الأزمة المالية في البرتغال 2010

الأزمة المالية في البرتغال، بدأت في البرتغال عند حدوث عجز في ميزانيتها وصل إلى 9.3% من إجمالي الناتج المحلي في 2009، وفي نوفمبر 2010، تعرضت أسواق البرتغال لهبوط حاد أثار القلق من تعرضها لنفس الأزمة التي تواجهها كل من اليونان وايرلندا، بعدما أعلن المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية والنقدية، جواكين ألمونيا، عن وضع البرتغال واليونان وإسبانيا في قائمة الدول التي أثبتت فقدانا دائما للتنافسية منذ انضمامها إلى الاتحاد النقدي والاقتصادي الأوروبي. وكان سوكراتيس، الأنيق الذي يحمل وجها معبرا وصريحا ويؤكد دائما أفكاره من خلال حركات يديه المسرحية، يبدو قلقا للغاية بشأن جدية مشكلات بلاده في بعض الأحيان، بينما كان ينفي على نحو غريب البيانات التي تأتي من الاتحاد الأوروبي. فقد نفى أن البرتغال قد تخلفت عن نظيراتها في الاتحاد الأوروبي من حيث الإنتاجية أو العمالة الماهرة. فيقول: «هذه من الأفكار المسبقة، وليس لها علاقة باقتصادنا».[1]

مظاهرات البرتغال 2010
أزمة دول اليورو.jpg

ومع ذلك، وبعد عقود من اعتماد اقتصادها على العمالة منخفضة التكلفة، تعرضت البرتغال إلى أزمة شديدة إثر امتداد الاتحاد الأوروبي شرقا وتخفيف القيود التجارية المفروضة على العلاقات التجارية مع آسيا. أما اليوم، فإنها تعاني في المنافسة مع نظرائها الأغنى في الاتحاد الأوروبي من الدول التي كانت تواجه معدلات نمو ثابتة خلال العقد الماضي. فيقول كاميلو لورينسو، المعلق الاقتصادي في لشبونة: «إن الدول مثل الشركات تماما، فيجب أن تكون سباقا». ويضيف: «لم تدرك البرتغال أنها سوف تصبح منعزلة في ظل توسع الاتحاد الأوروبي. فلا أحد ينتبه ما لم تحدث صدمة». ويضيف لورانسو أنه لا يعتقد أن الحكومة لديها المهارة السياسية أو الخطط المتماسكة لمعادلة العجز. مضيفا: «وذلك ما يقلقني».

ومن جهة أخرى، أرجع سوكارتيس تفاقم أزمة العجز في البرتغال إلى الانخفاض الشديد في عائدات الضرائب، مؤكدا أن ذلك لم يكن شاذا تماما عن باقي دول الاتحاد الأوروبي. فمن المتوقع أن يصل العجز في موازنة فرنسا لعام 2010 إلى 8.2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، منخفضا عن التقديرات السابقة التي كانت تصل إلى 8.5 في المائة، بينما بلغ العجز لموازنة ألمانيا في عام 2009 نحو 3.2 في المائة. وخلال الشهر الماضي، أعلنت إسبانيا أن العجز في موازنتها قد ارتفع إلى 11.4 في المائة من إجمال الناتج المحلي وهو ما يفوق التقديرات السابقة.

وأضاف سوكارتس أن العجز في الموازنة أصبح أمرا طبيعيا في الوقت الراهن، قائلا: «تواجه كل الدول المتقدمة حاليا مشكلات تتعلق بالعجز في الموازنة».

ومن جهة أخرى، يبدو أن بعض كبار رجال الأعمال في البرتغال أصيبوا بصدمة بالغة في ظل حالة الهلع التي أصابت الأسواق خلال الأسبوع الماضي، خصوصا أنه لم يتم الإفصاح عن أي بيانات جديدة حتى الآن. فيقول باولو مويتا ماكيدو نائب رئيس بنك «ميلنيام بي سي بي» الذي حاز على استحسان الجميع عندما كان أكبر المسؤولين عن الضرائب في الفترة من 2004 إلى 2007 بعدما أجرى إصلاحات على النظام الضريبي: «من الواضح أن الأسواق بالغت في رد فعلها. ولكن لا أحد يمكنه الاعتراض على أننا نحتاج إلى تقليل الإنفاق».

ومن المتوقع أن يرتفع دين البرتغال إلى 85 في المائة من إجمال الناتج المحلي خلال العام الحالي بعدما كان يبلغ 76.6 في المائة في عام 2009، نظرا لارتفاع معدلات البطالة، والإنفاق الحكومي على مشروعات البنية التحتية، مثل السدود، وأنظمة الطاقة الهيدروكهربائية، وخطوط السكة الحديد السريعة لمدريد.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

سياسات الحكومة لمواجهة الأزمة

 
بحلول 2010، خوسيه سقراطس من الحزب الاشتراكي (PS) أصبح رئيس الوزراء. مدته في المنصب سوف تـُذكر كواحدة من أصعب الفترات في التاريخ الاقتصادي للبرتغال بعد الحرب العالمية الثانية بسبب الأرقام القياسية للبطالة، وفقدان الأسر للقدرة الشرائية والتدهور الاقتصادي. وقد ارتفعت ضرائب الدخل بشكل كبير لخفض العجز الهائل.

في 29 نوفمبر 2010 قر البرلمان البرتغالي خطة الموازنة لألفين وأحد عشر التي تأمل الحكومة أن تمكنها من تجنب طلب المساعدة من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. الخطة تتضمن تقليص أجور موظفي القطاع العام بخمس نقاط مئوية، ورفع ضريبة القيمة المضافة من إحدى وعشرين نقطة إلى ثلاث وعشرين نقطة مئوية.

القطاع الصحي سيكون من بين أكبر المتضررين من هذه الخطة التقشفية الصارمة التي جاء في ثناياها أن الحكومة ستقلص إنفاقها العام على النظام بأكمله، كما ستخفض قيمة المساعدات التي تمنحها لآباء المواليد الجدد. التخفيض سيمس أيضا الإنفاق على مؤسسات الحكومة المركزية والحكومات الجهوية.[2]

الميزانية الجديدة ستخرج البرتغال من دائرة الدول المتأزمة في منطقة اليورو حسب الحكومة، كما أنها ستمكن الأخيرة من رفع إيراداتها إلى نسبة إحدى وأربعين نقطة وسدس نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي في ألفين وأحد عشر من نسبة أربعين نقطة وثمن نقطة مئوية متوقعة للسنة الجارية.

الحكومة أضافت أيضا أنها تتوقع نموا منعدما للاقتصاد البرتغالي السنة المقبلة، لتأثير الخطة التقشفية على جيوب المواطنين.


نقد

وقد وجهت كبرى الحركات المعارضة في البرتغال، الديمقراطيون الاشتراكيون، انتقادات إلى الحكومة نظرا لأنها ألقت بالأموال التي تدين بها إلى قلب المشكلات. فقد تجنب سوكارتيس استخدام مصطلح «إنفاق خطة الإنقاذ»، قائلا في أحد حواراته: «ليس إنفاقا بل استثمارا». وتأمل الحكومة أن يعزز تاريخها السابق في معالجة مثل تلك القضايا الثقة فيها. فعندما ارتفع معدل العجز البرتغالي إلى ما فوق 6 في المائة في 2005، تمكنت الحكومة من تخفيضه إلى أقل من 3 في المائة بحلول عام 2007 من خلال تقليص الإنفاق العام. فقد ذكر وزير المالية، فرناندو تيكسييرا دوس سانتوز، أول من أمس، الثلاثاء، في حوار أجري معه على الهاتف: «لقد نجحنا في ذلك في الماضي، وسوف ننجح فيه مرة أخرى. فنحن نفس الرجال، كما أننا ملتزمون بعمل ذلك». ولكن هؤلاء الرجال يفترقون هذه المرة إلى الإجماع التام. ففي يوم الجمعة الماضي، أرسل البرلمان رسالة مضادة لخفض الإنفاق من خلال تمريره قانون الإنفاق الإقليمي الذي يقضي بمضاعفة التمويل لجزر «مديرا» و«الأزور».

وقد قال تيكسييرا دوس سانتوز، أول من أمس، الثلاثاء: «لقد قلت للبرلمان إن ذلك القرار سوف يبعث برسالة خاطئة إلى الأسواق». وأضاف أنه سوف يستعين بكل القوانين التي في سلطته لوقف تلك الزيادة.

وقد بذل سوكراتيس جهودا مضنية للتفريق بين وضع كل من البرتغال واليونان. فقال إن بلاده أجرت إصلاحات هيكلية قوية للغاية خلال السنوات الماضية، بما في ذلك تقليل حجم القطاع العام، ورفع سن التقاعد، وتغيير نظام الأمن الاجتماعي.

انظر أيضا


المصادر

  1. ^ [ترقب أوروبي وسط مخاوف بشأن أزمة الاقتصاد البرتغالي "ترقب أوروبي وسط مخاوف بشأن أزمة الاقتصاد البرتغالي"]. جريدة الشرق الأوسط. 2010-02-11. {{cite web}}: Check |url= value (help)
  2. ^ "تفاصيل موازنة البرتغال 2011". ايرونوز. 2010-11-29.