إسكندر الصفا

إسكندر الصفا (و. أبريل 1955)، هو رجل أعمال فرنسي من أصل لبناني.[1]

إسكندر الصفا
Iskandar Safa
إسكندر صفا.jpg
وُلِدَأبريل 1955
الجنسيةفرنسي
المدرسة الأمالجامعة الأمريكية في بيروت (ماجستير هندسة مدنية)
إنسياد (ماجستير إدارة الأعمال)
الموقع الإلكترونيالموقع الرسمي لإسكندر صفا

برفقة أخيه أكرم الصفا، يمتلك إسكندر شركة پريڤ‌إنڤست القابضة، مجموعة إنشاءات بحرية دولية كبرى.[2] بالإضافة لهذا، يسيطر إسكندر وأخيه أكرم، من خلال پ.إ. ديڤ سال، شركة فيماس الفرنسية المتخصصة في تطوير وإدارة العقارات في جنوب فرنسا.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

سنواته المبكرة

 
ضابط المخابرات الفرنسي السابق، وخبير مكافحة الإرهاب جان شارل مارشياني، لعب دوراً رئيسياً في الإفراج عن الرهائن الفرنسيين في لبنان في الثمانينيات.

وُلد الصفا عام 1955 لعائلة مسيحية مارونية ثرية في بلدة جدير في شمال لبنان. والده، والذي كان موظفا حكوميًا كبيرًا. بعد إنتهائه من دراسة الهندسة المدنية في الجامعة الأمريكية في بيروت وحصوله على بكالوريوس الهندسة المدنية، ومشاركته لمدة قصيرة في مصاف الميليشيات المسيحية إبان الحرب الأهلية اللبنانية المندلعة في منتصف السبعينيات، حيث أصيب بطلق ناري مرتين وأصيب شقيقه أكرم خلال القتال أيضاً وحاز الصفا لقبه الأشهر "ساندي" هناك، بعد كل ذلك سرعان ما غادر لبنان إلى الولايات المتحدة، حيث عمل بالهندسة لفترة قصيرة قبل أن يعود إلى السعودية كمحطة قصيرة الأمد أيضاً في طريقه للضفة الأخرى من الأطلسي، حيث التحق بكلية إنسياد الشهيرة للأعمال في فرنسا، وحصل على ماجستير إدارة أعمال.


مسيرته المهنية

كان لقاء الصفا مع ضابط المخابرات الفرنسي السابق وخبير مكافحة الإرهاب، جان شارل مارشياني، في الرياض في ما يبدو إيذانا بتحويل وجهة رجل الأعمال اللبناني الصاعد صوب باريس، فالرجل أثبت منذ الوهلة الأولى أنه لا يعترف بالحدود، وكانت تلك الحياة العابرة للقارات السمة المميزة له منذ سنوات عمره الأولى، حتى قبل أن يزج به القدر لاحقا في مهنة تتوافق تماما مع هذا النمط الحياتي وهي صناعة السفن. كانت متطلبات مهنة الصفا الجديدة المُشتهر بها في ما بعد تتوافق تماما مع قائمة علاقاته القوية الموروثة عن عائلته، والتي نجح في تعزيزها بشكل غير مسبوق خلال سنواته الأولى في عالم الأعمال، والتي امتهن خلالها مهنة أبعد ما تكون عن التقليدية وهي "الوساطات الدولية".[3]

علاقاته

شبكة علاقات إسكندر صفا
محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي والحاكم الفعلي لدولة الإمارات. شريك تفاوضي إلزامي في جميع صفقات الأسلحة في الإمارات. دخل في مفاوضات مع إسكندر صفا الذي كان يعمل على إقناعه بالحصول على مقاتلات رافال من شركة داسو الفرنسية.

إسكندر صفا هو أحد المستثمرين في صندوق مبادلة المملوك لحكومة أبوظبي، وتشارك مبادلة وصفا مع مجموعة البناء التايوانية فرجلوري على سبيل المثال، في مشروع مشترك لبناء 153 ألف متر مربع من المكاتب والمحلات التجارية وغيرها من المرافق على جزيرة الماريه الإماتية.

سعيد بن جبر السويدي رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة ابن جبر. شريك إماراتي لصف في شركة ون بريباي لبطاقات الدفع الإلكتروني، والموزع الخليجي لشركة فندكت الكندية وهي إحدى الشركات المملوكة لصفا. يملك ابن جبر أيضاً شركة الإمارات للتكنولوجيا البحرية، وهي شركة تنتج معدات عالية التقنية للسفن. شريك لمجموعة تاليس الفرنسية المنتجة لإلكترونيات الطيران، وأحد المشروعات المشتركة بين الطرفين هو شركة ناشيونال تليسيستمز أند سيرفيسز. شريك لمجموعة ساجيم الفرنسية للاتصالات. يقوم ابن جبر بإنتاج العربات المدرعة الخفيفة من طراز نمر بالشراكة مع صندوق توازن أبوظبي، حيث تم بيع ألف عربة من عربات نمر للجيش الإماراتي في عام 2011.
خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة

دخل صفا في عهده في شراكات استثمارية مع عدد من المستثمرين الإماراتيين، وقامت شركة مار أبوظبي المملوكة جزئياً لصفا ببناء اليخت الشخصي الخاص به.

حمد محمد ثاني الرميثي رئيس أركان القوات المسلحة الإماراتية.
أحمد درويش المرر العضو المنتدب السابق لمصرف أبوظبي الإسلامي. شريك إسكندر السابق في أحواض مار أبوظبي.
متعب بن عبد الله نجل العاهل السعودي السابق الملك عبد الله، والقائد السابق للحرس الوطني السعودي. عمل مع صفا في بداية الثمانينيات كمستشار ومسئول استثماري لفنادق نوفابارك الشهيرة التي امتلك الأمير السعودية حصة فيها.
سيف الإسلام القذافي نجل الرئيس الليبي السابق معمر القذافي. تحدثت صحف فرنسية عن دور لعبه صفا بالتوسط بين شركات السلاح الأوروبية ونظام معمر القذافي عن طريق ابنه سيف الإسلام لإبرام صفقات أسلحة قبل سقوط نظام القذافي في 2012.
جان شارل مارشياني ضابط مخابرات فرنسي سابق، وخبير مكافحة الإرهاب، يركز في كتاباته على الإرهاب الإسلامي. لعب مارشياني دوراً رئيسياً في الإفراج عن الرهائن الفرنسيين في لبنان في الثمانينيات.
سمير مقبل سياسي ورجل أعمال لبناني، ونائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع منذ فبراير 2014.



الوساطات الدولية

 
الطائرة المقاتلة نورثروپ إف-5.

كانت البداية في كوريا الجنوبية، حين توسط الصفا في عقد لتوريد الطائرات المقاتلة من طراز إف-5 وإف-20 بين حكومة سول وشركة الصناعات العسكرية الأمريكية الشهيرة نورثروپ، وهي صفقة جلبت له شهرة واسعة، قبل أن يحول نشاطه للشركات الفرنسية مستغلاً علاقته مع مارشياني الذي كان انضم لعملاق الإلكترونيات الفرنسي طومسون، ثم لجأ لصفا لمساعدته في تسويق الصادرات الفرنسية من منتجات التكنولوجيا الفائقة لدول الشرق الأوسط، غير أن علاقتهما اتخذت منحى جديدا حين أقنع مارشياني، المقرب من وزير الداخلية الفرنسي آنذاك باسكوا، بالعمل لصالح عملاق صناعة الأسلحة الفرنسي سوفريمي، وهي شركة دفاعية أنشأتها وزارة الداخلية الفرنسية. وكثمرة لهذه العلاقة، عمل الصفا نيابة عن سوفريمي في صفقة لتوريد المعدات الصناعية لليبيا عام 1988، قبل أن يعود بعد ثلاث سنوات للتدخل نيابة عن الشركة الفرنسية نفسها، مبرماً اتفاقاً مع الكويت حول إزالة الألغام بعد حرب الخليج.

لم تتوقف علاقة العمل المثمرة بين الصفا وسوفريمي عند هذا الحد، ففي عام 1993 كان الصفا يعمل[4] لصالح الشركة الفرنسية وصديقه الجديد باسكوا، مستغلاً علاقته القديمة مع السعودية لتسهيل حصول الشركة الفرنسية على عقد ميكسا الشهير، وهي صفقة قدرت قيمتها آنذاك بملياري دولار لتوريد أنظمة تأمين الحدود لوزارة الداخلية السعودية، وتم توقيع اتفاق تفهم بشأنها بين السعودية والحكومة الفرنسية عام 1986 في أعقاب حصول المملكة على صفقة سفن فرنسية. وقد شهد التفاوض بشأن ميكسا جولات طويلة من الكر والفر بسبب التنافس بين مختلف الوكلاء الفرنسيين وداعميهم السياسيين للحصول على العقد، وهو تنافس تسبب في تأرجح بندول الصفقة بين سفريمي وصفا في التسعينيات، وصولا لعملاق الدفاع الفرنسي ثالس مع مطلع الألفية الجديدة، وهي شركة كانت خاضعة لسيطرة وزير الداخلية الفرنسي آنذاك نيكولا ساركوزي، وتم التوسط لها من قبل رجل أعمال فرنسي لبناني آخر هو زياد تقي الدين.

لم ينجح الصفا في حسم صفقة ميكسا على كل حال، ولم تفز بها ثالس أيضاً، ولكنها ذهبت[5] في عام 2009، بعد جولات ماراثونية طويلة استمرت قرابة عشرين عاماً في نهاية المطاف، إلى إيداس وهو تحالف فرنسي ألماني. كانت الصفقة من الإخفاقات القليلة لصفا في وظيفة عادة ما تكون فرص الإخفاق فيها أكبر بكثير من النجاح، غير أن اللبناني أثبت عبر تاريخه أنه عنيد جدا في مواجهة الإخفاقات، وقد علمته تجربته أن بعض الصفقات قد لا تستسلم لك من المرة الأولى، وأنه قد يتحتم عليك في بعض الأحيان أن تحاول مرة بعد مرة وتنتظر عاما بعد عام قبل أن تنقاد لك الأمور في نهاية المطاف.

صناعة السفن

 
زورق الصواريخ الإسرائيلي سعر-3.

يعرف الفرنسيون جيداً فليكس أميوت، صانع السلاح الفرنسي وابن مدينة شيربورگ الذي تخصص في صناعة السفن مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وبحلول الستينيات كانت شركته نورماندي للصناعات الميكانيكية (CMN) في شيربورگ واحدة من أكبر منتجي السفن الصغيرة، مصدرة سفنها لأكثر من 18 دولة حول العالم.

ترتبط نورماندي وحوض بناء السفن في شيربورگ بذكرى خاصة في الصراع الإسرائيلي العربي، حيث كانت نورماندي هي مصنع زوارق سعر-3 الشهيرة لصالح البحرية الإسرائيلية في الستينيات، وهي قوارب منعت الحكومة الفرنسية تسليمها بعد حظر السلاح الذي فرضته على إسرائيل بعد حرب 1967، وهو ما دفع البحرية الإسرائيلية لهندسة[6] عملية تهريب معقدة لخمسة قوارب غير مسلحة من ميناء شيربورگ لميناء حيفا على البحر المتوسط في الأراضي المحتلة.

على كل حال، لم تصمد إمبراطورية فليكس أميوت وفي مقدمتها نورماندي طويلا بعد وفاة صاحبها ومؤسسها، وبحلول عام 1987 كانت الإمبراطورية قد انهارت تماماً وأصبحت نورماندي معروضة للبيع. وفي نفس التوقيت تقريباً كان فريد هندرسون، صديق إسكندر الصفا البريطاني، يقنعه باتخاذ الخطوة الأكبر في حياته المهنية كلها بالاستثمار في صناعة السفن. وفي عام 1986 أسس إسكندر الصفا بالفعل شركته الأولى، ترياكورب الدولية، بمشاركة أكرم الصفا، وبعد ذلك بأشهر كان الشقيقان الصفا يصارعان في صفقة شراء نورماندي، ولكن ضربتهما الأولى باءت بالفشل، حيث ذهبت الصفقة لمجموعة روزاريو الأرجنتينية. وعلى مدار السنوات الخمس التالية، استخدم الشقيقان الصفا شركتيهما كوسيط فعال بين الشركات الأوروبية ودول الشرق الأوسط وآسيا لإبرام عدد من الصفقات في مجالات الأسلحة والأمن والتكنولوجيا، ليعود الصفا من جديد لتقديم عرض لشراء نورماندي التي كانت تواصل التعثر وفقدان العقود حتى في ظل قيادتها الجديدة، وفي هذه المرة كان من المنطقي أن يستحوذ الصفا على الصفقة بسهولة كبيرة.

بعد استحواذه على نورماندي، سارع الصفا لاستثمار دفتر علاقاته المتوسعة من أجل جلب الصفقات والعقود لشركته الجديدة، وبحلول عام 1993 عادت ساحة بناء السفن الشهيرة في فرنسا تكتظ من جديد بالعقود الصغيرة ومتوسطة الحجم، عقود بدأت مع صفقة لصناعة زوارق دوريات لسلطة عمان، ونجح الصفا في اقتناصها بعد منافسة مع سوان هانتر، أحد صانعي السفن الأكثر شهرة في بريطانيا، لتدخل سوان بعد ذلك في أزمة مالية كبيرة تقدم الصفا إثرها بعقد لشراء الشركة، وهي صفقة لم يكتب لها النجاح في نهاية المطاف بعد توجس أجهزة الاستخبارات البريطانية من بيع شركة محلية لمستثمر شرق أوسطي يشتبه أن له علاقات مع الحكومة العراقية المغضوب عليها عالمياً منذ إقدامها على غزو الكويت مطلع التسعينيات.

في وقت لاحق من العقد نفسه أقدم إسكندر الصفا وشقيقه أكرم على تأسيس شركتهما الأهم، مجموعة بريڤنڤيست القابضة، في موطنهما الأصلي لبنان، وخلال وقت قصير أصبحت بريفنفيست منصة جامعة لأنشطة الصفا المتوسعة وخاصة في بناء السفن، وضمت شركاته وعلى رأسها نورماندي، ومجموعة جوزيف إيشروود البريطانية التي استحوذ عليها الصفا لاحقا، إضافة إلى درر تاج البحرية الألمانية الثلاثة: "كيل" و"نوبيسكروگ" و"ليندناو"، والذين استحوذ عليهم الصفا بالشراكة مع حلفائه الخليجيين الجدد، ولكن هذه المرة في أبو ظبي.

لا يعرف بالتحديد متى بدأت علاقة العمل المتنامية بين إسكندر الصفا وحكومة أبو ظبي، لكن المرجح أنها بدأت عبر إحدى الوساطات التقليدية التي يجيدها الملياردير اللبناني. ففي عام 2003، تمت دعوة الصفا من قبل مجموعة الصناعات البحرية الدفاعية الفرنسية (DCNS) للعب دور الوسيط بين المجموعة ودولة الإمارات العربية للتوسط في عقد بين الطرفين يتضمن تزويد القوات المسلحة الإماراتية بستة طرادات حربية من طراز بينونة، قامت مجموعة نورماندي التي يملكها الصفا، ببنائها، بتكليف من المجموعة الفرنسية.

كانت صفقة بينونة مفتاحا لعلاقة جديدة مربحة بين إسكندر الصفا والإمارة الخليجية، علاقة توجت في عام 2007 بشراكة كان مخططاً أن تكون ضربة البداية لإمبراطورية ضخمة لصناعة السفن واليخوت. وبموجب تلك الشراكة، أقامت شركة إسكندر الصفا بريفنفيست حوضا لبناء السفن في أبو ظبي بالشراكة مع شركة العين العالمية للنفط والنقل التي يرأسها رجل الأعمال الإماراتي أحمد درويش المرر، وقد وضع هذا التحالف حجر الأساس لما اشتهر لاحقا بشركة مار أبوظبي (ADM)، وحصل فيها الصفا على نسبة أقلية تبلغ 30% مقابل 70% للشركة الإماراتية، وأساسا لمجموعة مار العالمية للسفن المنشئة لأول حوض خاص بها لتصنيع السفن في ميناء زايد في العام التالي.

وفي عام 2009 صوبت مجموعة مار أنظارها صوب ألمانيا وتحديدا شركات كيل الثلاث، وبدأت السلسلة في العام المذكور بالاستحواذ على مجموعة نوبسكروگ المتخصصة في بناء اليخوت الضخمة التي يبلغ طولها بين 160-200 متر، تلاها صفقة للاستحواذ على حوض كيل لبناء السفن (GNY KEIL) أو (HDW) في عام 2011، واختتمت بالاستحواذ على مجموعة ليندناو للإمداد والصيانة في عام 2013.

في غضون ذلك، نجحت مجموعة مار في نهاية عام 2009 بإبرام أهم صفقاتها، حين وصلت لاتفاق مع مجموعة تيسنكورب مارين سيستمز (TKMS) لإنشاء مشروع مشترك لبناء السفن القتالية السطحية[7]، تتولى بموجبه المجموعة الألمانية عملية البناء والتوريد لصالح البحرية الألمانية وحلف الناتو، في حين تتولى مجموعة مار المسؤولية عن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وبموجب هذه الصفقة، حصلت مار أبوظبي أيضا على حصة 80% من شركات السفن السطحية الثلاث التابعة للمجموعة الألمانية وهي بلوم وفوس شيب ياردز، وبلوم وفوس إنداستريز، وبلوم وفوس ريبير، وفي وقت لاحق دخلت المجموعة في شراكة جديدة مع العملاق الألماني لشراء حوض السفن الهيليني في اليونان إثر تعرضه للإفلاس في عام 2010، في صفقة حصل فيها الصفا وشركاؤه الإماراتيين على حصة 75%، في حين حصل الشريك الألماني على حصة تبلغ 25%.

ورغم النجاحات الكبيرة والسريعة لأعمال الصفا وشركائه الإماراتيين في مجال صناعة السفن، فإن الشراكة لم تستمر لوقت طويل خاصة بعد أن انهارت الشركة مع مجموعة تسينكورب الألمانية في العام نفسه بعد اعتراض السلطات الألمانية على تقاسم التكنولوجيا البحرية الخاصة بها مع مجموعة لبنانية-إماراتية. ولم تصمد الشراكة بين الصفا والإماراتيين في ما يبدو أمام صدمة انهيار العقد الألماني، فمع قدوم عام 2011، نجح إسكندر الصفا في الاستحواذ على حصة شريكه الإماراتي وتأمين 100% من أسهم مجموعة مار لصالح شركته الرئيسة بريفنفيست، قبل أن يقوم بإخضاع الشركة لعملية إعادة هيكلة واسعة في عام 2014 شملت فصل شركات قناة كيل الألمانية الثلاث عن المجموعة، وضمها مباشرة إلى شركته الأم بريفنفيست تحت اسم موحد هو مجموعة السفن الألمانية القابضة (GNY holding)، ما عنى فعليا تقليص أنشطة مجموعة مار الدولية والاكتفاء بشركة مار الإماراتية في أبي ظبي، ووضعها الصفا تحت إدارة شركة جديدة مملوكة لبريفنفيست تدعى بسيب (PSIB) جنبا إلى جنب مع حوض السفن اليوناني.

لم تمنع نجاحات بريفنفيست المتتالية، بما يشمل تصنيع أكثر من 2000 سفينة بمختلف الأحجام والاستخدامات وتوريدها إلى أكثر من 40 دولة وأسطول بحري حول العالم خلال فترة لا تزيد عن عقدين، لم تمنع تلك النجاحات الصفا من ممارسة مهنته الأثيرة على هامش أعماله كلما تطلبت الأمور. ففي عام 2010، لعب الصفا دور الوسيط بين شركة داسو المنتجة لطائرات رفال المقاتلة وبين السعودية لإبرام عقد يقضي بتزويد السعودية بهذه الطائرات، كما أنه شارك في وساطة لبيع اثنين من طرادات تسينكورب الألمانية إلى الجزائر في أبريل 2012، وتحدثت صحف فرنسية عن دور لعبه الصفا بالتوسط بين شركات السلاح الأوروبية ونظام العقيد معمر القذافي في ليبيا عن طريق ابنه سيف الإسلام وذلك لإبرام صفقات أسلحة قبل سقوط نظام القذافي عام 2012.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أنشطته في أفريقيا

 
الرئيس الموزمبيقي السابق أرماندو گبوزا (وسط الصورة)، يصاف الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا أولاند (يمين)، ويظهر إسكندر الصفا حاملاً قطعة معدنية من قارب صيد، في حوض نورماندي لبناء السفن، شربورگ، شمال غرب فرنسا.[8]

كثيراً ما يزعم[9] الصفا أن هناك رابطاً خفياً يجمعه بصناعة السفن، رغم أن دخوله إلى هذا المجال جاء عن طريق الصدفة البحتة في المقام الأول، وهو يعزو هذا الرابط إلى نشأته الأولى في لبنان في منزل لم يكن يبعد كثيراً عن البحر، وهو ما يلهمه شغفاً دائماً ببناء السفن وتجارة معدات البحر. لكن الأرباح الكبيرة والسهلة تمثل حافزا لا يقل أهمية، وقد حولت سنوات الخبرة الطويلة الصفا إلى صائد ماهر لهذه الأرباح، ففي وقت استقرت فيه حصة بائع السفن في أوروبا والعالم العربي، فإن صانع السفن يمم وجهه اليوم صوب أفريقيا، ليثبت من جديد قدرته على كسب المال حتى من قلب أكثر الدول فقرا.

فضيحة سندات التونة

 
إسكندر الصفا (وسط الصورة) بعد توقيعه اتفاقيتين مع الحكومة الأنگولية لبيع السفن العسكرية ضمن مشروعاته الكبرى في أنگولا. أقصى يمين الصورة الوزير الموزمبيقي المتورط في الصفقة، مانوِل تشانگ.

أحد الأمثلة على ذلك هي موزمبيق، إحدى أكثر دول العالم فقرا مع تعداد سكاني يتجاوز 27 مليون نسمة، وناتج محلي إجمالي يبلغ بالكاد 16 مليار دولار، وتاريخ طويل قريب لحرب أهلية طاحنة، ونخبة سياسية مشتهرة بالفساد. في ظاهر الأمر لا تعد مابوتو بيئة نموذجية لممارسة الأعمال، ولكن رجلا مثل إسكندر الصفا له دائما رأي آخر.

في عام 2012 كان الصفا قد أمن موافقة سهلة لحكومة موزمبيق على صفقة للحصول على عدد من سفن الصيد وسفن الدوريات الساحلية وحوض لصيانة السفن في البلاد، وكانت المهمة[10] الحقيقية تتمثل في الحصول على مانحين دوليين راغبين في تمويل الصفقة مقابل سندات آجلة مرتفعة الفائدة تصدرها موزمبيق وتضمنها بريفنفيست. ونجح الصفا بالفعل في إقناع ثلاثة بنوك هي كريدي سويس السويسري وڤي بي تي الروسي وبي إن بي باريبا الفرنسي باستثمار مبلغ ملياري دولار لتمويل الصفقة، مقسمة بين قرض بقيمة 622 مليون دولار لشراء معدات عسكرية، و850 مليون دولار في صورة سندات لمشتريات قوارب للصيد، و535 مليون دولار لبناء حوض سفن لخدمة الأساطيل العسكرية وأساطيل الصيد.

كانت الصفقة مريبة بما يكفي[11] لجذب انتباه العديد من الجهات المالية الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي الذي قام بتوظيف شركة تحقيقات خاصة تدعى "كرول" من أجل مراجعة الصفقة. فمن ناحية، لم يكن الوضع المالي للحكومة في موزمبيق يسمح لها بإصدار سندات ديون بهذه القيمة التي تسببت في ارتفاع الدين العام في البلاد بنسبة 35% خلال عام واحد فقط، ومن ناحية أخرى فإن نسبة كبيرة من هذه الأموال تم تحويلها مباشرة إلى الصفا وشركاته وليس إلى الحكومة في موزمبيق كما يقتضي الأمر، وصولا إلى كون تحقيقات "كرول" توصلت إلى أن أسعار المعدات التي ستقدمها شركة بريفنفيست تجاوزت قيمتها الحقيقية بنحو 700 مليون دولار على الأقل.

بالإضافة إلى ذلك، تم تمثيل[12] الحكومة الموزمبيقية في تلك الصفقة من قبل ثلاث شركات هي "إماتوم" و"بروينديكوس" و"صندوق إدارة الأصول" والتي تبين في ما بعد أنها مملوكة بالكامل لجهاز الاستخبارات في البلاد المقرب من الحزب الحاكم، وأن الصفقة تم تمريرها دون موافقة برلمانية، ومع تورط بنوك أوربية كبرى في عملية التمويل لم يكن من المستغرب أن تستجلب الصفقة تحقيق جهات دولية مرموقة في مقدمتها مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي.

أنگولا

غير أن الصفا لا يبدو أنه يعبأ بالأمر على كل حال، وهو يثق في ما يبدو بأن علاقاته سوف تكفل له النجاة كما فعلت دوما على مدار عقود، وأنه سيكون في كل الأحوال قادرا على تجنب مصير صديقه مارشياني الذي أدين في عام 2005 لقبوله أموال من شركة رينك الألمانية لمساعدتها على الفوز بعقد لتوريد علب تروس لدبابات ليكليرك لدولة الإمارات العربية المتحدة. وتتجلى هذه الثقة أكثر في مساعي الصفا الحثيثة للحصول على ممولين لعقد مبدئي أبرمه في 2018 مع الحكومة الأنگولية للحصول على 17 قارب دورية يتم صناعتها في حوض نورمندي.

الكونغو

يبدو أن شهية إسكندر الصفا لاقتناص الأموال المشبوهة من الدول الفقيرة لا حد لها، في وقت تخوض[13] فيه شركاته مفاوضات مماثلة لجدولة ديون شركة البترول الوطنية في الكونغو مقابل الحصول على عقد لتوريد ناقلات النفط البحرية وسفن خفر السواحل للدولة الإفريقية. واعتاد الصفا فيي كثير من الأحوال أن تثير صفقاته الكثير من الغبار، بقدر ما اعتاد أن يخرج من هذا الغبار نظيفا أيضا مع أقل القليل من الضرر لأعماله أو حتى لسمعته.

علاقته بإسرائيل

زوارق الصواريخ سعر

أحد أهم هذه العواصف التي واجهها الصفا في مسقط رأسه في لبنان وفي محيطه العربي وقعت في 2018، حين كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن شركة لبنانية إماراتية، في إشارة إلى أبوظبي مار، تتولى[14] صناعة السفن الحربية الإسرائيلية من طراز سعر-6 بموجب صفقة أبرمها الكيان المحتل مع مجموعة تسينكورب الألمانية. وأكدت الصحيفة أنه رغم أن عقد الشراكة الرسمي بين مجموعة مار وبين الشركة الألمانية لم يدم طويلا، إلا أن التعاون بين الطرفين لم يتوقف كليا، وأن مجموعة كيل لبناء السفن لا تزال تعمل كمتعهد ثانوي للشركة الألمانية وهي تتولى المساعدة في الجانب الهندسي لبناء السفن.

صفقة الرهائن الفرنسيين

 
الطيار الإسرائيلي رون عراد.

لم تكن تلك هي الواقعة الأولى التي تصبح فيها علاقات الصفا المزعومة مع إسرائيل موضعا لتسليط الضوء منذ أن ذاعت سيرته بعد صفقة الرهائن الفرنسيين. ففي أعقاب لقائه بالضابط الإسرائيلي على متن يخت الريفيرا، كان الصحفي أوك حريصا على الوفاء بتعهده بتعريف الإسرائيليين بالرجل الذي أنقذ حياته. وقد وقع اللقاء المرتقب لاحقا عام 1989 في شقة الصفا الفاخرة في باريس بحضور الضابط عاموس وأوري لوبراني منسق الأعمال الإسرائيلي في لبنان في الثمانينيات. لم يثمر التعاون الأول بين الصفا والإسرائيليين شيئا يذكر، حيث اكتشف الموساد لاحقا أن الطيار رون عراد قتل في عام 1988، غير أن علاقة الأعمال المعتادة يبدو أنها استمرت على كل حال.

على متن يخت[15] فاره يعج بالجميلات على شاطئ الريفيرا الفرنسي الساحر، كان الصحفي الفرنسي جون أوك على موعد مع مقاطعة جادة بنكهة سينمائية لعطلته، حين تقدم نحوه فجأة رجل متوسط العمر ذو ملامح صارمة، وبخطوات رسمية مميزة، قبل أن يمد يده لمصافحته بلا مقدمات كثيرة، مسارعا للتعريف بنفسه مباشرة وبنفس السلوك الجاد: اسمي عاموس، إسرائيلي، ولدينا طيار مختطف منذ ثلاث سنوات يدعى "رون عراد"، ونحن نعتقد أن الرجل الذي توسط لتحريرك سابقا يمكنه أن يساعدنا.

كان جون أوك نفسه، أو بيار بودري كما يعرفه الإسرائيليون باسم مستعار استخدمه لتغطية حرب الخليج الثانية لاحقا لصالح صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية وعدة صحف أخرى، قد تم اختطافه من قبل حزب الله اللبناني عام 1987 أثناء أزمة الرهائن الشهيرة في لبنان، حين اختطف عدد من الجماعات المسلحة 121 رهينة أجنبية في البلاد على مدار قرابة عقد من الزمان. وبعد مرور أكثر من عام،391 يوما بشكل أدق، قضاها جون في قبضة المسلحين تم الإفراج عنه بعد تدخل دبلوماسي لفريق فرنسي قاده ضابط الاستخبارات السابق ذائع الصيت جان تشالز مارشياني، بتكليف من رئيس الوزراء آنذاك جاك شيراك ووزير داخليته شارلز باسكوا، بينما تكشف في وقت لاحق أن رجل الظل ومحرك العرائس والفاعل الرئيسي في هذه المفاوضات الذي يسعى الإسرائيليون إلى وساطته كان شخصا مختلفا تماما، لم يلعب أي دور رسمي في المفاوضات، ولا ينتمي إلى عالم السياسة بحال، عرفه الجميع آنذاك باسم "ساندي"، بينما نعرفه الآن باسمه الحقيقي "إسكندر الصفا".

وقعت تفاصيل تلك الأحداث خلال عام 1987 وانتهت رسميا في مايو من العام التالي 1988 بإعلان الحكومة الفرنسية أنها قادت جهود وساطة ناجحة بقيادة مارشياني للإفراج عن خمسة دبلوماسيين وصحافيين فرنسيين تم احتجازهم في لبنان من قبل حزب الله. ولما لم تعلن الحكومة الفرنسية أي تفاصيل حول عملية استخدمتها لتعزيز شعبيتها قبيل الانتخابات، دفع ذلك الصحافة الفرنسية للتكهن بأن الحكومة قامت بدفع فدية للإفراج عن مواطنيها، رغم إصرار جاك شيراك على النفي.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته الشخصية

أكرم الصفا، شقيقه الأصغر، وشريكه في تريكاورب القابضة ومجموعة بريفينفيست وغيرها من الشركات. والد زوجة أكرم شقيقه، هو سمير مقبل، وزير الدفاع اللبناني السابق. مارون حداد، ابن عم إسكندر الصفا، ومحامي العائلة، وكانت والدته عضو مساهم في ترياكوب الدولية حتى عام 1988.

المصادر

  1. ^ "Making the Shipping News". Handelsblatt. 4 August 2015.
  2. ^ "Company Overview of Privinvest Holding sal". Bloomberg.
  3. ^ إسكندر الصفا.. إمبراطور لبناني تحول لوسيط بين إسرائيل والخليج، الجزيرة نت
  4. ^ "Iskandar Safa, Deep sea stealth networking". intelligenceonline.com. 2013-07-02. Retrieved 2019-01-27. {{cite web}}: line feed character in |title= at position 15 (help)
  5. ^ "How EADS won MIKSA". intelligenceonline.com. 2009-07-16. Retrieved 2019-01-27.
  6. ^ "مشروع شربورگ". ويكيپديا الإنگليزية. Retrieved 2019-01-27.
  7. ^ "Former French navy officers gun for more business". africaintelligence.com. 2017-01-27. Retrieved 2019-01-27.
  8. ^ "Phantom tuna fleet leaves Mozambicans on the hook". politicsofpoverty.oxfamamerica.org. 2016-05-16. Retrieved 2019-01-28.
  9. ^ "Iskandar Safa, CEO of Privinvest: Managing a leader of the naval construction sector". africaintelligence.com. 2017-05-17. Retrieved 2019-01-27.
  10. ^ "FBI Investigates European Banks for Allegedly Aiding Corruption in Mozambique". وال ستريت جورنال. 2017-11-06. Retrieved 2019-01-27.
  11. ^ "Behind Credit Suisse's Soured Mozambique Deals". وال ستريت جورنال. 2016-08-11. Retrieved 2019-01-27.
  12. ^ "Former French navy officers gun for more business". africaintelligence.com. 2017-01-27. Retrieved 2019-01-27.
  13. ^ "Iskandar Safa's oil package". africaintelligence.com. 2017-06-13. Retrieved 2019-01-27.
  14. ^ "Iskandar Safa's oil package". جريدة العربي. 2017-06-13. Retrieved 2019-01-27.
  15. ^ "The Israeli agent behind enemy lines". ynetnews.com. 2017-02-15. Retrieved 2019-01-27.