موقعة الجمل 656

معركة الجمل هي معركة وقعت في البصرة، في 13 جمادى الأول 36 هـ (7 نوفمبر 656) بين قوات أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب والجيش الذي يقوده الصحابيان طلحة بن عبيد الله و الزبير بن العوام بالإضافة إلى أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنهم أجمعين، التي قيل أنها ذهبت مع جيش المدينة في هودج من حديد على ظهر جمل، وسميت المعركة بالجمل نسبة إلى هذا الجمل. سبب المعركة هو تأخر أمير المؤمنين في القصاص من قتلة سلفه، أمير المؤمنين عثمان بن عفان.

معركة الجمل
جزء من الفتنة الكبرى
ReenactorKharjites.jpg
معركة الجمل
التاريخ7 نوفمبر 656 (13 جمادى الأول 36 هـ)
الموقع
النتيجة
المتحاربون
قوات أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب قوات أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبي بكر
القادة والزعماء
علي بن أبي طالب
الأشتر النخعي
عبد الله بن عباس
محمد بن أبي بكر
عائشة بنت أبي بكر
طلحة بن عبيد الله
الزبير بن العوام
القوى
~20,000 ~30,000
الضحايا والخسائر
~5,000 ~13,000


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أسباب خروج الجيشين

بعد حدوث الفتنة ومقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان، بايع كبار الصحابة الإمام علي بن أبي طالب لخلافة المسلمين، وقيل أنه قبل البيعة و هو كارهاً لها، وانتقل إلى الكوفة ونقل عاصمة الخلافة إلى هناك، وبعدها انتظر الصحابة أن يقتص الإمام علي بن أبي طالب من قتلة عثمان بن عفان رضي الله عنهم، لكن الإمام علي أجّل هذا الأمر لسببين:

  1. الانتظار حتى تهدأ الفتنة؛ لم يكن الإمام قادراً على تنفيذ القصاص في قتلة عثمان لعدم علمه بأعيانهم، ولاختلاط الثوار والسبئية بجيشه، مع كثرتهم واستعدادهم للقتال، وقد بلغ عددهم ألفي مقاتل كما في بعض الروايات، كما أن بعضهم ترك المدينة إلى الأمصار عقب بيعة علي.
  2. أخذ البيعة من أهالي الأمصار و عزل الولاة و تعيين ولاة جدد ؛ لأنه عندما تولى الإمام علي الخلافة أمر بعزل جميع الولاة الذين عينهم الخليفة عثمان و منهم معاوية بن أبي سفيان نظراً لأن مثيري الفتنة اعتمدوا على اذكاء سخط الناس على بعض الولاة و اتهموهم بالظلم و العمل للمصالح الشخصية على حساب مصالح الناس و اتهموهم بعدم الحفاظ على سنة النبي ، فأراد الإمام بذلك ألا يجعل لهم حجة.

لكن بعض الصحابة و على رأسهم طلحة بن عبيد الله و عبد الله بن الزبير رضي الله عنهم رفضوا هذا التباطؤ في تنفيذ القصاص و لما مضت أربعة أشهر على بيعة [[علي دون أن ينفذ القصاص خرج طلحة والزبير إلى مكة، والتقوا بأم المؤمنين السيدة عائشة زوجة رسول الله صلّ الله عليه وسلم وبنت خليفة رسول الله أبو بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها عائدة من اداء فريضة الحج ، واتفق رأيهم على الخروج إلى البصرة ليتقوا بمن فيها من الخيل والرجال، ليس لهم غرض في القتال، وذلك تمهيداً للقبض على قتلة عثمان ، وإنفاذ القصاص فيهم. و في ذلك اخرج أحمد في المسند و الحاكم في المستدرك : ( أن عائشة لما بلغت مياه بني عامر ليلاً نبحت الكلاب ، قالت:" أي ماء هذا؟" قالوا:" ماء الحوأب"، قالت:" ما أظنني إلا راجعة، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: "كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب"". فقال لها الزبير: ترجعين!! عسى الله عز وجل أن يصلح بك بين الناس" صححه خمسة من كبار أئمة الحديث هم: ابن حبان، والحاكم، والذهبي، وابن كثير، وابن حجر

اعتبر الإمام علي بن أبي طالب أن خروج أهل المدينة المنورة بهذا الشكل يعد بالقرار التسرّعي وعدم الصبر إلا أن الصحابيان وأم المؤمنين رأو وجوباً القصاص من قتلة عثمان بن عفان رضي الله عنه حتى يقضى على رؤوس الفتنة وتنتهي الفتن بين المؤمنين عامة والصحابة خاصة فانطلق جيش كبير بقيادة الصحابيان طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام بالإضافة إلى وجود أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما وأرضاهم مما بعث في نفوس الجند المعنويات العالية كونها أمهم أيّ أم المؤمنين وزوجة رسول الله صلّ الله عليه وآله وصحبه وسلم.


اتفاق سلمي

بعد أن وصل الإمام علي إلى البصرة، مكث فيها ثلاثة أيام و الرسل بينه و بين طلحة و الزبير و عائشة، فأرسل القعقاع بن عمرو اليهم فقال للسيدة عائشة :"أي أماه، ما أقدمك هذا البلد؟" فقالت:"أي بني الإصلاح بين الناس". فرجع إلى الإمام فقرر أن يرحل في اليوم الذي يليه على ألا يرتحل معه أحداً من قتلة عثمان، فاجتمع رؤوس السبئية و مثيري الفتنة و قرروا أن يهاجموا جيش أهل المدينة و يثيروا الناس عليهم فيفلتوا بهذا بفعلتهم.

قال ابن كثير في البداية والنهاية:( فرجع إلى علي فأخبره، فأعجبه ذلك، وأشرف القوم على الصلح، كره ذلك من كرهه، ورضيه من رضيه، وأرسلت عائشة إلى علي تعلمه أنها إنما جاءت للصلح، ففرح هؤلاء وهؤلاء، وقام علي في الناس خطيباً، فذكر الجاهلية وشقاءها وأعمالها، وذكر الإسلام وسعادة أهله بالألفة والجماعة، وأن الله جمعهم بعد نبيه صلى الله عليه وسلم على الخليفة أبي بكر الصديق، ثم بعده على عمر بن الخطاب، ثم على عثمان، ثم حدث هذا الحدث الذي جرى على الأمة، أقوام طلبوا الدنيا وحسدوا من أنعم الله عليه بها، و على الفضيلة التي منَّ الله بها، وأرادوا رد الإسلام والأشياء على أدبارها، والله بالغ أمره، ثم قال: ألا إني مرتحل غدا فارتحلوا، ولا يرتحل معي أحد أعان على قتل عثمان بشيء من أمور الناس، فلما قال هذا اجتمع من رؤوسهم جماعة كـالأشتر النخعي، وشريح بن أوفى، و عبد الله بن سبأ المعروف بابن السوداء... وغيرهم في ألفين وخمسمائة، وليس فيهم صحابي ولله الحمد، فقالوا: ما هذا الرأي؟ وعلي والله أعلم بكتاب الله ممن يطلب قتلة عثمان، وأقرب إلى العمل بذلك، وقد قال ما سمعتم، غداً يجمع عليكم الناس، وإنما يريد القوم كلهم أنتم، فكيف بكم وعددكم قليل في كثرتهم. فقال الأشتر: قد عرفنا رأي طلحة والزبير فينا، وأما رأي علي فلم نعرفه إلا اليوم، فإن كان قد اصطلح معهم، فإنما اصطلح على دمائنا... ثم قال ابن السوداء قبحه الله: يا قوم إن عيركم في خلطة الناس، فإذا التقى الناس فانشبوا الحرب والقتال بين الناس، ولا تدعوهم يجتمعون...).[1]


و جاء في تاريخ الطبري : (لمّا تم الصلح بين علي و طلحة و الزبير و عائشة رضوان الله عليهم أجمعين خطب علي رضوان الله عليه عشية ذلك اليوم في الناس وذكر الإسلام وسعادة أهله بالألفة والجماعة وأن الله جمعهم بعد نبيه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم على الخليفة أبا بكر ثم بعده عمر بن الخطاب ثم على عثمان ثم حدث هذا الحدث الذي جرّه قتلة عثمان وقال: " ألا وإني راحلٌ غداً فارتحلوا ولايرتحلنّ غداً أحدٌ أعان على عثمان بشيءٍ في شيءٍ من أمور الناس وليُغْن السفهاء عني أنفسهم) "[2].

بدء القتال

بات كلا الفريقين فرحين بالاتفاق السلمي الذي تم، و في اليوم التالي و مع طلوع الفجر، نفذ السبئية خطتهم، و في هذا قال ابن كثير في البداية و النهاية: (وبات الناس بخير ليلة، وبات قتلة عثمان بشر ليلة، وباتوا يتشاورن، وأجمعوا على أن يثيروا الحرب من الغلس، فنهضوا من قبل طلوع الفجر، وهم قريب من ألفي رجل، فانصرف كل فريق إلى قراباتهم، فهجموا عليهم بالسيوف، فثارت كل طائفة إلى قومهم ليمنعوهم، وقام الناس من منامهم إلى السلاح، فقالوا: طرقتنا أهل الكوفة ليلاً، وبيتونا وغدروا بنا، وظنوا أن هذا عن ملأ من أصحاب علي، فبلغ الأمر علياً فقال: ما للناس؟ فقالوا: بيتنا أهل البصرة، فثار كل فريق إلى سلاحه، ولبسوا اللأمة، وركبوا الخيول، ولا يشعر أحد منهم بما وقع الأمر عليه في نفس الأمر، وكان أمر الله قدراً مقدراً، وقامت على الحرب على ساق وقدم، وتبارز الفرسان، وجالت الشجعان، فنشبت الحرب، وتواقف الفريقان، وقد اجتمع مع علي عشرون ألفاً، والتف على عائشة ومن معها نحوا من ثلاثين ألفاً، فإنا لله وإنا إليه راجعون، والسابئة أصحاب ابن السوداء قبحه الله لا يفترون عن القتل، ومنادي علي ينادي: ألا كفوا ألا كفوا، فلا يسمع أحد...)

و كان الإمام علي يتألم كثيراً مما يحدث من إراقة دماء المسلمين فروى ابن أبي شيبة في مصنفه بسند صحيح عن الحسن بن علي قال: "لقد رأيته - يعني علياً - حين اشتد القتال يلوذ بي ويقول: يا حسن، لوددت أني مت قبل هذا بعشرين حجة أو سنة". و كان علي يتوجّع على قتلى الفريقين ويقول: " ياليتني متّ قبل هذا اليوم بعشرين سنة" [3].وروى ابن أبي شيبة بإسناده إلى حبيب بن أبي ثابت أن عليّاً قال يوم الجمل : " اللهم ليس هذا أردتُ اللهم ليس هذا أردتُ" [4].

نتائج المعركة

روى أبو مخنف من قتل من الطرفان سبع عشر الف[5]. انتهى القتال و قد استشهد طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه بعد أن أصابه سهم في ركبته - و قيل في نحره - و قد حزن الإمام علي كثيراً لمقتله فحين رآه مقتولاً جعل يمسح التراب عن وجهه ويقول: " عزيزٌ عليّ أبا محمد أن أراك مجندلاً تحت نجوم السماء ثم قال: " إلى الله أشكوا عُجري وبُجري وبكى عليه هو وأصحابُه " [6]

و استشهد الزبير بن العوام رضي الله عنه و لمّا جاء قاتل الزبير إلى الإمام علي لعله يجدُ حظْوةً ومعه سيفه الذي سلبه منه ليُقدّمه هديّة لأمير المؤمنين حزن عليه حُزْناً شديداً وأمسك السيف بيده وقال: " طالما جلّى به الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال :بشر قاتل بن صفية النار ولم يأذن له بالدخول عليه" [7]

أما عن السيدة عائشة رضي الله عنها فقد قال رسول الله لعلي:((سيكون بينك وبين عائشة أمر، قال عليّ فأنا أشقاهم يا رسول الله، قال: لا ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها))[8] ، قال الإمام أبوبكر بن العربي المالكي: ولما ظهر علي - - جاء إلى أم المؤمنين - ا- فقال: (غفر الله لك) قالت: (ولك, ما أردتُ إلا الإصلاح). ثم أنزلها دار عبد الله بن خلف وهي أعظم دار في البصرة على سنية بنت الحارث أم طلحة الطلحات، وزارها ورحبت به وبايعته وجلس عندها. فقال رجل: يا أمير المؤمنين إن بالباب رجلين ينالان من عائشة، فأمر القعقاع بن عمرو أن يجلد كل منهما مئة جلدة وأن يجردهما من ثيابهما ففعل القعقاع ذلك وجلدهما ثم نزع ثيابهما ليكونا عبرةً من يحاول النيل من مكانة أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبي بكر زوجة رسول الله صلّ الله عليه وسلم. [9]

ثم ردّها إلى المدينة المنورة معززة مكرمة كما أمر رسول الله صلّ الله عليه وسلّم .[10]

المراجع