أبو قيس صرمة بن أبي أنس

أبو قيس صرمة بن أبي أنيس من بني النجار أهل يثرب ؛ أنسباء البيت الهاشمي، وتقول الأخبار إنه فارق الأوثان واغتسل من الجنابة، وتطهر، ودخل بيتاً له اتخذه مسجداً لا تدخله طامث ولا يدخله جنب، وقال أعبد رب إبراهيم، وكان قولا بالحق، معظما لله، وقال ابن حجر: إنه لما قدم النبي محمد إلى يثرب، أسلم وحسن إسلامه، وهو شيخ عجوز، وكان ابن عباس يختلف إليه ويأخذ عنه الشعر.

الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((وقع في معجم ابْنِ الأعْرَابِيِّ من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى: أحيلت الصلاةُ ثلاثة أحوال... الحديث بطوله. وفيه: فجاء رجل يقال له صِرْمَة إلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، رأيت رجلًا ينزل من السماء عليه ثوبان أخضران على حريم حائط، فأذَّن مَثْنَى مثنى، ثم قعد ثم قام فأقام. قلت: وهو غلط نشأ عن سقط؛ وذلك أن القصة عند عَبْد بن حُميد في تفسير قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِِ} [البقرة: 187]؛ فذكر الحديث بطوله. وصِرْمة إنما جرى له ما تقدم في الذي قبله يعني صِرْمَة بن أنس أنه نام قبل أن يفطر، والذي جاء فذكر الرؤيا في الأذان، وهو عبد الله بن زيد؛ فسقط من السياق من ذكر صِرمة إلى ذكر عبد الله بن زيد على الصواب عند أبي داود والنسائي وغيرهما.)) ((ذكره ابْنُ شَاهِين وَابن قانع في "الصَّحابة"، وأخرج من طريق هُشَيم بن حصين، عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى، أنَّ رجلًا من الأنصار يقال له صِرْمة بن مالك، وكان شيخًا كبيرًا، فجاء أهله عشاء وهو صائم، وكانوا إذا نام أحدهم قبل أن يُفطر لم يأكل إلى مثلها، والمرأة إذا نامَتْ لم يكن لزوجها أَن يأتيها حتى مثلها، فلما جاء صِرْمة إلى أهله دعا بعشائه فقالوا: أمهل حتى نجعل لك سخنًا تفطر عليه، فوضع الشَّيخُ رأسه فنام فجاؤوا بطعامه، فقال: قد كنْتُ نمت، فلم يطعم، فبات ليلته يتقلق بطنًا لظهر، فلما أصبح أتى النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم فأخبره، فأنزلت هذه الآية: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّن لَكُم...} [البقرة 187]، فرخص لهم أن يأكلوا اللّيل كله مِنْ أوله إلى آخره، ثم ذكر قصّةَ عمر في نزول قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَة الصِّيَامِ الرّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187].(*) وهذا مرسل. صحيح الإسناد. كذلك أخرجه عبد بن حُميد في التفسير عن عمرو بن عوف، عن هشيم؛ وأخرجه الطّبَرَانِيُّ من حديث عبد الله بن إدريس كذلك، وأخرجه ابن شاهين أيضًا من طريق المَسْعُودِيّ عن عَمْرو بن مرة، عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جَبل، قال: أحلّ صيام ثلاثة أحوال، فذكر الحديث، وفيه: وكانوا إذا صاموا فناموا قبل أن يفطروا لم يحل لهم الطَّعام ولا النّكاح، فجاء صِرْمة وقد عمل يومَه في حائطه، وقد أعيا فضرب برأسه فنام قبل أن يُفطر، فاستيقظ فلم يأكل ولم يشرب واستيقظ وهو ضعيف. وأخرجه أَبُو دَاوُدَ في "السُّنَن" من هذا الوجه ولم يتصل سنَدُه، فإن عبد الرَّحمن لم يسمع من معاذ. ويقال: إن القصَّةَ وقعت لصِرْمة بن أنس المبدأ بذكره؛ أخرجه ذلك هشام بن عمار في فوائده، عن يحيى بن حمزة، عن إسحاق بن أبي فرْوَة، عن الزّهري، عن القاسم بن محمد، قال: كان بَدْء الصوم أن يصومَ من عشاء إلى عشاء، فإذا نام لم يصل أهله ولم يأكل ولم يشرب، فأمسى صِرْمة بن أنس صائمًا، فنام قبل أن يفطر... الحديث. وإسحاق متروك. وأخرج الطَّبَرِيُّ من طريق حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن حبّان ـــ أن صِرْمة بن أنس أَتى أهلَه وهو صائمٌ، وهو شيخٌ كَبِيرٌ... فذكر نحو القصَّة. وأخرج الطَّبَرِيُّ من طريق السُّدّي في قوله تعالى: {كُتِب عَليْكُم الصَّيَامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة 183]؛ قال: كُتِب صيامُ رمضان على النّصارى وألاّ يأكلوا ولا يَشْرَبُوا، ولا يأتوا النّساء بعد النّوم في رمضان، فلم يَزَلْ المسلمون يصنعون ذلك حتى أقبل رجل من الأنصار يقال له أبو قيس بن صِرْمة... فذكر القصَّة نحوه. ووقع في صحيح البُخَارِيِّ أنّ الذي وقع له ذلك قيس بن صِرْمة، أخرجه من طريق البَرَاء بن عازب كما سأذكره في ترجمته في حرف القاف. ووقع عند أَبِي دَاوُد من هذا الوجه صرمة بن قيس. وفي رواية النّسائي أبو قيس بن عمرو، فإنْ حمل في هذا الاختلاف على تعدد أسماء مَنْ وقع له ذلك، وإلا فيمكن الجَمْعُ بردّ جميع الرّوايات إلى واحد؛ فإنه قيل فيه: صرمة بن قيس، وصرمة بن مالك، وصرمة ابن أنس. وقيل فيه: قيس بن صرمة، وأبو قيس بن صِرْمة، وأبو قيس بن عمرو؛ فيمكن أن يقالَ: إن كان اسمه صِرْمة بن قيس؛ فمن قال فيه قيس بن صِرْمة قَلبه، وإنما اسمه صرمة وكنيته أبو قيس أو العكس، وأما أبوه فاسْمُه قيس أو صِرْمه على ما تقرر من القلب؛ وكنيته أبو أنس. ومَنْ قال فيه أنس حذف أداة الكُنْية، ومن قال فيه ابن مالك نسبه إلى جدّ له. والعلمُ عند الله تعالى.)) ((وقال المَرْزَبَانِيُّ: عاش أبو قَيْس عشرين ومائة سنة. قال ابْنُ إِسْحَاقَ: وهو الذي نزلت فيه: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة 187]. ووصل ذلك أبو العبَّاس السَّراج من طريق ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزّبير، عن عبد الرّحمن بن عُوَيم بن ساعِدة. قلت: واسم الذي نزل فيه اختلف فيه اختلافًا كثيرًا كما سأبينه في الذي بعدهيعني: صِرْمَة بن مالك الأنصاري. وقال المَرْزَبَانِيُّ: أبو قيس صِرْمة بن أبي أنس بن قيس بن مالك عاش نحوًا من عشرين ومائة سنة، وأدرك الإسلام فأسلم وهو شيخ كبير، وهو القائل:

بَدَا لِيَ أَنِّي عِشْتُ تِسْعِينَ حِجَّةً
وَعَشْرًا وَلِي مَا بَعْدَهَا وَثَمَانِيـا
فَلَمْ أَلفْهَا لَمَّا مَضَتْ وَعَدَدْتــُهـــــا
يُحَسِّنُهَا فِي الدَّهْرِ إِلاَّ لَيَالِيــــــا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أشعاره

فو الله ما يدري الفتي كيف يتقي

إذا هو لم يجعل له الله واقيا

ولا تحفل النخل المعيمة ربها

إذا أصبحت ريا وأصبح ثاويا

وقوله:

يا بني الأيام لا تأمنوها واحذروا مكرها ومر الليالي

واعلموا أن أمرها لنفاد الخلق ما كأن من جديد وبالي

وقوله:

سبحوا الله شرق كل صباح

طلعت شمسه وكل هلال

عالم السر والبيان لدينا

ليس ما قال ربنا بضلال


المصادر

  • الألوسي : بلوغ الأرب ، ج2 ، ص 260.
  • ابن حجر العسقلاني : الإصابة في تمييز الصحابة ، مطبعة السعادة ، القاهرة 1323 هــــ ، ج3 ، ص 626.
  • ابن هشام : السيرة ج1 ، ص 510.
  • الموسوعة القبطية