فيليپو ليپي

(تم التحويل من Filippo Lippi)

فيليپو ليپي Filippo Lippi (و.1406؟- 1469م). أحد مصوري عصر النهضة الإيطالية البارزين. صَوَّر موضوعات مسيحية حول مذابح الكنائس، ونفذ أعمالاً بالتصوير على الجصّ الرطب في العديد من المدن الإيطالية. وقد ظهر في أعماله المبكرة تأثره بمصورَيْ النهضة ماساشيو وفرا أنجليكو، من حيث استخدامهما للألوان الصارخة، والظلال العميقة، والأشكال ثلاثية الأبعاد. وقد كانت أعماله المتأخرة أكثر بهجة وزخرفية، وظهر فيها اهتمامه بالخطوط. ومن أكثر أعماله شهرة ودلالة على شدة طموحه إلى التميز، سلسلة الصور الجصية التي رسمها في الفترة من 1452 ـ 1464م في كاتدرائية براتو.

فيليپو ليپي
Madonna and Child
1440-45, tempera on panel
معرض الفن الوطني، واشنطن العاصمة.

وُلد ليبِّي في فلورنسا، وصار راهبًا، لذا، يطلق عليه أحيانا لقب فْرا ( الأخ ). أنجب فيليبو ليبِّي ولداً في حوالي عام 1457 هو فيليپينو ليپي الذي صار، هو الآخر أحد مصوري عصر النهضة البارزين.

لوحة فيليپو ليپي Pala Barbadori, 1437. متحف اللوڤر.
خط شبيه الكوفي على حافة مفرش العذراء في لوحة فيليپو ليپي، 1437 Pala Barbadori. متحف اللوڤر.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

سيرته

ولد من اقتران فن أنجيلكو الظريف بفن مساتشيو الشهواني فن آخر أخرجه رجل يفضل الحياة عن الخلود. كان فلبو ابن قصاب يدعى توماسو لبي Tommaso Lippi. وكان مولده في شارع من حي فقير بمدينة فلورنس خلف دير رهبان الكرمل. وتيتم الطفل وهو في الثامنة من عمره، فكفلته عمة له وهي كارهة حتى بلغ سن الثامنة، ثم تخلصت منه بأن سلكته في طائفة رهبان الكرمل، وأخذ الطفل الصغير يملأ هوامش صفحات الكتب التي طلب إليه أن يدرسها برسوم هزلية. ولاحظ رئيس الدير براعته في هذه الرسوم فعهد إليه أن يرسم المظلمات التي فرغ مساتشيو تواً من تصويرها في كنيسة رهبان الكرمل. وما لبث الصبي أن أخذ يرسم صوراُ من عنده في تلك الكنيسة نفسها. ولم يبق لنا الآن شيء من هذه الصور، ولكن فاساري يظن أنها لا تقل جودة عن صور مساتشيو نفسه. ولما بلغ فلبو السادسة والعشرين من عمره (1432) غادر الدير، وظل يسمي نفسه »فرا Fra أي الأخ أو الراهب«، ولكنه كان يعيش في هذا »العالم« ويكسب عيشه من فنه. ويروي فاساري قصة تصدقها الرواية المتواترة، وإن لم يكن في وسعنا أن نتبين صدقها:

»يقولون إن فلبو كان عاشقا متيما، بلغ من حبه النساء أنه كان إذا رأى امرأة أعجبته، لم يكن يتردد في أن يخرج عن كل ما يملك لكي ينالها، فإذا لم يفلح في هذا أطفأ لهيب حبه برسم صورتها. وغلبت عليه هذه النزعة حتى كان إذا انتابته نوبة الهيام لم يلتفت، طالما كانت مستحوذة عليه، إلى شيء من عمله. وحدث مرة، حين كان كوزيمو يستخدمه في عمل ما، أن اغلق عليه باب البيت الذي كان يعمل فيه حتى لا يخرج منه ويضيع وقته. وظل فلبو على هذا النحو يومين، ولكن شهوة الحب الحيوانية غلبته، فمزق اللوحة التي كان يعمل فيها بمقص، وتدلى من النافذة، وقضى يومين كاملين في ملذاته. ولما بحث كوزيمو عنه لم يجده، أمر بأن يبحث عنه في كل مكان، وظل البحث جارياً حتى عاد فلبو إلى عمله من تلقاء نفسه. وكان كوزيمو من ذلك الوقت يسمح له بالخروج والعودة متي يشاء بكامل حريته،وندم على حبسه السابق في البيت... لأن العباقرة، على حد قوله، أجسام نورانية سماوية وليست حمير حمل... وجعل همه من ذلك الوقت أن يربط فلبو برباط الحب، وبذلك كان الفنان أكثر استعداداً لخدمته من ذي قبل.

ووصف »الأخ فلبو« نفسه في رسالة بعث بها إلى بيرو ده ميديتشي بأنه أفقر راهب في فلورنس، يكفل بنات أخيه اللاتي يتقن إلى الزواج ويعيش معهن(50). وكان الطلب كثيراً على أعماله، ولكن يلوح أن ما يتقاضاه عليه كان أقل مما ترغب فيه بنات أخيه. ولسنا نظن أن أخلاقه الشخصية قد بلغت حداً كبيراً من السوء، لأنا نجده قد كلف بأن يرسم صوراً لمختلف أديرة النساء. وبينما كان يعمل في دير سانتا مرجريتا ببلدة براتو Prato إذ وقع في حب لوكريتسا بوتي Lucrezia Boti (إلا إذا كان فاساري مخطئاً، وكانت الرواية المتواترة خاطئة أيضاً). وكانت الرواية المتواترة خاطئة ايضاً). وكانت لكريتسيا هذه راهبة أو حارسة للراهبات. وأقنع رئيسة الدير بأن تجعلها تقف أمامه ليرسم على مثالها صورة العذراء، وسرعان ما فرا معاً. وظلت تعيش مع الفنان على الرغم من تأنيب والدها إياها وإلحاحه عليها بالعودة، وظل يتخذها نموذجاً لصور العذراء على الرغم من غضب والدها وإلحاحه عليها بأن تعود، وولدت له ابنه فلبينو لبي Filippino Lippi الذي ذاع صيته فيما بعد. ولم ير سدنة كنيسة براتو في هذه المغامرات منقصة كبيرة لفلبو، ولهذا عهدوا إليه في عام 1456 أن يزين موضع المرنمين في الكنيسة بمظلمات تصور حياة يوحنا المعمدان والقديس استيفن. وكانت هذه الصور، التي عدا عليها الزمان، تعد في ذلك الوقت من الآيات الفنية الرائعة: وتبلغ حد الكمال في تركيبها، غنية بألوانها، حية في قَصَصِها، وتصل إلى ذروة الفن على أحد جانبي موضع المرنمين حيث نشاهد رقص سالومة، وعلى الجانب الثاني حيث نشاهد رجم استيفن. ووجد فلبو أن هذا العمل ممل أكثر مما يتقن مع حركته ونشاطه، ففر منه مرتين، ثم أقنع كوزيمو البابا بيوس الثاني في عام 1461 أن يحل الفنان من الإيالن التي أقسمها عند دخول الدير، ويبدو أن فلبو قد أحل أيضاً من وفائه للكريتسيا، التي لم تعد تليق لأن تقف امامه ليتخذها نموذجاً لصور العذراء. وبذل سدنة الكنيسة براتو كل ما في وسعهم ليغروه بالعودة لاتمام مظلماته، وبعد عشر سنين من بدئه فيها أفلح كارلوده ميديتشي ابن كوزيو غير الشرعي الذي كان وقتئذ المبلغ لأوامر البابا، في حمله على إتمامها. وبذل فلبو في تصوير منظر دفن استيفن كل ما لديه من قوة- بذله في فن المنظور الخداع الذي يتمثل في البناء القائم في خلفية الصورة، وفي الصور الانفرادية للأشخاص المحيطين بالجثة، وفي التناسب القوي بين أجزاء الصورة وفي وجه النغل ابن كوزيمو الهادئ المستدير وهو يقرأ الصلوات على الموتى.

ولقد كانت أجمل الصور التي رسمها فلبو هي صور العذراء ، وذلك بالرغم من مغامراته الجنسية الشاذة، ولعله كان بسبب حساسيته القوية وعشه لجمال المرأة. وإن هذه الصورة لتنقصها روحانية صور أنجيلكو للعذراء وما فيها من روحانية أثيرية، ولكنها مع ذلك تنقل إلى الناظر إحساساً قوياً بالجمال الجثماني الهادئ، والحنان الذي لا حنان بعده. ولقد أصبحت الأسرة المقدسة في صور الراهب لبو أسرة إيطالية، تحيط بها حوادث عادية، وقد خلع فيها على العذراء جمالا جثمانياً ينبئ باقتراب عهد النهضة الوثني. وقد أضاف فلبو إلى هذه المفاتن النسوية فيما أخرجه من صور للعذراء رشاقة وخفة انتقلتا منه إلى تلميذه بتيتشلي.

ودعته مدينة اسبليتو في عام 1466 ليصور قصة العذراء مرة أخرى في قبا كنيستها. وأخذ يعمل فيها بذمة وأمانة بعد أن سكنت حمى عاطفته النسائية، غير أن قواه كانت هي الأخرى قد ضعفت مع ضعف عاطفته، ولم يكن في وسعه أن يكرر في هذه الكنيسة الصور الجدارية التي صورها في كنيسة براتو. وبينما كان يبذل هذه الجهود إذ مات مسموماً، ويظن فاساري أن الذين دسوا له السم هم أقارب فتاة أغواها. وهذه القصة بعيدة الاحتمال، لأن فلبو دفن في كنيسة أسبليتو، حيث شاد له ابنه بعد سنين قلائل من ذلك الوقت قبراً فخماً عهد إليه به لورندسو ده مديتشي.


الهامش


المصادر

  • Canaday (1969). The Lives of the Painters Vol. 1. New York: Norton and Company. {{cite book}}: Cite has empty unknown parameter: |unused_data= (help); Text "John" ignored (help)
  • Kleiner, Fred S. (2005). Art Through the Ages. Thomson & Wadsworth. {{cite book}}: Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
  • Hartt, Frederick (1980). The History of Italian Renaissance Art. London: Thames and Hudson.

وصلات خارجية