الأدب النمساوي

الأدب النمساوي، هو الأدب المكتوب في النمسا، والذي معظمه، وليس بالكامل، مكتوب باللغة الألمانية. يتحدث معظم الباحثين عن الأدب النمساوي بالمعنى الدقيق للكلمة من عام 1806 عندما حل فرانسيس الثاني الامبراطورية الرومانية المقدسة وأسس الامبراطورية النمساوية. هناك تعريف أكثر ليبرالية يضم جميع الأعمال الأدبية المكتوبة في أراضي النمسا، التاريخية والمعاصرة، خاصة عندما ظهر مؤلفون يكتبون بالألمانية. ومع ذلك، فقد صدر كتاب عن تاريخ الأدب النمساوي من سبعة أجزاء من تأليف هربرت زمان وفرتز پيتر كناپ بعنوان تاريخ الأدب في النمسا. بصفة عامة يعتبر الأدب النمساوي على ارتباط وثيق بالأدب الألماني، ومن السهل التجاوز عن الحد الفاصل بين الأدب الألماني والنمساوي، نظراً لما تتميز به التبادلات الثقافية من ثراء وتراكب.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النشأة

 
فرانتس كافكا.


البحث عن تعريف

إن السؤال عما إذا كان الحديث ممكناً عن أدب نمساوي يحمل سمات خاصة به تميزه من أدب اللغة الألمانية عبر التاريخ مازال موضع نقاش. وثمة محاولات لتعريف جوهر ما هو نمساوي، عن طريق رصف سمات معينة، لكن هذه المحاولات أثبتت كونها أحادية الجانب، وأنها في كثير من الحالات مُثْقَلة إيديولوجياً وسياسياً.

تعود بداية التفكير باستقلالية الأدب النمساوي إلى النصف الثاني من القرن الثامن عشر، عندما بدا الاختلاف عن أدب الشمال الألماني - ولاسيما أدب بروسيا- أكثر جلاءً عما سبق، مع الغمز بتخلف النمسا عن مواكبة الركب، في حين كان النمساويون يعملون على تطوير أشكال فنية محلية بنجاح لافت، مثل ملهاة ڤيينا الشعبية die Wiener Volkskomödie. وكان من نتائج هذا التباعد أخيراً أن النموذج المتعارف عليه في تحقيب تاريخ الأدب الألماني (العاصفة والاندفاع، الكلاسيكية، الرومنسية، ألمانيا الفتاة، وغيرها) لم يعد يسري على تاريخ الأدب النمساوي إلا بحدود مشروطة.

ثمة مسألة أخرى لابد من طرحها بغية الدقة في التحديد: هل يُحسب على الأدب النمساوي كل أديب وُلد على أرض الامبراطورية النمساوية-المجرية، أم فقط أولئك الذين كتبوا ونظموا باللغة الألمانية بغض النظر عن انتمائهم المكاني، أم فقط الذين ولدوا وأنتجوا ضمن حدود جمهورية النمسا المعاصرة؟ إذ ثمة أدباء مشاهير يمكن الزعم بأنهم نمساويون مثل كافكا وكيش E.E.Kisch وكانتي وتسلان P.Celan. وفي الوقت نفسه لا يجوز التقليل من أهمية اعتماد الأدباء النمساويين على الخارج الألماني، حيث تُنشر كتبهم، وحيث توجد أغلبية قرائهم. بما يعني أن صورة الأدب النمساوي لا تتشكل إلا من خلال إنتاجه واستقباله في الخارج الألماني.

الأدب عبر القرون

العصر العتيق

العصور الوسطى

 
Heinrich von dem Tuerlîn: Diu Crône. Heidelberg, UB, cpg 374, 1r.

تركز الإنتاج الأدبي في العصر الوسيط في الأديرة والمعاهد الدينية، ففي غرف النسخ هناك كانت تُنظم التراتيل والأناشيد الدينية. وتعود أقدم الأعمال الأدبية المجهولة المؤلف إلى القرون (9- 11م)، أما أقدم كاتبة بالألمانية معروفة الاسم فهي السيدة آڤا Frau Ava التي توفيت عام 1127 في منطقة ملك Melk، في حين أن عمل هاينريش فون ملك Heinrich von Melk الذي ساط فيه خطايا الرهبان فيعود إلى النصف الثاني من القرن الثاني عشر. ويعد النصف الأول من القرن الثالث عشر مرحلة ازدهار فن المغنين الجوالين (مينزنگر) Minnesänger بريادة ڤالتر فون در فوگل‌ڤايده Walther von der Vogelweide، وكذلك مرحلة انتشار أدب البلاط الملحمي die höfische Epik الذي مجَّد القيم الفروسية واستقى موضوعاته من مجتمع «الأرستقراطية» النبيلة، إلى جانب ازدهار الملحمة البطولية Heldenepos (نيبلونگن، كودرون Kudrun، ديتريش Dietrich). وفي النصف الثاني من القرن الثالث عشر أبدع الشاعر الجوال المحترف ڤرنر در گارتنياره Wernher der Garteneare بأقصوصته الشعرية «ماير هِلْمبريشت» Meier Helmbrecht أول قصة ريفية ذات مضمون اجتماعي ناقد، في حين برز الشاعر نايدهارت ڤون روينتال Neidhart von Reuenthal في بلاط فريدريش الثاني أمير بابنبرگ Babenberg، وهو أنجح شاعر أغانٍ في العصر الوسيط ومبدع شعر البلاط الريفي. وفي الوقت نفسه أبدع الشاعر أولريش فون ليخْتِنشتاين Ulrich von Liechtenstein أول سيرة ذاتية شعراً. أما في القرن الرابع عشر فقد انتشر ما عُرف باسم: «مسرحيات نايدهارت» Neidhartspiele وهي هزليات شعبية تركز على التناقض بين الفارس والفلاح. وفي منطقة التيرول Tirol ظهر نحو أواخر العصر الوسيط النبيل الشاعر أوزڤالد فون ڤولكنشتاين Oswald von Wolkenstein بأشعاره المتنوعة، بما في ذلك السيرة الذاتية شعراً. وتركَّز دور الحوليات والمدونات التأريخية في تسجيل أحداث العصر، إما باختصار إخباري، وإما بإسهاب في التفصيلات بحسب أهمية الحدث، طبيعياً كان أم شخصياً.[1]

إن الشكل الرئيسي للأدب النمساوي في العصر الوسيط هو الشعر المسرحي، إذ إن جميع أنواع المسرح الديني والدنيوي قد لاقت منذ القرن الثاني عشر اهتماماً لافتاً أوصلها مع نهاية العصر الوسيط إلى انتشار واسع، ولاسيما في أودية منطقة جبال الألب (مثل مسرحيات آلام المسيح، ومسرحيات الأسرار، ومسرحيات ليلة الصيام). وكلا نوعي الشعر الفني المدني أو الشعر الشعبي الريفي تعود جذورهما إلى تلك المسرحيات. وفي حين امتدت تقاليد مسرحيات منطقة الألب حتى عصر الباروك؛ فإن شعر معلمي الغناء لم يجد لنفسه موطئ قدم في النمسا.

النهضة

كانت العاصمة ڤيينا في مرحلة الحركة الإنسانية Humanismus مركزاً أدبياً وفكرياً؛ إذ إن اتحاد «الفلسفة المسيحية» Philosophia Christina بثقافة المعرفة الإنسانية مع استعادة قانون الأشكال الكلاسيكية (الأثينية والرومانية) في الشعر اللاتيني الجديد قد أبدع إنتاجاً أدبياً غنياً، امتد من شعر المناسبات والملحمة والمسرحية حتى البحوث النقدية؛ وأبرزُ ممثلي هذه المرحلة هو كونراد كلتيس Konrad Celtis قدوة شعراء اللاتينية الجديدة في مطلع القرن السادس عشر. وفي أثناء حركة الإصلاح المضاد Gegenreformation، ثم في مرحلة الباروك اتسعت الشقة على نحو جلي بين الأدب النمساوي والأدب الألماني. فبينما تبنى الأدب البروتستنتي في الشمال عناصر من الاتباعية الجديدة الفرنسية تطور في الجنوب أدب كاثوليكي متأثر بالباروك الإيطالي والإسباني. وبطبيعة الحال كان للكلمة دور بالغ الأهمية في حركة الإصلاح المضاد، تسلحت بها في الكتب التربوية وسير القديسين ومجموعات الأساطير والحكايات البطولية والخرافية والدراما في وجه المد اللوتري (ر: مارتن لوتر)، كما ازدهرت في هذه المرحلة التراتيل الكاثوليكية الكنسية والأشعار المريمية والأدب الوعظي الذي بلغ ذروته في أواخر القرن السابع عشر، وكان أهم ممثليه أبراهام سانكتا كلارا Abraham Sancta Clara الذي أبدع أعمالاً كبيرة الأهمية على الصعيد اللغوي. ولكن على الرغم من موقف العائلة المالكة [[آل هابسبورگ] Habsburg المتشدد تمكن الأدب البروتستنتي من تجذير تقاليده في النمسا، ولاسيما في أعمال النبيلة كتارينا ريغينا فون گرايفنبرگ Catharina Regina von Greiffenberg التي تمثل سونيتاتها إحدى ذرا شعر الباروك. لكن ذروة شعر الباروك الأولى كانت المسرحية المبهرجة في جوانبها كافة على صعيد النص والعرض، ودراما الجمعيات. وإلى جانب إخراج المهرجانات المسرحية البلاطية والكنسية الفخم والباهظ الكلفة والمؤثر بصرياً في الجمهور، لاقت عروض المهرِّج هانس ڤورست Hans Wurst شعبية كبيرة، ولاسيما أن من أدّوها كانوا من الممثلين الأكثر ثقافة واندغاماً في حركة المجتمع، وأبرزهم سترانيتسكي J.A.Stranitzky. ونحو منتصف القرن الثامن عشر عمل فيليپ هافنر Philipp Hafner على تطوير تقاليد هانس ڤورست لتتخذ شكل ملهاة ڤيينا الشعبية القديمة Alt-Wiener Volkskomödie التي مزجت عناصر الكوميديا المرتجلة الإيطالية Commedia dell’arte مع أسلوب الكوميديين الإنكليز الجوالين.

الباروك

أما فن النثر الباروكي الذي أنتج روايات الشطار والعيارين فإن أحد أبرز ممثليه هو يوهان بير Johann Beer.

التنوير

وعلى أرضية عصر الباروك تطور الأدب النمساوي باتجاه عصر العقل الذي مهدت له السياسة المتسامحة التنويرية في عهد القيصر جوزيف الثاني Joseph II حين احتدم الجدل وتنامى حول مختلف قضايا العصر. ومنذئذٍ ربطت النخبة المثقفة اليسارية تصورها عن الحرية بنظام حكم يليق ببشر أحرار. ولكن مع اعتلاء القيصر فرانتس الأول Franz I العرش انتهت مرحلة الحرية الثقافية ومنعت مطبوعات كثيرة عن الصدور واتخذت إجراءات متشددة تجاه الكتاب «الثوريين» الذين وقفوا في كتاباتهم ضد اكتساح نابليون بلدان أوربا، مثل الأخوين كولّين Collin وهورماير Hormayr وبيشلر K.Pichler.

النصف الأول من القرن 19

إن ما أدهش مؤرخي الأدب هو أن النصف الأول من القرن التاسع عشر قد أنجب فجأة عدداً من كبار الأدباء، مثل گريلبارتسر G.Grillparzer وشتيفتر A.Stifter، وف. رايموند F.Raimund وج. نستروي J.Nestroy ون. ليناو N.Lenau وغيرهم من الذين اختلفت توجهات أعمالهم على نحو لافت عن التيارات السائدة في سائر المناطق الأخرى، سواء من حيث الموضوعات أم من حيث المعالجة اللغوية. وبهذا المعنى نشر گريلبارتسر عام 1837 مقالته «بماذا يختلف الكتاب النمساويون عن غيرهم» Worin unterscheiden sich die österreichischen Autoren von den übrigen? التي حدد فيها لأول مرة مواقع الأدب النمساوي. وهناك من سمات هذه المرحلة ازدهار الهزليات الشعبية التي قدمها نستروي ومسرحيات رايموند السحرية، وكذلك ازدهار أسلوب سردي واقعي تمثل فيما سميّ روايات أمريكا Amerikaromanen للكاتب زيلسفيلد C.Sealsfield.


أما الالتزام السياسي في أعمال كتاب المرحلة فإنه لم يتخط البدايات. وعلى الرغم من ذلك رزح الكتاب في عهد المستشار مترنيخ Metternich تحت سطوة رقابية لا تحتمل، ولم تحقق لهم ثورة عام 1848 البرجوازية سوى القليل من توقعاتهم ولفترة قصيرة جداً.

بيدرمير

 
أدالبرت ستيفتر

الواقعية

وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر - في ڤيينا عاصمة المملكة النمساوية المتعددة الشعوب - اكتسب الأدب ملامح نمساوية أكثر خصوصية عما سبق، فها هي ذي القاصة فون إبنر-إشنباخ M.von Ebner - Eschenbach في أقاصيصها الريفية المؤثرة تستبق الالتزام الاجتماعي الذي جاء مع الحركة الطبيعية Naturalismus، في حين وجد الكاتب فون سار F.von Saar في قصصه الكئيبة المتشائمة أنه صلة الوصل بين الاتباعية في مرحلة أفولها وبين الحداثة النمساوية في مطلع القرن العشرين، في حين تنامى التركيز في الأدب النمساوي على عالم الريف والفلاحين، إذ صار اكتشاف الضواحي والريف موضوعاً مفضلاً. كما بلغ الشعر باللهجات المحلية المتعددة ذروته.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

القرن 20

النصف الأول من القرن 20

 
جورج تراكل


كان أدباء «ڤيينا الفتاة» Jung Wien في مطلع القرن العشرين، مثل شنيتسلر A.Schnitzler، وفون هوفمنسْتال H.von Hofmannsthal، وهـ. بار H.Bar وغيرهم قد ولجوا تيارات الحداثة الجديدة (الانحطاط Dekadenz، الرمزية Symbolismus، الرومنسية الجديدة Neuromantik، والانطباعية Impressionismus)، وعالجوا موضوعاتهم في أطرها على نحو نمساوي خاص. فإذا كان شْنيتسْلر قد أعمل مبضع التشريح في شخصية المواطن البرجوازي في ظل «مجتمع القيصر والملك» K.u.K.Gesellschaft في نصوصه المسرحية والنثرية فقد تناول هوفمنستال في أعماله موضوع الموت والتشكيك في قدرة اللغة على تحقيق التواصل والتفاهم، وقد صارت مقالته «رسالة كاندوس» Chandos- Brief ت(1902) مفتاحاً لفهم توجه المرحلة، التي صدر عنها مُحفِّزات جوهرية مازالت مؤثرة في الأدب العالمي حتى اليوم، إذ طوَّر شْنيتسْلر «المونولوغ» الداخلي وأشكال استخدامه، وأحيا هوفمنستال المأساة الإغريقية ومسرحية الأسرار القروسطية وتقاليد مسرح الباروك النمساوي. وفي الوقت نفسه قام كارل كراوس في مجلته «المِشْعَل» بدور فعال على صعيد نقد اللغة وأثرها في تكوين الوعي والقدرة التعبيرية؛ وفي السياق نفسه ظهرت مجلة «الحارق» Der Brenner بمبادرة الأديب فون فيكر L.von Ficker، كما ظهرت جماعة «تيرول الفتاة» Jung-Tirol. وفي تلك الآونة بدأت تصدر أعمال الأدباء الشباب، مثل تراكل G.Trakl، وڤرفل F.Werfel، وشتفان تسڤايگ S.Zweig وماكس برود Max Brod، وكافكا الذين حققوا لاحقاً سمعة عالمية. أما على صعيد لغة الشعر فقد كان لريلكه Rilke تأثيره اللافت محلياً وعالمياً، وكذلك الأمر على صعيد لغة السرد في رواية «رجل بلا صفات» Der Mann ohne Eigenschaften لروبرت موزل R.Musil، أو في روايات كافكا التي تفوح بآلام التجربة الوجودية؛ أو في رواية هرمان بروخ H.Broch الثلاثية «السائرون نياماً» Die Schlafwandler ت(1931-1932) التي استخدم فيها تقانات سرد حديثة لتناول موضوعات ترتبط بـ«نظرية المعرفة» Epistomologie في تاريخ الإنسان.

الفاشية النمساوية والدكتاتورية النازية

إن انهيار الامبراطورية الهابسبورغية الذي تنبأ به كثير من الأدباء ولَّد صدمة عميقة عامة، وجعل الكثيرين من كبار أدباء المرحلة يستحضرون في أعمالهم العهد البائد في ظل الجمهورية الأولى، وكان أبرز تعبير عن هذه الحالة رواية روت J. Roth «مارش رادتسكي» Radetzkymarsch ت(1932). وقد أدى صعود الاشتراكية الديمقراطية إلى انتشار أدب عمالي Arbeiterdichtung، وانتشرت الحركة التعبيرية Expressionismus منذ عام 1910 حاشدة في مسيرتها عدداً كبيراً من الكتاب الشباب مثل مولَّر R.Müller وبرونِّن A.Bronnen وغيرهما في مواجهة جيل الآباء والقيم الأخلاقية المتهافتة. وأدت حدة التطرف على الجبهات السياسية في مطلع الثلاثينيات إلى انجراف عدد من الأدباء الناجحين إلى صفوف الحركة النازية؛ مما أدى قبيل عام 1938 إلى انقسام الحركة الأدبية النمساوية إلى جناحين متلونين بأطياف متعددة، أولهما انتمى كتّابه إلى «رابطة الكتّاب الألمان في النمسا» ذات الطابع السري، داعين إلى تسريع انضمام النمسا إلى ألمانيا النازية، في حين تابع الجناح الثاني تقاليد الديمقراطية الانتقادية. أما الكتَّاب ذوو الأصول اليهودية فقد اضطروا إلى الهجرة، وبعض من تأخر منهم في ذلك قضى في معسكرات الاعتقال النازية.

بعد الحرب العالمية الثانية - جماعة ڤيينا

إن الآمال التي انعقدت حول «ساعة الصفر» في عام 1945 بقيت حلماً، إذ إن كثيراً من كتَّاب النازية الناجحين استمروا في الكتابة والنشر على الرغم من تداعي النازية، كما تباطأت عودة المهاجرين من المنافي المختلفة، وسرعان ما ظهر تيار يدعو إلى استبعاد المرحلة النمساوية النازية من موضوعات الأدب وتناسي مآسيها، في حين أن «قانون تطهير الأدب» الذي صدر عام 1946 لم يدخل حيِّز التنفيذ مطلقاً. إلا أن المجلة الأدبية «خطة» Plan ت(1945-1948) قامت بدور فعّال في إحياء تقاليد الحداثة النمساوية ونشر كتابات الأدباء الشباب الواعدين، مثل إلزه آيشنگر I.Eichinger وپاول تسيلان وإريش فريد Erich Fried ممن أسهموا أيضاً في تيار «التغلب على الماضي» الذي عبر عن نفسه في مسرحيات فريتس هوخ‌ڤلدر Hochwälder، وروايات هاينريش لبرت H.Lebert وهاينريش فون دودرر H.von Doderer، وفي قصائد إنگبورگ باخمان I.Bachmann. أما الأعمال الأدبية التجريبية على صعيد اللغة والشكل الفني «لجماعة ڤيينا» Die Wiener Gruppe فقد أسهمت في تطوير قواعد لغة الحداثة على نحو جلي، ولاسيما في قصائد العامية التوليف (المونتاج) Montage والشعر الملموس konkret، والتي تابعها مايروكر F.Mayröcker في أشعاره ذات السمات الهرمسية Hermetik. وفي عام 1958 تأسست «ندوة حديقة المدينة» Forum Stadtpark التي صارت مجلتها «مخطوطات» Manuskripte في مدينة گراتس أهم مجلة أدبية نمساوية، وحيث تأسست عام 1973 «جماعة كُتّاب غراتس» Grazer Autoren versammlung في معارضة صريحة لـ«نادي القلم (نادي الشعراء وكتّاب المقالة والروائيين)» Pen-Club وسرعان ما انضم إليها معظم كتّاب الطليعة Avantgarde النمساوية.


1970-2000

 
كريستوف رانسماير (تصوير: Johannes Cizek)

يعدّ إبداع الكاتبين الكبيرين توماس برنهارد T.Bernhard وپيتر هاندكه P.Handke جزءاً من تقاليد حركة «الشك اللغوي» Sprachskepsis المتأثرة بعمق بأعمال لودڤيگ ڤيتگن‌شتاين L.Wittgenstein، وقد منحا أدب اللغة الألمانية منذ الستينيات طابعاً لا يمحى، ولاسيما على صعيد المسرح، فقد ترجمت مسرحياتهما إلى لغات كثيرة وعُرضت بإخراجات مختلفة، على الرغم من نفيها إمكانية التواصل اللغوي ونقل حقيقة الأفكار والمشاعر، واستفزازها المستمر لعقول المشاهدين.

وفي إطار موجة الإصلاح الاجتماعي الليبرالية في عهد المستشار كرايسكي Kreisky-Ära برزت جملة من الأصوات الشابة الواعدة التي عالجت في أعمالها الروائية والقصصية والشعرية فساد الأوضاع وتفسخ المجتمع على نحو صادم وصريح، بلغة استفزازية تحطم الحلم وتولِّد حالة التشاؤم. وقد برز في سياق هذه الحركة أسماء مثل: پيتر توريني P.Turrini وإلفريده يلينك Elfriede Jelinek، التي فازت بجائزة نوبل عام 2004، على صعيد الرواية والمسرح. تبع ذلك في الثمانينيات والتسعينيات جيل جديد لافت على صعيد الرواية والقصة الطويلة والقصيرة، برز منه ڤينكلر J.Winkler، وهاكل J.Hackel، ورانسماير C.Ransmayer، وكولماير M.Köhlmeier، وشيندر R.Schinder وغيرهم.


جوائز نوبل في الأداب

في عام 2004 فازت الأديبة النمساوية إلفريده يلينك بجائزة نوبل في الأدب، «لأن جريان موسيقاها يتألف من تيار الأصوات الموسيقية والأصوات المضادة في رواياتها وأعمالها الدرامية مع الحماس اللغوي غير المألوف الذي يميز نتاجها الأدبي، الذي يكشف اللامعقول في الكليشيهات الاجتماعية وقوتها المستعبدة» كما عللت الأكاديمية السويدية. تتحدث روايتها عن المرأة ووضعيتها في المجتمع النمساوي وتوصف ككاتبة مدافعة عن حرية المرأة.

عندما منحت جائزة نوبل استقال أحد أعضاء الأكاديمية[2] ،منذ 1983, محتجاً على منحها الجائزة وذلك ل «أن لغتها الأدبية بسيطة، ونصوصها كتل كلامية محشوة، لا أثر لبنية فنية فيها، نصوص خالية من الأفكار، لكنها مليئة بالكليشيهات والخلاعة العلنية».

القرن 21

المجلات الأدبية والناشرون

الجوائز الأدبية

مؤلفو القرن الجديد

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بوتقة الذوبان الثقافية

انظر أيضاً

الهوامش

  1. ^ نبيل الحفار. "النمسا (الأدب في ـ)". الموسوعة العربية. Retrieved 2012-10-24.
  2. ^ عضو في الأكاديمية السويدية يقدم استقالته احتجاجا على جائزة نوبل للآداب العام الماضي

المراجع (كتب)

وصلات خارجية