكتسب الصفة القانونية من القانون الذي يجبرها ويجعلها ملزمة،. فالموازنة العامة في معظم الدول تقوم السلطة التنفيذية بتحضيرها ثم تعرضها على السلطة التشريعية لاعتمادها فإذا وافقت عليها صدر بها قانون يعرف بقانون اعتماد الميزانية ، أما الموازنة في حدّ ذاتها تعتبر عملا إداريا رغم موافقة السلطة التشريعية عليها، كما أنّ السلطة التنفيذية تمارس اختصاصها في شكل قرارات إدارية.

الطبيعة المالية

من تعريف الموازنة يتضح أنها وسيلة الحكومة لتحقيق برنامج العمل الذي تتولى تنفيذه، وبالتالي هي البرنامج المالي للخطة، ولذلك فهي تعتبر في الأساس وثيقة مالية أو جدول محاسبي يبيّن المحتوى المالي للموازنة، والذي يشمل تقديرات النفقات العامة مع تقسيمها إلى أنواع مختلفة هذا من جهة والهيئات التي تتولى هذا الإنفاق من جهة أخرى، كما يتضمن تقديرات الإيراد العام مع توضيح مصادره المختلفة، لهذا أصبحت الموازنة العامة الإطار الذي يوضح اختيار الحكومة لأهدافها مع وسائل الوصول إليها،فالأهداف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية يمكن تحقيقها من خلال الموازنة العامة بشقيها الإيرادي والإنفاقي.

مما سبق يمكن القول أنّ الموازنة هي التعبير المالي عن أهداف الحكومة التي تريد تحقيقها(أهداف المجتمع)، والظاهرة ببنود الموازنة سواء في جانب النفقات أو الإيرادات، إما من ناحية الأرقام المالية الواردة فيها أو من ناحية تفاصيل مصادر الإيرادات وأوجه الإنفاق.

أهمية الميزانية العامة

كشفت التجارب المالية في مختلف دول العالم وبالأخص منذ الثلاثينات عن تطوّر وظائف الموازنة العامة، مما جعلها تحظى بأهمية متزايدة ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية في جميع الدول.

الأهمية السياسية

لم تعد الميزانية العامة مجرد وثيقة محاسبية لنفقات الدولة وإيراداتها، بل أصبحت لها أهمية سياسية كبيرة في الدول ذات الأنظمة النيابية حيث يشترط لتنفيذ بنود الموازنة العامة أن يعتمد مشروعها من طرف البرلمان، وهذا الاعتماد يعد بمثابة الموافقة من ممثلي الشعب على خطة عمل الحكومة. وعلى سياساتها المالية والاقتصادية بصفة عامة والميزانية تكون المرآة العاكسة لها.

ومن الأهميات السياسية المتعاظمة للميزانية العامة كونها تمارس تأثيرا حقيقيا على طبيعة النظام السياسي، وكذلك على استقراره فتوجد علاقة وثيقة بين الموازنة والبرلمان، فقد ظهرت الموازنة العامة أحيانا كعامل لدعم البرلمان وأحيانا أخرى عاملا لاندثاره.

مما سبق يمكن القول أنّ الميزانية العامة تعتبر إحدى أدوات المؤسسات السياسية المؤثرة على أموال المجتمع من حيث تنظيم صرفها من جهة، والمحافظة عليها من جهة أخرى، كما تعني الموازنة أيضا السلطة السياسية التي ارتضاها المجتمع لنفسه.

الأهمية الاقتصادية

لقد أصبحت الميزانية العامة في المالية الحديثة أهم وثيقة اقتصادية تملكها الدولة لكونها توفر معلومات تتعلق بأثر السياسات الحكومية في استخدام الموارد على مستوى التوظيف والنمو الاقتصادي وتوزيع الموارد داخل الاقتصاد. قد تستخدم الموازنة العامة لتحقيق هدف العمالة الكاملة كما تستخدم أيضا كوسيلة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي. تعتمد إستراتيجية الميزانية العامة في تحقيق ما سبق ذكره على تغيير مستوى الطلب الكلي في الاتجاه المناسب مستخدمة في ذلك الضرائب والنفقات، ومن الواضح كبر حجم الموازنة هو العامل الفعال في تحقيق هذه الأهداف، كما يجب أن يتوافق حجم الموازنة وتكوينها مع الظروف الإقتصادية للدولة بهدف تحقيق بعض الأهداف المرغوبة وتجنب الآثار غير المرغوبة، ولهذا أصبحت الموازنة الأداة الرئيسية للتدخل في الحياة الاقتصادية وتوجيهها نحو تحقيق أهداف التوازن الاقتصادي والمتمثلة، كما تعتبر جزء من الخطة المالية وأداة لتنفيذها.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الأهمية الاجتماعية

تستخدم الميزانية العامة كأداة لتحقيق أغرض اجتماعية، فهي تعمل على تحقيق التوازن الاجتماعي والقضاء على التفاوت بين دخول الأفراد، مع ضمان وصول بعض الخدمات العامة دون مقابل للفئة ذات الدخل المحدود معتمدة في ذلك على الضرائب في المقام الأول ثم تأت مدفوعاتها(الإعانات) إلى الأفراد في المقام الثاني.

إذا كانت الأساليب التوزيعية للمنح والإعانات تأخذ اتجاها عكسيا للآثار التوزيعية للضرائب كما هو معروف في التحليل الاقتصادي، فالضرائب وعبؤها يختلف من فئة إلى أخرى تؤدي إلى تغيير شكل الدخول بعد الضرائب عنه قبلها.

أما النفقات العامة بعضها ليست لها آثارا توزيعية واضحة مثل نفقات خدمات الإدارة، الدفاع....الخ. والبعض الآخر قد تكون له آثارا توزيعية على الدخل الحقيقي مثالها النفقات العامة على الخدمات التعليمية والصيحة وذلك عندما تختلف منافعها لدى بعض الأفراد عنها لدى البعض الآخر.

الأهمية المحاسبية للميزانية

تمر الميزانية بعدة مراحل من أهمها مرحلة الإعداد والتنفيذ، مع الاعتماد في ذلك على النظم والأساليب المحاسبية. إنّ أهمية الميزانية من الناحية المحاسبية تبدو واضحة فيما يتعلق بتحديد أنواع حسابات الإيرادات والنفقات التي ينبغي على المصالح الحكومية إمساكها لتنيظم معاملاتها المالية، إذ يمسك لكل نوع من الإيرادات والنفقات حساب خاص وفقا لطريقة ومدة اعتماد الموازنة، كما يمكن عن طريق النظام المحاسبي استخراج الحساب الختامي للموازنة العامة، والذي يتضمن الإيرادات والمصروفات الفعلية التي حصلت أو صرفت خلال السنة المالية، وهكذا تظهر أهمية المحاسبة بالنسبة للميزانية العامة في مراحلها المتعددة لا سيما أنها تساعد في إظهار ودراسة نتائج تنفيذ الموازنة.

مما سبق يتضح وحتى تؤدي الميزانية رسالتها وبالتالي تحقيق الأهداف المطلوبة منها يجب رفع مستوى المهارة مع تحسين الأنظمة الإدارية والمحاسبية.

المباديء الأساسية للميزانية العامة

يتعين على السلطة التنفيذية، وهي بصدد تحضير الميزانية ،أن تضع في اعتبارها عددا من المبادئ العامة التي تحكم الميزانية والتي صارت من البديهيات في علم المالية العامة. وتتمثل هذه المبادئ في مايلي:

مبدأ السنوية

ظهر هذا المبدأ كنتيجة لشيوع مبدأ ضرورة الموافقة على فرض الضرائب بصورة دورية لتغطية النفقات العامة، أي توقع وإجازة نفقات الدولة وإيراداتها بصفة دورية كل اثني عشر شهر إذ جرت العادة على اعتبار هذه المدة نموذجية لتقدير نفقات وإيرادات الدولة، وهذا يعني أنّ الميزانية يجب أن تقرر باعتماد سنوي من السلطة التشريعية، ويرجع هذا المبدأ لعدة اعتبارات سياسية ومالية. أما الاعتبارات السياسية تتمثل في أنّ السلطة التنفيذية يخضع لرقابة منتظمة ومتكررة نسبيا من جانب البرلمان، بهدف تمكين هذا الأخير من متابعة نشاط السلطة التنفيذية ورقابته حيث إذا قلت المدة عن سنة تصبح فعالية الرقابة شديدة ومرهقة، وإذا زادات عن سنة تصبح نوعا ما ضعيفة، ومن الناحية المالية تعتبر فترة السنة مهمة جدا، حيث تتماشى التقديرات مع مستوى النشاط الاقتصادي الذي يتغير من فصل لآخر، حيث قد تكون إيرادات دورية والأخرى موسمية نفس الشيء بالنسبة للنفقات.

- تختلف بداية السنة المالية ونهايتها باختلاف الدول، في البعض تتطابق السنة المالية مع السنة الميلادية مثل الجزائر، وفي بعض الأحيان تبدأ في 01 أكتوبر في الولايات المتحدة الأمريكية،و01 أفريل في اليابان ومنها ما يعتمد السنة الهجرية مثل السعودية.

وقد ظهرت استثناءات لهذا المبدأ أهمها: - الميزانية الإثنا عشرية: وهي الميزانية التي تحدد لمدة شهر واحد ،أي لجزء من اثني عشر شهرا (12/1) ويؤخذ بمثل هذه الميزانية استثناءا في حالة تأخر المصادقة على الموازنة في موعدها او لظروف اقتصادية وسياسية غير عادية تمر بها البلاد. ، وما يطلق عليها في الجزائر الاعتمادات الشهرية؛

- الإعتمادات الإضافية: هي المبالغ التي تصادق عليها السلطة التشريعية لاحقا إلى الموازاة المعتمد سابقا ويطلق عليها في الجزائر لاعتمادات التكميلية؛ - الميزانية الدورية: وتهدف إلى التأثير في الحالة الاقتصادية، ففي حالة الازدهار تحجم الدولة عن بعض بنود الإنفاق العام لتصرفها في حالة الركود بهدف تحقيق التوازن الاقتصادي العام؛

- اعتمادات الدفع: حيث ترصد اعتمادات المشاريع التي تتجاوز في مدتها السنة المالية وبالتالي يتم أخذ الموافقة من السلطة التشريعية على الحصة السنوية من هذه الإعتمادات والتي تسمى باعتمادات الدفع( برامج التجهيز في الجزائر).

مبدأ وحدة الميزانية

يقتضي الالتزام بهذا المبدأ أن تدرج الحكومة كل الإيرادات والنفقات في وثيقة واحدة، أي تكون للدولة موازنة واحدة وحدة الميزانية تعتبر نتيجة طبيعية لوحدة الجهاز المركزي للحكومة ووحدة الموارد التي يستعين بها لتأدية مهمته، فالحكومة تمثل وحدة متكاملة في الوظائف التي تقوم بها عن طريق أقسامها المختلفة.

ترجع أهمية هذا المبدأ إلى أنّه يؤدي إلى عرض الميزانية في أبسط صورة ممكنة، حتى يتسنى لمن يهمه الأمر التعرف وبسرعة على كميات وأنواع النفقات والإيرادات الواردة في مشروع الموازنة كما يسهل مهمة السلطة التشريعية في الاعتماد.

استثناءات مبدأ وحدة الميزانية: هناك عدة استثناءات يمكن إيجازها في النقاط التالية:

- الموازنات المستقلة: وهي موازنات منفصلة عن الموازنة العامة؛ وتعود إلى مؤسسات مستقلة أي ميزانيات المصالح التي تتمتع بالشخصية الاعتبارية؛

- الموازنات الاستثنائية: وهي ميزانيات منفصلة عن الموازنة العامة وتتضمن نفقات وإيرادات استثنائية لمشاريع إنمائية عامة؛

- الميزانيات الملحقة: الإعتمادات التكميلية والناتجة عن التعديلات الممكنة على الموازنات الإضافية؛

- حركة النقود (عمليات الإخراج من الموازنة العامة): ويقصد بها العملية التي يتم من خلالها نقل نفقة إلى ذلك الحين كانت مسجلة في الموازنة أو كان ينبغي أن تدرج نظريا ليتم قيدها في حسابات أخرى مثل تمويل الاستثمارات المخططة، المساهمات الخارجية...الخ.

مبدأ الشمولية

يهدف هذا المبدأ إلى تسجيل كل الإيرادات العامة والنفقات العامة في وثيقة الميزانية دون إجراء أية مقاصة بينها، معنى ذلك أن يتم تسجيل كل تقدير بنفقة وكل تقدير بإيراد دون إجراء أية مقاصة بين نفقات وإيرادات أحد المرافق لإظهار صافي القيمة. يعني الالتزام بمبدأ عمومية الموازنة الأخذ بالميزانية الإجمالية حيث تظهر كافة تقديرات نفقات المرافق وكافة تقديرات إيراداته، وبعبارة أخرى فإنّ الموازنة العامة يجب أن تشمل جميع أوجه النشاط للحكومة مما كان صغيرا أو كبيرا ويبرر هذا الالتزام لاعتبارات سياسية ومالية.

لتحقيق أهداف هذا المبدأ وإتاحة الظروف المهيأة لفاعليته يقتضي الأمر من الحكومة مراعاة قاعدتين فرعيتين في إعداد وتحضير ميزانية الدولة قاعدة عدم تخصيص الإيرادات وقاعدة تخصيص النفقات:

فالأولى: تقضي عدم تخصيص إيراد معين لنفقة معينة أي تحصيل كافة الإيرادات لصالح خزينة الدولة ثم الإنفاق منها على كافة المرافق دون أدنى تخصيص.

أما قاعدة تخصيص الإعتمادات يقصد بها أن اعتماد البرلمان للنفقات العامة لايجوز أن يكون إجماليا بل يجب أن يخصص مبلغ معين لكل وجه من وجوه الإنفاق العام. ولمبدأ شمولية الميزانية استثناءات من أهمها:

- الميزانيات الملحقة والمستقلة: وهي موازنات منفصلة عن الموازنة العامة للدولة وترتبط بها عن طريق حسابات الصوافي، فإذا حققت هذه الموازنات فائضا أوردته الموازنة العامة كإيراد في حساباتها، أما إذا حققت عجزا فتسدد الميزانية العامة للدولة؛

- صوافي بعض أنواع الإيرادات مثل إيرادات رسوم الطوابع الذي يحسم منها عمولة بائعها.

مبدأ توازن الميزانية

توازن الميزانية له مفهومان، مفهوم تقليدي والآخر حديث، وذلك على النحو التالي:

  • المفهوم التقليدي لتوازن الميزانية: يعني تساوي جملة نفقات الدولة مع إيراداتها دون زيادة أو نقصان وبالتالي هناك نضرة حسابية بحتة، وهذا المفهوم كان يطبق على موازنة الدولة نفس المبادئ التي تطبق على موازنة الأفراد والمشروعات الخاصة وذلك خشية حدوث عجز الذي كان يعتبر في المفهوم التقليدي بمثابة خطر رئيسي.
  • المفهوم الحديث لتوازن الميزانية: أما النظرية الحديثة في المالية العامة فلم تعد تنظر إلى العجز في الميزانية على أنه خطر وذلك في ضوء التطورات المالية والاقتصادية، وانما تم استبدال فكرة التوازن المحاسبي بفكرة اوسع هي فكرة التوازن الاقتصادي العام حتى ولو حدث عجز مؤقت في الميزانية. هذا الاستبدال هو ما يطلق عليه بنظرية العجز المنظم.

أنواع الميزانية العامة

ميزانية البنود

مفهوم موازنة البنود (التقليدية): لقد بدأ تطبيق موازنة البنود في عام1921 م في الولايات المتحدة الأمريكية لتكون موازنة تنفيذية شاملة وبتصنيف وظيفي على شكل برامج ووظائف وبتصنيف اقتصادي للتمييز بين النفقات الجارية والرأسمالية. بموجبها يتم تصنيف النفقة تبعا لنوعيتها وليس وفقا للغرض منها . بمعنى أن يتم حصر المصروفات ذات الطبيعة الواحدة في مجموعات متجانسة رئيسية وفرعية بصرف النظر عن الإدارة الحكومية التي تقدمها. ثم بعد ذلك ويتم تقسيم النفقات إلى فئات رئيسية تسمى (أبواب) حيث يتم تقسيم هذه الأبواب الرئيسية إلى بنود فرعية.

مميزات موازنة البنود:

  • وجود نماذج وتعليمات واضحة تساعد على تجميع البيانات.
  • سهولة الإعداد عند تقدير الاحتياجات لكل جهة حكومية.
  • سهولة إحكام الرقابة عند الصرف من الأموال العامة.
  • سهولة إجراء الدراسات والمقارنات بين إيرادات ونفقات السنة السابقة.

عيوب موازنة البنود:

  • عدم وضوح الأهداف التي ترصد لها الاعتمادات.
  • عدم ارتباطها بشكل دائم بالخطط التنموية للدولة.
  • عدم القدرة على قياس الأداء الفعلي للأجهزة الحكومية.
  • قلة المرونة عند التنفيذ,لأن الاعتمادات مرصودة لبنود محددة فقط.

ميزانية الأداء

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تعريفها

هي ذلك التصنيف في الموازنة الذي ينقل التركيز من وسائل القيام بالعمل إلى العمل المنجز نفسه. بمعنى أنها تبين الأهداف التي تطلب لها الاعتمادات المالية , وتكاليف البرامج المقترحة للوصول إلى تلك الأهداف، والبيانات والمعلومات الاحصائية التي تقيس الإنجازات، وكل ما أنجز من الأعمال المدرجة تحت كل برنامج.

النشأة والتطور

تعتبر موازنة الأداء محصلة المحاولات الأولى لإصلاح نظام موازنة البنود بهدف التركيز على قياس الكفاءة الإدارية وتقليل النفقات عند إنجاز المشاريع. لقد ظهرت في الفترة الواقعة ما بين 1913-1915. إنها موازنة تعتمد على ثلاث عناصر هي:

1- تصنيف البرامج والإجراءات الحكومية الى مجموعات أساسية.

2- قياس الأداء المستنتج من التكلفة المعتمدة لتلك البرامج.

3- اتباع الإدارة العلمية في كيفية استهلاك الموارد المتاحة واستغلالها الاستغلال الأمثل.

متطلبات التطبيق

1- تحديد أهداف البرامج وترتيبها ضمن سلم أولويات محدد.

2- تحديد الخدمات والنشاطات التي تؤديها الجهات التنفيذية.

3- اختيار وحدة ملائمة لقياس الأداء لكل خدمة أو نشاط.

4- وجود نظام للمتابعة يساعد على معرفة ما تم إنجازه ومقارنة الإنجاز بما هو مخطط لتحقيقه خلال السنة المالية.

5- ضرورة أن يُنفذ البرنامج في الوقت المناسب وبالكفاءة الملائمة.

مزايا موازنة الأداء

1- تساعد على توزيع الإمكانيات المالية المتوفرة لدى الدولة بشكل أفضل من الموازنة التقليدية، فهي تقدم بيانات تفصيلية للجهات المختصة بتوزيع الاعتمادات بين الوزارات والمصالح عن البرامج والمشاريع المراد تنفيذها.

2- تساعد في تحسين عمليات تنفيذ البرامج والمشاريع للأجهزة الحكومية (الوزارات والمصالح) كما أنها تسهل عملية الرقابة على التنفيذ، نظراً لوجود معايير للأداء.

3- توفر للمواطنين معلومات كافية عن الخدمات التي تقدمها الحكومة لهم، فهي تتضمن وصفاً للبرامج والمشاريع الحكومية التي ستقوم بتنفيذها الدولة، والأهداف المرجوة من تنفيذها وتكاليف تلك البرامج والمشاريع.

عيوب موازنة الأداء

1- صعوبة تحديد وحدات الأداء (المخرجات) التي تقاس بها الإنجازات لكل وزارة ومصلحة حكومية، فهناك بعض النشاطات والأعمال الحكومية التي يصعب تحديد معايير لقياس أدائها.

2- صعوبة توفير المعلومات التفصيلية عن نشاطات الأجهزة الحكومية المختلفة,لعدم وجود أنظمة دقيقة للمعلومات لديها.

3- إن إهتمام موازنة الأداء، وتركيزها على تحقيق الكفاءة من المشاريع قصيرة الأجل (لمدة سنة) يجعلها تبدو كأنها عقبة أمام التخطيط طويل المدى.

موازنة البرامج (البرمجة والتخطيط)

النشأة والتطور

في 1954 قدم ديفيد نوفيك شرحاً تفصيلياً بين فيه كيفية تطبيق موازنة البرامج في وزارة الدفاع الأمريكية وشرح مضمونها وكان ذلك في تقريره المسمى الاقتصاد والفعالية في الحكومة بواسطة الإجراءات الجديدة للموازنة. في عام 1955 قامت لجنة هوفر الثانية بدراسة اقتراح ديفيد و كذلك بدراسة التقدم الذي تحقق في مجال تطبيق موازنة الأداء في أجهزة الحكومة الفدرالية الأمريكية مما أدى إلى ظهور مفهوم موازنة البرامج والأداء الذي جذب اهتمام الكثير من الدول و كذلك اهتمام هيئة الأمم التي أصدرت كتيبا بعنوان موازنة البرامج سنة 1965. من العوامل التي ساعدت على انتشار موازنة البرامج والأداء ثلاث عوامل رئيسية:

1- إهمال موازنة الأداء لعنصر التخطيط في حين ظهرت الحاجة إلى خطط بعيدة المدى.

2- ازدياد أهمية التحليل الاقتصادي وظهور الرغبة في إدخال أساليب علمية حديثة في اتخاذ القرارات.

3- كبر حجم النفقات العامة في الموازنة وزيادة آثارها على الاقتصاد الوطني مما أدى بالمفكرين إلى المناداة بضرورة الربط بين الخطط الحكومية والموازنات العامة.

مزايا موازنة البرامج

1- التخطيط: التخطيط يعني التنبؤ بما سيكون في المستقبل مع الاستعداد لهذا المستقبل. انه وظيفة أساسية من وظائف الحكومة وأجهزتها التنفيذية . تهتم موازنة البرامج و الأداء بالتخطيط حيث تقوم بتحديد برامج ومشاريع الوزارات والمصالح الحكومية لعدد من السنوات المقبلة والنفقات المتوقعة لها و ليس لسنة واحدة كما تفعل موازنة البنود التي تبين نفقات سنة مالية واحدة ولا ترتبط في أغلب الأحيان بتخطيط طويل الأجل.

2- البرامج: تهتم موازنة البرامج والأداء ببيان البرامج والمشاريع التي ستنفذها الأجهزة الحكومية المختلفة. بمعنى أنها تقوم بتحديد البرامج الرئيسية لكل وزارة أو مصلحة ومن ثم تقسم البرامج الرئيسية إلى برامج فرعية والبرامج الفرعية إلى نشاطات وترصد الاعتمادات اللازمة لتنفيذ البرامج الرئيسية والبرامج الفرعية والنشاطات في وثيقة الموازنة العامة على الصفحات المخصصة لها .ثم تقوم بعد ذلك بتوزيع الاعتمادات على أبواب وبنود الإنفاق المعرفة في الموازنة.

3- تحليل البدائل: من القواعد الأساسية التي ترتكز عليها موازنة البرامج والأداء تحديد الطرق البديلة لتحقيق الأهداف العامة للأجهزة والمصالح الحكومية. فبعد تحديد البدائل تجرى الدراسة التحليلية المتعمقة لها بهدف تحديد التكاليف والعوائد لكل منها والمزايا والعيوب المرتبطة بكل منها وعلى ضوء نتائج المفاضلة بين الطرق البديلة يتم اتخاذ القرارات.

4- التقييم: يساعد تقييم البرامج الحكومية على تحسين عملية تنفيذها. إن الحصول على تقارير عن كيفية سير الأعمال في البرامج والمشاريع تحت التنفيذ أو نفذت من حين لآخر من شأنه أن يكشف عن المشاكل التي تواجه التنفيذ وعن نقاط الضعف في الخطط والبرامج والمشاريع وعن التغيرات التي يلزم إدخالها على تلك البرامج والمشاريع لكي تسهل عملية التنفيذ والوصول إلى الأهداف المطلوب تحقيقها.

الدراسات الأساسية

تعتمد ميزانية البرامج على ثلاث دراسات أساسية تقدمها الجهات التي تطبق موازنة البرامج والأداء إلى مكتب الموازنة وهذه الدراسات هي:

1- المذكرة التفسيرية للبرنامج: وتبين المذكرة التفسيرية للبرنامج أهداف المنظمة والخطة التي ستسير عليها لتحقيق تلك الأهداف.

2- الخطة التمويلية للبرنامج : وتكون على شكل جداول تتضمن ملخصاً لبرامج المنظمة كما تتضمن تقديرات التكاليف والعوائد لبرامج المنظمة.

3- الدراسات التحليلية الخاصة : وتحضر هذه الدراسات بواسطة خبراء موازنة البرامج في الجهة الحكومية وتتضمن الدراسات التحليلية التي تم على ضوئها اختيار البرامج الرئيسية والبرامج الفرعية للمنظمة.

التطبيق

تتضمن عملية تطبيق ميزانية البرامج الخطوات التالية:

1- تحديد الأهداف المراد تحقيقها وذكرها باختصار في شكل قائمة.

2- تصميم البرامج اللازمة لتحقيق الأهداف المرجوة.

3- تقدير ما تحتاجه البرامج من تكاليف للسنة ثم إخطار إدارة الموازنة العامة كي ترصد الاعتمادات الكافية لتنفيذ برامج ومشاريع تلك السنة.

4- تقدير النتائج من البرامج الرئيسية والبرامج الفرعية ومن المشاريع.

5- تقدير ما تحتاجه البرامج من أموال لمدة أربع سنوات أخرى مقبلة علاوة على تكاليف البرنامج في السنة الأولى من الخطة.

6- وضع نظام وإجراءات للمتابعة وتحليل نتائج تنفيذ البرامج والمشاريع.

7- وضع نظام وإجراءات للحصول على المعلومات بشكل منتظم ودائم.

8- تحديد المسؤولية الإدارية عند تنفيذ البرنامج.

مزايا ميزانية البرامج

  • ربط النتائج المتوقعة برسالة وأهداف الجهة الحكومية.
  • المساعدة على توفير البيانات التي تحدد طبيعة وماهية المخرجات وتكلفتها المالية وربطها بالمنافع (الآثار) التي تسعى إليها الحكومة، وبالتالي تكون قرارات توزيع الموارد مدعّمة بالبيانات اللازمة.
  • المساعدة على تقوية وتعزيز مبادئ الإدارة المالية في القطاع الحكومي وبالتالي تطوير كيفية توزيع الموارد المالية المتاحة وإدارتها وتحسين أداء الخدمات الحكومية المقدمة.
  • توضيح ماذا تم من أعمال أو خدمات خلال السنة المالية السابقة وتكلفة كل برنامج أو مشروع.
  • إقرار مبدأ المساءلة والمسؤولية حيث تحدد المسؤول عن أداء الأعمال.
  • التركيز على المخرجات ( الخدمات ) بدلاً من التركيز على المدخلات (الموارد المالية والبشرية).
  • رفع مستوى الجودة المتعلقة ببيانات الأداء المتاحة للحكومة والمسئولين في المؤسسات بما يساعد ذلك في التخطيط الاستراتيجي وتوزيع الموارد والرقابة على العمليات.

عيوب ميزانية البرامج

1- صعوبة تحديد الأهداف لجميع الأجهزة الحكومية تحديداً دقيقاً.

2- صعوبة تحديد عوائد بعض البرامج والمشاريع بشكل مادي وملموس.

3- إرسال كميات كبيرة من المعلومات إلى مكتب الموازنة عن البرامج الرئيسية والفرعية والدراسات التحليلية التي أعدت لها بواسطة الأجهزة الحكومية.

4- تتطلب كميات كبيرة من المعلومات التي قد تعطل عملية تحليل السياسة العامة.

الميزانية الصفرية=

مفهوم الميزانية الصفرية

في عام 1967 عرف مؤتمر الأمم المتحدة الذي عقد في الدنمارك الميزانية الصفرية على أنها نظام يفترض عدم وجود أية خدمة أو نفقات في بداية السنة المالية مع الأخذ في الاعتبار أكثر الطرق فعالية للحصول على مجموعة من المخرجات بأدنى تكلفة ممكنة. في عام 1972 عرفت هذه الموازنة على أنها عملية تخطيط تتطلب من كل مدير إداري أن يبرر جميع محتويات موازنته بالتفصيل مبتدأ من نقطة الصفر. بمعنى أنها تتطلب أن تقوم كل جهة بمراجعة وتقييم برامجها ومشاريعها الحالية والجديدة بطريقة منتظمة وأن تتم مراجعة البرامج والمشاريع على أساس التكلفة والعائد والفعالية.

تم تطبيق مبادئ وأسس الميزانية الصفرية في أواخر خريف 1973. بهدف تطوير أنماط تبويب الموازنات من خلال تقسيم كل الأنشطة المقترحة والنفقات على وحدات متماسكة أو مترابطة من حيث المقدرة على قيادتها والسيطرة عليها، وهي تخضع لتفاصيل مختلفة للتدقيق والمراجعة. لقد ساعدت هذه الموازنة الكثير من المديرين في تقليل حجم ومتطلبات الموازنات وإجراءاتها الطويلة حسب الطرق السابقة.

مميزات وعيوب الموازنة الصفرية

  • من محاسن الميزانية الصفرية أنها تقوم بحصر النفقات المختلفة وتبوبها بصورة حيث يمكن التحكم فيها وربطها مع الإدارة العليا حيث القرارات المستمرة وبالتالي هناك إمكانية أكبر على إنجاز المهام والأنشطة بفاعلية وكفاءة أكبر.
  • ومن المساوئ كون الميزانية الصفرية لا تهتم بما إذا كان المشروع سينتهي أم لا في نهاية المطاف فهي تقوم بفتح اعتماد له ولكن تترك أمر المتابعة للجهات الإدارية المختلفة وبالتالي فهي لم تقم بوضع الضوابط التي تتابع مسألة التشطيب والإنهاء للكثير من المشروعات.

الموازنة التعاقدية

مفهوم الميزانية التعاقدية

لقد كانت أول محاولة لتطبيق الميزانية التعاقدية في وزارة المالية النيوزلندية في عام 1996. هي محاولة إعادة تشكيل الميزانية العامة على أنها نظام عقد صفقات بين جهة منفذة والحكومة المركزية.

بمعنى أن تقوم الحكومة بطرح مشاريعها و برامجها المستقبلية أمام الجميع (قطاع خاص و عام) بغرض الفوز بمتعاقدين ينفذون تلك المشاريع و البرامج بأقل تكلفة ممكنة وفي الوقت المناسب شريطة أن تحقق تلك البرامج و المشاريع الأهداف المخطط لها.

مزايا الميزانية التعاقدية

1- ساعدت في تقديم حلول جذرية للعديد من المشاكل التي كانت تواجه الإدارات الحكومية.

2- عملت على إعادة صياغة طرق إعداد الموازنة العامة بشكل ساعد على ربط الموازنة بالخطط التنموية الخماسية للدولة.

3- ساعدت على تنفيذ البرامج والمشاريع الحكومية بكفاءة واقتصادية وفعالية. 4- أدت إلى توصيل المخرجات المتوخاة الى المواطنين و رشدت الإنفاق العام.

عيوب الميزانية التعاقدية

نظرا لحداثة هذا النموذج فلم تظهر كثير من عيوبه حتى الآن و ان كانت الشكوى مستمرة من غياب المعلومات في قطاع الحكومة أو عدم دقتها مثل أسعار السوق الحالية وعدم وجود دراسات جدوى للمشاريع والبرامج الحكومية.

تبويب الميزانية العامة

تعتبر الدقة والوضوح من المبادئ الأساسية للموازنة العامة، إلا أن مبدأ الوضوح يرتبط ارتباطا وثيقا بشرط آخر هو أن تظهر الموازنة في صورة تسهل معها عملية التحليل الاقتصادي الكل.

ومن هنا كان البحث عن التبويب المناسب من أهم خطوات إعداد الميزانية كما أن التبويب السليم للموازنة العامة يساعد على ربط الموازنة العامة بالسياسة الاقتصادية، وفيما يلي سنحاول استعراض أهم التبويبات المتعارف عليها للموازنة العامة وهي:

1- التبويب الوظيفي: يقصد بهذا النوع أن يتم تبويب (ترتيب) عمليات الدولة حسب النشاط أو الخدمة التي تؤديها الدولة على أساس ما تقوم به من وظائف كالأمن والدفاع والتعليم...الخ، وذلك بغض النظر عن التبعية الإدارية للنشاط (الجهاز الحكومي الذي يقوم بالإنفاق)، فمثلا قد يكون مستشفى تابع للقطاع العسكري، ولكن عملياته يجب أن تظهر في جانب الإنفاق على الصحة وهكذا.

يتميز التبويب الوظيفي بتيسير دراسة مختلف أنواع النشاط الحكومي وأهميتها النسبية في الإنفاق الإجمالي كما يسمح بإجراء المقارنة فيما يتعلق بالنفقات العامة وكيفية توزيعها على وظائف الدولة واتجاهات هذا التوزيع ومن ثم تحليل النشاط الحكومي والوقوف على التغيرات التي تحدث في طبيعة هذا النشاط من عام إلى آخر.

2- التبويب الإداري: يقصد بالتبويب (التقسيم) الإداري تصنيف النفقات والإيرادات العامة وفقا للوحدات الحكومية في الدولة (الوزارة، المصالح، والهيئات، ...الخ)، فهو بذلك يعكس هيكل التنظيم الإداري للسلطات العامة.

حسب هذا التقسيم فكل وحدة تساهم في تحضير وإعداد الموازنة العامة للدولة من خلال قيامها بتحديد حجم النفقات المستقبلية وإيراداتها المتوقعة خلال السنة المقبلة، كما أنه يمكن السلطة التشريعية من مناقشة واعتماد ومراقبة الموازنة بسهولة عن طريق دراسة الوضع المالي لكل وحدة حكومية على حدة.

3- التبويب الاقتصادي: يقوم هذا النوع على أساس عمليات الدولة حسب طبيعتها الاقتصادية، وعرضها في شكل تظهر به وكأنها جزء من نظام أوسع يشمل عمليات كل القطاعات الاقتصادية، وبالتالي يتم هذا التبويب حسب طبيعة العملية وحسب من يقوم بهذه العمليات أي يتم حسب العملية وحسب القطاع.

أ- التبويب حسب العملية: ويتم تبويب العمليات حسب طبيعتها الاقتصادية وبصفة عامة تقسم هذه العمليات إلى مجموعتين متميزتين هما: العمليات الجارية والعمليات الرأسمالية.

ب- التقسيم حسب القطاع: ليس تبويب ميزانية الدولة هدفا في حد ذاته لكنه وسيلة ليجعل من الموازنة أداة لتنفيذ السياسة المالية والسياسة الاقتصادية العامة، وبالتالي يقتضي المنطق تطبيق التبويب لا على الموازنة وإنما على الاقتصاد الوطني، سواء تم بواسطة الحكومة (في الموازنة) أو بواسطة القطاع العام أو بواسطة الأفراد وحتى يتم ذلك يلزم التبويب حسب القطاع، أي يتم تقسيم الاقتصاد إلى قطاعات تضم كل منها مجموعات متناسقة، فالاقتصاد الوطني يتكون من قطاع الحكومة، قطاع الأعمال أفراد ومؤسسات لا تستهدف الربح، وقطاع العالم الخارجي (غير المقيمين).

4-التبويب على اساس البرامج: يهتم هذا التبويب ببيان البرامج والمشاريع التي تقوم بتنفيذها او الاشراف عليها، الوزارات والمصالح الحكومية المختلفة. ويكون هذا النوع من التبويب عادة خطة متوسطة الأجل (5 سنوات) وعلى ضوء ذلك تظهر البرامج والمشاريع في وثيقة الميزانية السنوية لها وتقسم البرامج إلى مشاريع وترصد الاعتمادات اللازمة لتنفيذها في الميزانية العامة.

ومن مميزات هذا التبويب انه يبين النشاطات التي تقوم بها كل دائرة وزارية وتكاليفها. والى جانب ذلك انه يحقق رقابة أفضل من التبويبات السابقة لانه لايقدم بيانات حسابية لعدم تجاوز الاعتمادات الممنوحة فقط بل ويقدم كذلك بيانات مفصلة عن مسار تنفيذ المشاريع والبرامج الامر الذي يساعد على مدى متابعة ومراقبة التنفيذ ومدى استعمال مؤشري الكفاءة والفعالية في ذلك.

5-التبويب على أساس الأداء: يؤكد هذا التبويب على الأهداف والغايات التي ترصد من اجلها الاعتمادات المالية وتكاليف البرامج والمشاريع المقترحة للوصول الى تلك الاهداف وعدد الوحدات التي انجزت او ستنجز من كل برنامج في الوقت المحدد وتكاليفها. بحيث يتطلب في هذا التبويب وجود جهاز رقابي فعال يقوم بتقديم تقارير شهري ة وسنوية من اجل متابعة عن كثب مسار المشروع ومراحل انجازه وتكاليفه.ومختلف العقبات التي تواجهه.

مراحل الميزانية العامة

إعداد الميزانية العامة

تتولى إدارة الميزانية بوزارة المالية جمع كافة التقديرات المشار إليها سابقا وتنسيقها بعد أن تتصل بالوزارات المختلفة إن دعت الحاجة لذلك وطلب ما يحتاجون إليه من بيانات ومستندات، ويكون مشروع الميزانية الذي يرسل إلى اللجنة المالية بالوزارة،وتعد هذه اللجنة مشروع الميزانية، ويتم عرضه بعد ذلك على السلطة التشريعية في الموعد المحدد قانونا.

يتضح مما سبق أن عملية إعداد الموازنة يتم على نحو روتيني مثل كافة الأعمال الحكومية الأخرى، حيث تقوم كل إدارة من لإدارات الدولة قبل نهاية كل سنة بتحديد احتياجاتها من النفقات والإيرادات عن السنة القادمة.

تقدير النفقات والإيرادات العامة

سبق وأنه عرفنا الموازنة العامة التقدير المعتمد لنفقات الدولة وإيراداتها خلال مدة مقبلة، ومن الطبيعي أن يواجه معدي الموازنة العديد من الصعوبات، كما أن عملية إعداد الموازنة أول ما تثير هو شكل تقدير النفقات والإيرادات الواردة بالموازنة، ولهذا سنتعرض فيما يلي لدراسة هذا المشكل بصورة موجزة.

أ– تقدير النفقات: تقدير النفقات في المعتاد لا يثير صعوبات فنية كثيرة ولا يتطلب إلا أن يكون صادقا. تقدر النفقات بطريقة التقدير المباشر، من قبل الموظفين المختصين في الهيئات المختلفة تبعا للحاجات المنتظرة مع مراعاة الدقة بمعنى أن يكون هذا التقدير واقعي وبعيد عن المغالاة حتى يمكن تطبيقه في أرض الواقع ويطلق على المبالغ المقترحة للنفقات "اعتمادات" ولا يجوز للسلطة التنفيذية أن تتجاوزها أثناء التنفيذ الفعلي، وإن دعت الضرورة لتجاوز هذه الاعتمادات عليها الحصول على موافقة مسبقة من السلطة التشريعية.

ويمكن بطبيعة الحال الاسترشاد بأرقام النفقات العامة الواردة بالموازنات السابقة مع مراعاة ألا تكون منطوية على إسراف أو متضمنة لبعض النفقات العارضة أو الاستثنائية، كما ينبغي على معدي الموازنة أن يأخذوا في اعتبارهم نتائج الدراسات والأبحاث المتعلقة بالأحوال الاقتصادية المحلية والدولية السائدة، والتغيرات المتوقع حدوثها خلال السنة المالية القادمة، لذلك فإن تقديرات النفقات التي تتولى الوزارات والهيئات العامة إعدادها تتم مراجعتها في وزارة المالية، التي تراعي وجود معدلات للإنفاق وتستشهد بالإنفاق الفعلي في السنتين الأخيرتين، كما أن هناك مراجعة أخرى لتقديرات النفقات تتم في اللجنة الفنية المختصة في السلطة التشريعية.

ب- تقدير الإيرادات:

إن تقدير الإيرادات يثير صعوبات فنية ناشئة عن ارتباط حصيلة الضرائب بالنشاط الاقتصادي خلال السنة القادمة،ولهذا يجب دراسة هذا النشاط بمختلف توقعاته، وكلما كانت هذه الدراسة دقيقة كان تقدير الإيرادات أقرب ما يكون إلى الواقع.إن تقدير الإيرادات بدقة يقتضي الإلمام بكافة المتغيرات الاقتصادية المؤثرة في حجم الدخل الوطني، ومن ثم حصيلة الضرائب المحصلة لحساب الدولة وهناك أربعة أساليب لتقدير الإيرادات العامة هي:

  • طريقة التقدير المباشر: ترمي هذه الطريقة بصفة أساسية إلى التنبؤ باتجاهات كل مصدر من مصادر الإيرادات العامة على حدة وتقدير حصيلته على هذه الدراسة المباشرة.

وفي هذه الطريقة تترك الحرية لمحضري الميزانية في تقدير الإيرادات المنتظر تحصيلها على أساس إجراء تحليل مباشر لواقع الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية خلال العام المقبل.

  • طريقة السنة قبل الأخيرة: بمقتضى هذه الطريقة يتم تقدير الإيرادات العامة للموازنة الجديدة على أساس إيرادات السنة قبل الأخيرة، فمثلا إذا أردنا تقدير إيرادات موازنة السنة (ن) ستعتمد على إيرادات السنة الأخيرة التي عرفت نتائجها،دون إجراء أي تغيير إلا في الحالات الاستثنائية (فرض ضريبة جديدة مثلا).
  • طريقة الزيادة أو النقص النسبي: تقضي هذه الطريقة بأن يدون في مشروع الميزانية الجديدة أرقام الإيرادات وفق آخر سنة مالية منقضية بعد زيادتها بمعدل محدد إذا كان من المتوقع ازدياد النشاط الاقتصادي أو بعد تخفيضها بمعدل محدّد إذا كان هبوط النشاط الاقتصادي هو الأمر الأكثر توقعا.
  • طريقة التقدير الوسطي: حسب هذه الطريقة يتم تقدير الإيرادات للميزانية الجديدة على أساس متوسط الإيرادات المتحققة فعلا خلال فترة سابقة (ثلاث سنوات عادة).

اعتماد الموازنة

1- السلطة المختصة بالاعتماد:

إذا كانت مرحلة الإعداد والتحضير قد أسندت إلى السلطة التنفيذية باعتبارها الأقدر على ذلك، أما مرحلة الاعتماد فتنفرد به السلطة التشريعية باعتبار أنها جهة الاختصاص التي تتولى مراجعة الحكومة في جميع أعمالها، بالإضافة إلى كونها ممثلة الشعب بوصفه مصدر كل السلطات في النظم الديمقراطية. يعتبر حق السلطة التشريعية في اعتماد الموازنة من الحقوق الرئيسية التي اكتسبتها السلطة التشريعية عبر التطور التاريخي، وعليه فإن اعتماد السلطة التشريعية للموازنة لابد أن يسبق التنفيذ، بمعنى أن السلطة التنفيذية لا تستطيع البدء في تنفيذ الموازنة إلا بعد اعتمادها من طرف السلطة التشريعية.

2- إجراءات اعتماد الموازنة:

بعد أن تقوم السلطة التنفيذية بإعداد مشروع الموازنة تقوم بعرضه على السلطة التشريعية حيث يقوم وزير المالية بإلقائه على البرلمان لأنه يمثل الشعب الذي يتحمل الأعباء المالية اللازمة لتغطية الإنفاق العام. يخضع اعتماد الموازنة لإجراءات دستورية تستهدف الانتهاء من بحثها في حينها حيث يتعين عرض مشروع الميزانية على السلطة التشريعية قبل بداية السنة المالية نظرا لزيادة تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، أصبحت الميزانية وثيقة معقدة يصعب فهمها لدى العامة.

غالبا ما يكون هناك لجان مختصة لمناقشة مشروع الميزانية، ومعظم ما يدور حوله النقاش هو جانب النفقات وعلى الأخص على التغيرات المقترحة في مشروع الميزانية بعد التعديلات التي تجريها اللجان المختصة.

وبعد المناقشة والتداول يكون واحد من النتائج الثلاث:

  • اعتماد مشروع الميزانية وبعدها يطلق عليه قانون الموازنة.
	رفض مشروع الموازنة وهذا الإجراء في المجتمعات الديمقراطية يؤدي إلى تغيير سياسي مثل استقالة الحكومة أوحل البرلمان.
*	اعتماد مشروع الموازنة بعد إدخال بعض التعديلات عليه فإن هذه المرحلة تنتهي بصدور قانون الميزانية أو صدور الميزانية العامة كوثيقة قانونية قابلة للتنفيذ.

تنفيذ الموازنة

يقع على عاتق السلطة التنفيذية وحدها مسؤولية التنفيذ، وتقوم به من خلال الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة، حيث يتم في هذه المرحلة جباية الإيرادات وصرف النفقات حسب الاعتماد المخصص لكل دائرة،ويتم الإنفاق من خلال الوحدات الإدارية وفقا لما هو مخول لها قانونا.

ويمكن توضيح عملية التنفيذ وبشكل مختصر من خلال المراحل التالية:

1- عمليات صرف النفقات: تهيمن وزارة المالية على عمليات الصرف في جميع الأجهزة والمصالح الحكومية التابعة لها عن طريق من ينوب عنها، وتمر عملية الصرف بأربعة مراحل متتالية يمكن تلخيصها فيما يلي:

أ-الارتباط بالنفقة: ويحصل هذا الارتباط عندما تتخذ السلطة التنفيذية قرار ينتج عنه دين في ذمة الدولة يجب سداده (التوقيع على شراء سلعة ...الخ.

ب- تحديد النفقة: وهو قرار تصدره الجهة المختصة (السلطة التنفيذية) بتقدير المبلغ المستحق للدائن وخصمه من الاعتمادات المقرر في الميزانية.

ج- الإذن بالصرف: وهو الأمر الموجه إلى أمين الصندوق في الدوائر المعنية يدفع مبلغ من المال لشخص ما (الدائن) علما أن هذا الأمر يصدر من جهة رسمية مفوضة لذلك. د- صرف النفقة: أي صرف قيمة النفقة المحددة سابقا للشخص صاحب العلاقة،وقد تكون عملية الصرف (الدفع) نقدا أوشيكا مهما كان نوعه.

2-عمليات تحصيل الإيرادات العامة: تقوم الجهات الحكومية المختلفة وذات صاحبة الاختصاص بتحصيل ما ورد في الموازنة (بنود الإيرادات العامة)،وهذا طبقا للقوانين والأنظمة المعمول بها ولا يجوز لأي جهة كانت أن تتجاوز صلاحياتها المخولة لها قانونيا والقاعدة هي (عدم تخصيص الإيرادات العامة) وهي تعني أن تختلط جميع الإيرادات التي تحصلها الخزانة لحساب الدولة في مجموعة واحدة بحيث تمول كافة النفقات العامة للدولة دون تمييز بين إيراد وآخر حسب مصدره.

كثيرا ما يحدث في الحياة العملية اختلاف بين الإيرادات المتوقعة والإيرادات المحصلة فعلا.

فإذا كانت الإيرادات المحصلة فعلا أكبر من ما هو متوقع أي أن هناك فائض في الخزانة العامة في هذه الحالة يتم تحويل الزيادة (الفائض) إلى المال الاحتياطي. أما إذا كانت الإيرادات المتوقعة أكثر من الإيرادات المحصلة فعلا أي تصبح النفقات أكبر من الإيرادات المحصلة فعلا أي تصبح النفقات أكبر من الإيرادات وبالتالي ظهور عجز في الموازنة (الخزانة العامة)، وعلى الدولة أن تغطي هذا العجز وذلك عن طريق:

  • فرض ضرائب جديدة أو زيادة معدلات الضرائب القائمة.
  • الإصدار النقدي الجديد.
  • كما تلجأ إلى الاقتراض.

أما إذا تبين خلال عملية تنفيذ الميزانية أن الاعتماد المخصص لغرض ما غير كافي سواء كان ذلك نتيجة خطأ في التقدير أو نتيجة ظروف طارئة فعندئذ تلجأ الحكومة إلى السلطة التشريعية للموافقة على فتح اعتمادات إضافية والتي تشمل:

- الاعتمادات التكميلية: وهي التي تقرر لتكملة إعتمادات واردة في الموازنة ولكن يتضح أثناء التنفيذ عدم كفايتها.

- الاعتمادات غير العادية: وهي الاعتمادات التي تقرر لمواجهة نفقات جديدة لم تكن واردة أصلا في الوازنة غير أنها تكون ضرورية ومهمة بسبب حدوث ظروف كانت غير متوقعة أثناء إعداد الموازنة.

والواقع أنه بعامل المرونة الذي ينبغي أن تتسم به الموازنة العامة أثره على التنفيذ وهي ضرورية لضمان نجاح مرحلة التنفيذ.

الرقابة على تنفيذ الميزانية العامة

تعد هذه المرحلة هي المرحلة الأخيرة التي تمر بها الميزانية العامة للدولة، والهدف منها هو التاكد منان تنفيذ الميزانية قد تم على الوجه المحدد للسياسة التي وضعتها السلطة التنفيذية وأجازتها السلطة التشريعية. وتأخذ الرقابة على تنفيذ الميزانية العامة صورا مختلفة ،وهي الرقابة الإدارية والرقابة التشريعية والرقابة المستقلة.

أ- الرقابة الإدارية

ب- الرقابة التشريعية: تتمثل هذه الرقابة في حق السلطة التشريعية (البرلمان) في مراقبة أعمال السلطة التنفيذية للحكومة وتتمثل تلك الرقابة، التي يطلق عليها كذلك الرقابة السياسية في مطالبة المجالس النيابية للحكومة بتقديم الإيضاحات والمعلومات التي تساهم في التأكد من سير العمليات الخاصة بالنفقات والإيرادات العامة، سواء تم ذلك في صورة أسئلة شفوية أو خطية أو حتى بالاستجواب،وعلى هذا فإن الرقابة التشريعية على الموازنة العامة تتمثل في مرحلتين: المرحلة المعاصرة لتنفيذ الميزانية والمرحلة اللاحقة على تنفيذ الميزانية العامة للدولة.

ج- الرقابة المستقلة: تعتبر هذه الرقابة أكثر أنواع الرقابة فاعلية وتتولى هذه الرقابة هيئة فنية مستقلة عن كل من الإدارة والسلطة التشريعي، وتنحصر مهمتها في رقابة تنفيذ الميزانية والتأكد من أن عمليات النفقات والإيرادات قد تمت على النحو الصادرة به إجازة السلطة التشريعية وطبقا للقواعد المالية المقررة في الدولة وذلك عن طريق مراجعة حسابات الحكومة ومستندات التحصيل والصرف ومحاولة كشف ما تتضمنه من مخالفات ووضع تقرير شامل عن ذلك.

والهيئة التي تقوم بالرقابة الخاصة (المستقلة) تختلف من دولة إلى أخرى، ففي فرنسا مثلا تتولى هذه الرقابة هيئة قضائية مستقلة(محكمة الحسابات) وفي الجزائر المجلس الأعلى للمحاسبة.

التوازن المالي للموازنة العامة والتوزان الاقتصادي

تطوّر مفهوم توازن الموازنة العامة للدولة

لقد تطور مفهوم توازن الموازنة العامة من توازن كمي بين الإيرادات العامة والنفقات العامة إلى توازن مالي واقتصادي واجتماعي للموازنة العامة كما يتضمن التوازن الكمي والنوعي أيضا، فيسعى التوازن المالي للموازنة العامة إلى إقامة توازن بين الأصول والخصوم وتحسين النفقات في جانب الخصوم والإيرادات في جانب الأصول، ويفترض في هذا التوازن ألاّ يكون حياديا في الحياة الاقتصادية للبلاد بل يجب أن يكون فاعلا ومؤثرا ومتدخلا ومنفعلا بها ليطوّر واقعها بشكل إيجابي. لهذا فالتوازن المالي بصفة عامة هو ما تحدثه المصادر الإيجابية في موازنة الدولة من حقن يعوض ما يترتب على مصادرها السالبة(النفقات) من تسرب بما يؤدي إلى التطابق بين العناصر المالية والعناصر الاقتصادية التي يتكون منها هيكل الاقتصاد الوطني، أي ما يقود في النهاية علاوة على التوازن الكمي(أو الحسابي) إلى إحداث توازن كيفي يتمثل في التوازن الاقتصادي العام. وبمعنى آخر يمكن القول أنّ وراء توازن النفقات( التسرب) مع الإيرادات (الحقن) في فترة الموازنة يجب الأخذ بعين الاعتبار التوازن الكمي والكيفي للجانبين السلبي والإيجابي في موازنة الدولة ويدخل عموما في الجانب الإيجابي إيرادات الدولة الاقتصادية وحصيلة الضرائب المفروضة، أما في الجانب السلبي الدين العام بكافة صوره وجميع الالتزامات التي تتحمل بها الدولة، ويمكن تفسير ذلك بما هو معلوم من أنّ عرض كل عنصر من العناصر السابقة يتمثل في إنتاج مقدار معين من المنافع الاقتصادية، وذلك عن طريق استخدام الدخل فيتحقق التوازن الاقتصادي للمالية العامة. فالتوازن المالي للتمويل بالعجز يفترض استخدام القروض والإصدار النقدي في استثمارات ذات طابع إنتاجي تستطيع عوائدها من أرباح وسلع وخدمات وفاء هذا الدين وخدمته، أما التوازن الاقتصادي للموازنة العامة يفترض أن تكون منفعة إنفاق الإيرادات العامة لا تقل عن منفعة بقائها لدى القطاع الخاص، وهكذا فالتوازن الاقتصادي للمالية العامة يتحقق عندما تكون زيادة الدخل الوطني أو زيادة المنفعة الاقتصادية العامة في الاقتصاد الوطني معادلة على الأقل للمنفعة التي حجبت عن الدخل الوطني نتيجة اقتطاع هذه الأموال، أما إذا انخفض الدخل الوطني نتيجة ذلك فهذا يعني أنّ النفقات العامة قد تجاوزت حدها الأعلى في حين تظهر زيادة الدخل الوطني من حيث النتيجة سياسة مالية سلبية تتجلى في عدم الوصول إلى مرحلة الضغط الضريبي.

أما التوازن الاجتماعي للموازنة العامة فيقوم على أساس زيادة القوة الشرائية لدى الطبقات ذات الدخل المحدود، وكذا رفع مستواها المعيشي، وتخفيض حدة التفاوّت الطبقي بين فئات المجتمع المختلفة، فالدولة تقتطع أموالا وتعيد توزيعها فيما بعد بشكل يفترض تخفيض حدة فقر الطبقة الفقيرة وتخفيض فحش الطبقة الغنية. وعلى هذا الأساس فقد أصبح ينظر إلى توازن الموازنة ليس على الاستقلال ولكن من خلال التوازن المالي، فأي زيادة في الجاني السلبي من الذمة المالية للدولة يجب أن يتمخض عنه زيادة في الجانب الإيجابي تكون مساوية لها على الأقل.

توازن الموازنة والتوازن الاقتصادي العام

من المهام الأساسية للموازنة العامة في المفهوم الحديث أن تسهل عملية تقويم مقترحات المشروعات العامة ويمكن تعريف المشروعات العامة بأنّها: وحدة اقتصادية تملكها الدولة إما كليا أو جزئيا، مستقلة عن الجهاز الإداري للدولة، تتولى إنتاج السلع والخدمات، وتعمل في نطاق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي تسعى الدولة لتحقيقها. يعتبر توازن الميزانية من أهم عوامل تحقيق التوازن الاقتصادي العام للاقتصاد الوطني والمحافظة عليه، فإذا لم يتحقق مثل هذا التوازن فإنّ ذلك من شأنه يؤدي إلى عدم توازن اقتصادي.

يتكامل التوازن المالي للموازنة العامة (التوازن بين الأصول والخصوم) مع التوازن الاقتصادي لأنّه يفرض تعادلا بين الوسائل المالية المستخدمة في المالية العامة، فعندما يفرض التوازن المالي أن يقوم تعادل بين المنفعة الاقتصادية للقطاع مع مديونيته، وبالتالي مع مديونية الدولة عندما يمول المشروع عن طريق الخزينة العامة فإنّ ذلك يعني على مستوى الاقتصادي العام منع حدوث الخلل بين المنفعة العامة والتكلفة العامة، وعندما يفرض التوازن المالي للموازنة أن يكون المردود المالي لزيادة المنفعة الاقتصادية قادرا على الوفاء بالقروض التي تمّ التمويل بها وأداء خدمة هذه القروض، فهو يفرض بذلك عدم حصول تراجع في الدخل الوطني للبلاد.

مما سبق نلاحظ أنّ مشاريع الدولة يفترض فيها تحقيق التوازن المالي أو تحقيق جدوى اقتصادية من استخدام الأموال فيها وربح وعائد معقولين، فإنّه في الوقت نفسه يفترض فيها زيادة في الدخل الوطني وصولا إلى تحقيق التوازن الاقتصادي العام. يتكامل التوازن الاقتصادي للموازنة العامة مع التوازن الاقتصادي العام حيث يفرض التوازن الاقتصادي للموازنة العامة رفع مردودية النظام الاقتصادي بما يتطلبه من تحليل دقيق لحدود الاقتطاع العام نوعا وكما بحيث يمنع هذا التوازن أن تقوم الدولة باقتطاع أموال من القطاع الخاص وتقوم بعدها بإنفاقها بحيث لا تكون زيادة في الدخل الوطني معادلة على الأقل لزيادته فيما لو بقيت هذه الأموال لدى القطاع الخاص، فالسياسة المالية السلبية هي التي تسعى من خلالها الدولة إلى تحقيق توازن اقتصادي كلي جديد أعلى من سابقه المحتمل قبل القيام بالاقتطاع والإنفاق.

يتكامل التوازن الاجتماعي للمالية العامة مع التوازن الاقتصادي العام لأّنه يقوم على أساس الاقتطاع الضريبي من الدخول المرتفعة ثم إعادة التوزيع في صالح الدخول المنخفضة وهذا يعني تحقيق زيادة في قدرة الطبقات ذات الدخل الضئيل على الإنفاق ويعمل على رفع مستواها المعيشي، ويؤثر ذلك على الوضع الاقتصادي العام لأنّه يؤدي إلى زيادة الاستهلاك وبالتالي يؤدي إلى زيادة الإنتاج والاستثمار في المجتمع وتحقيق نمو في الدخل الوطني وتوازن اقتصادي عام.

المصادر

  1. ^ الدليل المبسط للموازنة العامة للدولة، وزارة المالية، مصر
  2. ^ [www.acc4arab.net/new/accountants-library/finish/3-/500-/0.html تعريف الموازنة العامة للدولة]