الشريف أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله الريسوني (1871 - 1925) ، ثائر وزعيم، من مناوئي الاحتلال الفرنسي في المغرب العربي. من قرية تسمى زَيْنَات من بني عَرُّوس. يسميه الإنجليز الريسولي أو الرسولي، ويدعوه رجاله الشريف الريسوني. أخباره كثيرة، خلاصتها أنه خرج في أيام الوالي حسن بن محمد، والتف حوله جموع من قبيلة بني عروس، ومن أخواله بني مصوَّر، وقاتلته حكومة مراكش ففشلت، واستخدمت معه الحيلة، فوقع في قبضة السلطان الحسن، وسجن في ثغر الصويرة ثلاث سنوات. ومات السلطان، فعفا عنه خلفه عبد العزيز بن الحسن.

الشريف الريسوني، 1909.
صورة فوتوغرافية للشريف الريسوني.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المولد والنشأة

هو من مواليد بلدة زينات بالريف في المغرب سنة 1860. كان الريسوني طفلا عاديا تربى في حضن والدته بعد أن مات والده في سن مبكرة في قرية الزينات القريبة من طنجة. كانت أمه تريد أن يكون عالم دين يفتي الناس في أمور دينهم ويؤم بهم الصلوات، لكنه تحول إلى قائد عسكري يقود الناس نحو الحرب والقتال، وهذا التحول فرض عليه ولم يختره بنفسه.


المقاومة

 
الجنرال السير هاري أوبري ده مكلين كان أحد رهائن الريسوني، وكان مستشاراً عسكرياً اسكتلندياً للجيش المغربي.

في بداية القرن العشرين كان المغرب مشتتا بين سلطان لاه أغرقه الأوربيون باللعب، وبين فتنة في عموم البلاد وظهور متمردين هنا وهناك، من بينهم بوحمارة، وشيوع السيبة والقتل والسلب والنهب، وكان برّيسول واحدا من الذين انتفضوا ضد السيبة، فقال الكثيرون إن هذا الرجل قاوم السيبة، وآخرون قالوا إنه ساهم في السيبة وكرسها. كان المغرب يعيش على بركان التمردات، وبينما كان المتمرد بوحمارة يبسط سيطرته على مناطق واسعة من وسط المغرب ومنطقة شمال وشرق الريف، كان مولاي أحمد الريسوني الحاكم شبه المطلق في مناطق جبالة، ولا شيء يقف في طريقه حتى أعتى الدول الأوروبية.المصادر التاريخية التي تتحدث عن برّيسول تخلط ما بين الأسطورة والحقيقة، لكن المشكلة أن طبيعة ذلك الرجل وصرامته وجرأته، وبطشه أيضا، جعلت منه شخصا أسطوريا، حتى وإن كانت قلعة نفوذه محدودة لفترة معينة من الزمن. المؤرخون الغربيون يصفون مولاي أحمد بكونه قاطع طريق وجبارا ومختطفا، والمصادر المغربية تصفه بالخائن ومروع الآمنين، والمتعاطفون معه يصفونه بالرجل الوطني الذي وقف ضد تهاون السلطان مولاي عبد العزيز وتردي الأمن في نواحي طنجة والمدن الجبلية الأخرى.

اختطاف زوجة الملياردير

 
1904: كارتون عن حادثة پرديكاريس

كانت ثورة الريسوني في حاجة إلى الدعم والمال، وكان قصر پرديكاريس Perdicaris في بطن غابة موحشة صيدا مثاليا. كان الملياردير الأمريكي- اليوناني يعتقد أن ماله وجنسيته وشهرته ستحميه من أي شيء، وكان الريسوني لا يعترف بأي شيء من كل هذا، لذلك، وفي أحد أيام شهر ماي من سنة 1904، أغار الريسوني ومقاتلوه على غابة الرميلات، وفي لمح البصر اختطفوا زوجة بيرديكاريس وابنها كرومويل، ثم اختفوا وكأن الأرض ابتلعتهم.

كاد پرديكاريس يصاب بالجنون بعد اختطاف زوجته التي كان يعشقها بصدق، وطلب حماية السلطان عبد العزيز الذي كان منشغلا بلعبه، لكن الريسوني أجمل شروط الإفراج عن الزوجة والابن في أن يؤدي السلطان وبرديكاريس 70 ألف قطعة ذهبية، وأن يخرج المخزن من منطقة نفوذ الريسوني.

لكن الغريب هو أن زوجة الملياردير اليوناني استحلت الاختطاف، وأعجبت بالريسوني إلى حد أنها قالت إن هذا الرجل ليس زعيم عصابة ولا قاطع طريق، بل إنه مقاتل من أجل وطنه وكرامته، وأنه يدافع عن قومه ضد الجبروت والطغيان.

ما بعد الاختطاف

وعندما اختطف مولاي أحمد الريسوني أوائل القرن العشرين زوجة الملياردير الأمريكي–اليوناني أيون پرديكاريس Perdicaris، فإن اسمه أصبح على كل لسان وهددته الولايات المتحدة بالويل والثبور وعظائم الأمور، بينما هو ظل يتأمل تلك الغطرسة المريضة ويحض رجاله على الصلاة قبل كل قتال، وعندما يحصل على فدية مالية من اختطاف فإنه يوزعها بين رجاله ويقول لهم «أعطوني الرأس.. وخذوا كل الفريسة»، أي أنه يريد الثمن السياسي من الاختطاف فقط، من دون أن ينسى طبعا أن يؤدي واجب الزكاة في أموال الفدية ويوزعها على الفقراء والمقاتلين. لم تنفع مع الريسوني كل تهديدات الأمريكيين والإنجليز، وكان يواجههم بكثير من الكبرياء والاعتزاز بالنفس. كان هذا الرجل الجبلي داهية، ومرغ أنف دولتين كبيرتين في التراب. وكان الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت بنفسه معجبا بشجاعة الريسوني، وكان يريد رأسه في النهاية.

مقولات عنه

 
غلاف_كتاب "الريسوني حليف وعدو اسبانيا".

المؤرخ مانويل اورتيگا فيقول في كتابه عن الريسوني «عندما نتأمل سيرة هذا الرجل، إمبراطور الجبل، المحتمي بالغابات الطبيعية والجبال، والذي تحدى قوة إنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية رغم الأسلحة والمدافع التي تملكانها، ورغم الذهب الذي ظلتا تغريانه، فإننا ندرك أن الريسوني لم يكن دنيئا».

وفي كتاب «المغرب»، يقول توماس گارسيا فيگويراس: «كان الريسوني يتمتع بذكاء عال ويقظة كبيرة، وله ممارسة سياسية على قدر كبير من النضج ودراية كبيرة بالأوضاع السياسية الدولية والعالم الإسلامي، وكان يطمح إلى رؤية المغرب حرا ومن دون أية وصاية أجنبية».

أما فرانسيسكو هرنانديث مير فيقول: «كانت فرنسا وإسبانيا تدركان قوته وتأثيره في القبائل، لذلك حاولت الدولتان ترويج تهم الخيانة ضده والقول إنه ساعد إسبانيا على احتلال العرائش والقصر الكبير».

تجسيده في الافلام

الفيلم الشهير «العاصفة والأسد»The Wind and the Lion، الذي لعب فيه الممثل الإنجليزي الشهير شون كونري دور الريسوني،ومن يشاهد الفيلم سيدرك سر ذلك التعاطف الكبير الذي أحست به المرأة المختطفة تجاه خاطفها، وكيف كان يحميها كما لو كان يحمي زوجته أو ابنته. ربما أحبته وأحبها، وربما كان فقط ملتزما بمبادئ الرجال النبلاء تجاه مخطوفيهم، لكن القضية في البداية والنهاية هي أن المخطوفة تعاطفت مع خاطفها ولم تندم أبدا على أيام الاختطاف.. وربما تمنت أن تطول.

وفاته

في يناير 1925، هاجم أتباع عبد الكريم الخطابي قصر الريسوني، وقتلوا معظم الحرس وألقوا القبض على الريسوني، الذي سرعان ما أُعلِن عن وفاته في أواخر شهر أبريل عام 1925 جراء المعاناة من مرض الوذمة Dropsy. وبالرغم من الشائعات التي لاحقته طوال حياتة إلا أنه يعتبر بطلاً شعبياً من قبل العديد من المغاربة.

مراجع