القانون الناپليوني

قوانين نابليون Napoleonic code قوانين نابليون اسم يطلق غالبًا على القوانين التي تحوي القانون المدني الفرنسي تمييزاً له عن القانون الجنائي. في عام 1800، عيّن نابليون بونابرت هيئة من المحلفين لجمع كل القوانين المدنية الفرنسية في مجموعة واحدة من القوانين. وبدأ سريان العمل بهذه المجموعة عام 1804م. وفي العام نفسه أصبحت القوانين تعرف باسم قوانين نابليون، بعد أن صار نابليون إمبراطورا لفرنسا. لكن اسمها الرسمي القانون المدني.

الصفحة الأولى من النسخة الأصلية، عام 1804.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تاريخ

استغرق نابليون في ذكرياته فقال إن عظمتي الحقيقية ليست في المعارك الأربعين التي خضتها وأحرزتُ فيها النصر، ذلك لأن هزيمتي في واترلو Waterloo ستمحق ذكرى هذه الانتصارات.. أما ما لا يمكن محقه، وما سيبقى أبد الدهر فهو مدوَّنتي القانونية(75). إن كلمة أبد الدهر ليست ذات طابع فلسفي، فهذه المدونة هي بالفعل أعظم إنجازاته. لقد أجبر الطيشُ والفسادُ اللذان لا ينضب معينهما المجتمعَ - بشكل دوري - على تحسين طرائقه لحماية نفسه من العنف والسرقة والغش والخداع، واقتضى هذا إعادة صياغة هذه الطرائق. وكان جستنيان قد حاول ذلك في سنة 825 للميلاد، لكن مجموعة قوانينه المدنية التي سجلها رجال القانون في عهده كانت موجودة بالفعل ولم يتعد عملهم تنسيقها ولم تكن في غالبها بناءً قانونياً جديداً يهدف إلى تغيير المجتمع واجتثاث سلبيات كانت فيه. أما المشكلة بالنسبة لفرنسا فكانت مضاعفة لأن كل محافظة (دائرة) كان لها قوانينها الخاصة حتى أن القانون في منطقة (أو محافظة أو ولاية) لم يكن ليسود في المنطقة التي تليها. وكان مرلين الدُّوي Merlin of Douai وكامباسير Cambaceres قد قدَّما الخطوط العريضة لمدوّنة قانونية جديدة موَّحدة لحكومة المؤتمر الوطني في سنة 5971 لكن الثورة لم يكن لديها الوقت الكافي لإنجاز هذا العمل، ولأن الحكومة في ذلك الوقت كانت تواجه فوضى مربكة فقد أضافت آلافاً من القرارات والمراسيم المتسرّعة اقتضى الأمر فترةً من الوقت لتُصاغ بشكل متَّسق.

وأدى اقرار نابليون للسلام مع النمسا وبريطانيا إلى إتاحة الفرصة له لإنجاز مدوَّنته. ففي 21 أغسطس سنة 0081 فوَّض القناصل الثلاثة كلاً من فرانسوا ترونشه Francois Tronchet وجان پورتالي Jean Portalis وفلي بيجو ده پريمنو Felix Bigot de Preameneu وجاك ده مالڤيل Jacques de Maleville لوضع مخطط جديد لمدوّنة وطنية متسقة تضم القوانين المدنية وأرسل نابليون مشروع المدونة كما أعدوه وقدموه في أول يناير سنة 1081 إلى رؤساء المحاكم القانونية لإبداء تعليقاتهم وملاحظاتهم، فقدَّموه بدورهم بعد ابداء الملاحظات إلى نابليون بعد ثلاثة أشهر من إحالته لهم، فأحاله إلى اللجنة التشريعية في مجلس الدول لإعادة النظر فيه، وكان على رأس هذه اللجنة التشريعية كل من بورتالي Portalis وأنطوان ثيبودو Antoine Thibaudeau وبعد أن مرَّت المدوّنة القانونية بكل هذه الفحوص تدارسها المجلس كله بنداً بنداً خلال سبعة وثمانين دورة قضائية.

وكان نابليون هو رئيس المجلس في خمس وثلاثين دورة منها. ولم يكن نابليون خبيراً بالقانون لكنه استفاد من فطنة زميله في القنصلية كامباسير Cambaceres وتعليمه القانوني. لقد اشترك نابليون في المناقشات بتواضع لدرجة حبَّبته إلى أعضاء المجلس وجعلته موضع إعجابهم. ولقد تأثر أعضاء المجلس بحرارته وحماسه وتصميمه فوافقوا برضا على مد فترة كل جلسة من الجلسات لتمتد من الساعة التاسعة صباحاً إلى الساعة الخامسة بعد الظهر، لكنهم لم يتحمسوا عندما دعاهم للاجتماع مرة أخرى مساء، فقد حدث أن اعترى النعاسُ بعض الأعضاء من جراء التعب في هذه الاجتماعات المسائية فنبههم نابليون - بكياسة ولطف - إلى ضرورة الانتباه. هيا أيها السادة فنحن لم نتقاض رواتبنا بعد(85) وفي رأى فاندال Vandal أن هذه المدوّنة ما كانت لتتم أبداً لولا حثّ نابليون الدَّءوب وتشجيعه الوِدِّي(95).

وغالبا ما كان القضاة وأعضاء المجلس يتوقفون عندما تتناول المدونة أمراً مرتبطاً بالتربيونية Tribunate (محامي الشعب). لقد أدان المجتمعون الذين كانوا لا يزالون متفاعلين مع الثورة المدونة لأن بنودها قمعت الاتجاهات التي تبنتها الثورة - باعتبارها أعادت تسلُّط الزوج على زوجته وتسلُّط الأب على أبنائه، وتوجت البورجوازية ليكونوا على رأس الاقتصاد الفرنسي. لقد تم إقرار هذه التوجهات إلى حد كبير. وقَبِلت بنود المدونة المبادئ الأساسية للثورة وطبقتها: حرية الحديث والعبادة والعمل التجاري ومساواة الجميع أمام القانون وحق الجميع في محاكمة علنية أمام القاضي، وإبطال الرسوم الاقطاعية وإلغاء العشور الكنسية وأقرت عمليات الشراء التي تمت بالنسبة لمن اشترى جانبا من الممتلكات المصادرة للكنائس أو الاقطاعات أو الدولة، ولكن المدوّنة حذت حذو القانون الروماني فقبلت الأسرة كوحدة أساسية للنظام الاجتماعي وكحصن للنسق الأخلاقي وأعطتها أساساً بإحياء السلطة الأبوية على النحو الذي كان سائداً في الحكم القديم (العهد البائد) فأصبح للأب الحق في التحكم في ممتلكات زوجته وأصبح له السلطة الكاملة على أبنائه حتى يبلغوا سن الرشد ويمكنه أن يطلب سجنهم فيتم ذلك بناء على طلبه هو وحده وأصبح يمكنه منع زواج الابن فيما دون السادسة والعشرين والابنة فيما دون الواحدة والعشرين. وانتهكت المدوَّنة مبدأ المساواة أمام القانون بنصها على أنه في حالة المنازعات حول الأجور فإن القول الفصل لصاحب العمل (وفيما عدا ذلك فالجميع أمام القانون سواء) ومن 21 أبريل سنة 3081 تجدد حظر الروابط العمالية (إلاّ ذات الأغراض الاجتماعية الخالصة) وبعد الأول من ديسمبر من العام نفسه (3081) أصبح على كل عامل أن يحمل معه بطاقة عمل مدوّن بها مهنته، وأعادت المدوَّنة - بموافقة نابليون - نظام الرِّق في المستعمرات الفرنسية(06).

لقد كانت المدونة تمثل ردة فعل تاريخية فقد كان توجهها العام هو الانتقال من مجتمع يكثر فيه ما هو مباح إلى مجتمع منضبط على مستوى الأسرة والدولة. وكان واضعو التشريع هم رجال هذه الأعوام، إذ نبههم إفراط الثورة وإسفافها، ورفض التراث والتقاليد بطيش وبلا روية، وسهولة الطلاق وتفسخ الروابط الأسرية والسماح بالانحلال الأخلاقي بين النساء، والسماح بممارستهن للشغب السياسي، وتشجيع دكتاتورية البرولتياريا والتستر علي مذابح سبتمبر والارهاب باسم الشعب. لقد قرر هؤلاء الرجال أن يُوقفوا ما بدا لهم مدمراً للمجتمع والحكومة. وقد أيد نابليون تأييداً مطلقاً اتجاه هؤلاء الرجال رغبة منه في استقرار فرنسا في ظل حكمه. لقد اتفق معه مجلس الدولة على ضرورة إغلاق باب المناقشة على المستوى العام في مواد المدوَّنة البالغة 182،2 مادة، وفي 12 مارس أصبحت هذه المدونة - واسمها الرسمي المدونة القانونية المدنية لفرنسا - هي قانون فرنسا.

كانت قوانين نابليون حلاً وسطاً بين القوانين المألوفة في شمال فرنسا والقوانين الرومانية في جنوبها. كما واءمت بين أفكار الثورة الفرنسية والأفكار التي سبقتها، إذ منحت الشعب حريات جديدة لكنها أبقت على بعض الأفكار مثل نظام الإرث. وكان لقوانين نابليون تأثير على القانون في أوروبا وأمريكا الجنوبية، وفي ولاية لويزيانا، ومقاطعة كويبك. لكن تأثيرها قد تضاءل، حتى في فرنسا ذاتها، حيث حلّ محلّها بعضُ القوانين الجديدة وأحكام المحاكم.


المصادر

  • ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.
  • الموسوعة المعرفية الشاملة

الاختلافات الرئيسية: الشريعة العامة الإنگليزية مقابل القانون الناپليوني

قالب:Sect-stub

انظر أيضاً

المصادر

وصلات خارجية