أكرم عبد القادر الدوري

أكرم عبد القادر الدوري (1928- 12 ديسمبر 2010) قاضي عراقي اشتهر بنزاهته ومعروف بقوله الحق وعدله بين الناس ووزير عدل عراقي سابق وهو أحد الوزراء الذين لم يكونوا من حزب البعث الحاكم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الولادة والنشأة

ولد عام 1928 في مدينة سامراء وله اخ واحد ووالده من أشهر شيوخ مدينة سامراء ورجل دين معروف وصاحب أقدم مضيف في المدينة. أكمل دراسته الثانوية والجامعية في مدينة بغداد (ثانوية التفيض وكان الأول في دفعته بعدها تخرج من كلية الحقوق عام 1949 ومارس المحاماة لمدة 10 سنوات) وكان مدافعا عن قضايا بلده في كافة المحافل الشعبية والدولية.ونسبه ثابت من السادة الحسينين.


سيرة حياته

أباً لثلاثة أولاد وبنت، وشيخ عشيرته المواشط ذات النسب الحسيني.

لقد بنى هذا الرجل صروحا من القيم العالية في نفوس الناس واهله وعشيرته وعلم الكثير معاني الخلق والفضائل السامية المشهودة بحقه. ان من خلقه انه لا ينام على ضيم وما يصيب الناس يهزه أكثر مما يصيبه نفسه فكان من المؤثرين على انفسهم ولو كان بهم خصاصة. من اعماله انه اوجد القضاء الإداري في العراق الذي يمكن الموظف من الاعتراض على القرارات المجحفة بحقه مهما كانت درجة الموظف صغيرة ومهما كانت درجة صاحب القرار عالية، فمن الاقوال التي ذكروها حينها بحقه عند ولادة القضاء الإداري من أحد القضاة " لهذا الانجاز تستحق ان يوضع لكم تمثال من ذهب "

واصراره على تعديل قانون مجلس شورى الدولة واصدار القانون رقم 106 لسنة 1989 قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة رقم 60 لسنه 1979 انشأ لأول مرة في العراق قضاء إداريا مستقلا إلى جانب القضاء العادي وبات العراق كالنظام القضائي المزدوج. أما قبل هذا التاريخ فقد عرف العراق بموجب القانون 140 ما يسمى بالمحاكم الإدارية وهي محاكم تختص بالنظر في المنازعات التي تكون الإدارة طرفا فيها بصرف النظر كون عن المنازعة ذات طبيعة إدارية مدنية لذلك كانت جزء من القضاء العادي وقد تم الغاء هذه المحاكم بالقانون رقم 16 لسنة 1989 كما عرف قضاء مجلس الانضباط العام الذي يتولى مهمة الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الموظف والدولة استنادا إلى قانون انضباط موظفي الدولة القطاع الاشتراكي رقم 14 لسنة 1991 وقانون الخدمة المدنية رقم 24 لسنة 1960. وإذا ذهب البعض إلى أن العراق قد أخذ بنظام القضاء المزدوج قبل عام 1989 بالاستناد إلى اختصاص مجلس الانضباط العام، فان المستقر لدى غالبية الفقهاء أن النظام القضائي المزدوج لم يظهر إلا بعد صدور قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة عام 1989 والمتضمن إنشاء محكمة القضاء الإداري إلى جانب مجلس الانضباط العام.

فقد انتزعه انتزاعاً من بين مجلس الوزراء الذين اعترضوا عليه قائلين ان وجود مثل هذا القانون سيوقف كل القرارات السيادية ويعطل عمل الدولة، ورغم ذلك فقد استطاع ايجاد هذا القضاء الإداري ايمانا منه بان القانون فوق اي قرار سياسي.

لشدة نزاهته كان لا يستقبل الهدايا وان كانت من ارفع المسؤولين بل حتى منع اخيه من الرضاعة ان يجلب له محاصيل ارضه الزراعية إلى داره كي يتقي شبهات الالسن، وكثيرا ما اخذ على خاطرهم من اقاربه واهل بيته لهذا السبب. كان عصامياً طيلة حياته فلم يشهد عليه أحد انه تناول الخمر أو زنى أو حتى دخن سيكارة فكان يقول حديث الرسول صلى الله عليه وسلم " ان الحياء يمنع الرزق والفسق " حتى في مأكله لم يطلب اي طعاماً خاصا له عند جلوسه للطعام وانما كان ياكل مما وضع على المائدة.

من عصاميته انه صدر قرار احالته على التقاعد عام 1991 وبقى معتكفاً في بيته لمدة أحد عشر عاما يتقاضى مبلغ يعادل عشرون دولار، ولم يتقدم بطلب إلى الجهات المعنية لاستحصال ما يستحقه من راتبه كقاضي امضى أكثر من ثلاثين عاما فيه وبقى محتفظا بصفته القضائية حتى بعد توليه العديد من المناصب من رئيس مجلس شورى الدولة إلى وزير العدل، وكان يقول لابنه عندما يلومه بعدم المطالبة بحقوقه التقاعدية " أفضل ان ابقى هكذا إلى ان اموت اشرف لي من ان يقال وقف على باب فلان مقدم طلبات، فالكل يعلم حقي هذا من اعلى رجل في الدولة وانا اترفع ان اطالب به وادني نفسي لاحد".

كانت قصة توليه وزارة العدل حديث الناس ووجوه القوم، حيث طلب تقديم دراسة عن أحوال وزارة العدل عام 1987 لتحسين وضع مؤسساتها وتحسين وضع القضاء في العراق، فانيطت له هذه المهمة فقام باعداد ورقة خاصة عرضت بالتلفزيون العراقي من عام 1987 بحضور رئيس الجمهورية ووزير العدل وكان طرحه جريء يحمل في طياته معاناة الوضع القضائي الذي كان لا يحمل الهيبة المناسبة له من الاستقلال والاحترام الذي كان يداعي فيه طيلة حياته، فكان ان طالب امام الجميع باستقلال القضاء وإعطاءه الميزات والحصانات الموجودة في الدول العالمية الراقية مستشهداً بتاريخ القضاء ايام الخلافة الراشدة وكيف ان القاضي لا سند له سوى الخليفة الذي يدعم اقامة شرع الله والحق بين الناس، فكان ان اتنتشرت حينها الاقاويل بعد انتهاء مناقشة ورقة الوزارة بان السيد اكرم اما ان يحبس أو يتولى منصب وزارة العدل، وما هي الا ايام قلائل حتى تولى المنصب الوزاري بعد أن رجحت الحكومة هذا التوجه كون هذا الرجل له مناصرين ومؤيدين له على المستوى الشعبي والمهني على نطاق العراق كله لغرض كسب التاييد لها.

حين تولى منصب وزارة العدل اشترط من رئيس الجمهورية عدم التدخل في اعمال القضاء واستقلاله كي يتمكن من اقامة العدل والقضاء بين الناس، وتمكن طيلة فترة وجوده في الوزارة من رفع هيبة القضاء والحفاظ على استقلال قراراته من التدخل من قبل السلطات التنفيذية، وتعرض لكثير من الانتقادات والضغوط من أعلى المناصب التنفيذية في الدولة، ولكنه لم يلين امام الحق وتطبيق القانون.

صادف ان تدخل أحد الوزراء في عمل وزارته أثناء مناقشات عمل مجلس الوزراء مما جعل السيد اكرم ان يستنكر هذا التدخل بعد أن ايد رئيس الجمهورية الوزير الاخر ضد موقف السيد اكرم، فقال لرئيس الجمهورية كلمة مشهودة " انا اتشرف بان ابقى قاضياً لا يتدخل أحد بعملي عن ان اكون وزيراً لا قرار لي "

ومن اعماله التي نذكرها انه الغى قرار الحكومة العراقية بمصادرة الاراضي غير المسيجة داخل امانة بغداد وارجع ملكيتها إلى اهلها، حيث كان هناك قرار يقضي بمصادرة قطع الاراضي الفارغة غير المسيجة لانها تعد منظر غير حضاري تتراكم فيه الاوساخ وهذا لا يتلائم وهيبة العاصمة، لكن السيد اكرم فند هذه العلة كون أغلب قطع الاراضي هذه اصحابها اما قاصرين أو ورثة موظفين ضعاف لا يتمكنون من اقامة سياج عليها، والحجة ان الملكية حق مكفول في الدستور ولا يمكن ان يقوم موظف بمصادرته بسبب عدم تحويطها بسياج فتسقط تلك الملكية من ايادي اصحابها.

كان يصاحب هذا كله مطالبته للحكومة باصدار القرارات اللازمة من رفع القيود عن حرية المواطن في السفر أو الاعتراض أو ابداء الاراء، وهذا ما لم يرق لاعمال الحكومة حينها فاحالته على التقاعد عام 1991.

كان محبوبا من زملائه وعشيرته الذين كان يرعاهم في كل مناسبة واجازة فكان يقضي عطلته السنوية كاملة في ديوانه بمدينة سامراء ويقول ان المجلس مع اقاربي وأبناء مدينتي احب إلى نفسي من الذهاب لاي مدينة في العالم.

من الاقوال التي قيلت بحقه من ائمة القوم واعلامهم قول العلامة " أيوب الخطيب" المرجع السني الأعلى للعراق عند اشتعال الفتنة بين العشائر في التسعينات التي اوجدها النظام السابق " والله اني اتبعك أكثر مما اتبع جدي ملة هيبة، (وهو وعالم دين معروف في سامراء) " وكان ذلك الموقف من العلامة " أيوب الخطيب" بسبب ظهور اناس يطالبون بتراس مجموعة خرجت من عشيرة السيد اكرم، علما بان العلامة والمرجع الديني أيوب الخطيب هو من أبناء عشيرة السيد اكرم الدوري (عشيرة المواشط). كذلك قول أحد المسؤولين الكبار بان السيد اكرم أكبر من اي شيخ عشيرة من زاخو إلى البصرة كونه قاضياً ووزيراً عادلاً معروف.

كان يقيم مادب العيدين سنويا ويدعو فيها كل اقاربه وأبناء مدينته، ولم يصادف في حياته ان اخذ مالا أو عطوة من عشيرته أو اي عشيرة أثناء قيام الفصول في المشاكل التي تحدث بين أبناء عشيرته والعشائر الأخرى بل كان يضع من ماله الخاص لجانب الفقير الذي يستحصل حقوقه من هذه الفصول.

اقام لاهله ولاخيه وأولاده البناء ووفر لهم الوظائف وزوجهم ورعاهم لاخر لحظة في حياته الكريمة الطاهرة.

وفاته

اما قصة وفاته فكانت ماساة حيث اصابه عارض نزيف بسيط في جسمه وكان يعيش في مدينة انقرة في تركيا مرافقاً ابنه، وبسبب جهل الاطباء هناك وعدم تشخيص حالته لمدة ثمانية ايام حرموه فيها من الماء والحركة ولم يطلب الماء خلالها غير مرة واحدة وحين قيل له لا يمكن لانه سيضر بك سكت ولم يطلبه بعدها إلى حين انتقاله إلى جوار ربه، وكانت الوفاة في 13/12/2010 الموافق الإثنين 7 محرم 1432 هـ، ومن الكرامات التي شهدت له قبل وفاته وبعدها ان ابنه كان يراجعه في العناية المركزة وهو في غيبوبة فيمسح على جبينه فتبقى بيده عطر يقسم بانه كالمسك، كذلك حين تم تغسيله كانت سبابته مرفوعة بالتشهد.

الوظائف

تسلم المنصب القضائي عام 1958 في بغداد تولى منصب نائب رئيس محكمة استئناف بغداد عام 1976 وعضو محكمة تمييز العراق عام 1979 ورئاسة مجلس شورى الدولة عام 1984 قبل أن يتقلد منصب وزير العدل عام 1987-1991.

وهو أحد الوزراء الذين لم يكونوا من حزب البعث الحاكم

كان حقوقيا بارعا ,تسلم منصب رئيس مجلس شورى الدولة عام 1984، ترك منصبه بعد أحداث الكويت وبقى محتفظاً بصفته القضائية.

المصادر