"العيطة”

ثمة في المغرب نسيج متنوع من الأشكال الفنية والإبداعية والتعبيرية تختلف حسب أصولها وشروطها وقوانينها كما تختلف مرجعياتها العرقية، الإثنية والتاريخية واللغوية والثقافية. فالمغرب متعدد المكونات الثقافية: الأمازيغية والعربية والحسانية، الإسلامية واليهودية. ومن بين الفنون التراثية المغربية نجد فن العيطة.

كلمة مأخوذة من ” العياط ” ، وتعني الصياح- النداء- الاستغاثة، بصوت جهوري لإثارة الاهتمام والانتباه . حيث يقول الشاعر الشعبي المغربي و المتصوف سيدي عبد الرحمان المجدوب في ديوانه "عيطت عيطة حنينة فيقت من كان نايم فاقوا قلوب المحنة ونعسو قلوب البهايم"[1] أي العيطة هي النداء أو المنـــــاداة بصــوت جهـــــــــــوري لاستلفات اهتمام الغير.

وفن العيطة كما عرفه حسن نجمي- وهو باحث في التراث المغربي- في كتابه "غناء العيطة:الشعر الشفوي والموسيقى التقليدية في المغرب-الجزء الأول-"  فن شعري وفن موسيقي غنائي، تمت صياغته اجتماعيا، شأنه شأن  كل تعبير فني شفوي وكل تعبير فلكلوري .[2] 

تعتبر العيطة اصطلاحا مجموعة من المقاطع الغنائية والفواصل الموسيقية الإيقاعية في منظومة تختلف عناصرها باختلاف أنواع وأنماط العيطة نفسها. يستقي شيوخ ونظام العيطة مواضيعهم من الحياة الإنسان المغربي فاجتماعيا يبدعون في الحديث عن العشق والطبيعة والغزل كما عن الآلام والمعانات والفقر والهجرة، وسياسيا يتفننون في التحريض على مقاومة المستعمر ومحاربة الفساد والبطش كما يفضحون فساد بعض القياد والساسة، وحقوقيا يعملون من خلال أشعارهم على النضال من أجل قضية المرأة والمعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي.

ويصف الأستاذ حسن نجمي فن العيطة على أنه يندرج ضمن مفهوم الموسيقى التقليدية وذلك انطلاقا من خصائص الموسيقى التقليدية التي حددها مجموعة من الباحثين في خمس نقط هي:

"أولا: إنها موسيقى ذات أصول قديمة، وتظل على العموم مخلصة ووفية لينابيعها، إن لم تكن على مستوى المبادئ، فإنها تظل وفية على الدوام وبالضرورة، للشكل ومناسبات الأداء. ثانيا: تستند هذه الموسيقى إلى التناقل الشفوي لقواعدها، وتقنياتها، ومدخراتها الشعرية والموسيقية. ثالثا: ترتبط بسياق ثقافي، ولها مكانة معينة في هذا السياق، بل ولها وظيفة محددة ودقيقة تنهض بها. رابعا: هي موسيقى تحمل جملة من القيم valeurs والمزايا vertus تضفي عليها معنى وفعالية. خامسا: إنها مرتبطة بشبكة من المعتقدات والممارسات، التي تكون أحيانا ذات طقوس معينة، وتستمد من هذه الطقوس جوهرها، وربما مبرر وجودها. " [3]

ظل فن العيطة عبر مر الزمن فنا متوارثا شفويا لا بحوث تقام لدراسته. فكان أول من اهتم لفن العيطة هو المستعمر المندهش من قبيل أوجين أوبان سنة 1902 بكتابه "المغرب في الإعصار"، كونراد دو بويسري بكتابه "في بلاط فاس" سنة 1904، ثم غابرييل فير بكتابه "في صحبة السلطان" سنة 1905، فذكروا فن العيطة والأمسيات الفنية وطقوسها، كما ذكروا الشيخات ومميزاتهن، لتتهافت بعد ذلك الصحف والمجلات و لأبحاث والمقالات للاطلاع أكثر على هذا الرمز الثقافي المغربي الخاص. ولعل أول من اهتم بفن العيطة من المغاربة هو الباحث المغربي إدريس بن عبد العلي الإدريسي بكتابه المعنون "كشف الغطاء عن سر الموسيقى ونتائج الغناء" الصادر سنة 1935 بالرباط. ويذكر حسن نجمي في الجزء الثاني من كتابه مجموعة من الباحثين الذين ساهموا في التعريف بفن العيطة وبالشيخات ونقتبس منه قوله :

"وفي هذا السياق، يمكننا أن نستحضر عدة أسماء مغربية أسهمت في إثراء البحث والكتابة عن العيطة، كشعر شفوي، كموسيقى تقليدية، كأداء فني وحضور جسدي أنثوي للشيخات، وكتداول وتفاعل وتخاطب ذوات منتجة لنصوص وذوات تتلقاها. ويبدو لنا أن الباحثين أحمد عيدون، عبد العزيز عبد الجليل، حسن بحراوي، إدريس كرم، محمد الرايسي، وسالم اكويندي أعطوا للعيطة حيزا كبيرا من اهتمامهم الثقافي والدراسي، تنضاف إليهم باحثة مغربية أنجزت أطروحة أساسية حول أغاني الشيخات لم تجد طريقها إلى النشر حتى الآن، د. خديجة عبد الجميل، والتي تواصل مشروع بحثها العلمي في نفس الأفق، ومن زاوية نظر مختلفة وجديدة تتخطى المعطيات الإخبارية التي باتت اليوم بديهية مكرورة، لتركز على خيار لساني سيميائي في مقاربة المتن الشعري للعيطة. وبالفعل، فما تحتاجه شعرية وجمالية العيطة هو أن ننجز خطابا يستثمر المكتسبات المنهجية والنظرية الجديدة ويهيئ المناخ لفهم جديد لهذا الفن المغربي الجميل الذي لاشك أن البداهة استنزفته" [4]

حصر الباحثون فن العيطة في تسعة أنماط و هى:

-الحصباوية أو العبدية : و تنسب إلى منطقة عبدة اسفي. -المرصاوية : منطقة الدار البيضاء والسطات و برشيد. -الملالية: تنسب إلى قبيلة بني ملال. -الحوزية: تنسب إلى أحواز و مراكش و قلعة الصراغنة. -الجبلية:تمتد من طنجة و تطوان و العرائش و شفشاون و القصر الكبير،تاونات . -الشاضمية:تنسب إلى قبائل الشياضمة بإقليم الصويرة. -الغرباوية:تنسب إلى منطقة الغرب و شمال الرباط. -الزعرية: تنسب إلى منطقة زعير. -الفيلالية: منطقة تافيلالت.

تختلف تسميات أنماط العيطة ،غير أن معظم فناني العيطة و باحثين آخرين يختلفون مع هذا التقسيم ويرون أن لكل نمط من العيطة مميزاته و أن تسمية الأنماط يجب أن يظل كما عهدوا عبر مر العصور والأجيال ينسب إلى المنطقة أو المنطقة التي ينحدر منها الفنانين.

يقول الباحث في التراث الأستاذ سالم اكويندي في مداخلة له في البرنامج الوثائقي "يا موجة غني" في حلقة مخصصة لفن العيطة: "بطبيعة الحال هناك اختلافات، في التسميات، في بعض المناطق، ولكن السليم في اعتقادي، أن تبقى مسمات بمناطقها. العيطة الجبلية في الجبل وليست الطقطوقة. إذن العيطة نسميها بالمليلية نسبة إلى بني ملال أو الخريبكي أو الزعري (...)" [5]

تنقسم الآلات الموسيقية المعتمدة في فن العيطة بين الآلات الإيقاعية و الآلات الوترية.

العيطة في بداياتها كانت تعتمد على لوتار والتعريجة فقط كآلات موسيقية ثم تطورت إلى أن أصبحت الفرقة الموسيقية تتكون عموما من عازف على آلة الكنبري أو الكمان و هو قائد الفرقة ويسمى ب"الشيخ" ثم عازف على آلة "التعريجة" ويسمى بالميزان ثم عازف على آلة الطر. تكون الفرقة مرفوقة بالشيخات وهن فنانات وظيفتهن الرقص والمواويل بالإضافة إلى الغناء والعزف كذلك بالنسبة للاتي يعزفن على آلة موسيقية ما.

نذكر بهذه المناسبة البعض من رموز و أعلام هذا الفن المغربي بصيغتيه المؤنث والمذكر، من أمثال، فاطمة الحمونية، وبوشعيب البيضاوي ، وفاطمة الزحافة ، ومحمد العواك، وزهرة خربوعة والشيخة خربوشة الملقبة ب"مولاتْ الكلام الموزون". وتعتبر الشيخة خربوشة من رموز الشيخات المناضلات اللاتي ساهمن في حركة التحرر الوطنية كما قاومت جبروت السلطة، وانحازت إلى قبيلتها المظلومة ، وأحد هجاءاتها الأكثر شهرة هجاءها للقائد بنعيسى وكذا بعض أشعارها حول الخونة وتغنيها بالمغرب وبعودة محمد الخامس من المنفى.


هناك أنواع عديدة من أشعار العيطة نذكر منها:

-الحبة: وهي أصغر شكل شعري في شعر العيطة. وقد تكون مستقلة بذاتها أو استهلالا لقصيدة. وتكون الحبة إما مفردة (فرادية)، أو ثنائية (بومقلاع/المثني) أو ثلاثية (المثلث)، أو رباعية (الرباعي)، أو خماسية (الخماسي). -البروال: وهي قصيدة موجزة ومقتضبة. ويؤدى هذا النوع الشعري على وزن موسيقي واحد ولا يتغير فيه سوى الإيقاع حيث يبدأ بطيئا وينتهي سريعا. -القصيدة: وهي الشكل الأكثر طولا وهي النموذج الغنائي المتكامل على مستوى الإيقاع و الأنغام والتركيب.

يقسم فناني العيطة عرضهم الفني إلى أقسام محددة:

- الطبعة أو الحطة: وهي أول أغنية يفتتح بها العرض والهدف منها جلب اهتمام الحاضرين وكسبه إلى نهاية العرض. ويعتبر تقدير أول أغنية يطبع بها العرض، دور من أدوار الشيخة الطباعة وهي الشيخة التي تلبس لباسا مختلفا عن بقية الشيخات لإظهار مكانتها. -العصابة: وهي إلقاء الأبيات الشعرية بطريقة دائرية يقوم كل عضو من الفرقة الغنائية بغناء جزء. -العتبة: تغيير مجرى الإيقاع والموضوع للانتقال إلى الموضوع الثاني ويكون عبارة عن إشارة متفق عليها . -القفل أو السدة أو الطمة: وهي الخاتمة . -الحبة الزعرية: وهي لحظة الهام غير مبرمجة و غير محضرة تقوم فيها الشيخة أو الشيخ/القايد بالتوجه بالحضور بزجل موزون إما للمدح أو للذم وغالبا ما استعملت هذه التقنية لتمرير رسائل سياسية أو شخصية وهي أيضا لحظة قرب من الحضور حيث يمكن لمجموعة منهم أن يستشعروا الحبة الزعرية بطريقة شخصية.

الشيخات
وإن كانوا جزءا لا يتجزأ من هذا الفن باعتبارهن مطربات، راقصات ومنشطات للعروض فإن دورهن ذهب إلى أبعد من ذلك حيث يصرح كل من حسن نجمي وشيخة النمط الحصباوي الشيخة خديجة مركوم في وثائقي مع قناة الجزيرة بعنوان "العيطة: رحلة نغم"[6]  بأدوار أخرى وفنون تفردن بها الشيخات نذكر منها فن "التعداد"  وهو فن عيطة خاص بالجنائز تقوم فيه الشيخة بذكر محاسن الشخص المتوفى والنحيب عليه فنيا، وفن "التهاوين" وهو عبارة عن فن انفرادي وجد شخصي تقوم الشيخة فيه بالتغني بشخص غائب سواء زوج أو ابن أو خليل وذلك خلال أوقات انشغالها بأعمال المنزل اليومية  أو في فترات خلوتها.

وتعتبر الشيخات تعبيرا حيا مجسدا عن المكونات الثقافية المتعددة المغربية، فنجد منهن الشيخات العربيات والأمازيغيات، المسلمات واليهودات، هذا التعبير عن المكونات الثقافية المختلفة لا ينحصر في الكلمات أو اللغة المستعملة، وإنما كذلك في الألحان، والآلات الموسيقية الموظفة، واللباس المغربي التقليدي الأصيل المعبر عن المنطقة.

تعتمد الشيخات أساسا على تقنية الحفظ وتمرير القصايد للأجيال الموالية، حيث تستقبل المعلمة مجموعة من الشيخات في بيتها للتتلمذ على يدها وحفظ القصايد وطرق الأداء والتحكم في الصوت الخ، قبل أن تلتحق التلميذات/التلاميذ (الشيوخ) بمجموعات أو القيام بتشكيل مجموعات جديدة. علما أن أغلب الشيخات في السابق كن –رغم حفظ قصائد متوارثة- شاعرات، يكتبن أشعارهن بأنفسه.

الشاعرة والشيخة خربوشة المعروفة بالكريدة أو العبدية أو الزروالة:

شاعرة وشيخة منحدرة من منطقة عبدة، عرفت بنضالاتها ضد بطش وطغيان القائد عيسى بن عمر خلال انتفاضة ولاد زيد، والذي كان يخدم أجندات أجنبية، ومن أشهر أشعارها الملتزمة نجد تلك التي وجهتها مباشرة للقايد عيسى بن عمر وكانت سببا في اغتيالها، والتي تقول فيها[7] :

واخايتي عليك آ ليام (اه منك يا أيام) وا ليام آليام أيام القهرة والظلام وا فينك آ عويسى فين الشان والمرشان (أينك يا عويسى –وتفيد الاحتقار- أين المال والجاه) شحال غيرتي من عباد (كم أحزنت من عبد) شحال صفيتي من سياد (كم اغتلت من سيد) بلا شفقة وبلا تخمام (بدون شفقة وبدون تفكير) وايلي (يا ويلتي) حرقتي الغلة وسبيتي الكسيبة (أحرقت المحصول وسبيت الأنعام) وسكتي النسا كيف النعام (وسقت النساء كالأنعام) ويتمتي الصبيان بالعرام (ويتمت الصبية بالمجموعات) وايلي كيف الشيخ كيف العبد كيف المقدم (مثل الشيخ مثل العبد مثل المقدم (رتبة مخزنية)) گاع منك طالبين السلام (جميعهم يطلبون منك السلام) وافينك آعويسة وفين الشان والمرشان إيييه تعديتي وخصرتي الخواطر (تجاوزت الحدود وسببت الآلام) ظنيتي القيادة للدوام (ظننت القيادة تدوم) والجيد مبقالو شان (والصالح لم يعد له قيمة) والرعواني زيدتيه الگدام (والطالح... قدمته للأمام) سير آ عيسى بن عمر (إذهب يا عيسى بن عمر) يا وكال الجيفة يا القاتل خوتو يا محلل الحرام (يا آكل الميتة، يا قاتل إخوته، يا محلل الحرام) وايليييي (....) ألباس ولباس ولباس بالي تهلك بلا قرطاس (نفسيتي تحطمت دون رصاص) وياك مخالي الدوام للمعاشات على ما دار فيا وفات (لما حصل لي وفات) ومن الزهو، باطل، فراح وليلات (من لهو، وباطل وأفراح وليال) مدام الرواح اتزهقات (طالما أن الأرواح أزهقت)

هاك لويزك صرفو نحاس (خذ لويزك (قطع ذهب) قم بتصريفها إلى نحاس)

لىك...اللي ما يسواش (لك.....عديم القيمة)

هاك لويزك دقو حديد (خذ لويزك حوله حديدا)
فراج العالي مازال قريب (فرج الله ما زال قريبا)

ولباس ولباس ولباس هاك الدق بلا قرطاس (خذ الطلقات دون رصاص) يا ابن عمر يا مهجج اللامات (يا بن عمر يا مزعج اللقاءات )

يا بن عمر يا مهدم الفراكات ....يا مشتت العلامات 
و ما بقى قد ما فات (لم يتبقى –من الزمن- بقدر ما ولى)
وا حلفت الجمعة مع الثلاث... يا اعويسة فيك لا بقات  (لقد أقسمت الجمعة والثلاثاء، يا عويسى ستؤذي الثمن)

دار السي عيسى كالو خلات.... وقابلة المعاشات (قالو أن دار السيد عيسى أفرغت...وتقبل المعاشات)

وياك طغيتي وتجبرتي (ألم تطغى وتتجبر)
ياك ذلتي ورفعتي (ألم تذل وترفع)
بلا تاويل.. بلا حكمة.. بلا قياس حكمتي (بدون اتزان...بدون حكمة...بدون قياس حكمت)
ويا الحاضر بلغ الغايب (يا حاضر بلغ الغائب)
كولوا للشايب را الغدر عيب (قولوا للمسن إن الغدر عيب)
وا قادي كول أنا متايب ربي كبير وقريب ما ينصر ظالم ولا سايب (يا قائدي قل أنا تائب ربي كبير وقريب ولا ينصر الظالم ولا السائب –المتجاوز للحدود/المتمرد)
وايلييييييييي

(بصوت مرافقين ذكور) ويا خربوشة.. ويا زروالة يا الكريدة يا العبدية

راكي حرة وشريفية بلهلا يكزيه لولد التمرية (إنك حرة وشريفة رغم أنفه)

واخا قتلني واخا خلاني (رغم أنه قتلني وتركني) راني ما ندوز بلادي راني زايدية (لن أخون بلادي...إنني زايدية (قبيلة ولاد زايد))

(بصوت مرافقين ذكور) ويا خربوشة.. ويا زروالة يا الكريدة يا العبدية

راكي حرة وشريفية بلهلا يكزيه لولد التمرية

واخا قتلني واخا خلاني راني ما ندوز بلادي راني زايدية


(بصوت مرافقين ذكور) ودخلي عليه يا زروالة بالصالحين والأولياء (ادعي عليه يا زروالة بالصالحين والأولياء/لينتقموا منه) ودخلي عليه بالتجاني سيدي احمد مول الوظيفة (ادعي عليه بالتجاني سيدي أحمد صاحب الوظيفة/ليزيحه عن وظيفته) مولاي عبد السلام الحاضي الوليدية (مولاي عبد السلا م حارس الوليدية)

واخا قتلني واخا خلاني راني ما ندوز بلادي راني زيدية

(بصوت مرافقين ذكور) ويا خربوشة.. ويا زروالة يا الكريدة يا العبدية

راكي حرة وشريفية بلهلا يكزيه لولد التمرية

ولا سماحة ليك الايام (لن أسامحك يا أيام/ قدر)

على كلمة خرجت البلاد (بسبب كلمة فقط خرجت البلاد)

وعلى كلمة خرج الحكام (بسبب كلمة فقط أخرج الحكم)

واخا قتلني واخا خلاني راني ما ندوز بلادي راني زيدية الشيخة فاطنة بنت الحسين

الشيخة فاطنة بنت الحسين:

تلقب بشيخة الشيخات، ولدت فاطنة بنت الحسين بمنطقة سيدي بنور التابعة لدكالة عبدة. ابتدات الغنا في سن مبكر في الأعراس و الأفراح رغم رفض عائلتها لذلك ثم انتقلت إلى فرقة الشيخ المحجوب وزوجته الشيخة خديجة العبدية ثم اختارت الغناء ضمن فرقة أولاد بنعكيدة وسجلت معهم أكثر من 200 أغنية غناء توفيت فاطنة بنت الحسين سنة 2005 م. من أشهر أغانيها نجد:

• دوك الجبال • أجي أخويا نقول ليك • راه بلاني • تبارك الله وحجاب الله • العلوة • الحب القتال

وكما هو الأمر بالنسبة لأغلب الشيخات وقصايد العيطة فإن الشيخة فاطنة بن الحسين زاوجت بين القصائد الوطنية والثورية، وبين قصايد الحب والغزل والشهوات وبين قصايد الألم والمعاناة.

الشيخة الحاجة الحمداوية:

وهي من الشيخات المخضرمات في مجال العيطة حيث بدأت في زمن كانت العيطة فيه والمشياخة ينظر إليها بحذر من طرف المجتمع المغربي المحافظ، ثم عايشت العصر الذهبي للعيطة، وهي فترة كانت تعتبر فيها العيطة من أهم الألوان الموسيقية المغربية، ثم عاشت انحدار هذا الفن الأصيل وتناسي المجتمع والإعلام له. توفيت الحمداوية سنة 2021م، وهي تبلغ من السن حوالي 90 سنة، والمثير في الحمداوية أنها ظلت مرتبطة بالأداء الفني والموسيقى مهما طال بها العمر.

من أهم قصائدها نجد: • هزوا بنا العلام (ارفعوا رايتنا) • حاضية البحر (أحرس البحر) • الكاس حلو • أي جا يدير (ماذا قدم ليفعل) • حبيبي ديالي

ومن بين أهم رواد العيطة الذكور نجد: • حجيب • عبد الله البيضاوي • بوشعيب البيضاوي • جمال الزرهوني

أما في النساء فنجد: • الشيخة الحمونية • الشيخة فاطمة الزحافة • الشيخة خديجة البيضاوية


إن الملاحظ بخصوص أغاني العيطة عموما هو تعدد تماتها، وهو تعدد يعكس اهتمامات وانشغالات المغاربة، فتيمات العيطة منبثقة من الواقع المغربي، ومن الحياة اليومية الاجتماعية والنفسية والسياسية، من تقلبات مزاجية، ومشاعر، ومعاناة نفسية واقتصادية وسياسية، إلى الارتباط بالأرض والوطن والافتخار به ورفع الهمم للدفاع عنه والتضحية في سبيله. كما نجد الارتباط الدائم للعيطة بالطبيعة من بحر وجبال وهضاب، وفاء لطابعها القبلي ولأصولها الأولى كل عيطة حسب منطقتها (جبلية، مرساوية، الحوزية، الملالية، الزعرية، الحصباوية) وما تتميز به هذه المنطقة من تضاريس.

أصبحت العيطة كلون فني والمشياخة كمهنة فنية راقية مهددة بالانقراض، أولا نظرا لاقتحام آلات آلية للميدان الفني ولانتشار ألوان فنية متعددة يميل إليها الشباب أكثر، ثم لعدم تعزيز هذا الفن سواء من حين التكوين والتدريب، أو التوثيق، أو من حيث الإمكانات المالية والإعلامية. كما أصبح لمصطلح الشيخة حمولة اجتماعية وأخلاقية سيئة مغلوطة، وبعيدة كل البعد عن المعنى الحقيقي لكلمة الشيخة التي تحيل على الفنانات المبدعات اللاتي أمتعن الجمهور، وخلدن التراث وسجلن التاريخ ثم حررن الوطن.

اليوم يحاول المغرب من خلال مجموعة من البرامج الإعلامية التراثية، ومن خلال برامج حكومية ومؤسساتية، إلى جانب مجموعة من الباحثين الأكاديميين والمهتمين إنقاذ التراث الشفوي من الضياع، من خلال تتبعه وحفظه وتوثيقه واسترجاع ما ضاع منه، نقله من الشفهي إلى المكتوب من المتداول إلى المسجل. كما يحاول كل من جهته إخراج التراث المغربي من قوقعته الجغرافية أو اللغوية أو العرقية، وتعميمه من خلال فعل الترجمة أولا، ثم النشر والتوعية والتعريف به وطنيا وجهويا ودوليا، في اعتراف لما حققه في الماضي وتشجيع لما يمكن أن يحققه في المستقبل.

  1. ^ ديوان سيدي عبد الرحمان المجدوب،ص:4
  2. ^ غناء العيطة:الشعر الشفوي و الموسيقى التقليدية في المغرب-الجزء الاول-، ص:30
  3. ^ غناء العيطة:الشعر الشفوي و الموسيقى التقليدية في المغرب-الجزء الاول-، ص:25
  4. ^ غناء العيطة:الشعر الشفوي و الموسيقى التقليدية في المغرب-الجزء الثاني-" صص:43 -44
  5. ^ البرنامج الوثائقي "يا موجة غني" حلقة العيطة https://www.youtube.com/watch?v=m3fAFP9JGLU&list=FLnpZnrS9AsmHfONzT4xP8hQ&index=7
  6. ^ انظر: وثائقي مع قناة الجزيرة بعنوان "العيطة: رحلة نغم" https://www.youtube.com/watch?v=XaJkt6QAeew&index=3&list=FLnpZnrS9AsmHfONzT4xP8hQ https://www.youtube.com/watch?v=43bWsk7bZE4
  7. ^ https://www.youtube.com/watch?v=43bWsk7bZE4