كلاسيكية (عمارة)

(تم التحويل من العمارة الكلاسيكية)

العمارة الكلاسيكية Classical architecture، هو مصطلح يطلق في الفنون والعمارة على ذلك المنحى المتميز الظاهر في التراث الأصيل من أعمال فنانين قدامى، وقد أصبح مرجعاً للأجيال اللاحقة تنهل منه وتنطلق من قواعده ومبادئه وموضوعاته. وبين تعريفات هذا المنحى القول إن الاتباعية في الفنون والعمارة هي الفن الذي يقوم على قواعد معينة، ويتصف بالتناسب والانسجام والخطوط المحددة للأشكال والنظام والتناظر والأصالة والموضوعات النبيلة ذات المكانة التقليدية والمرموقة فنياً واجتماعياً.[1]

The Tholos temple, sanctuary of Athena Pronaia
Tholos temple, sanctuary of Athena Pronaia; located in Delphi, Greece

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التعريف

العمارة الكلاسيكية هي مجموعة من المفردات التي تستخدم الهندسة المعمارية المستمدة في جزء من العمارة اليونانية والرومانية في العصور القديمة الكلاسيكية، مما أثرى الممارسة المعمارية في أوروبا منذ عصر النهضة. وقد ألهم العمارة الكلاسيكية الأخيرة العديد من المهندسين المعماريين، وأدى إلى الإحياء مثل العمارة الكلاسيكية الجديدة من منتصف القرن 18 وإحياء اليوناني من القرن 19. بعد فترة وجيزة من الانتقائية، ساد نمط الكلاسيكي مرة أخرى من القرن 19 حتى أواخر الحرب العالمية الثانية، على الرغم من أنه لا يزال العديد من المهندسين المعماريين لإعلام حتى يومنا هذا. مصطلح "الهندسة المعمارية الكلاسيكية"، ينطبق أيضا على أي طراز من العمارة التي تطورت إلى حالة المكررة للغاية ، مثل الكلاسيكية الصينية العمارة والهندسة المعمارية أو المايا الكلاسيكية. ويمكن أن تشير أيضا إلى أي العمارة الكلاسيكية التي توظف الفلسفة الجمالية.


التقسيم الزمني

 
The Casa das Fontes in the ancient roman city of Conímbriga, Portugal

تنقسم العمارة الكلاسيكية إلى:

التاريخ

وكان الإبداعيون هم الذين أطلقوا مصطلح الاتباعية في أواسط القرن التاسع عشر، وأرادوا به ذلك المنحى الذي غلب على الأعمال الرائعة القديمة التي قالوا عنها بأنها تتصف بالمثالية والسمو العقلي والسعي إلى الأعمال الجليلة، والعناية بالدقة والتنظيم.

وواقع الحال أن الاتباعية في الفنون التشكيلية والعمارة تتبع قواعد معينة، وتنطلق من النظام والترتيب والوضوح والتوازن، ومن الصرامة والأبهة، ومن الرغبة القوية في تجاوز الخاص وإبراز العام. ثم إنها تلح على موضوعات ذات صلة عميقة بالأساطير والدين والنزعة الأرستقراطية وتسعى إلى أن تقدم فناً متماسكاً يعبر عن القيم الخالدة مثل الحق والخير والجمال بمفهوماتها التقليدية. إلا أن الاتجاهات النقدية المعاصرة أخذت تميل إلى تحديد الاتباعية ضمن مفهومات معينة وإلى تعريفها التعريف الدقيق الذي يمنع تداخل هذا الاتجاه مع الفنون الأخرى. لهذا قيل: ولدت الاتباعية في اليونان، وورثها الرومان، وأحياها عصر النهضة، ثم بعثت في أوربة في القرن الثامن عشر.

يعد فناً تقليدياً عند اليونان العمل الفني الذي يمثل أفضل ما أنتج ضمن التراث اليوناني والذي يتجاوز الصور الفنية السالفة. فالأسلوب التقليدي في الفن عند اليونان هو ثمرة الفكر اليوناني الذي يرتبط بالحس ويعتمد على إقامة توازن وتناسب يتجلى فيهما معنى البطولة والإنسانية، والذي يتضمن محاولة السمو بالواقع، فتمثال [[أپولو (تمثال) أپولو]]Apollon يحمل فكرة التعالي ويمثل صور الرجولة والنبل تمثيلاً قوياً، ويعبر تمثال فينوس Venus عن أرفع صور الأنوثة جمالاً ونبلاً. والتماثيل الرياضية اليونانية المنحوتة تصور أجساماً بشرية تعبر كذلك عن مثل عليا.

وحين انتقلت هذه المثل اليونانية إلى حضارة الرومان وإلى عصر النهضة بعد ذلك، بدأت تأخذ بنسب رياضية محددة وعلاقات هندسية وغدت هذه المثل العليا الجديدة تقوم على أساس أن الجمال تناسق وتناسب في أصوله. وقد تم في عصر النهضة، في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، إحياء الفن التقليدي، إذ كان الخروج من نطاق العصور الوسطى والانطلاق نحو الغايات الإنسانية والفكرية يقتضي الاهتداء إلى نموذج من تراث سابق يصلح نقطة للبداية، وقد وجده فنانو عصر النهضة في تراث الإغريق والرومان الذي يمثل قمة النضج الفكري والفني، ويشبه روح النهضة بما فيه من نزعة إلى الحرية والإنسانية.

وكان بين أهم الظواهر المميزة لعصر النهضة من غيره ظهور حركة الكشوف الجغرافية التي ألقت الأضواء على شعوب كثيرة كانت مجهولة والتي أدت إلى اتساع أفق الإنسان مما يعد مظهراً أساسياً من مظاهر هذه الحقبة المهمة في حياة الفكر الإنساني في أوربة.

وكان لازدهار التجارة واتساع نطاقها بين أجزاء مختلفة من العالم ولاسيما في المناطق الواقعة شرقي البحر المتوسط، الفضل في نقل كثير من معالم الحضارة العربية إلى أوربة. وأدى كل ذلك إلى ثورة فكرية فيها، ولاسيما في إيطاليا، عرفت باسم «الحركة الإنسانية». وقد التجأ رواد الفكر والفن في ذلك العصر إلى تأكيد وجهة نظرهم الجديدة بضرورة الرجوع إلى التراث الإغريقي- الروماني وإحيائه واتباع مبادئه.

وفي مجال العمارة انفتحت مجالات جديدة وكثيرة أمام رجال العمارة نتيجة نمو المدن، وما تحتاج إليه من مبان عامة وقصور للطبقات الغنية الجديدة، وكان لرجال الفن في عصر النهضة أثر كبير في تقدم العلم، ومثال ذلك التقدم الذي أحرزه علم المنظور وعلم التشريح. ومن أبرز الذين احتلوا مكانة الصدارة في هذه المجالات ليوناردو دافنتشي (1452-1519) الذي يعد رمز الطموح العلمي في عصر النهضة، إذ استطاع ربط المثل الفنية بالعلم ربطاً محكماً.

وعندما تبلورت اتجاهات عصر النهضة الفكرية وما صاحبها من تغيير في النظام الاجتماعي، تحول فن العمارة نحو الفن الاتباعي. وبدهي أن فناني عصر النهضة التقليديين لم ينقلوا العمارة الرومانية كما هي، بل أخذوا بعض عناصرها، كالأعمدة الإيونية والكورنثية، واهتموا بالتنظيم الذي يعتمد على التماثل، واستعمال القباب بدلاً من الأبراج العالية المدببة، وجعلت فتحات الأبواب والنوافذ نصف دائرية أو أفقية وزينت بزخارف كثيرة بارزة، وقل استعمال الزجاج الملون وكثر استعمال التصوير على الجص اللين. وكانت التماثيل المستعملة في المباني أكبر من الحجم الطبيعي. ويعد الفلورنسي برونلسكي F.Brunelleschi (1377-1446) في مقدمة المعماريين الإيطاليين التقليديين الذين وضعوا ركائز العمارة في عصر النهضة، ومن أهم هذه الركائز النظام الدقيق المبني على أصول حسابية هندسية محكمة، والتناسب في أجزاء العمارة، وبساطة التخطيط، وتماسك العناصر.

ومن أعظم أعماله قصر پيتي Pitti (1440) المستعمل اليوم متحفاً فنياً، وقبة كنيسة فلورنسة التي يبلغ ارتفاعها نحو 100 متر، أما ألبرتي B.L.Alberti (1404-1472) الذي يُعد في مقدمة منظري عصر النهضة فقد اشترك مع فيليلفو Filelfo في وضع قواعد رياضية وهندسية لفن العمارة ولفن التصوير والنحت، وترتكز هذه القواعد على المبادئ الأفلاطونية في علم الجمال، وكانت وراء ظهور قوانين علم المنظور والتخطيط والنسبة الذهبية أي النسبة المثالية في العمارة.

وكانت مدينة روما مركزاً مهماً للعمارة التي تمثل عصر النهضة إذ كانت النماذج الرومانية فيها كثيرة يقتبس منها المعماريون والفنانون ويتبعونها في مبانيهم. وقد كثر استعمال الأعمدة الرومانية والأكتاف في الواجهات لإعطاء المبنى الفخامة والعظمة. ومن أشهر المهندسين الرواد آنذاك برامانته D.A.Bramante (1444-1514) الذي وضع التصميم الأول لأعظم الكنائس في العالم وهي كنيسة القديس بطرس في الفاتيكان في رومة التي بدأ بناؤها بإشرافه عام 1506. أما تصميم قبة هذه الكنيسة، وهي بارتفاع 131 متراً فمن عمل المثال المشهور ميكيلانجلو (1475-1564) الذي أضاف لفن العمارة عناصر جمالية إبداعية، وقد تابع ميكيلا نجلو بناء كنيسة القديس بطرس من دون أن يتمها. وفي القرن السابع عشر أقام برنيني Bernini (1598-1680) القبتين الجانبيتين. وقد تأخر بروز طراز عصر النهضة في البندقية عنه في فلورنسة وروما لتأثرها بالطراز القوطي أكثر من تأثرهما به، ويبدو ذلك واضحاً في «قصر الدوقات» في البندقية حيث تظهر العقود المدببة إلى جانب العقود نصف الدائرية.

أما في فرنسا فلم يزدهر طراز النهضة إلا في وقت يقرب من مطلع القرن السابع عشر إذ كان الطراز القوطي واسع الانتشار لأنه كان طرازاً قومياً. وكانت أغلب المباني التي أنشئت في العصر الذي سبق ذلك القرن هي القصور التي انتشرت في الريف وضواحي المدن. أما الكنائس فكان ما بني منها في العصور الوسطى كافياً لاحتياجات العبادة. وقد شيد في القرن السادس عشر عدد من القصور امتزج فيها الطراز القوطي بطراز النهضة فكانت مرحلة انتقال، ومن أهمها قصر اللوفر الذي بدئ بتشييده في مطلع القرن الثالث عشر. وقد أسهم، فيما بعد، عدد غير قليل من المعماريين الفرنسيين في ترميم بعض أقسامه أو إتمامها، ومن بين هؤلاء لسكو P.Lescot (1510-1571) وبيرو C.Perrault (1613-1688) في عصر النهضة، ثم، فيما بعد، فيسكونتي E.R.Visconti (1791-1853) الإيطالي الأصل الذي أكمل جناح التويلري في عهد نابليون الثالث. ويعد الفناء المربع وواجهة الأعمدة في اللوفر نموذجاً للفن الاتباعي الفرنسي. وأما في ألمانيا فقد احتفظ الكثير من المباني التي شيدت ابتداءً من القرن السادس عشر بالطابع القوطي إلى جانب عناصر النهضة. ومن أهم القصور التي شيدت في هذه الحقبة قصر هايدلبرغ. وقد ازدهر طراز عهد النهضة في ألمانية ابتداءً من القرن السابع عشر متأثراً بطراز النهضة في إيطالية وفرنسة.

وأخذ التطور في إسبانية وإنكلترة المسار نفسه. إلا في المباني الجديدة في إسبانية تأثرت بالطراز العربي الذي كان سائداً. أما النحت الذي يأخذ بمنحى عصر النهضة فقد بدأ في إيطالية في القرن الرابع عشر على يد بعض الفنانين الموهوبين أمثال غيبرتي L. Ghiberti (1378-1455) ودوناتلو D.Donatello (1386-1466). ويعد دوناتلو مؤسس فن النهضة في النحت الإيطالي: فقد استطاع الخروج على التقاليد البيزنطية مستلهماً الآثار القديمة، وإيلاء الأبعاد الثلاثة، والحركة في الفراغ، التي تحددها الخامة المستعملة، عناية كبيرة في منحوتاته. ومن أهم أعماله تمثال داود الذي صنعه من البرونز وتمثال الفارس. أما غيبرتي فقد شارك مع برونلسكي في صنع الأبواب البرونزية لمعمودية كنيسة فلورنسة، وكانت بالنحت البارز واستطاع أن يحقق فيها البعد الثالث مما يعد إضافة جديدة إلى فن النحت البارز في عصر النهضة. ومن النحاتين البارزين أيضاً فروكيو Verrocchio (1435-1488) الذي كان تلميذاً لدوناتلو وأستاذاً لليوناردو دافنتشي. ومن أشهر أعمال فروكيو تمثال الفارس في البندقية.


انظر أيضا


المصادر

  1. ^ وسام نويلاتي. "الاتباعية في الفنون والعمارة". الموسوعة العربية.

المراجع