نواف الشعلان

الأمير نواف بن النوري آل شعلان (ت. 1922) حاكم الجوف.

هو الأمير نواف بن النوري بن هزاع بن نايف بن عبد الله بن منيف بن غرير بن محمد آل شعلان من عشيرة المرعض من بكر بن وائل وهو حاكم الجوف وأبوه شيخ الرولة الشهير وقد حكم الجوف باسم أبيه النوري من عام 1909م حتى عام 1922 وخلفه بعده ابنه الأمير سلطان بن نواف حتى سلمها للملك عبد العزيز آل سعود يقول عنه التنوخي صاحب كتاب الرحلة التنوخية والذي قد زار الجوف في عهد نواف :[ والأمير نواف شديد التمسك بالدين ، فلا يترك الصلوات الخمس ، ويأمر قومه بها ، ويؤدي صلاة الجمعة في مسجد دومة الجامع الذي بني على عهده] .

والشيخ نواف رجل شجاع وفارس مغوار وقد استولى على الجوف من ابن رشيد بالقوة . يقول التنوخي : كانت هذه القريات فيما مضى وقاعدتها دومة ، تابعة لأمارة ابن رشيد النجدية ، فحاربه الشيخ نواف بن النوري آل شعلان سنة 1326هـ وكان الشيخ النوري في سجن الأتراك في دمشق ، فكتب على ابنه بتهديد من الحكومة التركية : أن يكف عن مهاجمة الجوف ، فلم يفعل ، ولم يرجع عن عزمه ، ومكث نحو سنة يهاجم دومة حتى فتحها عنوة ، وصار من ذلك اليوم يسمى بالأمير]. وقد ذكر محمد الزعارير في كتابه إمارة آل رشيد في حائل :

[ ومن هذه الاخطار ضياع الجوف وسكاكا عام 1326هـ ، والتي عادت لابن شعلان طوعا ، واستطاع الأمير نواف الشعلان أن يحكم الجوف باسم أبيه . كما أخذ يقود الرولة في غزوات متكرره على الأعراب التابعين لابن الرشيد ].

وقد مدح التنوخي الأمير نواف عندما زار الجوف مابين عام 1332 هـ إلى عام 1334هـ ورأى منظر النخيل الذي يحيط بها أثناء رحلته في شمال الجزيرة العربية ببيتين :

لعمري لقد زرت الديار وأهلها ،،،، وطفت بها حتى دعيت بطواف
فلم أر مثل الجوف يزهو بنخله ،،،، ولم أر فيها حاكما مثل نواف

وقيل من الشعر :

دنيا مادامت لنواف ،،،، خلا الصعيدي ومستورة

والصعيدي هو قصر نواف ومستورة هي ناقته :

وقد ذكر موزل في كتابه [ الصحراء العربية ] تفاصيل كثيرة عن نواف وأبيه النوري واستيلاءهم على الجوف وفي زيارته الأخرى للجوف عندما استتب الحكم لنواف . وقد اشار لكثير من المعارك والمراسلات بين نواف والملك عبد العزيز من جهة ومن جهة أخرى بين النوري شيخ الرولة وبين ابن رشيد وكذلك الملك عبد العزيز وقد كان هناك خلاف شديد بين النوري وابنه نواف ، مما دعا الأمير النوري بالتخلي عنه في بداية حربه مع ابن رشيد . للعلاقة الحسنة التي تربط بين النوري وبين ابن رشيد . ولم يكن النوري يريد احتلال الجوف ، لأنه لا يرى هناك داع لذلك خصوصا وهو يتجول في مخيمه المهيب في صحراء الجوف وشمال الجزيرة كما يحلو له ولذلك كان يلقب بملك شمال الجزيرة العربية كما ذكر موزل في كتابه الآنف الذكر . ومع ذلك فقد استطاع نواف مع قلة من عبيده وحاشيته أن يحتل الجوف يقول موزل الذي صادف ان زار الجوف أثناء قيام نواف باستعادة الجوف : [ . و قال لي نواف إنه جاء إلى الجوف ومعه خمسة وثلاثون جندياً ، أغلبهم من العبيد الشباب ، الذين لم يضعوا أسلحتهم الجاهزة للاستعمال جانباً منذ وصولهم]

وقد استفاد الأمير نواف من التناقضات التي في الجوف ومن أهمها الحروب الأهلية المستعرة بين الأحياء والأهالي . حيث كان لكل حي زعيم يحاول أن يهيمن على الوضع . يقول موزل حول هذا الأمر : [فحال مغادرة فيصل الرشيد ، بدأ ابن قعيد شيخ أكبر أحياء الواحة ، بإعلان ولائه لابن شعلان ، وأخذ على عاتقه التخلص من أعدائه وسلبهم]

كما استفاد أيضا ابن قعيد من الأمير نواف في التخلص من خصومه وحرق نخيلهم . حيث يعلم أنه لا يستطيع عمل ذلك لوحده . فلا بد له من زعيم قوي يفرض نفسه حاكما . ولأن أهل الجوف لا يستطيعون حكم الجوف بأنفسهم بسبب التنافس فيما بينهم وقلة عدد تلك الأسر من حيث التفوق العددي على بعض فهي متقاربة . فلا بد من زعيم قوي يساعد على استقرار الأوضاع .

ويقول موزل في كتابه الصحراء العربية : [إن واحة الجوف ، التي تقع على الحدود الجنوبية لشمال الجزيرة العربية ، وبسبب ما تفرضه الضرورة ، عليها دائماً الحفاظ على علاقات حسنة مع القبائل ذات النفوذ بالمنطقة ، إذا أراد سكانها ألا يكونوا تحت رحمة غاز أو قاطع طريق . فطوال أيام حكم ابن رشيد كانت حامية ابن رشيد قادرة على حكم الجوف ، ولاسيما عندما يكون الرولة أصدقاء له ].

وبعد أن تدخل الأمير نواف . وضع حدا لخصوم ابن قعيد وبدأ فعليا في حصار خصومه وخصوصا حامية ابن رشيد والموالين له . يقول موزل أيضا حول هذا الأمر : [وبعد شروق الشمس ، ذهبت خارج البوابة حيث مسحت المنطقة المجاورة من على كومة في الخرائب . خلال وقت قصير كان نواف محاصراً بعدد من أهل الجوف ، ومن جميع المستويات وكانوا يتوسلونه لكي أزور مرضاهم وجرحاهم . لقد تم أخذي إلى عدة احياء يقطنها أصدقاء ورعايا نواف . من هذه المناطق كانت هناك منطقتان مدمرتان بشكل كامل . فالمساكن مهجورة ، والنخيل محروقة ، وجدران البساتين مهدمة . لقد واجهت رجالاً يدفعون أمامهم صغار النخيل المصادرة من بساتين أعدائهم المنهزمين . أما الجرحى فكانوا في حالة مزرية ، فجروحهم مليئة بالصديد ومتسخة ، أطرافهم متورمة ، والجميع يعاني من الحمى . لقد علمت بأنه حتى الآن قد قُتل أكثر من ثلاثمائة مقاتل ، وإن إطلاق النار مازال مستمراً ].

والحقيقة أن موقف الأمير نوري كان محبطا لأبنه الأمير نواف ، وكان سببا في تأخر هزيمة أعداء نواف والمعارضين ، يقول موزل عن هذا الخلاف :[ ، وأخبرني طراد ابن سطام الذي سلم رسالة نواف لوالده ، أن نوافاً كان على حافة اليأس لأن والده لم يرسل له السلاح والمال والمؤن . ورفض أيضاً السماح لأمه بزيارته ، ومعها ابنه الصغير سلطان . وتوسل إلىّ طراد أن أحاول إقناع الأمير النوري بالتخلي عن عناده ومساعدة ابنه نواف] . وكانت قبيلة الرولة كلها متعاطفة مع الأمير نواف ولكنها لا تحبذ عصيان الأمير نوري . يقول موزل أيضا :

[عند ظهر ذلك اليوم ، تحادثت طويلاً مع الأمير ، لقد طلب مني عدد من الشيوخ وبينهم فهد بن مشهور ــ أقوى رجل بعد الأمير النوري ـــ أن أقنع النوري بالوقوف مع ابن سعود ، وأن يعلن أنه سيذهب إلى الجوف لمساعدة ابنه نواف بكل قوته . وقد ترددت في السابق بالتدخل بين أب وابنه ، ولكن عندما سمعت بأن نوافاً على استعداد للابتعاد عن أبيه نهائياً ، خشيت قيام حرب مفتوحة بينهم ، ولهذا السبب خاطبت النوري بوضوح ، الأمر الذي لم يحدث من قبل ، واستغرقت المحادثة ساعتين أو أكثر ، وفي النهاية نهض الأمير وغادر في صمت ، ماذا سيصنع يا ترى ؟] .

ولكن بعد ذلك وبإلحاح من شيوخ الرولة وتدخل موزل اتخذ الأمير نوري القرار المنتظر بإعانة نواف والتدخل الحاسم واضعا حدا لكل معارضة أو قوة تقف في طريق سيادة الجوف يقول موزل :

[ وكتب النوري لمولى ابن سبهان الذي كان يسيطر على حصن خذما وحصن مارد ، وطلب منه الحضور إليه لمناقشة كيفية تسليم هذه المنطقة له ، لأنه يرغب في الاستيلاء على الجوف وما حولها من البلدات والقلاع ، إما بالتفاوض أو بالقوة ، وإذا لم يحضر فسيعتبر ذلك منه عداء وإعلاناً للحرب.]


وفي ذلك الوقت كما ذكرنا كان هناك العديد من المراسلات بين الأمير نواف وأبيه وبين الأمام ابن سعود من جهة وبينهم وبين ابن رشيد من جهة أخرى . حيث كان الشعلان حلفاء تقليديين للملك عبد العزيز وخصوم لآل رشيد الذي كان يمر بوقت عصيب في تلك الفترة . يقول موزل:

[ وبينما كان الأمير يجلس معه ، جاء بدوي وهو يصيح قائلاً : " افرح يا النوري بالأخبار السارة ، أربعمائة جمل وجمال ، بجانب خمسة وستين جملاً ، محملة بالمؤن في طريقها من ابن سعود لمساعدة نواف ، واليوم هم يعسكرون في جاو مغيرة "].

ويقول أيضا : [وفي المساء ، جاء جواد الكاتب يحمل رسائل من الإمام ابن سعود ، ومن فيصل ابن رشيد ، شقيق الأمير سعود الرشيد الذي اغتيل ، والذي ( فيصل ) كان قد هرب إلى الرياض . وقد أحضر الرسالتين الرسول الذي أرسله النوري إلى ابن سعود في أول فبراير 1909م عندما كان مخيماً في ميقوع .]

ويقول أيضا : [ وبعد مغادرتي لخيمة الأمير جاء رسول من الأمير سعود ابن رشيد مع رسائل تنشد السلام . وكان عبيد الأمير النوري وجميع الرولة ينادون بالحرب . وكانوا على استعداد للانضمام إلى ابن سعود ضد ابن رشيد ، ويرغبون في مساعدة نواف وكانوا على علم بالخلاف بين الأمير النوري وابنه نواف ، وكانوا يتوقعون أن يجدد النوري اتفاقيته مع ابن رشيد ، ولكنهم انقلبوا على الرسول المسكين ، الذي جاء بالهدايا والاقتراح بإحلال السلام ، فأهانوه ، وهددوه بأنه لن ينجوا أو يفلت من أيديهم حياً ، وأنبهم النوري على سلوكهم مع الرسول ، وعاقب اثنين من عبيده . وبعد يومين أُطلق الرسول ، محملاً بالرسائل العديدة . وجاء الآن أحد عبيد زامل بن سبهان وزير ابن رشيد بصحبته ثلاثة رجال وكلهم يرتدون ملابس حريرية ، واستقبلهم الأمير بحفاوة ، وأقاموا عنده ثمانية أيام ، فذبح لهم ، وجدد ميثاق السلام مع ابن رشيد فيما يخصه هو فقط وتحت شروط متعددة . وذهب عبد ابن سبهان إلى الجوف للتفاوض مع نواف الذي لم يوافق على الاتفاقية التي أبرمها والده ]

وهكذا نجد الأمور قد استقرت للأمير نواف الذي أحكم سيطرته على الجوف . وقضى على أعدائه خصوصا بعد تدخل الأمير نوري الذي قضى على أخر معاقل التمرد الذي تزعمته القرشه بعد حصار طويل . والقرشة هم الحلفاء التقليديين لابن رشيد في الجوف . وللعلم فإن الأمير نواف لم يكن الأول من سلالته الذي حكم الجوف . فقد سبقه الشيخ فيصل الشعلان الذي يعتبر أول من حكم الجوف وبسط نفوذه عليها . ثم جاء بعده الشيخ سطام باشا الشعلان والذي استعاد الجوف من آل رشيد مرة أخرى بمعاونة الأتراك .

والأمير نواف بالأضافه لبأسه وطموحه السياسي فهو شاعر مسدد ولكنه مقل . ومن أشعاره :

يا ابو علي اشكي لي القلب ملكوش ،،، يامن له الشكوى ترى القلب مختل
من العام لا مرسال لا علم لا اطروش ،،، هذا شهر شوال وقصير زل
من أبو نهود كنهن طلع بطوش ،،، يشادن لبيض الراعبيات واشكل
والصدر في خنات الأرباح مرشوش ،،، وقذايله فوق الحجاجين تنهل
والبطن لا ديباج لا قطن منفوش ،،، لأمر عز ليان جلده ولا زل
ألين من الدهدار مايداني النوش ،،، اللي يرفض الهبايب عن الظل
يابنت من يثني إليا كمل الهوش،،، اليا ادبحوا عوج المراكيض ماذل

وله في الغزل : أمشي كما يمشي المجنون ،،، ياناس ماني على كيفي من أبو ثمان برد وامزون ،،، والريق دار المزاهيفي ماذقنهن هفوة واظنون ،،، هجس بقلبي وتوصيف

وقال أيضا : ياشوق عشك دربي به ناس ،،، البدو والحضر داريني يالله دخيلك عن الا فلاس ،،، باواداعتك لا تخليني ذبحتني ياطويل الراس ،،، ياعود حور البساتني ياعين ريميه الأطعاس ،،، والخد خام الدكاكيني

وقوله أيضا : الرجل خفت عقب مشى الوقاعة ،،، ياشوق ياما بي من الصد لولاك صبري قضا ماظل عندى شجاعة ،،، واللي ملاطف بالمعاليق ماجاك يانور عيني غيبتك ربع ساعة ،،، عدة ثمان سنين ماشفت حلياك

وله أيضا : يامن يودي لي كلامي لخلي ،،، الصاحب اللي لايجيني ولا جيه ثمانها مثل البرد مستهلي ،،، ومبيسم ما ينشبع من تحليه زين الحلايا اللي كلامه يسلي ،،، طال مظنون عيني وأنا ارجيه .

ومن مآثر نواف قصره المهيب في كاف والذي انشغل ببناءه هناك ، وقد أمر على سكاكا عبده الشهير عامر المشورب نائبا عنه والذي أساء السيرة في أهل الجوف واعتدى على الحرمات وبغى . فاساء ذلك أهل الجوف وهم من خيار الناس ومن الأحرار الذين لا يرضون الضيم والحق يقال أن هذا خطأ سياسي فادح قام به أل شعلان وال رشيد في الجوف ، وهو استخلاف العبيد على المنطقة .

وقد ذهب وفد من سكاكا للأمير نوري يطلبون منه عزل العبد عامر . وقد استجاب الأمير نوري لهذا الأمر رغم معارضة نواف . ولكن بعض الزعماء المحليين في الجوف كابن قعيد وغيره أشاروا على الامير نوري بعدم الإستعجال لأغراض في نفوسهم . فغضب الأمير نوري من تناقض أهل الجوف فيما بينهم . فعدل عن رأيه . وهو خطأ أخر لا شك .

عندئذ اتفق عدد من رجالات الجوف سرا فيما بينهم وخصوصا رجالات المعاقلة الحلفاء التقليديين للشعلان في الجوف على اسر العبد وتسليمه للأمير نوري . وعلى رأسهم رجا ابن مويشير كبير المعاقلة . وفعلا قاموا بذلك في غياب قبيلة الرولة في الصحراء حيث استدرج عامر المشورب لوليمة عشاء وهناك أحس بما يدبر القوم وهرب ولكنهم أدركوه . فبادر ابن مويشير وقتله وسط ذهول الآخرين . وقد عبر فليبي عن قتل العبد عامر بأنها كانت غدرا من حيث أنها لم تكن في مواجهة . والحق يقال العبد عامر كان يستحق القتل نظير أفعاله وظلمه . وقد قام ابن مويشر بذلك بالأتفاق مع الأمير سعود الرشيد الذي وعده بمؤازرته . وبالفعل جاء ابن رشيد للجوف بجيش صغير . ومجيئ ابن رشيد حقيقة لم يكن فقط حبا بابن مويشيير أو حتى طمعا بالجوف بل كان هناك اعتبارات أخرى ليس هذا مجال شرحها .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

معركة الجوف

وجاء الأمير نواف للجوف بعد دخول ابن رشيد فيها . وحاصرها . وكاد أن يقضي على أمارة الرشيد قبل نهايتها على يد الملك عبد العزيز . لولا أن العوني الشاعر المعروف المرافق للأمير سعود . حيث ندب شمر نجد والعراق لنصرة ابن رشيد في قصائد معروفه . وفعلا تجمعت قبائل شمر ، من كل حدب وصوب . خصوصا بعد أن أذن الملك عبد العزيز لها بمساعدة ابن رشيد. وهو موقف غريب أثار التساؤل كثيرا . إذ كيف يخذل حلفاءه أل شعلان في هذه المعركة . ولكن ربما لانشغاله في تمرد الأحساء عذر وهو يريد أيضا أن يشغل ابن رشيد عنه.

وقد شارك في معركة الجوف معظم قبائل شمر وشيوخها وقد ذكرهم العوني في أحد قصائده كابن طواله وبندر التمياط . وابن رخيص وغيرهم . ودارت الدائرة على الرولة وضاعت الجوف.

وبعد ذلك قام الأمير نواف بشن الغارات على القبائل الشمرية التي ساعدت في حرب الجوف . وبدأ يعد العدة لاستعادة الجوف . ولكن القدر لم يسعفه حيث توفي رحمه الله في تلك الفترة ودفن في عذرا بالشام . ثم جاء ابنه الأمير سلطان بن نواف آل شعلان . واستعاد الجوف مرة أخرى وهرب ابن مويشير عند القرشة وتحصن معهم . وقد صودرت أملاكه . ثم عفي عنه ، ومن ثم اعلن التمرد على الأمير سلطان وقام بمحاصرته . فيما بعد .

وبعد سقوط حائل وإمارة آل رشيد طلب الملك عبد العزيز الجوف. وقد رفض سلطان في بادئ الأمر تسليمها وديا. واصطدم مع قوات الأخوان وانتصر عليهم في أكثر من وقعة . ولكن لم يمنع هذا من ضياع الجوف . وقد تدخل الأمير النوري وقطع الطريق على محاولات ملك الأردن في اعتراضه على ضم الجوف . واختار الملك عبد العزيز وأعلن ولاءه التام له. وسلمت الجوف بطريقة سلمية . وفق وثيقة معروفه . وتوجت العلاقة بين الملك عبد العزيز وابن عمه الأمير سلطان آل شعلان بالمصاهرة التاريخية بين الأسرتين . مما يدل على عمق العلاقات بين الملك عبد العزيز وآل شعلان .

بعد ذلك قنع الأمير النوري بالإقامة في دمشق في قصره ونصب على قبيلة الرولة حفيده الشاب الأمير فواز الشعلان بعد وفاة أخيه الأمير سلطان وتوفي الأمير نوري يرحمه الله في العام 1942م وبقي الأمير فواز بن نواف الشعلان شيخا على قبيلة الرولة حتى وافته المنية عام 1960م ولا زالت المشيخة في أولاده فخلفه ابنه الأمير متعب بن فواز يرحمه الله واليوم يقوم الأمير نواف بن فواز بن نواف بن النوري بمهام المشيخة.


المراجع

1- الرحالة الأوروبيون في شمال الجزيرة العربية : نصوص مترجمة : د. عوض البادي 2- بلاد الجوف ودومة الجندل : سعد الجنيدل 3- رجا ابن مويشير ودوره في ضم الجوف للدولة السعودية . 4- الجوف وادي النفاخ : عبد الرحمن السديري 5- شيوخ شعراء : سعود الهاجري 6- الرحلة التنوخية : التنوخي


رحلة التنوخي

سيرة الأمير نواف الشعلان في رحلة التنوخي من الزرقاء إلى القريات فدومة الجندل للكاتب المبدع : راعي الهدلا


للمؤلف عز الدين آل علم الدين التنوخي الشهير بشيخ السروجية ولد سنة 1889 م وتوفي بها سنة 1966 م شهر حزيران اليوم الرابع والعشرين .

حدثت رحلته بين أواخر شهر شوال سنة 1332 هـ 1914 م وأوائل سنة 1334 هـ 1916 م

تفاصيل الرحلة

كانت نقطة الانطلاق من حلب إلى جبل الشيخ ثم إلى بلدة الزرقاء الأردنية ومنها توجه شرقاً إلى الهزيم ثم القريات فدومة الجندل وقارا والطوير وسكاكا مروراً بالأزرق واويسط وميقوع وغيرها من المواضع .... ويبدوا أن الرحلة مبتورة نظراً لان في آخر الكتاب مقولة تقول للرحلة صلة إلا أن هذه الصلة لم يجدوها إلى الآن.

مجمل الحديث وأهمية هذه الرحلة هي سيرة احد أمراء الشعلان ألا وهو الأمير نواف بن النوري بن الشعلان حاكم الجوف وشيخ قبيلة الرولة نيابة عن والده بعد ما كان مسجونا من الباشا.

وصوله إلى القريات

(( جمع قرية تصغير قرية وأضيفت للملح لان بها في ( كاف ) ملاحات طبيعية يعود ريعها لأمير الجوف نواف الشعلان وهي عبارة عن عدة واحات من النخيل في كل واحة عدة بيوت قروية مشيدة باللبن واهم هذه الواحات ( كاف ) ( منوه ) ( إثره ) وفي كاف ما يزيد عن 20 ألف نخلة باسقة جعل الله منها رزق أهل القريات ومن الملح ينقلونه إلى حوران وعجلون والجولان على متون الزوامل وقد علمت ان منهم من يشتري بأثمانه بضائع دمشقية مما يصلح للبادية ..... الخ ))

وصوله إلى جبل العبد

(( ومازلنا نطوي البيد ونواصل السير بالسرى حتى لاح لنا من بعيد جبل شاهق في البيداء قاتم اللون يقال له ( العبد ) بينه وبين الجوف نحو فرسخ وحينما بلغناه ألفينا بجانبه عدة قلب في وهدة يحدق بها رواب من الصفاح الصلصالي ووجدنا الحنضل نابتاً في هذه الوهدة وبعد أن شربنا ركبنا وخبت بنا المطايا سيما بعد أن شاهدت خضرة النخيل وشعرت بأنها على مقربة من الماء النمير والعلف الوفير والظل الظليل ))

وصوله إلى الجوف

((ولما دنونا من دومة الجندل وجدتها في غور من الأرض يحدق بها الهضاب والآكام فعلمت سبب تسمية البدو لها اليوم بالجوف ، وشاهدت في مدخلها أنقاض سور كان بالصفاح مشيداً ، ومازلنا نلج في نخيل الجوف وفي الصباح أتانا رجل من جماعة الأمير نواف الشعلان يدعونا للضيافة في قصر الإمارة فلبينا الدعوة وأخذنا أولا إلى داره وأكرمنا بالتمر الطيب والسمن الشذي وعلمنا منه أن لأمير ذهب إلى بلدة يقال لها سكاكا وان له نائباً يقال له عامر وبعد أن استرحنا في منزله قليلاً ، سار بنا إلى قصر الإمارة الذي كنا نسمع عنه ونحن في البادية من البدو بأنه يحاكى بفخامته قصور الشام أو انه القصر الذي خلعت عليه جمالها الأيام دخلنا بوابته ، فشاهدنا مدفعين من الطراز العتيق يقال لاحدهما المنصور غنمه الأمير نواف من ابن رشيد حين إكتساحه الجوف منه ، ثم صعدنا على درج مكون من 30 درجة ودخلنا مجلس الأمير الخاص وقابلنا نائبه عامر وهو رجل طويل القامة اسمر اللون متقلد سيفاً مفضفضاً وبعد أن حيانا ومن مجلسه أدنانا ، أمر بطعام فحضر التمر والسمن والبيض الذي لم نذقه منذ مفارقتنا للشام فأكلنا وقضينا من الطعام الوطر وغسلنا ولله الحمد أيدينا بالصابون النابلسي ثم شربنا القهوة البدوية وسألنا عامر عن امرنا ومقصدنا فقلنا له إنا من طلبة العلم وهاربين من الأتراك الطغاة فرحب بهم عامر ووعدنا بمقدم الأمير نواف خيراً .... انتهى ))


ومن كلامه يقول : (( كانت هناك مجموعة من القرى قاعدتها دومة تابعة لإمارة ابن رشيد النجدية ، فحاربه الشيخ نواف بن الشيخ نوري ابن شعلان ، شيخ قبيلة الرولة من عنزة سنة 1326 هـ ، وكان يومئذ النوري في سامي باشا الفاروقي في دمشق ، فكتب إلى ابنه بتهديد الحكومة التركية : أن يكف عن مهاجمة الجوف فلم يفعل نواف ولم يرجع عن عزمه ومكث نحو سنة يهاجم دومة حتى فتحها عنوة ، وصار من ذلك اليوم يلقب بالأمير ، وقد دافع عن إمارته دفاع الأبطال ، واستتب فيها الأمن ونشر لواء العدل فيها ، ويجلس كل يوم مقدار ساعة في مجلس عام يحضر فيه مئات البدو والقرويين ، ويتحاكم أمامه الحضور فيحكم بينهم بالعرف البدوي ، وقد حضرت مجالسه مراراً ، ودققت في أحكامه فوجدتها موافقة للعقل ، ومقنعة للوجدان ، وكان يحيل من الأحكام إلى القاضي الشرعي مايتعلق به من الأحوال الشخصية ، وقد كتبت له بالقلم العريض قول الله تعالى (((( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل )))) ،


ومن كلامه يقول : (( والأمير نواف شديد التمسك بالدين ، فلا يترك الصلوات الخمس ، ويأمر قومه بها ، ويؤدي صلاة الجمعة في مسجد دومة الجندل الجامع القديم ( جامع عمر بن الخطاب ) ، ولايزال كسائر المساجد في صدر الإسلام مسقوفاً بالجريد ومفروشا بالحصى .))

ومن كلامه يقول : (( وللأمير نواف ولع شديد بسماع العلم ، فقد قضينا الليالي في قراءة ألف ليلة وليلة وغيرها من أخبار العرب وأشعارهم ، وقرأت له مرة قصيدة عمرو بن كلثوم المعلقة ، فكان يتمايل طرباً لمعانيها ، لاسيما مايتعلق بالحماسة ، ويلتفت إلى حاشيته ويقول (( اسمعوا ايش تقول أجدادنا العرب )) ، ويطبخ الأمير قهوته على نار الغضا، التي تضارع بحرارتها ومدة دوامها فحم السنديان في ديارنا ، وتفوقه بعدم دخانها ورائحتها ، ويعطر قهوته بالعنبر يضعه في أسفل الفنجان ، وللبدو قصائد طويلة في وصف القهوة ومدحها ، وهم يتقنون طبخها جد الإتقان بحيث تغني الرشفة ن رشفات من قهوتنا ، أو بالحري من القهوة المدنية ، ومن اهتمام الأمير بشؤون أمارته أن بعض بيوت من بدو عنزة نازلين بالقرب من العبد فبيتهم ركب من شمر وغزاهم ليلاً ونهب جمالهم ، فما وصل الصريخ إلى الجوف في منتصف الليل حتى ركب الأمير وحاشيته على الرغم من الإلحاح عليه بالإستراحة حفاً على نفسه ، ولم يعد إلا ثاني يوم ، ولولا أنهم أضاعوا الأثر لفتكوا بالعدو ، وأعادوا المنهوب .))


ومن كلامه يقول : (( وللأمير نواف ولد يقال له سلطان جاوز العقد الأول من عمره وهو في منتهى الذكاء ، علمته شيئاً من تاريخ قومه العرب ، وما كان لهم من مجد وحضارة وإلى أية دركة انحطوا اليوم ، وتدل الفراسة على انه سيكون له في جزيرة العرب شأن كبير .))


ومن كلامه يقول : ((أخبرني الأمير نواف لما اجتمع في شوال سنة 1333 هـ بجمال باشا وفخري باشا في القنيطرة ، اخبره فخري باشا على حدة أنه يريد أن يهاجم اللجا ، بيد أنه يخشى أن يهاجم الدروز عرب اللجا ، ولهذا أراد فخري أن يعينه في حملته ، قال لي نواف : ولكي أخلص من مكيدته ، ولا أشارك تركيا في إذلال العرب ، أشرت عليه بأن الأولى أن أنزل بعربي جنوبي حوران ، حتى إذا رأيت الدروز هبطوا إلى اللجا لمساعدة أعرابها حملت عليهم ، فينشغلون بي ، وأكفهم عما يريدون ، وبهذه الحيلة البدوية كفاني الله شره ، واعتصمت بالبادية ، ومازلت أجوبها حتى بلغت الجوف .))


ويكمل التنوخي رحلته ويقول: (( نصحت ورفيقي المرحوم جلال الدين لإخواننا الفارين بأن لا يذكر أحد منهم للأمير نواف حقيقة حاله ، وأنه محكوم عليه بالإعدام ((يشير الكاتب هنا إلى أن الأتراك كانت تريد الكتاب والباحثين السوريين لتقتص منهم ولا يكون لهم كلمة في أرضهم وتعدهم )) وليقول أنه جندي بسيط لم يحتمل مشاق الجندية وإهانتها ، فلاذ بالفرار ، وذلك لأن الأمير نواف كان يخشى جواسيس ابن رشيد أن تخبر حكومة دمشق ، فتتوتر العلاقات بينه وبينها ، ولا يقوى وحده قبل قيام الشريف على محاربتها ، وعربه الرولة مضطرون للذهاب إلى حوران ليمتازوا حبوبهم ويشتروا ألبستهم من دمشق ، وإلا فإنا عرفنا روح نواف جد المعرفة ، وأنه يبغض الأتراك من صميم فؤاده ، لمساعدتهم عدوه اللدود ابن رشيد بالسلاح والمال.

قابل الأمير نواف الأخوان بالترحاب ، وبعد مدة بعث إلي رسولاً لمقابلته ، قال لي : علمت من صاحب العباءة المطرزة ( يريد عبدا لغني العريسي ) أنه صاحب جريدة المفيد ، ومحكوم عليه كسائر صحبه بالإعدام ، فمصلحتي تقضي على أن يسافروا من الجوف ، وأن تعلم أن ذلك ليس بخلاً مني ، إذ في كل ليلة يأكل على مائدتي خلق من الضيوف كثير ، ولما علمت إصرار الأمير ، عدت إلى الأخوان واطلعتهم على جلية الأمر ، فاستاءوا كثيراً ، شاكين نفاذ دراهمهم ، فرجعت للأمير نواف ، وقلت إنهم قصدوا أبا سلطان ( كنية نواف ) من دمشق ، فلا يليق أن يضاموا ، وقد قلت دراهمهم ، وكلت رواحلهم ، والطريق مخيف ، بعيد الشقة ، وهم بلا دليل فكيف يسيرون ؟

أجابني أني أرضخ لهم بما يسد عوزهم من الدراهم ، وأبدل لهم الراحلة الضعيفة ، وأزودهم بالزاد الكافي وأرسل معهم الدليل فليكونوا مطمئنين .

وهكذا قام الأمير نواف بمساعدتهم .


ومن كلامه يقول : (( للترك في وسط الجزيرة العربية مخفر بدوي عثماني وهو للأمير سعود بن عبد العزيز الرشيد صاحب حائل ( قاعدة نجد ) الذي اتفقت عليه ألسنة البدو أنه يأتمر بأوامر أخواله السبهان فأضاع قسماً كبيراً من أمارته وانقلبت عليه بعض قبائل شمر وشيوخها ، كابن طواله ، فكنت أرى أن من مصلحة الجزيرة والعرب ، أن يدمر هذا المخفر المضر ، فأغريت الأمير نواف كثيراً بإكتساح حائل بنفسه أو بإتفاقه مع الأمير ابن سعود العنزي مثله ، واتفق مرة أن طلب مني نواف أن استفتح له بالقرآن فأخذت المصحف وفتحته بعد قراءة الفاتحة فخرجت آية (( فاصبر إن العاقبة للمتقين )) فقرأتها له قائلاً اصبر يانواف فستفتح حائل فالعاقبة للمتقين أمثالك .

ونظمت بعدئذ قصيدة نونية ضمنتها جميع غزواته وأشرت له فيها للأستفتاح ومطلعها :

غيري يميل لشرب بنت الحان *********** ولضرب أوتار وعزف قيان أصبر فعقبى المتقين جميلاً *********** قال الإله إليك يالقرآن أيام تفتح حائلاً وينيلك ال *********** رحمن ملكاً ثابت الأركان فتذل قوم ابن الرشيد ورهطه ********* وتدير دائرة على سبهان


هذا جزء بسيط مما حواه كتاب (( الرحلة التنوخية رحلة عز الدين التنوخي من الزرقاء إلى القريات )) عن الأمير نواف ابن النوري الشعلان وعن مايتصف به من الكرم والمساعدة والإهتمام بطلبة العلم والخوف على العرب من الأتراك وخوفه على دينه الإسلام وحبه لعروبته الأصيلة وكيف لا وهو من قبيلة عربية أصيلة لها الباع الكثير في التحكم بتاريخ شبه الجزيرة العربية إلى وقتنا هذا ألا وهي قبيلة عنزة الوائلية والتي يمتد حكمها اليوم في بلاد المملكة العربية السعودية في وقتنا الحاضر لأبناء الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله الملك الوائلي المعروف ملك المملكة العربية السعودية .

وأنا آسف كثيراً على الإطالة وأرجو أن يكون هذا الموضوع حائزاً على رضائكم .

المرجع

كتاب ((الرحلة التنوخية رحلة عز الدين التنوخي من الزرقاء إلى القريات ))

المصادر

  • هذا المقال : منقول وهو للكاتب راعي الهدلا .