الفن البدائي

(تم التحويل من Tribal art)

الفن البدائي Tribal art، هو الفن الذي مارسته جميع الشعوب البدائية التي أبقتها شروط حياتها في حالة بدائية حتى اليوم، كما هي الحال في إفريقيا وأوقيانوسيا وبعض أجزاء أمريكا الجنوبية. ويمكن أن تكون آثار الفن البدائي المعروفة اليوم قد صُنعت في الماضي البعيد أو أن نماذج تقليدية منها قد صُنعت في زمن قريب. ويفضّل بعض علماء الأجناس تسمية المجتمعات البدائية التي ينتمي إليها الفن البدائي بالمجتمعات اللاصناعية، أو المجتمعات التي لا تعرف الكتابة (الأمية)، أو القبلية وما إلى ذلك.

A Punu tribe mask. Gabon West Africa
Artwork in the Museum of Indian Terracotta, New Delhi, India.[1]
Congolese Nkisi Nkondi, a female power figure, with nails, collection BNK, Royal Tribal Art
A male Kifwebe mask. Songye tribe. D.R. Congo. Central Africa

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الوصف

يتصل مدلول الفن البدائي بناحيتين: ناحية دينية وهي ذات طبيعة اجتماعية مرتبطة بالسحر والطب، وناحية استعمالية وتخص المأكل والملبس والمأوى.

وقد تبين أن ثقافات شعوب المجتمعات البدائية لم تتطور مع الزمن، كما تطورت معارف الإنسان لدى المجتمعات البشرية المتطورة التي انتقلت من المهارات البسيطة إلى مهارات وتقنيات أكثر تعقيداً وصولاً إلى المجتمعات الصناعية والمعلوماتية اليوم. والرسوم والرموز التي مثلها الفن البدائي وفن ما قبل التاريخ على السواء تستلزم التقويم من ناحيتي الشكل الفني الجمالي والمضمون الإنساني والتاريخي، وترتبط صيغ هذا الفن بمعرفة الأساطير وطقوس العبادة. ولكي تُفهم آثار الفن البدائي لابد من الكشف عن العقلية «البدائية» التي تجعل هذه الشعوب تعيش أسلوب حياة من طبيعة خاصة، هذا الأسلوب الذي خلف فنوناً على شكل تحفٍ مكتملة يمكن إخضاعها لقوانين الفن الأساسية في مفهومها المعاصر، فمع تقنياتها البسيطة تبدو صيغتها معبرة ببساطة عن الواقع المحيط والبيئة المتقشفة التي أُنتجت فيها. وتمثلت هذه التحف في النحت والحفر على الخشب والعظام والتلوين على الجلود ولحاء الخشب، ومن هذه التحف أيضاً ماكان يقدّم هدايا لما استعمل فيه من قرون الرنة والغزال مزينة بأوراق الغار وريش الطيور الملونة والزهور البرية.


التاريخ

 
منظر داخل كهف لاسكو.

وتَبيّن أيضاً أن الفن رافق الإنسان البدائي منذ العصر الحجري الأوسط (ميزوليتيك 12000-6000 ق.م)، وأن سكان العالم في تلك الحقبة كانوا يعيشون بطريقة متشابهة، وظهرت حضارات قديمة أخرى واكبت فنونها الفن البدائي في كهوف، مثل لاسكو Lascaus في فرنسا وألتاميرا Altamira في إسپانيا، اكتشفت فيها مجموعة من الأدوات وصورالحيوانات المألوفة آنذاك مثل الثيران الأمريكية (البيزون ـ Bisons) والخيول والثيران والرنة والخنازير والطيور مرسومة على جدران تلك الكهوف، وهي تبدو اليوم أكثر تطوراً مقارنة بغيرها من فنون الإنسان القديم، ويسعى المتذوقون والمتخصصون لمشاهدتها ودراستها حتى جاز القول إن رسوم البدائيين في مغاور «لاسكو» لاتقل شأناً عن رسوم ميكلانجلو في كنيسة السيستين Sixtine مما يؤكد أن إبداع البشرية الفني وعبقريتها لايسيران وارتقاء المستوى التقني للحضارة سيراً مطرداً.

مابرح الإنسان البدائي وإنسان الغابة الصياد بوشمان Boschimans يعيشان حتى اليوم في إفريقيا وأوقيانوسيا، واهتم الإنسان المعاصر بفنونهما وقاربها بالفنون الشعبية التقليدية وأساليبها التراثية، ويستشف من عناصرها الأساسية صفاء التعبير وبساطة النموذج. وقد جذبت هذه الميزات أيضاً فنان القرن العشرين الذي حاول التمرد على الواقع ومال إلى العودة إلى البدائية باحثاً عن حريته التعبيرية بعيداً عن التقنية كي ينظر إلى العالم نظرة عفوية، وفي هذا إقرار مباشر بالخصائص الإيجابية للفن البدائي ولفن الأطفال الذي أحدث تأثيراً مباشراً في عمل الفنانين الحديثين في حركة واعية للعودة إلى سذاجة النظرة الطفولية والبساطة البدائية.

ويذكر مؤرخ الفن الحديث هربرت ريد أنه: «يمكننا أن نعرف طبيعة الفن الجوهرية من تجلياته الباكرة عند الإنسان البدائي وعند الطفل، فالإنسان البدائي والطفل لايفرقان بين الواقعي واللاواقعي، فالفن عند هؤلاء ليس خالياً من الغرض وليس أمراً عرضياً على كل حال». ويرى ريد أن للفن البدائي دلالة على أهميته العملية القصوى مما حصر استخدامه لدى الجماعة بالكاهن، ومهبط الوحي والوسيط الذي يجلب للقبيلة الخصب والبركة، ويعبر بالفن التشكيلي، عن الأحاسيس الأولية البديهية. ويتضح هنا أيضاً سر التشابه في الفنون البدائية في المناطق المختلفة.

الفن البدائي في أوقيانوسيا

عاش إنسان أوقيانوسيا عبر العصور كغيره من بدائيي بقية المناطق، ولم يعرف الزراعة وتربية المواشي أو المعادن زمناً طويلاً، وقد استخدم في صيده السهام الخشبية والأدوات المعقوفة، واختلفت طرائده عما هي عليه في إفريقيا فبرزت في فنه أشكال الطيور الشبيهة بالنعام والكنغر وأنواع مختلفة من الأسماك. وعاش هذا الإنسان في خيام متنقلة، ومع افتقاره إلى الكثير من المقومات البيئية التي وُجدت في إفريقيا فقد كانت لديه الأسطورة والحس الجمالي الخاص، فزين أدواته بأشكال ورسوم زخرفية متناغمة الألوان، ومثلها الزخارف التي نفذها على السطوح الحجرية وجدران المغاور وعلى لوحات من الخشب أو لحاء الشجر، وكانت تلك الزخارف ذات طابع أسطوري وإيحاء سحري ورمزي، أما ألوانها فكان ذاك الإنسان قد حضرها من الطبيعة بنفسه، فقد استخرج من التربة اللونين الأصفر والأحمر وحضَّر اللون الأبيض من الصدف المطحون، واستخدم الريش واللحاء المهروس كفرشاة للألوان التي مزجها بالدهون الحيوانية.

وترك شعب الميمي (من سكان المغاور في أستراليا) رسوماً جذابة مثلت الأرواح والحيوانات الخرافية وحيوان الكنگر. كما تميز الفن البدائي الأسترالي في أوقيانوسيا بالنمط الذي يُعرف «بالتخطيطي أو الخيطي» والذي كان مزيجاً من صور الإنسان والحيوان والزواحف والعناصر النباتية، أما الموضوعات فقد مثلت أساطير تتعلق بالعقيدة المحلية. وإضافة إلى ماذكر فقد صنع السكان في شمالي أستراليا وماليزيا الأواني الفخارية لحاجات جنائزية. ويلفت الانتباه في الفن البدائي في أسترالية الأشكال المزخرفة على الطريقة الطوطمية التي لونت بالكستنائي والأبيض والأسود، وكذلك منحوتات الطيور والأسماك وغيرها من الحيوانات والأشكال الخرافية.[2]

اشترك الفن البدائي في أوقيانوسيا مع مايماثله من فنون المناطق البدائية الأخرى بسماته العامة وطبيعته وإيحائيته وعفويته واستعمالاته المختلفة، وأما الفوارق بين تلك الفنون البدائية فمردها أساساً إلى اختلاف بيئة كل منها والخامات المستعملة فيها.

أظهر الكثير من الفنانين المعاصرين ميلاً للاستفادة من الأسلوب الجمالي الشعبي في الفن البدائي، فقد مال بول گوگان P.Gauguin إلى الفطرية والرمزية مستوحياً الفن البدائي لجزر هاواي، وكذلك يلاحظ أثر الفنون البدائية في لوحات فناني النزعة الوحشية Fauvisme ولوحات هنري روسو H.Rousseau وبابلو بيكاسو P.Picasso الذي استعار عناصر من النحت الإفريقي وخاصة العيون المفتوحة وملامح الوجوه المشابهة للأقنعة وفهم المنظور فهماً خاصاً، ويظهر ذلك في لوحة «فتيات أفينيون» التي حددت انطلاقة بيكاسو في الفن التكعيبي. وكذلك تواصل كل من جماعتي الفارس الأزرق Der Blaue Reiter والجسر Die Brüke الألمانيتين والفن البدائي وفن ما قبل التاريخ.

التأثير على الحداثة

انظر أيضاً

الهوامش

  1. ^ Tales in terracotta: Set up in 1990, the Sanskriti Museum has contextualised and documented terracotta from all parts of the country, Indian Express, 15 May 2005.
  2. ^ فؤاد طوبال علي (2013-02-4). "البدائي (الفن ـ)". الموسوعة العربية. Retrieved 2013-01-10. {{cite web}}: Check date values in: |date= (help)

المصادر

قراءات أخرى

  • Edmund Snow Carpenter, The Tribal Terror of Self-Awareness. In Paul Hockings (editor), Principles of Visual Anthropology, 1975, pages 451–461.
  • Dennis Dutton, Tribal Art and Artefact. Journal of Aesthetics and Art Criticism, 51(1):13–21, Winter 1993.
  • Dennis Dutton, Mythologies of Tribal Art. African Arts, 28(3):32–43, Summer 1995.
  • Herbert E. Roese, "African Wood Carvings - the sculptural art of West Africa", 2011, Cardiff ISBN 978-0-9560294-2-3

وصلات خارجية