الحرب العثمانية المملوكية (1485–1491)

الحرب العثمانية المملوكية وقعت بين 1485-1491، عندما غزت الدولة العثمانية أراضي سلطنة المماليك في الأناضول، وسوريا. كانت الحرب حدث رئيسي في نضال العثمانيين من أجل الهيمنة على الشرق الأوسط. بعد مواجهات متعددة، انتهت الحرب إلى طريق مسدود ووقعت معاهدة سلام عام 1491، لإستعادة الوضع إلى ما كان عليه. واستمر هكذا حتى قيام الحرب العثمانية المملوكية (1516-1517).

الحرب العثمانية المملوكية
(1485–1491)
جزء من الحروب العثمانية في الشرق الأدنى
Ottoman Mamluk horseman circa 1550.jpg
Mamluk سلاح المشاة المملوكي، ح. 1550.
التاريخ1485-1491
الموقع
النتيجة طريق مسدود
المتحاربون
الدولة العثمانية الدولة العثمانية سلطنة المماليك
القادة والزعماء
الدولة العثمانية بايزيد الثاني قايتباي
القوى
حوالي 60.000 رجل غير معروف

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية

استمرت الخصومة بين العثمانيين والمماليك لفترة طويلة، حيث حاولت كل منهما السيطرة على طريق التوابل، وفي النهاية طمحت الدولة العثمانية في السيطرة على المدن الإسلامية المقدسة.[1] وكان بين الدولتان منطقة عازلة تحتلها دويلات تركمانية مثل إمارة قرمان، آق قويونلو، وبنو رمضان، والذين كانو يحولون ولائهم بانتظام من قوة إلى أخرى. ومع ذلك، فقد أفاد المؤرخ البندقي دومنيكو ماليپيرو والعثماني تورسون باي أنه في أوائل عام 1468، خطط محمد الثاني لحملة ضد المماليك في سوريا،والتي عطلها فقد رفض اوزون حسن وبنو قرمان التعاون مع العثمانيين، مما أدى إلى قيام محمد الثاني بغزو وضم أراضيه.[2][3]

عندما إرتقى بايزيد الثاني العرش العثماني عام 1481، تنازع معه شقيقه كـِم سلطان، الذي كان يتمتع بدعم كبير في الأناضول، على وراثة العرش. بعد هزيمته في معركة، سافر لاجئاً في البداية إلى بنو رمضان، ومن هناك انتقل للأراضي المملوكية. بالرغم من رفض المماليك من تقديم أي دعم عسكري له، إلا أن هذا التصرف قد أثار حفيظة بايزيد، الذي أصبح أكثر تحمساً بعد أسر المماليك لسفير عثمااني أثناء عودته من هضبة الدكن بصحبة سفير هندي وهدايا مرسلة للسلطان العثماني.[1][4]


العمليات العسكرية

بدأ النزاع عندما هاجم ألودڤيل، حاكم بنو ذولقادر، مدينة مالاطيا المملوكية، بدعم من بايزيد. اشتبك معهم المماليك وبالرغم من خسارتهم لأول معركة إلا أنهم تمكنوا من هزيمة ألودڤيل وحلفاءه العثمانيين.[5]

الهجوم العثماني 1485

قام بايزيد بهجوم بري وبحري على المماليك عام 1485.[1] تحت قيادة الحاكم الجديد لقرمان، قره‌گوز محمد پاشا، كانت القوات العثمانية تكافئ القوات الاقلميمية بشكل كبير، ونجحت في كبح جماح قبائل التورگودلو والڤاساك المتمردة وأسقطت الكثير من الحصون في قليقيا. هزم المماليك جيش قراگوز محمد في معركة خارج أضنة في 9 فبراير 1486. وصلت التعزيزات من إسطنبول، وتضمنت قوات من الإنكشارية، أرسلها بايزيد تحت قيادة صهره هرسك‌زاده أحمد، لكن هزمت القوات العثمانية مرة أخرى قبل أضنة في 15 مارس. فر قره‌گوز من الميدان، بينما أُسر هرسك‌زاده، وعادت قليقيا للمماليك.[6][7]

الهجوم العثماني 1487

عام 1487، أرسل العثمانيون مرة أخرى جيش يتكون من عدد كبير من الوحدات العسكرية النظامية والإنكشارية، يدعمها أسطول قوات من ذولقادر، بقيادة الصدر الأعظم كوقة داود پاشا. وتجنب داود پاشا المواجهة مع المماليك، وركز قواته على قمع ثورات قبائل التورگودلو والڤاساك، ليأمن ظهر الجيش.[6]

الهجوم العثماني 1488

 
مدرع عثماني (1480-1500)، متحف الجيوش.

عام 1488، شن العثمانيون هجوم بري وبحري كبير: خرجت القوات البحرية تحت قيادة هرسك‌زاده أحمد پاشا، بعد تحريره من الأسر، والقوات البرية بقيادة حاكم روملي، حامد علي پاشا. في هذا الوقت، طلب العثمانيون من البنادقة إستخدام ميناء فاماگوستا لإستخدامه في إمداد القوات عن طريق البحر، لكن البنادقة رفضوا الطلب وأرسلو أسطول إلى قبرص لمنع إبرار العثمانيين. طلب المماليك أيضاً مساعدة بحرية من القوى الإيطالية، لكن طلبهم كذلك قوبل بالرفض.[6][8] تحرك الأسطول العثماني من إسكندرونة، لاعتراض المماليك أثناء قدومهم من سوريا، بينما كان الجيش العثماني، بقوام 60.000 رجل، يؤمن قليقيا.[7][9][10] إلتقى الجيشان عند أگاشاريا بالقرب من أضنة في 26 أغسطس 1488. في البداية، أحرز العثمانيون تقدماً على الجناح الأيسر، لكن دحر المماليك القوات العثمانية على الجناح الأيمن. عندما فر الجنود القرمانيون من الميدان، أُجبر العثمانيين على التراجع، وكان النصر للمماليك.[10][11]

انسحب الجيش العثماني إلى قرمان لإعادة تنظيم صفوفهم، بعد أن ألحقت بهم القبائل القرمانية خسائر ثقيلة. تم استدعاء معظم قادة المقاطعات إلى إسطنبول وسجنوا في روملي هيزار. في الوقت نفسه، ضرب المماليك حصار على أضنة، التي سقطت بعد ثلاث أشهر. تمكن هرسك‌زاده أحمد پاشا من إحراز انتصار طفيف بتدميره سرية مملوكية، لكن قليقيا ظلت في أيدي المماليك. والأهم من ذلك، فقد بدأ حلفاء العثمانيين من التركمان في العودة لمناصرة المماليك، ومن ضمنهم ألودڤل، وبالتالي استعادة خط الدول العازلة المواليد للمماليك على طول الحدود.[9][10][12]

الهجوم المملوكي 1490

عام 1490، واصل المماليك هجومهم مرة أخرى، متقدمين إلى قرمان وفارضين حصار على قيصرية. بمجرد أن تحرك هرسك‌زاده لمواجهتهم برفقة جيش إنقاذ، قاموا بكسر الحصار واستعادة قليقيا. في ذلك الوقت كان المماليك قد سئما الحرب وأعبائها المالية الثقيلة، بينما تنامى قلق العثمانيين من خروج حملة صليبية محتملة موجهة نحوهم. لذا، فقد كانت حرص الطرفين على تسوية غير حاسمة للنزاع. ووُقعت معاهدة رسمت حدودهم المشتركة عند ممر گولك في جبال طوروس، وظل السهل القليقي مع المماليك.[10]

تحليل

تفوق العثمانيون على المماليك بحراً، ولكن على الأرض نجح المماليك في مقاومة المماليك، بفضل سلسلة الحصون المملوكية في الأناضول وسوريا، والإمارات العازلة في ذولقادر، بقيادة مهند الدولة والتمركز في البستان وماراس.[1] كان العثمانيون قوة عسكرية أقوى، لكنها أصيبت بالضعف بسبب النزاعات الداخلية وافتقاد القيادة المركزية القوية من السلطان بايزيد، الذي ظل في القسطنطينية.[12]

طوال النزاع، كان الجيش المملوكي يتميز باستخدام فرسان من البدو الرحل بالإضافة إلى الجيش التقليدي، بينما استعان العثمانيون بالجيش التقليدي فقط، مع قوة من المشاة الخفيفة المدعومة بوحدات المدفعية.[12]

تأثيرها على إسپانيا وبنو نصر

بتنامي التهديد للتاج الإسپاني الذي صاحب التوسع التركي في غرب المتوسط، وكان ملك إسپانيا، فرناندو الثاني، قد عقد تحالف مؤقت مع المماليك ضد العثمانيين من 1488 حتى 1491، مما أثر على شحن القمح الإسپاني، الذي كان يمول جزئياً الجهود الحربية الإسپانية ضد گرانادا، وعرض الإسپان لأسطول مكون من 50 سفينة للمشاركة في الحرب ضد العثمانيين.[13] عام 1501، أُرسل السفير الإسپاني پيتر مارتير لتجنب العمليات الانتقامية ضد المسيحيين الشرقيين بعد سقوط گرانادا.[14]

على الجانب الآخر، طلب بنو نصر في گرانادا مساعد بايزيد الثاني في قتالهم ضد التاج الإسپاني، لكنهم تمكن فقط من إرسال دعم محدود لاشتباكه في الحرب مع المماليك. تأسست العلاقات النصرية العثمانية، وأُرسل إلى السواحل الإسپانية أسطول عثماني بقيادة كمال ريس. أصبح الدعم العثماني غير كافياً، وأدى جزئياً إلى سقوط گرانادا عام 1492.

النتائج

بتفشي المجاعات والأوبئة، عقدت معاهدة سلام في مايو 1491، حيث احتفظ المماليك بتفوقهم على العثمانيين، بالرغم من إنهاكم مالياً. وظلت الحدود بين الدولتين دون تغير جوهري.[1][9][3]

وصل الصراع بين العثمانيين والمماليك إلى طريق مسدود في بداية القرن السادس عشر، حتى واجه المماليك التوغل الپرتغالي في المحيط الهندي من 1505، الذي هدد طرق التجارة الرئيسية للمماليك ومصدر الدخل الرئيسي، وإدى قيام الحرب الپرتغالية المملوكية الكارثية.[15] في النهاية استطاع العثمانيين الاستيلاء على سلطنة المماليك عام 1517، بعد الحرب العثمانية المملوكية 1516–1517.

المصادر

  1. ^ أ ب ت ث ج Brummett (1994), pp. 52ff
  2. ^ Finkel (2006), pp. 65, 83, 90
  3. ^ أ ب Shaw (1976), p.73
  4. ^ Finkel (2006), pp. 81–83, 90–91
  5. ^ Finkel (2006), pp. 90–91
  6. ^ أ ب ت Finkel (2006), p. 91
  7. ^ أ ب Uyar & Erickson (2009), p. 68
  8. ^ Brummett (1994), p. 46
  9. ^ أ ب ت Chase (2003), pp. 102ff
  10. ^ أ ب ت ث Finkel (2006), p. 92
  11. ^ Uyar & Erickson (2009), pp. 68–69
  12. ^ أ ب ت Uyar & Erickson (2009), p. 69
  13. ^ The Muslims of Valencia in the age of Fernando and Isabel by Mark D. Meyerson p.64ff
  14. ^ Muslims in Spain, 1500 to 1614 by Leonard Patrick Harvey p.335
  15. ^ Brummett (1994), p. 24

المراجع

  • Brummett, Palmira Johnson (1994). Ottoman Seapower and Levantine Diplomacy in the Age of Discovery. State University of New York. ISBN 978-0-7914-1702-7.
  • Chase, Kenneth Warren (2003). Firearms: a global history to 1700. Cambridge University Press. ISBN 978-0-521-82274-9.
  • Finkel, Caroline (2006). Osman's Dream: The Story of the Ottoman Empire 1300–1923. London: John Murray. ISBN 978-0-7195-6112-2.
  • Har-El, Shai (1995). Struggle for domination in the Middle East: the Ottoman-Mamluk War, 1485–91. BRILL. ISBN 978-90-04-10180-7.
  • Shaw, Stanford J. (1976). History of the Ottoman Empire and modern Turkey, Volume 1. Cambridge University Press. ISBN 978-0-521-29163-7.
  • Uyar, Mesut; Erickson, Edward J. (2009). A military history of the Ottomans: from Osman to Atatürk. ABC-CLIO. ISBN 978-0-275-98876-0.