المصانع الحربية

بعد حرب 48 مباشرة وخيانة الإنجليز المباشرة لمصر وتعطيلها المتعمد لوصول صفقات السلاح لمصر أثناء الحرب ودعمها العسكري للجانب الصهيوني مما تسبب في هزيمة الجيش المصري، أدركت القيادة المصرية أنه لابد من إعادة هيكلة شاملة للجيش، ورسم استراتيجيه واضحة لصناعة السلاح المصري لكسر هيمنة بريطانيا علي صفقات السلاح للجيش المصري. وحيث أن مصر، آنذاك، كانت تتمتع بفائض مالي، فقررت أن تدخل مجال تصنيع السلاح الذي يحتاج أموالاً طائلة. فكان في اجتماع الملك فاروق بحكومته سنة 1949 أن قرروا انشاء الادارة العامه للمصانع الحربية التي ستكون مهمتها البدء فورا في انشاء مصانع حربية تنتج سلاح مصري لاستخدام الجيش وتم اعطاء الاداره كافة الصلاحيات والامكانات الماليه للبدء في انشاء المصانع واستقدام خبراء اجانب وارسال وفود لنقل خبرات التصنيع من دول محددة.

وتم الاعلان لاول مرة عن برنامج الصواريخ المصري وبرنامج الطائرات المقاتلة بالتعاون مع شركات أجنبية متخصصة. وبدأ العمل فعليا وفي عام 1951 تم افتتاح أول مجموعة مصانع حربية بحلوان متخصصة في صناعة الصواريخ والبنادق والمقذوفات بأنواعها وكمان مصنع لانتاج الطائرات الخفيفه بالتعاون مع شركات اوروبية. وفي نفس العام وافق مجلس الدول علي تغيير المسمي والتوصيف للاداره لتصبح "المجلس الأعلي للصناعات الحربية".

وفي نفس العام أعلن وزير الحربية المصري، مصطفي نصرت باشا أن مصر أرسلت منذ العام 1949 18 ضابطاً مصرياً إلي المملكة السويدية للتدريب علي انتاج بنادق آلية ومدرعات وكذا التعاون مع شركات اوربية متخصصة في صناعة المقاتلات الجوية لنقل خبراتها التصنيعية لمصر. وهو ما أغضب بريطانيا، التي زاد غضبها في نفس السنة، 1951، حين أعلنت مصر الغاء معاهدة 1936 من طرف واحد وأعلنت عن نيتها التوجه للأمم المتحده لإجلاء البريطانيين عن قناة السويس نهائياً.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1949 -1952

فمصر - وهى أكبر دولة عربية - عندما خاضت حرب فلسطين لم تكن تمتلك السلاح، وإنما اكتفت بتأجير المتهالك منه من الجيش البريطانى المحتل. وكثيرا ما كان الضباط والجنود يشكون من تهالك سلاحهم ونقص الذخيرة وهم فى ميدان المعركة، حتى أن قادة الجيش كانوا يطلبون من وزير الداخلية أن يرسل بسرعة مضبوطات السلاح المخزنة بمخازن وزارة الداخلية ليحارب بها الجنود رغم بساطتها. وعندما تتأخر إمدادات الداخلية لم يكن هناك حل إلا اللجوء لمخازن خردة الجيش البريطانى للحصول على أى سلاح بغض النظر عن حالته، وقد حدث أن أعاد المصريون تجميع وتجهيز دبابات (لوكاست) الخفيفة لإرسالها لميدان المعركة وهى لا تصلح من الأساس. - الصحافة فى ملعب السياسة وبعد أن انتهت الحرب ورجحت كفة الكيان الإسرائيلى على حساب العرب، كان لزاما التفكير بشكل جاد فى أسباب الهزيمة ومحاولة عدم تكرارها، فكانت أولى خطوات العلاج تأسيس إدارة المصانع الحربية عام 1949، تزامن معها وضع هيكل تنظيمى جديد للجيش المصرى يحقق التغطية الكاملة لمطالب العمليات ومواجهة أية تهديدات تحيق بالوطن. وأعلنت بريطانيا العظمى - وقتها - عن وضع مصر فى القائمة الممتازة لشراء السلاح الثقيل كالطائرات النفاثة من طراز (مثيور) ودبابات (سنتوريون) المتطورة، وبناء على هذا الكرم غير المعتاد قامت مصر بسداد 80% من قيمة الصفقة، إلا إن بريطانيا أعلنت تأجيل التوريد لفترة، ليظل الحال كما هو حتى قيام ثورة يوليو حيث أعلنت سلطات المحتل عن قرارها الإفراج عن الصفقة أملا فى فتح قناة لعلاقات جديدة مع نظام الحكم الجديد. وقد كان التقاعس البريطانى عن التوريد ما قبل يوليو 52 السبب أن يعلن مصطفى نصرت باشا وزير الحربية فى الرابع من يناير 1951 بأن المملكة المصرية بصدد إنشاء مصنع للطائرات النفاثة يقوم فيه المصريون بتجميع أجزاء الهيكل، وأعلن أن فؤاد سراج الدين باشا وزير المالية وافق على تخصيص الإعتمادات اللازمة لإنشاء مصنع (فامباير) للطائرات النفاثة بالاشتراك مع شركة (دى هافيلاند) المنتجة لهذا النوع من الطائرات. وفى خبر نشرته الأهرام بتاريخ 1951/1/19 أعلن مجلس الدولة موافقته على مشروع القانون الخاص بإنشاء مجلس أعلى للإشراف على المصانع الحربية. إلا أنه من الواضح أن العلاقات ما بين مصر ومحتلها قد شابها التوتر لدرجة اعتراف مصطفى نصرت باشا فى حديث للأهرام (1951/5/12) بأن إنجلترا تمارس ضغوطا شديدة على ألمانيا لتمنعها من تصدير مصنع حربى لمصر، كما أعلن أن وزارة الحربية المصرية تستعين بخبراء من سويسرا، ألمانيا، إيطاليا، فرنسا والسويد ولم يذكر فيم تستعين بهم وزارته؟ وهذا لم يكن يعنى فى وقتها إلا أن مصر عازمة على تنويع مصادر التسليح فى ظل موقف إنجلترا الرافض لتصدير السلاح المتطور لإعادة تأهيل الجيش المصرى ليواكب العصر بعد طول تخلف مفروض عليه، إضافة لهزيمة نكراء ألمت به. وظهر على السطح بشكل علنى أن الصبر المصرى وصل لمنتهاه ونفذ جراء البرود البريطانى تجاه المطالب العسكرية الملحة، فبدأت الجرائد المصرية فى نشر أخبار - هى فى عرف العامة مجرد أخبار، إلا أن فحواها لا يحمل إلا معنى واحد ألا وهو أن القصر الملكى بعابدين يحاول جاهدا الخلاص من الهيمنة البريطانية على ربع المملكة المصرية. فنشرت الأهرام أن مصر أوفدت 17 ضابط للسويد للتدريب فى مصانعها الحربية لمدة ستة أشهر، على أن يعودوا لمصر للاشتراك مع سبعة خبراء سويديين وأربعة خبراء ألمان فى تنظيم العمل بالمصانع الحربية المصرية وتدريب العمال بها، وصار الأمر وكأن قصر عابدين يريد أن تعرف بريطانيا رسميا أن مصر قد اتجهت صوب دول أخرى توفر لها إمكانية صنع السلاح المتطور دونما الحاجة لإنجلترا، وفى سبيل ذلك فإن الحكومة المصرية قد اعتمدت مبلغ مليون جنيه كى تنشئ مصانعها الحربية، كما نشرت الأهرام أن الخبراء الألمان يرون أن مصر بها من العمال المهرة من يمكن الاعتماد عليهم فى المصانع الحربية. وبغض النظر عن اعتبارات الأمن القومى المصرى فإن الحكومة بدأت الإعلان عن قرب تكوين أول فرقة مدرعة بمساعدة الخبراء الألمان، كما أعلنت أن بعض أجزاء المصانع الحربية السويدية قد تم البدء فى تركيبها بحيث تكون هياكل الطائرات الخشبية من طراز (بستمان) المستخدمة فى التدريب هى باكورة إنتاج المصانع الحربية المصرية. ويذكر نفس الخبر الصحفى - بكل فخر - أن تشيكوسلوفاكيا تعرض تزويد مصر بما تحتاج من سلاح مقابل تزويدها بكميات من القطن المصرى بقيمة عشرين مليون دولار. ويلاحظ القارئ من مثل تلك الأخبار أن العلاقات المصرية - البريطانية قد وصلت لمرحلة اللا عودة من حيث السوء، وأن الجرائد صارت شريكا رسميا فى هذا النزاع ولكن فى صف القصر الملكى والحكومة المصرية، فالحكومة هى مصدر الأخبار والجرائد وسيلة نشرها على الشعب، علما بأن مثل تلك الأخبار لا يجوز الإفصاح عنها فى أية دولة فى الظروف العادية فهى شأن من شئون الأمن القومى، إلا أنه فى هذه الظروف هى شأن من شئون رد كرامة مصر التى يهدرها المحتل البريطاني. وتنشر الأهرام خبر جديد فى 1951/7/14 يحمل تصريح لوزير الحربية المصرى الذى يزور ستوكهولم يعلن فيه أن زيارته للسويد بغرض شراء مصنع للبنادق وآخر لمدافع الماكينة، على أن تقوم مصر بشراء حق اختراع تلك الأسلحة.


مصانع الثورة

وبعد هذا التصريح بعام قامت ثورة يوليو التى كان قادتها مجموعة من شباب ضباط الجيش المصرى الذين اشترك معظمهم فى حرب نكبة فلسطين، ورأوا عن كثب ما اقترفه الجيش البريطانى من غض الطرف عن جرائم اليهود إلى نقص السلاح وفساده، بل منهم من حاصره اليهود وهو لا يملك ذخيرة أو قوت مثل البكباشى جمال عبد النصر (الرئيس فيما بعد) الذى حوصر هو وجنوده فى الفالوجا. فبعد الثورة بما يقارب السبعة أشهر قام الرئيس محمد نجيب بافتتاح مصانع (9، 18و27) الحربية، ويومها أعلن نجيب أن المعدات والماكينات قد وصلت من سويسرا ومعها خبراء من السويد، وأن باكورة الإنتاج ستظهر خلال ستة أشهر من مواد مفجرة للقنابل ومفرقعات ورصاص للبنادق والمدافع. وتتوالى المسيرة ففى 1954/10/24 افتتح الرئيس جمال عبد الناصر أضخم مصنع من نوعه فى الشرق الأوسط لإنتاج ذخيرة الأسلحة الصغيرة بتكلفة وصلت مليون ومائتى ألف جنيه بإنتاجية تكفى حاجة الجيش المصرى، وما يزيد سيتم تصديره لدول المنطقة. وصارت المصانع الحربية مفخرة لمصر، حتى أن الوفود الأجنبية صارت تترى عليها لترى نتاج التجربة المصرية، ففى 1958/6/16 قام كوامى نكروما رئيس غانا بزيارة مصنع 54 الحربى، ليهديه المسئولون باكورة إنتاجهم من البندقية الأوتوماتيكية (حكيم) والرشاش القصير بورسعيد.

ولم يقتصر إنتاج هذه المصانع على المنتجات الحربية وإنما بدأت فى تصنيع البوتاجازات، رشاشات المبيدات، ماكينات الغزل والنسيج، ماكينات الديزل والسوائل الطبية مثل الجلسرين والأثير، فضلا عن إنتاج ماكينات صناعة أغطية الزجاجات وزجاجات الأدوية والمياه الغازية، حتى نشرت الأهرام فى 1958/9/2 أن الرئيس عبد الناصر قد تلقى هدية من المصانع الحربية عبارة عن راديو من نوع (صوت العرب).

كما نشرت الأهرام أيضا خبرا صغيرا فى 1963/6/1 يحمل تعريفا لمؤسسة المصانع الحربية فحواه أن عدد تلك المشروعات سبعة، تكلف تأسيسها (تسعة ملايين وستمائة وواحد وخمسين ألفا وتسعمائة وثلاثة وعشرين جنيها)، تنتج ما قيمته (أربعة ملايين وستمائة واثنين وتسعين ألفا وتسعمائة جنيه)، ويعمل بهذه المشروعات (2813) عامل، يتقاضون رواتب سنوية بقيمة (سبعمائة واثنين وعشرين ألفا وخمسمائة جنيه)، وتنتج هذه المشروعات وحدات هدرجة الزيوت وعدد وسكاكين وآلات الجراحة ومخارط ومشروع إنتاج أجهزة التليفونات والسنترالات.

ولم تتوقف النهضة العسكرية عند هذا الحد وإنما وصل الحلم المصرى لآفاق تصنيع طائرة مقاتلة مصرية أسرع من الصوت تنافس نظيراتها السوفيتية والأميركية فى بداية الستينيات بتوجيه من الزعيم جمال وذلك بالشراكة مع إسبانيا التى كان لديها نواة التصميم، ولكن لم تتوفر لها الموارد، وبدأت الخطى لتنفيذ المشروع، فاستقدمت مصر الخبير الألمانى فرديناند براندنر المتخصص فى تصميم محركات المقاتلات، ووفرت له مصر أماكن الاختبار والورش بحلوان.

واقترح الفنيون الاستعانة بمحرك من طراز بريستول أورفيوس الذى تنتجه شركة رولز رويس البريطانية، إلا أن الفنيين المصريين قد اعترضوا على كفاءة مثل هذا المحرك، إضافة لاعتراض الرئيس عبد الناصر عليه، لما يمثله من تهديد للأمن القومى المصرى الذى سيضع المشروع بين أنياب العدو البريطانى الذى حاول غزو مصر بعد جلائه عنها فى عام 1956، فكان القرار أن تخوض مصر تجربة إنتاج هذا المحرك بما لديها من إمكانيات وعقول مصرية خالصة. وبالفعل تحقق ما كان وتمت تجربة المحرك المصرى (هـ 300) لأول مرة فى يوليو 1963، وبعد أقل من عام وتحديدا فى السابع من مارس 1964 تمت تجربة النموذج التجريبى لأول طائرة مصرية بنجاح منقطع النظير، مما استدعى أن تعرض دولة الهند أن تتقدم لمصر طالبة أن تشارك فى تمويل هذا المحرك لتستعين به فى طائراتها من طراز (ماروت).

لا طائرة بأمر روسيا

جاء عام 1967 وبالا على مصر حاملا أقسى هزيمة منى بها المصريون عبر تاريخهم، وبهذه الهزيمة النكراء انكسرت شأفة الحلم المصرى المتنامى الذى كان يمضى بسرعة البرق متخطيا كل الحواجز المنطقية. وكان من المنطقى تقويض حلم الطائرة النفاثة المصرية (هـ 300) والتى تكلفت - وقتها - حوالى 135 مليون جنيه. لكن المشكلة الأكبر لم تكن فى التكاليف بقدر ما كانت فى الضغط الذى يمارسه السوفييت على مصر من أجل وقف المشروع وإلا لن تقدم روسيا السلاح لمصر، وسبب ذلك أن قدرات الطائرة المصرية كانت أعلى بكثير من الميج ـ21 من حيث القدرة والمناورة والمدى والتسليح، فكان الارتياب الروسى من محاولات المصريين إنتاج تلك الطائرة بشكل تجارى ومحاولة بيعها للدول الاشتراكية والأفريقية، مما سيؤثر سلبا على حجم مبيعات السلاح السوفييتى فى أسواق تلك الدول، ووقتها اكتفت روسيا بتوقف الحلم المصرى ومقابل هذا أهدت مصر حسما فى سعر طائراتها. هذا من جهة أما من الجهة الثانية فإن الهزيمة التى منى بها المصريون قد خلفت دمار كلى فى كافة أسراب القوات الجوية المصرية قبالة ضعف الدعم الاقتصادى العربى لمصر والذى لن يمكن مصر من الحصول على ما تريد من طائرات، لذلك لم يكن أمام مصر إلا أن توقف إنتاج الطائرة فى 1969 لتلجأ لروسيا لتحصل على ما تريد، ليتحول مصنع الطائرات إلى مجرد ورشة لصيانة و(تعمير) الطائرات الميج. - العدو يعترف

فاجأ الجيش المصرى العالم أجمع بأدائه المبهر فى حرب أكتوبر المجيدة، فلم تصدق دول العالم أنه الجيش نفسه الذى دحر قبلها بسنوات ست، فالسلاح السوفييتى لا يمكن مقارنته بترسانة إسرائيل الغربية لكن العنصر الأهم الخافى عن كافة المحللين العسكريين كان الجندى المصرى والعقلية المصرية التى ابتكرت وأضافت على ما لدينا من سلاح، حتى إن مجلة (ماهان) التابعة للجيش الإسرائيلى قد عبرت عن دهشتها وإعجابها من التطوير الذى أدخله المصريون على المدفعية المحمولة على عربات وأيضا أسلحة القتال الليلية والتى كلها من صنع الأيدى المصرية. ومن بعد الحرب بدأت صناعة السلاح فى مصر تتخذ نهجا جديدا بالانفتاح على التصنيع بالشراكة مع دول الغرب، عندما بدأت مصر فى عام 1976 التعاون مع فرنسا لإنتاج الصاروخ (كروتال) الشهير الذى أدخل عليه المصريون حوالى عشرين تعديلا تزيد من كفاءته ومداه، وواكب ذلك تطوير الطائرات الميج ودبابات (تى 54، 55، 62) وكذلك العربات المدرعة السوفييتية. أما فى مجال البحرية فقد أحرزت مصر سبقا جديدا عندما تمكن خبراء القوات المسلحة المصرية فى عام 1976 من بناء ستة زوارق صواريخ فى ترسانة الإسكندرية وهى تماثل تماما الزوارق السوفييتية من طراز (كومار) التى تم تسليحها بمعدات غربية.

ومن بعد هذه الإنجازات السريعة دفعت فرنسا بوزير دفاعها (إيفون بورج) ليقوم بزيارة عمل للقاهرة حاملا فى جعبته أجندة تحوى أسماء كبريات شركات السلاح الفرنسية التى تطلب أن تشارك الهيئة العربية للتصنيع فى صنع سلاح مصرى عربى، وعلى رأس هذه الشركات شركة (داسو) القائمة على صناعة الأسلحة الإستراتيجية كالطائرة (ميراج) والصواريخ ومحركات الطائرات. إلا أن دول الكتلة الشرقية وعلى رأسها الإتحاد السوفييتى كان لها رأى آخر تنتقد فيه الدور الفعال الذى انتهجه الرئيس السادات الذى يحاول إرساء دعائم هذه الصناعة متهمة إياه بأن (نظام الرئيس المصرى رجعى ويريد بمثل هذه الصناعة قمع القوى الثورية)؟

فكان الرد المصرى (إن الإنتاج الجديد للهيئة العربية للتصنيع إنما سيكون للدفاع عن الدول المشاركة فى الهيئة ولأية دولة تريد أن تقتنى هذا السلاح). وكان هذا الرد متزامنا مع التعاقد والشريك الأميركى الجديد على صنع السيارات (الجيب) الجديدة ذات الدفع الرباعى المستخدمة فى ميادين القتال والصاروخ المضاد للدبابات (سوينج فاير)، والهليوكوبتر (لينكس) بالتعاون مع إنجلترا، وأيضا الصواريخ (ماترا) جو - جو وجو - أرض ومعدات الحرب الإلكترونية بالتعاون مع فرنسا.

وفى 1980/9/24 افتتح الفريق الراحل أحمد بدوى وزير الدفاع مصنع (18) الحربى الذى يعتبر من أضخم مصانع العالم ويختص بإنتاج المدافع الثقيلة بمختلف أعيرتها حتى (203) ملليمتر وأيضا المجنزرات وعربات نقل الجنود المجنزرة مما يعد سبق صناعى كبير لمصر.

وتتواصل المسيرة حتى 1983/12/1 الذى احتفلت فيه الهيئة العربية للتصنيع بتسليم أول طائرة هليوكوبتر من طراز (جازيل) للقوات الجوية المصرية كسلاح مشترك مع القوات البحرية لضرب العدو بصواريخ جو - أرض ويمكن استعمالها كطائرة استطلاع أو إسعاف سريع، مما يعنى أنها من الطائرات متعددة المهام التى تعتبر النجاح المصرى الثانى فى مجال الطائرات بعد طائرة التدريب (ألفا جيت) مع الجانب الفرنسى أيضا.

وتنشر جريدة الأخبار فى 1984/4/14 خبرا مبهجا مفاده أن مصر قد صدرت لفرنسا كميات كبيرة من ستة أنواع لقطع غيار الطائرة (ميراج 2000)، كما ذكر الخبر أن مصر قد نجحت فى تطوير صواريخ (استريللا) المحمولة على الكتف. وفى غمار فرحة المصريين بالعيد الثانى لتحرير سيناء، أعلن المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة - وزير الدفاع الراحل - أن مصر بعد نجاحها فى تصنيع المدرعة (فهد) التى تتفوق على مثيلاتها الإسبانية والبرازيلية وتقل عنهما بمقدار النصف فى السعر - قد نجحت فى صناعة أول صاروخ مصرى مضاد للطائرات تحت اسم (عين الصقر)، وأنه تم البدء فى صناعة الجيل الثانى من صواريخ (سوينج فاير).

ومن بعد هذا الخبر بشهرين نشرت جريدة الجمهورية تحقيقا صحفيا عن صناعة السلاح فى مصر ليعلم الشعب أن أبناءه قادرون على مجاراة الشعوب المتقدمة فى أدق أنواع الصناعات، فقد تفوق المصريون فى تجميع أجزاء الطائرة ميراج - 2000 فى مدة 22 يوم فى نفس الوقت الذى يقوم فيه الفرنسيون بذات العمل فى 28 يوم. وحمل نفس التحقيق خبر آخر يفيد بأن مصنع الطائرات قد نجح فى إنتاج طرازين من الطائرة ألفا جيت، أولهما طائرة تدريب مبسطة والثانية طائرة هجومية مزودة بأشعة الليزر لتحديد مسافات الأهداف ومسار القذيفة بالإضافة للتوجيه الآلى وجهاز آخر لتزويد الطيار بمعلومات ملاحية مجمعة فى مكان واحد حتى لا يضطر للبحث فى أماكن عدة.

عين الصقر فى السماء

بدأ فى مطلع ثمانينيات القرن الماضى مشروع تصنيع منظومات الصواريخ ذات المدى القصير والتى كانت طليعتها الصاروخ (صخر 30) الذى يبلغ مداه ثلاثين كيلو متر، ورأس الصاروخ تحمل مقذوفات ثانوية تنثر فوق مساحة الهدف، وهذا الصاروخ مصرى 100% من حيث التصميم والتصنيع. وجاء من بعده الصاروخ (صخر 18) وله نفس مواصفات سابقه مع مدى يبلغ 18 كيلو متر، يتلوهما الصاروخ المضيء الذى يوفر للمدفعية الإضاءة الليلية أثناء الاشتباك مع العدو، ويصل مداه إلى خمسة كيلو متر، ثم القنبلة اليدوية الخارقة من نوع (حسام) والتى لا يزيد وزنها عن النصف كيلو جرام، وأخيرا الصاروخ الموجه (عين الصقر) المضاد للطيران المنخفض المحمول على الكتف ما يجعله محسوبا أنه صاروخ استراتيجي. وفى نفس الفترة أعلنت مصر أن الصاروخ الشهير (سام - 7) قد تم إدخال تعديلات عليه لمنع الإطلاق الخاطئ عن طريق تزويده بدائرة تحكم وجهاز تعارف يعمل تلقائيا بدء من اكتشاف الهدف ومتابعته حتى تدميره. وفى نصر جديد للمصانع الحربية المصرية، تم الإعلان عن تصنيع قاذف صواريخ المدفعية التكتيكية بالكامل وتمت تجربتها بنجاح، وأيضا المدفعية الصاروخية (بي.إم 21)، وكذلك تصنيع سبيكة المدافع والتى تعتبر خامة إستراتيجية وسر تكنولوجى رفضت بعض الدول أن تمد مصر بها. وفى نهايات عام 1984 تم افتتاح معرض مصر الدولى لمعدات الدفاع الذى ضم أحدث أسلحة القتال فى العالم، واشتركت فيه أكثر من مائتى شركة من ثمانية عشر دولة، والذى شغلت المعروضات المصرية ثلث مساحة المعرض إضافة لمعرض خاص بالقوات الجوية المصرية.

ومن ضمن المعروضات فى الجناح المصرى أجهزة الاتصال الميداني، الاتصالات اللاسلكية، الدوائر الإلكترونية، المدفع عيار 23مم ثنائى المواسير، المدافع الهاوتزر عيارى 122 و130 مم ومواسير المدافع عيار 115مم التى يتم تركيبها على الدبابة (تى 62) وعيار 105 مم المخصص للدبابة (تى 55)، كما شاهد الجمهور محركات الصواريخ، أجهزة الاستقبال والإرسال متعددة التحويلات الإلكترونية، قنابل الطائرات، العبوات الناسفة، قاذفات اللهب، الألغام المضادة للأفراد والمعدات، أجهزة الرؤية الليلية وتقدير المسافات بأشعة الليزر ونظارات الميدان.وظهر أيضا بالمعرض منظومة (سيناء - 23) للدفاع الجوى التى تتكون من ثلاث وحدات للرادار والتتبع والقذف، وكذلك الصاروخ المصرى (طائر الصباح) المضاد للطائرات بمدى 34 كم. وقد نشرت جريدة الشرق الأوسط اللندنية تحقيقا عن المعرض قالت فيه أن مصر قد استبدلت محركات الدبابات السوفييتية (تى 62) والبرمائية (توبا) بعد زيادة قدرتها القتالية وإضافة أجهزة رؤية ليلية لها، كما أنتجت مصر عربات الاستطلاع الكيميائية والإشعاعية. وتقول الجريدة أن السواعد المصرية قد طورت منظومة الصواريخ الفرنسية (كروتال) فزودتها بنظام تليفزيونى يمكنه التغلب على التشويش الإلكتروني، كما تم تعديل الصاروخ الإنجليزى (سوينج فاير) المحمول على عربة لورى والذى كان لا يمكن تشغيله إلا بنزول الجندى المكلف بتشغيله من العربة، وهذه العملية كانت تستغرق ست دقائق، كما وإن حجم العربة الضخم يجعلها هدف مكشوف للقوات المعادية، لذلك اعتمد التطوير المصرى على إطلاق الصاروخ من داخل مقصورة العربة مما قلل مدة الضرب إلى نصف دقيقة، بالإضافة لتقليل حجم العربة وتخفيض وزن الصاروخ وتزويده بنظام طيران آلي. وظهر فى المعرض المدرعة (فهد) التى صنعتها السواعد المصرية القادرة على العمل فى الأجواء الحارة والمتربة وتتفوق على مثيلاتها الغربية. وتقدر جريدة الشرق الأوسط مبيعات الأسلحة المصرية خلال عام 1982 بحوالى المليار دولار للدول العربية الشقيقة مثل السودان، العراق والأردن، مما يعنى أن هذه الصناعة الواعدة قد صارت أحد مصادر الدخل القومى المصريين وأن احتكار الكتلتين الشرقية والغربية لصناعة وتجارة السلاح قد صارا أثرا بعد عين وخصوصا بعد أن تعاقدت أسبانيا مع مصر على شراء منظومة الدفاع الجوى (آمون).

ثعلب بين الضباع

ويجيء قيظ صيف 1987 حاملا الكثير من المفاجآت لمصر والعالم، فقد رصدت الأقمار الاصطناعية الأميركية أجسام معدنية تطير بسرعة تفوق سرعة الصوت عدة مرات وذات مراحل متعددة وتنهى رحلتها مرتطمة بأحد ميادين الرماية أقصى جنوب مصر، وللعجب أن هذا الأمر قد تكرر بعدها بأسابيع معدودة بنفس السيناريو مخلفا قدرة تفجيرية هائلة. وأثار هذا الأمر الغريب المخابرات المركزية الأميركية ونظيراتها الإسرائيلية، الفرنسية والإنجليزية، فمصر توقفت من بعد نكسة 67 عن أطماعها لامتلاك تكنولوجيا صناعة الصواريخ واكتفت بالحصول على صواريخ (سكود) الشرقية الصنع ذات المدى المتوسط. لكن برنامج الصواريخ المصرى هدفه الأول الحصول على صاروخ مصرى خالص بعيد المدى له قوة تدمير عالية تحفظ لمصر حق الرد فى أى وقت، كما يشكل نوع من الردع لأى من تسول له نفسه الهجوم على حدودنا الشرقية، ولم تكن المشكلة فى تصنيع الصاروخ بأيد مصرية بقدر ما كانت فى الحصول على تكنولوجيا توجيه الصاروخ عن بعد كى يصيب الهدف بدقة، فكان الصراع المحموم للحصول على هذه التقنية المحرمة على مصر، وفجأة بزغ اسم دكتور مهندس عبد القادر حلمى خريج الكلية الفنية العسكرية المتخصص فى أنظمة الدفع الصاروخى ومكونات الصواريخ الباليستية، لكن المشكلة أنه سافر لنيل بعثة تدريبية فى الولايات المتحدة حيث اكتشفوا فيه عبقرية بلا حدود، فعرضوا عليه البقاء فى وكالة ناسا مقابل عروض مادية ومعنوية يسيل لها لعاب أى إنسان. وفى سبيل الحصول على هذا الكنز الإستراتيجى برز اسم العقيد حسام خير الله (الفريق فيما بعد والمرشح لانتخابات رئاسة الجمهورية 2012) أحد أبرز رجالات المخابرات العامة المصرية الذى تم الدفع به ليسافر لأمريكا ويؤسس هناك خمس شركات وهمية متعددة الجنسيات تمنحه حرية الحركة بأسماء وهمية، وبعد محاولات مضنية تم اللقاء ما بين الطرفين، وفى هذا اللقاء طلب خير الله من حلمى أن يساعد بلده مصر بكل ما أوتي، فأبدى حلمى تخوفه لأنه فى عرف العسكرية المصرية هارب، فأخبره العقيد حسام أن العقوبة قد تم إلغاؤها، عندئذ قال حلمى (رقبتى لمصر).

البنتاجون فى مصر

فوجئ العقيد حسام خير الله بأن حلمى قد منحه فيض من أحدث ما ابتكرت أمريكا من سلاح، فكانت المفاجأة الأولى التى قدمها حلمى قنابل الدفع الغازى التى استخدمتها أمريكا فيما بعد لتصفية أسامة بن لادن فى مغارات (تورا بورا)، وثانى إسهاماته كان تطوير رسومات وتصميمات أكبر مدفع فى التاريخ الذى قامت العراق بصنعه تحت اسم (بابل) بإشراف المهندسين العسكريين المصريين، كما وجه حلمى بأن الصواريخ المصرية فى مرمى أنظمة الصواريخ المضادة الأميركية مثل (باتريوت)، وزاد عبد القادر حلمى بأن تسلل عبر الإنترنت للمعامل العسكرية كى يحصل على تقنية (الكومبوزيت ماتيريال) ألا وهى خلطة الألياف الكربونية التى تساعد على تخفيض وزن أى صاروخ بنسبة 90% وعدم تأثره بالحرارة العالية للغلاف الجوى إذا ما كان بعيد المدى إضافة أن هذه المادة لها القدرة على امتصاص الموجات الكهرومغناطيسية المنبعثة من الرادارات المعادية فيصبح وكأنه شبح.

وفجأة أحست السلطات الأميركية أن هناك ما يتم تسريبه عبر الطائرات العسكرية المصرية التى تأتى بالضباط المتدربين وتعود لمصر بقطع الغيار، فتم تضييق نطاق البحث حتى تم الوصول للبروفيسور عبد القادر حلمى الذى تمت محاكمته وسجنه ومنع أسرته من العودة للقاهرة، أما البطل حسام خير الله فهرب عائدا لمصر لتطالب أمريكا بالقبض عليه أو تصفيته جسديا، وهذا ما لم يحدث، إلا إن السلطات المصرية قامت بإقصاء المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة حتى لا تتوتر العلاقات مع الولايات المتحدة ليتم القضاء - ولو شكليا - على مشروع الصواريخ المصرية بعيد المدى. لا تراجع ولا استسلام

وكنوع من الإرضاء لمصر وافق البيت الأبيض على المطلب المصرى الملح لتصنيع الدبابة (إم 1 إيه 1 إبرامز)التى تحوى أحدث تكنولوجيا العصر وأنظمة الهجوم والدفاع المتطورة، على الرغم من معارضة الكونجرس الشديدة لهذا الاتفاق حرصا على الأمن القومى الأميركى كى لا تتسرب هذه التقنية المتطورة لدول شرقية مثل روسيا وكوريا الشمالية. ويتوالى إنتاج السواعد المصرية حتى أن قائد الدفاع الجوى قد أعلن فى 1987/10/12 أن القوات المسلحة قد قدمت نموذج لطائرتين بدون طيار أولهما صممه وصنعه مهندسو الجيش والثانى صممه ضابط مهندس بحرى مصري، بحيث تحمل الطائرة وسائل استطلاع مثل الكاميرات ووسائل الإعاقة الإلكترونية وأطلق عليها اسم (نجلاء)، وتم تصنيعها بما يعادل ربع تكاليفها فى الخارج وتتفوق على مثيلاتها التى يتم توجيهها عن بعد. ومن بعدها بشهر نشر الأهرام خبر تطوير المدفع المصرى المضاد للطائرات عيار 23 مم وأطلق عليه (رمضان 23)، وذكر الخبر أنه تم تطوير منظومة الدفاع الجوى (آمون).

ويمر شهران وتعلن جريدة الأخبار أن مصر قد طورت المدرعة الأميركية (إم -113) فى مصنع قادر الحربى وأضافت عليها دروع جديدة وبعض التجهيزات الفنية التى تجعلها برمائية لتعمل على كافة مسارح عمليات منطقة الشرق الأوسط، وإن مصر قد سلمت باكورة إنتاجها من العربة المدرعة فهد لكل من سلطنة عمان وزائير. ووصلت شهرة السلاح المصرى لجريدة السياسة الكويتية التى نشرت أن مصر قد صنعت رادار جديد ثنائى الأبعاد، تحت اسم (تى بى إس 63) بمدى فاعلية 220 كم ويصعب التشويش عليه ويستخدم فى الأجواء المطيرة والعادية للكشف عن الطائرات المنخفضة. وأعلنت القوات المسلحة فى الثانى من أكتوبر 1989 أن المهندسين العسكريين قد نجحوا فى تركيب قنابل الممرات المصرية الصنع على الطائرات الميراج، كما نجحوا فى إضافة رادار حديث لطائرات النقل من طراز (سي - 130) وإضافة تسليح جديد لطائرات (توكانو) وزيادة مدى الصاروخ (صقر-30) إلى 36 كم وكذلك زيادة مدى الصاروخ (صقر- 80). وغداة الاحتفال بنصر أكتوبر فى العام 1990 أعلن مصنع (قادر) نجاحه فى إنتاج عربة القتال الحديثة (فهد-30) المتفوقة على مثيلاتها من مركبات القتال فتعمل بكافة ميادين القتال والظروف الجوية، وهى مزودة ببرج مدفع 30 مم وقاذف صاروخى مضاد للدبابات، وجارى تجهيزها بنظام خاص للوقاية من التلوث النووى والكيماوى والبكتريولوجى لحماية طاقمها، أما مدفعها فمزود بذخيرة شديدة الانفجار مداها أربعة كيلو مترات لها قدرة خرق الدروع على مسافة 2 كم، ويصل مدى العربة إلى 800 كم دونما الحاجة للتزود بالوقود، وتم تزويدها بإطارات خاصة ودائرة نفخ ذاتى تمكنها من السير لمسافة 50 كم بعد إصابة إطار أو أكثر، ولضمان تفوق المركبة عن مثيلاتها فإنها مزودة بنظامين للرؤية الليلية يعمل أحدهما بنظام تكثيف أضواء النجوم بمدى رؤية 650 متر والآخر بنظام الأشعة تحت الحمراء بمدى 400 متر، وتعاقدت على شراء هذه العربة العديد من الدول مثل زائير، سلطنة عمان، الكويت وبعض الدول الأفريقية. وكانت حرب تحرير الكويت هى أكبر فرصة لاستخدام الصاروخ (جهاد) لفتح الثغرات فى حقول الألغام التى زرعها الجيش العراقي، والذى يحدث تدمير شديد للألغام بطول 120 متر وبعرض ثمانية أمتار، وهو محمل على عربة يسهل جرها، وقد أثبت هذا الصاروخ تفوقه على نظيره الأميركى والبريطاني. ودوما ما تحاول القوات المسلحة ضغط الإنفاق لعدم تحميل الدولة ما لا تطيق، وفى سبيل ذلك نجح مهندسو الفنية العسكرية فى ابتكار طلقات للتدريب خاصة بالدبابة (إم-60)والتى يحتاج الجندى لثلاثين طلقة فى المتوسط ليجيد الرماية، وتكلفة الطلقة المستوردة الواحدة يصل إلى ألف جنيه، هبطت فى المنتج المصرى لتصل إلى الثلاثمائة جنيه، كما وأن إدارة الحرب الإلكترونية قد طورت جهاز دق علامات تحديد التلوث الكيماوى ومضاعفة إمكانياته مما يوفر نحو ستة ملايين جنيه لكل كتيبة قتال. كما قامت إدارة المشاة بتصنيع مصابيح الإضاءة الليلية بتكلفة عشرة جنيهات للواحد بدلا من استيراده بمائة جنيه، ومن بعدها تم إنتاج أول إنسان آلى (روبوت) بعقول وأيد مصرية يتعامل مع الشراك الخداعية والمتفجرات ويمكن توجيهه عن بعد وله أذرع يمكن تغييرها، وتكلفته عشرون ألف من الجنيهات بدلا من استيراد مثيله بما يقارب المليون جنيه. وفى نهايات عام 1994 أعلن مصنع (200) الحربى عن أنه قد انتهى من تسليم مائة دبابة من طراز (إم1 ايه1) بعد تطويرها وتصنيع أجزاء متعددة منها. ومن ضمن النجاحات التى أضيفت لرصيد التصنيع العسكرى المصرى كان اعتماد قوات حفظ السلام فى سراييفو والصومال على العربة المدرعة فهد والتى تعتبر الأفضل على مستوى العالم، حتى قبل أن يدخل عليها التطوير وزيادة قدرة محركها لتصير 240 حصان.

وفى نجاح جديد تم الإعلان فى نهايات العام 1997 عن نجاح مصنع (100) الحربى فى إنتاج مدفع الدبابة (إم-1) الذى يسمى (إم تى - 1) من عيار 120مم بخامات وخبرات مصرية خالصة، كما نجحت المصانع الحربية فى إنتاج جميع أجهزة الرادار والاتصال التى تعمل بسلاح الإشارة ووحدات القيادة والحرب الإلكترونية. وفى العام 2003 نشرت مجلة (جينس) الأميركية المتخصصة فى التسليح وشئون الدفاع إن المصانع الحربية المصرية قد نجحت فى إنتاج المدفع عيار 155 مم الذى يعتبر الأحدث على مستوى العالم، والذى يصل مداه إلى 52 كم، وتقول المجلة أن المصانع الحربية المصرية قادرة على أن تحول هذا المدفع إلى ذاتى الحركة عن طريق تحميله على شاسيه دبابة روسية من طراز (تى 54).


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الهامش

وصلات خارجية

  • شريف الصباح (2013-04-01). "من بحرية جسر إلى إم.1: من لا يملك سلاحه لا يملك أمنه". صحيفة الأهرام.