مسرح ديونيسس

(تم التحويل من ملهى ديونيشس)

ورد في معجم سويداس The Lexicon of Suidas أنه حدث في أثناء تمثيل مسرحية من تأليف براتيناس Pratinas حوالي 500 ق.م أن سقطت المقاعد الخشبية التي كان النظارة يجلسون عليها، وأن أصيب بعضهم بجروح، وأن استولى الذعر عليهم، وأن الأثينيين شادوا بعد هذا الحادث ملهى من الحجر إلى المنحدر الجنوبي للأكربوليس وهبوه للإله ديونيشس . ثم شيدت ملاه أخرى على غراره في المائتي عام التالية في إرتريا Eretria، وإبدورس، وأرغوس، ومنتينيا Mantinea، ودلفي، وتورومينيوم Tauromenium (تورومينا Tauromina)، وسرقوصة، وغيرها من المدائن في مختلف أنحاء العالم اليوناني. ولكن مسرح ديونيشس هو الذي مثلت عليه المآسي والمسالي الكبرى في أول الأمر، وهو الذي ناضل أشد النضال في المعركة التي احتدمت بين الدين القديم والفلسفة الحديثة، والتي ربطت أجزاء التاريخ الفكري لعصر بركليز، وجعلته عملية كبيرة واسعة النطاق من عمليات التفكير والتغيير.

الأطلال الحالية من مسرح ديونيسس.
اعادة بناء لمسرح ديونيسس في العصر الروماني
مقعد في المسرح

ولا حاجة بنا إلى القول بأن الملهى العظيم كان مكشوفاً للسماء. وأن مقاعده الخمسة عشر ألف كانت ترتفع على شكل نصف دائرة كالمروحة، ومشيدة من القرميد مطلة على البارثنون، ومتجهة نحو جبل هيمتس Hymettus والبحر. ومن أجل هذا فإن أشخاص المسرحية حين ينادون الشمس والنجوم والبحار، كانوا ينادون حقائق واقعية يستطيع معظم النظارة، وهم يستمعون إلى الحديث أو الغناء، أن يروها ويشعروا بوجودها. وقد صنعت المقاعد من الخشب أولاً، ثم من الحجارة بعدئذ، ولم تكن لها مساند خلفية؛ وكان كثيرون من النظارة يأتون معهم بوسائد يجلسون عليها، ولكنهم كانوا يحضرون خمس مسرحيات في اليوم الواحد دون أن يسندوا ظهورهم إلى شيء معروف لنا غير ركب من خلفهم من النظارة، وهي بلا ريب مساند غير مريحة. وكان في الصفوف الأمامية عدد قليل من المقاعد الرخامية ذات الظهور يجلس عليها كبار كهنة ديونيشس المحليين وموظفو المدينة . وكان عند قاعدة منصة الخطابة مكان للرقص وللمغنين، وكان من خلفها بناء خشبي صغير يسمى الاسكيني Skene أو المنظر، يتخذ تارة لتمثيل قصر، وتارة لتمثيل معبد، أو بيت خاص، وأكبر الظن أنه كان يستخدم فوق هذا لجلوس الممثلين حين لا يكونون على المسرح يمثلون أدوارهم . وهناك معدات بسيطة "كمذابح" القرابين، والأثاث وما إليها مما قد تحتاجه المسرحية؛ وأخرى كالمناظر والملابس يؤتى بها عند تمثيل مسرحية لأرسطوفان(20)وقد صور أجاثاركس الساموسي عدة مناظر تصويراً توهم الرائي بوجود مسافات بينها. وكانت هناك عدة وسائل آلية تساعد على تغيير مجرى الحوادث أو مكانها .من ذلك أنه إذا أريد إظهار انتهاء حادثة من الحوادث داخل المنظر دار سطح خشبي (Ekkyklema) على عجل إلى خارج المسرح وصنعت عليه صور بشرية بطريقة تعبر أمام النظارة ما حدث، وقد توضع عليه جثة ومن حولها القتلة وبأيديهم أسلحتهم ملوثة بالدماء، ولم يكن من تقاليد التمثيل اليوناني أن تمثيل الحوادث العنيفة على المسرح مباشرةً. وكان على جانبي صدر المسرح لوحة كبيرة منشورية الشكل مثلثة تتحرك على محور لها، وقد رسم على كل وجه من أوجه المنشور منظر يخال ما على الوجه الآخر، فإذا أديرت هذه الأوجه تغير المنظر في لمح البصر. وكان أعجب من هذا جهاز آخر يتكون من آلة رافعة ذات بكرة وأثقال توضع على يسار المسرح وتستخدم في إنزال الآلهة أو الأبطال من "السماء" إلى المسرح أو إعادتهم إلى "السماء" أو إظهارهم معلقين في الهواء بين السماء والأرض. وكان يوربديز بنوع خاص مولعاً باستخدام هذه الآلة لإنزال إله يحل بتقواه ما في مسرحياته اللا أدرية من تعقيد.

ولم تكن المأساة في أثينة من الشئون الدنيوية أو الأعمال التي تتكرر طول العام، بل كانت جزءاً من الاحتفال السنوي بعيد ديونيشس . وكانت تعرض على الأركون بهذه المناسبة عدة مسرحيات يختار منها عدداً قليلاً ليمثل في هذا العيد. وكانت كل قبيلة من القبائل العشر في أتكا تختار واحداً من مواطنيها الأثرياء يشرف على جوقة المرتلين. وكان من امتيازاته أن يؤدي نفقات تدريب المغنين، والراقصين، والممثلين، وما إلى ذلك من النفقات التي يتطلبها تمثيل إحدى المسرحيات. وكان المشرف ينفق في بعض الأحيان مبالغ طائلة على إعداد المناظر والملابس وتدريب الممثلين. وبهذه الطريقة كانت كل مسرحية ينفق عليها نيسياس تنال جائزة(21). وكان بعض المشرفين الآخرين يقتصدون في هذه النفقات باستئجار ملابس مستعملة من باعة ملابس التمثيل(22). وكان واضع المسرحية هو الذي يقوم عادة بتدريب جوقة المرتلين.

وكانت هذه الجوقة أهم عناصر التمثيل وأكثرها نفقة من عدة وجوه. وكثيراً ما كانت المسرحية تسمى باسمها، وعن طريقها كان الشاعر في أكثر الأحيان يعبر عن آرائه في الدين والفلسفة. وتاريخ التمثيل اليوناني كفاح خاسر تقوم به جوقة المرتلين للسيطرة على المسرحية. ولقد كانت هي في بادئ الأمر كل شيء فيها، ثم نقص شأنها في ثسبيس وإسكلس، كلما زاد عدد الممثلين، ثم اختفت نهائياً في مسرحيات القرن الثالث. ولم تكن الجوقة تتألف عادة من مغنين محترفين، بل كانت تتألف من هواة يختارون من الكشوف المحتوية على أسماء أبناء القبيلة المدنيين. وكانوا جميعاً من الرجال، وكان عددهم بعد إسكلس خمسة عشر رجلاً، وكانوا يقومون بالرقص والغناء معاً ويسيرون في موكب مهيب فوق المسرح الطويل العتيق، يشرحون بحركاتهم الموزونة ألفاظ المسرحية ومواقفها.

وكان للموسيقى في المسرحيات اليونانية شأن لا يعلو عليه إلا شأن الشعر والتمثيل نفسه، وكان المؤلف هو الذي يضع عادةً موسيقى المسرحية كما يضع ألفاظها(23). وكان معظم الحوار يلقى بشكل أحاديث أو خطب حماسية، وكان بعضه ينشد، ولكن الأدوار الهامة كانت تحتوي على قطع غنائية يغنيها شخص واحد أو شخصان أو ثلاثة أشخاص معاً، أو تنشد مع النشيد الجماعي أو تتعاقب معه(24). وكان الغناء بسيطاً غير مقسم إلى أدوار أو ألحان متوافقة. وكان يصحبه في العادة نفخ في الناي يوافق أنغام المغنين نغمة بعد نغمة. وبهذه الطريقة كان في وسع النظارة أن يتابعوا ألفاظ القصيدة دون أن تضيع في نغمات الغناء. وليس في وسعنا أن نحكم على هذه المسرحيات بقراءتها قراءة صامتة، ذلك أن الألفاظ عند اليونان لم تكن إلا صورة فنية معقدة ينسج منها الشعر، والموسيقى، والتمثيل، والرقص، وتتألف منها كلها وحدة عميقة متحركة .

ولكن المسرحية رغم هذا هي أهم شيء، والجائزة تمنح لها أكثر مما تمنح للموسيقى، وتمنح للتمثيل أكثر مما تمنح للمسرحية؛ وكان في وسع الممثل الماهر أن يرفع من شأن مسرحية متوسطة فتفوز هي بالجائزة(26). ولم يكن الممثل - وهو دائماً من الذكور - شخصاً محتقراً كما كانت الحال في رومة؛ بل كان يكرم أعظم تكريم، فيعفى من الخدمة العسكرية، ويمر آمناً بين صفوف الجند في زمن الحرب. وكان يلقب هبكريتسس Hypokrites، وكان معنى هذا اللفظ عندهم هو المجيب، أي المجيب على النشيد الجماعي. ولم يؤد الدور الذي يقوم به الممثل من انتحال شخصية إنسان آخر إلى تغيير معنى هذه الكلمة فيصبح معناها "المنافق" إلا بعد ذلك العهد. وكان الممثلون يؤلفون لهم طائفة أو نقابة قوية تسمى نقابة "الفنانين الديونيشيين"، انتشر أعضاؤها في جميع بلاد اليونان؛ وكانت جماعات من الممثلين تنتقل من مدينة إلى أخرى، يؤلفون مسرحياتهم ويلحنون موسيقاها، ويصنعون ملابسهم، ويقيمون مسارحهم. وكان دخل كبار الممثلين عظيماً كما هو شأنهم في جميع الأوقات، أما المتوسطون منهم فكان دخلهم قليلاً مزعزعاً(27)؛ وكانت أخلاقهم هي الأخلاق التي يتوقع الإنسان وجودها في أقوام يتنقلون من مكان إلى مكان، وتختلف معيشتهم بين الترف والفقر، يمنعهم توتر أعصابهم من أن يحيوا حياة سوية مستقرة.


وكان الممثل في المآسي والمسالي على السواء يلبس على وجهه قناعاً، يركب فيه عند فمه مبسم من الشبهان. وكانت طريقة تنظيم الصوت في الملهى اليوناني، ووضع المسرح بحيث يراه الجالس في أي مقعد من المقاعد، طريقة فذة مدهشة. على أن اليونان مع هذا رأوا أنه يحسن بهم أن يقووا صوت الممثل، وأن يساعدوا عين الناظر البعيد على تمييز مختلف أشخاص الرواية، وكانوا يضحون في سبيل هذا بكل مميزات الصوت والوجه وتعبيراتها. فإذا كانوا يمثلون على المسرح أشخاصاً حقيقيين مثل يوربديز في مسرحية إكلزيازوسي، وسقراط في مسرحية السحب، فإن الأقنعة كانت تحاكي ملامحهم الحقيقية، وتحاكيها في الغالب محاكاة هزلية. وقد جاءت الأقنعة إلى المسرحيات من طريق التمثيل الديني، وكانت فيها من وسائل الإرهاب أو الفكاهة. وقد ظلت تسير على هذه السُنَّة في المسالي؛ وكان فيها من القبح، وغرابة الشكل، والإسراف في هذا كل ما يستطيع خيال اليونان أن يبتدعه. وكانت الوسائد والمساند تزيد من أجسام الممثلين، والقلانس العالية والأحذية ذات النعال السميكة تزيد من أطوالهم، كما كانت الأقنعة تقوي أصواتهم وتزيد في وجوههم. وقصارى القول أن الممثل القديم كان، كما يقول لوشيان، شخصاً ذا "منظر بشع مفزع"(28).

وليس النظارة أقل جدارة باهتمامنا من المسرحية نفسها. لقد كان الدخول لمشاهدة التمثيل مباحاً لجميع الرجال والنساء من كافة الطبقات(29). وكان جميع المواطنين بعد عام 420 ق.م. يعطون من الدولة الأبلتين اللتين يؤدونهما أجراً للدخول إذا كانوا في حاجة إليهما. وكان النساء يجلسن بمعزل عن الرجال كما كان للسراري مكان خاص بهن؛ وقد جرت العادة أن تمنع النساء الساقطات من حضور المسرحيات إلا إذا كانت المسرحية مسلاة(30).

وكان النظارة جماعة مرحين ليسوا أحسن ولا أسوأ أخلاقاً من أمثالهم في غير بلاد اليونان. وكانوا وهم يشاهدون التمثيل ويستمعون إليه يأكلون البندق والفاكهة ويشربون الخمر. وكان أرسطاطاليس يقترح أن تقدر قيمة إخفاق المسرحية بمقدار ما يؤكل من الطعام في إثناء تمثيلها. وكانوا يتنازعون المقاعد، ويصفقون ويصرخون لمن يحبون من الممثلين، ويصفرون ويزمجرون حين يغضبون؛ فإذا رأوا ما يدعوا إلى احتجاج أقوى من هذا، دفعوا المقاعد بأقدامهم إلى الأرض، وإذا ثاروا أخرجوا الممثل عن المسرح بالزيتون أو التين أو الحجارة(31). وكاد إسكنيز أن يلقى حتفه رجماً بالحجارة عقاباً له على وضع مسرحية بغيضة، وكاد إسكلس أن يقتل لأن النظارة اعتقدوا أنه أفشى بعض أسرار الطقوس الإليوزينية الغامضة. وقد حدث أن استعار موسيقى كمية من الحجارة ليبني بها بيتاً، ووعد من استعارها منه أن يردها إليه مما سيجمعه من عمله في المسرحية التالية(32). وكان الممثلون في بعض الأحيان يستأجرون جماعة من المصفقين، لكي يطغى تصفيقهم على ما يخشونه من صفير النظارة، وكان بعض الممثلين الهزليين يلقون بالبندق إلى النظارة يرشونهم به لكي يظلوا هادئين(33). وكان النظارة يستطيعون إذا شاءوا أن يحولوا دون إتمام التمثيل بما يحدثونه من ضجة متعمدة، ويحتمون تمثيل المسرحية الثانية(34). وبهذه الطريقة كان يمكن اختصار البرنامج التمثيلي إلى الحد الذي يطيقونه.

مسقط رأسي للمسرح

وكان التمثيل في مدينة ديونيشيا يدوم ثلاثة أيام، تمثل في كل منها خمس مسرحيات - ثلاث مآس ومسرحية خرافية يكتبها شاعر، ومسلاة يكتبها شاعر آخر(35). وكان التمثيل يبدأ في الصباح الباكر ويستمر إلى ما بعد الغروب؛ ولم تكن مسرحية ما تمثل مرتين في ملهى ديونيشس إلا في أحوال نادرة، فإذا لم يشاهدها بعضهم في ملهى هذه المدينة استطاع أن يشاهدها في ملاهي غيرها من المدن اليونانية، أو أن يشاهدها ممثلة تمثيلاً أقل روعة على مسرح قروي في أتكا. وبلغ عدد المسرحيات الجديدة التي مثلت في أثينة بين عامي 480، 380 نحو ألفي مسرحية(36). وكانت الجائزة التي تمنح لأحسن المآسي الثلاث عنزة، والتي تمنح لأحسن مسلاة سلة ملأى بالتين وزقاً من الخمر؛ أما في العصر الذهبي فكانت الجوائز الثلاث التي تمنح للمأساة، والجائزة الوحيدة التي تمنح للمسلاة، بدرة من المال تقدمها الدولة. وكان المحكمون العشرة يختارون بالقرعة في الملهى نفسه في صباح اليوم الأول من أيام المباراة، وكانوا يختارون من بين ثبت طويل يحتوي أسماء من يرشحهم المجلس لهذا الغرض، فإذا انتهت المسرحية الثالثة كتب كل قاضٍ على لوحة ما يختاره من المسرحيات لنيل الجوائز الأولى والثانية والثالثة، ثم وضعت اللوحات جميعها في قارورة ليختار الأركون خمساً منها حيثما اتفق. وهذه الأحكام الخمسة مجتمعة تنال الجائزة النهائية، أما الخمسة الثانية فتتلف دون أن تقرأ. ولهذا فإن أحداً من الناس لم يكن يعرف مقدماً من هم القضاة، أو أيهم سيكون الحكَم فعلاً. على أنه كان يحدث في بعض الأحيان ورغم هذه الاحتياطات أن تقدم الرشا للمحكمين، أو أن يرهبوا لكي يحكموا لشخص بعينه. ويشكو أفلاطون من أن القضاة لخوفهم من الجماهير كانوا في كل مرة تقريباً يقضون حسب ما يوحي به تصفيق الجماهير، ويقول إن هذا "الحكم المسرحي" يفسد المؤلفين والنظارة جميعاً(38). فإذا انتهت المباراة توج الشاعر الفائز ومنظم فرقة المنشدين بالحلباب ، وكان الفائزون في بعض الأحيان يقيمون نصباً كالنصب الذي أقيم لليسكراتس Lysicraltes، ليخلدوا به فوزهم. وكان الملوك أنفسهم يتبارون لنيل هذا التاج.

ويقرر حجم الملهى وتقاليد الاحتفال طبيعة المسرحيات اليونانية إلى حد بعيد. وإذ كان من غير المستطاع إظهار الفروق الضعيفة بين الشخصيات بملامح الوجه أو تغيير نبرات الصوت، فقد كانت الدقة في تصوير شخصيات المسرحية قليلة الوجود في الملهى الديونيشي. لقد كانت المسرحيات اليونانية دراسة للأقدار أي للإنسان في كفاحه مع الآلهة، أما المسرحيات التي كتبت في عصر الملكة إليزابيث فكانت دراسة في تتابع الحوادث أي دراسة للإنسان في صراعه مع أخيه الإنسان، وكانت الجيدة منها دراسة في الأخلاق أي دراسة للإنسان في صراعه مع نفسه. وكان النظارة اليونان يعرفون مقدماً مصير كل شخصية من الشخصيات الممثلة، كما يعرفون نتيجة كل حادثة من حوادث التمثيل؛ ذلك بأن العادات الدينية كان لا يزال لها في القرن الخامس من القوة ما يكفي لتحديد موضوع المسرحيات الديونيشية بحيث لا يخرج عن قصة من الأساطير والخرافات الشائعة عند اليونان الأولين . ولم يكن في المسرحية شيء من ترقب النتائج غير المعروفة أو من المفاجآت، بل كان فيها بدلاً من هذا لذة الشعور السابق بالنتائج المرتقبة ومعرفة ما سيكون قبل وقوعها. وكان مؤلفو المسرحيات جيلاً بعد جيل يقصون على النظارة أنفسهم القصة بعينها؛ ولم يكن بينهم اختلاف إلا في الشعر، والموسيقى، والتفسير، والفلسفة. وحتى الفلسفة نفسها كانت تحددها التقاليد إلى حد كبير : فترى الموضوع الرئيسي في مسرحيات إسكلس وسفكليز هو العقاب الذي تفرضه الآلهة الحاسدة أو الأقدار اللاشخصية جزاء على التعاظم الوقح والتكبر عليها وعدم تعظيمها؛ والمغزى الذي يتكرر على الدوام هو ما في إطاعة صوت الضمير والشرف وما في الاعتدال المتواضع من حكمة بالغة. وإن اجتماع الفلسفة بالشعر، وبتتابع الحوادث، والموسيقى، والغناء والرقص هو الذي جعل المسرحيات اليونانية من طراز جديد في تاريخ الأدب. وهو الذي جعلها ترقى منذ نشأتها تقريباً إلى درجة من العظمة والفخامة لم ترق إلى مثلها فيما بعد.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الهامش


المصادر

  • ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.


Coordinates: 37°58′13″N 23°43′40″E / 37.97034°N 23.727784°E / 37.97034; 23.727784

الكلمات الدالة: