معرض طرابلس لبنان الدولي

محمد السويسي محمد السويسي
ساهم بشكل رئيسي في تحرير هذا المقال

في الستينيات، اقتنعت فعاليات مدينة طرابلس الشرق من خلال الحكومة بضرورة إقامة معرض دولي فيها ، كان من نتيجته إقتطاع مليون متر مربع تقريباً من بساتينها العامرة بثمن بخس ، دراهم معدودة لكل صاحب بستان ، لتختفي معظم بساتين طرابلس وليتصحر ما تبقى منها ؛ وبذلك فقدت العديد من عائلات المدينة أهم مواردها الإقتصادية التي كانت تعتمد عليها في حياتها المعيشية .

وانتهى العمل بالمعرض ليعلن عن نيّة الدولة إفتتاحه في منتصف العام 1975 ، إلا أن الإقطاع المالي هاله الأمر إذ أن افتتاح معرض دولي في طرابلس سيعيد للمدينة سابق عهدها ومجدها التجاري والإقتصادي التاريخي الذي قد يجذب كل أوروبا والعرب إليها، خاصة وان لديها مطار بالقرب منها وسكة حديد داخلها مما قد يؤثر على مصالحهم في العاصمة بيروت، لذا عمدوا إلى تفجير الحرب الأهلية بحجة الصراع مع الفلسطينين ضد إتفاقية القاهرة، لتنشب حرب الأخوة في سائر أنحاء الوطن، كان من نتيجتها تعطيل مرافق طرابلس على مدى عشر سنوات ليتم استهداف مصفاة النفط في طرابلس وخزاناتها بالقنابل والصواريخ بحجة الصراع مع الفلسطينيين مع أنه لم يكن فيها أي تواجد مسلح.

ولم يكتف الإقطاع المالي الحاكم بذلك ، بل أنه موّل حركات يسارية ودينية متطرفة عمدت جميعها بتخطيط منظم إلى نهب بيوت المسيحيين وحرق بعضها بحجة أن لهم إنتماءات حزبية يمينية . الى أن فلت الملّق لتنهب بيوت المسلمين المسافرين والمصطافين أيضاً باعتبار أنهم إقطاعيين ؟ بحيث لم يعد بالإمكان السيطرة على هذه العناصر الحزبية التي تحولت الى منظمات إرهابية تعمل قتلا ونهباً وتخريباً ، بعضها باسم الدين والآخر باسم اليسار وبعضها باسم الوطنية ، رغم وجود القوات السورية في المدينة تحت عنوان قوات الردع العربية التي لم تكن تلق بالاً إلى هذه الفوضى ، إلى أن أصبحت طرفاً فيها بمساعدة الأحزاب على مضايقة اصحاب المصانع الخاصة في منطقة البحصاص جنوبي مدينة طرابلس مما اضطرها إلى الإغلاق وفق ماخطط لها ليتشرد آلاف العمال ، إذ كانت نشاطها يقف عائقاً في وجه أطماع الإقطاع المالي الحاكم الذي يسعى الى المزيد من الأرباح على حساب موارد مدينة طرابلس.

وانتهت حرب السنتين التي كانت أهم أهدافها إغلاق جميع مرافق طرابلس الحيوية، من عامة وخاصة، من مصفاة نفط ومرفأ ومنطقة حرة إقتصادية وسكة حديد، ورفض افتتاح معرض طرابلس الدولي رغم مرور أربعون عاماً على إنتهاء تشييده مع رفض إعادة فتح مطار القليعات المجاور للمدينة. لتحصر كل هذه المرافق في العاصمة بيروت وجوارها من قبل الإقطاع المالي الحاكم بما يؤمن لهم أرباحاً خيالية بعدة مليارات من الدولارات سنوياً، منها أربعة مليارات دولار فقط من قطاعي النفط و الكهرباء لتعاني الخزينة من عجز ومديوينة وصلت حتى الآن إلى 65 مليار دولار.

ولو أنه لم تغلق مرافق مدينة طرابلس لما وقعت الخزينة بأي عجز نظراً لمردودها العالي سنوياً، كما ولا يمكن الخروج من الدين المتنامي وتحقيق فائض في الخزينة العامة إلا بإعادة تشغيل مرافق طرابلس، وهذا مستحيل، لأن هذا يعني تخلي الإقطاع المالي عن جزء من أرباحه اللامشروعة في النهب المتواصل، خاصة وأنه قد تعقدت أمور الشراكة في النهب العام بين أحزاب ومليشيات وتجار ومستوردين وحكام .

كانت تلك لمحة سريعة للوضع الذي أفرز المليشات والعصابات المسلحة في طرابلس في وقت ما ، التي سآتي على سرد بعض تصرفاتها اللامسؤولة ، إلا أنه لابد من التمهيد بالتحدث عن دولة المطلوبين التي سبقت الحرب اللبنانية مباشرة من العام 1974 من مجموعة من الخارجين عن القانون التي احتلت طرابلس القديمة بقوة السلاح وفرضت الخوات بتدبير من الإقطاع المالي الحاكم ولم يتم وضع حد لها من قبل الدولة إلا في كانون الثاني / يناير ، قبل ثلاثة أشهر من إنفجار الحرب اللبنانية في 13 نيسان من العام 1975 .

لم تكن دولة المطلوبين إلا تمهيداً لحرب السنتين الطائفية الفوضوية واختبار مسبق لها ، القصد الأساسي منها الإساءة لسمعة مدينة طرابلس وتعطيل مرافقها ومنع الإستثمار العربي والمحلي ، بإخافة اصحاب الرساميل من المجىء اليها مع تزايد الإرهاب المحلي المنظم فيها والتهيئة لتشكيل تنظيمات حزبية أخرى مشابهة لدولة المطلوبين الخارجة عن القانون .

نشبت حرب السنتين بعنوان طائفي وعنصري حاد إذ استهدفت قتل الفلسطينيين والمسلمين أينما وجدوا في مناطق الأحزاب المسيحية اليمينية وعلى الطريق الساحلي بين بيروت وطرابلس الذي يخضع لنفوذهم بهدف إثارة النعرات الطائفية من أجل دفع طرابلس لتهجير المسيحيين لإعطاء الحرب طابعاً طائفياً بحتاً للعمل على أخذ موافقة الدول الغربية على تقسيم لبنان بين المسيحيين والمسلمين على أسس طائفية بما يتضمن ذلك من تهجير متبادل بين الفريقين.

لم تعرف مدينة طرابلس أو لبنان تنظيمات إسلامية مسلحة قبل حرب السنتين، إذ عمدت الأجهزة اللبنانية التي تبقت من إنفراط عقد الدولة اللبنانية في منتصف سبعينات القرن الماضي إلى إنشاء مليشيات إسلامية تعاونت معها بعض التنظيمات الفلسطينية في أعمال الفوضى كغطاء لبناني لمناوءة السوريين واغتيال المعارضين.

ولكن مع بداية الثمانينات شكل الفلسطينيون ميليشيا لبنانية موالية لهم في مدينة طرابلس بتمويل منهم ، عرفت بحركة التوحيد الإسلامي التي بدأت نشاطها بمجزرة رهيبة في الميناء بتجميع بضع عشرات من الشباب بحجة أنه يساريون لتعدمهم دفعة واحدة دون أي مسائلة بحجة أنهم كفرة ، كما عادة المليشيات التكفيرية ، مما ألقى الذعر في المدينة من هذه التنظيم الدموي الذي تابع ممارساته الخاطئة بإصدار مناشير تهاجم المسيحيين والإتصال بالإرساليات ودعوتها إلى الإسلام مما دفعها الى المغادرة مع معظم السكان المسيحيين خوفاً ورعباً ، ومن ثم مهاجمة مقرات الأحزاب الموالية لسوريا بأكملها وتهجيرها من المدينة بحيث لم يبق من احد سواهم على الساحة ، مما أوجد صداماً مع السوريين لم يلبث أن تحول الى صراع معهم على مدى سنوات لتنشب المعركة الفاصلة بينهما في العام 1985 ادت الى محاصرة المدينة وقصفها من قبل القوات السورية بشكل عشوائي شديد خلّف العشرات من القتلى والجرحى في معركة غيرمتكافئة بعد قطع المياه والكهرباء عنها والهاتف ، لتستسلم حركة التوحيد بعد أيام للسوريين وتصبح موالية لهم ، على ان تفك تحالفها مع الفلسطينين ؛ ليتنفس أهل المدينة الصعداء من ممارسات أمراء التوحيد الذين جاء بعض من بيئة جاهلة بالدين إذ كان معظمهم من العمال والحرفيين والبقالين ، إلا أنهم وجدوا في حركة التوحيد السلطة والمال فانتسبوا اليها إلى حين، ليعود كل إلى موقعه مع تحجيم السوريين لها والقضاء عليها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

من أين نبدأ لإعادة إعمار مدينة طرابلس والنهوض بها؟

من المفترض ان يكون الجواب التلقائي البديهي هو أن نبدأ من منطقة التبانة الجريحة المهدمة ، وهو كلام سليم مئة بالمئة إذ أن التبانة تاريخياً كانت تلقب بسوق الذهب لأنها كانت ملتقى جميع الأنشطة التجارية لمحافظة الشمال للوافدين من عكار والكورة والبترون وجبيل وجونية ، حتى الداخل السوري المجاور من حمص حتى حدود تركيا حيث كانوا يشترون منها البضائع لمخازنهم .

ولكن بعد حرب السنتين تغير كل شيء على الأرض ، إذ عُطلت جميع مرافق مدينة طرابلس الحيوية من قبل الدولة بتواطىء مع الإقطاع المالي الحاكم صاحب النفوذ الأقوى في لبنان ليعيد احتكارها في العاصمة وجوارها ، بشركات وإنشاءات ومصانع مماثلة ، بشراكة مع المليشيات والأحزاب المسلحة دون وازع أو ضمير مع إفتقاد الحد الأدنى من الوطنية والشعور بالمسؤولية والأخلاق وقد استبد بهم الطمع للمتاجرة بمصالح المدينة التي استبد بها الفقر والعوز والجوع من جراء ذلك ، إلى حد استعانة بعض الفقراء من أبنائها بمستوعبات الزبالة لتأمين لقمة عيشهم اليومي وسد جوعهم كيفما اتفق مع تفشي البطالة تحت أعين المسؤولين والمعنيين دون أن يلقوا بالاً للأمر لسؤ حظ المدينة وقد ابتليت بنواب اضحوا نوائباً بعد وصولهم للبرلمان بأصواتها ليستغلوا موقعها في المعادلة اللبنانية للوصول الى مواقع وزارية دون أن يلقوا بالاً للإهتمام بمدينتهم لإعادة تشغيل مرافقها المعطلة لوضع حد للفقر والعوز فيها ، مرتاحين لدجل زمرة من المنافقين والمستشارين المداهنين حولهم من عديمي الخبرة والأخلاق كما ممارسات أزلام الإقطاع السياسي البائد ، ولا أظلمهم وإلا لما كانت المدينة على هذا المستوى من الإهمال والتخلف والفقر .

لقد كنت فيما مضى في موقعهم السياسي والوظيفي الحكومي الرسمي لزعامات سبقت فقدمنا للمدينة والدولة والخزينة والعمال والشعب على صعيد لبنان ، خدمات قصرت عنها كل هذه الفعاليات مجتمعة وأزلامها . لذا أدرك تماماَ الفرق بين مستشار السوء والمستشار الحسن الخبير الذي على خلق ؛ ولكن أمثال هذا المستشار اضحى نادر الوجود لدى القيادات السياسية الحالية .

إلا أن النجاح في خدمة المدينة والعمل من أجلها يتطلب التعفف والإيثار والسهر ونظافة الكف اولاً وأخيراً ؛ وإلا فالفشل هو العنوان كما حال إداء نواب طرابلس والشمال الحاليين ومعاونيهم ، وقد أشكل على بعضهم الأولويات الى حد الإضرار الشديد بالمدينة وأهلها كما حال مشروع النائب روبير الفاضل وللأسف الذي يصر عليه دون أن يأخذ برأي اهل المدينة وهيئات المجتمع بضرروة التخلي عنه ، ولاغرابة في ذلك إذ أنه ولد على عكس والده ، وفي فمه ملعقة من الذهب ، لذا عجز عن تحديد اولويات المدينة وحاجاتها الضرورية .وقد اعتمدته مثلاً يُضرب في سؤ إداء نواب طرابلس وفهمهم لمشاكل أبناء مدينتهم وحاجاتها .

إن مشروع النائب روبير الفاضل البحري هو ترف لغني يريد أن يلهو بين الفقراء ، في غير الزمان والمكان والأوان ، كالثري يدعو اهل التبانة الفقراء المعدمين إلى عشاء من الكافيار لسد جوعهم بدل ان يطعمهم على مدى شهر كامل أرزاً ولحماً وخضاًراً بكلفة هذا العشاء ، ومن هنا عارضت المدينة مشروعه المؤذي إلى أقصى الحدود ، مستنكفاً التحدث عن خلفياته المعيبة ومراميه .

ونعود الى الأوليات التي يجب ان نبدأ بها للنهوض بمدينة طرابلس ، فإنه مع تعذر البدء في بناء التبانة لعدم وجود خطة إنمائية شاملة بشأنها ، فإن كل الأموال والهبات التي تمنح وتخصص لها لن تجدي نفعاً ، لأنها ستقتصر عندها على الترقيع والتصليح وبعثرة المال وضياعه مع إعلام مضلل مخادع بالوعود الوردية ، ولكن ليس لإعادة البناء .

وعند التمعن بحال المدينة نجد ان نواب طرابلس وفعالياتها وهيئات المجتمع المدني التي اضحت بممعظمها موالية وأزلام للفعاليات السياسية التي تنظر كنظرتها وتعمل كعملها لانتهازيتها وضعف شخصيتها ، بما يعني تضاعف البلاء على أهل المدينة نحو مزيد من الفقر والتخلف والإهمال .

لذا كانت افضل واقرب واسهل الأولويات للنهوض بطرابلس ، إلى حين وضع خطة ملائمة جدية لإعادة إعمار التبانة، هو أن يبدأ إعادة الإعمار بتشغيل مرافق طرابلس المعطلة ، وأولها المعرض لسهولة تشغيله . وقد استمعنا في إحدى الإذاعات ، الى ان احد فعاليات طرابلس السياسيين قد كلف لجنة لإعداد خطة لتشغيل معرض طرابلس .وهذا عمل وتصرف جيد ،ولكن لننتظر جدية هذا التكليف وما سيصدر عنه من إيجاب ، نتمنى ان يكون قبل قيام الساعة .

وعليه فإننا نجد انه من الضروري عرض الوسائل والأفكار الأفضل لتشغيل هذه المرفق الهام بما له من نتيجية إيجابية في التخفيف من حدة الفقر والنهوض بالمدينة .


خطط لتشغيل المعرض

من المؤسف ان الخشب المُسنّدة التي تتولى إدارة المعرض لم تستطع ان تتقدم بأي خطة لتشغيله حتى الآن ، وقد جاء السياسيين بهذه الإدارة المعاقة على شاكلتهم ، الذين كان يجب ان يعتذروا عن مناصبهم طالما أنهم عاجزون عن القيام بمهماتهم في التقدم بأي مشروع أو اقتراح لتشغيله منذ أن تولوا مسؤولياتهم وحتى الآن ، فكانوا كما خيال المآتة في سهل واسع منبسط .

لابد ان اعطي فكرة بعدة اسطر عن المعرض قبل تقديم إقتراح تشغيله . إذ أنه يشغل حوالي مليون متر مربع تقريباً اقتطعت من بساتين طرابلس التي اضمحلت من بعده وبارت . فضاعت البساتين ومواردها ، كما ضاعت الأراضي في مشروع اثبتت الأيام انه مشروع وهمي ، لتعنت إقطاعيي بيروت بعرقلة تشغيله ، بتواطىء مع المليشيات المسلحة على مختلف إنتماءاتها وشعاراتها ، إذ ان المعرض قد انتهى العمل من تجهيزه بداية العام 1975 وحُدد افتتاحه في حزيران من نفس العام لتنفجر حرب السنتين قبل شهرين من تدشينه وذلك بتخطيط من الإقطاع المالي في العاصمة وجوارها المعارضة لافتتاحه على غير رضاها . إذ اعتبرته مضراً بمصالحها ووكالاتها الحصرية في بيروت لمختلف أنواع السلع التي يعتمدن على تصريف معظمها في طرابلس ومحافظة الشمال .ولو افتتح هذا المعرض وقتذاك فإن تجار طرابلس كانوا سيستغنون عن تجار العاصمة ليستوردوا مباشرة من الشركات العارضة في المعرض بأقل من أسعار تجار العاصمة بنسبة بمعدل خمسون بالمئة وما فوق . عدا عن أن تشغيل المعرض سيستقطب عشرات الآلآف من مختلف أنحاء العالم سيوصون بطلباتهم التي ستكون على حساب مصالح الإقطاع المالي في الحد من أرباحهم ، لذا تعاقدوا مع بعض المليشيات المسلحة لتفجير حرب السنتين وسرقة محتويات المعرض وتجهيزاته بأكملها لتعطيل تشغيله .

وبالفعل انتهت الحرب وعجزت الدولة عن تأمين المال اللازم لإعادة تجهيز المعرض وتشغيله خوفاً من تجدد الحرب لتقيم فيه قوات الردع العربية المؤلفة من الجيش السوري وتجعله ثكنة عسكرية لها ، بما قطع الأمل من تشغيله نهائياً .

ومع خروج القوات السورية من لبنان في العام 2005 فإن الدولة اللبنانية لاتزال على امتناعها من تشغيله ، إلا أنه كان قد تم تأجيره في العام 2004 لشركة "هوليدنغ" الصينية بمبلغ مليون دولار سنوياً بشراكة مع بعض وكلاء البضائع الصينية في لبنان منذ خمسينات القرن الماضي ، فجن جنون الإقطاع المالي المتحالف مع المليشيات الشعوبية لتبدأ أعمال الإرهاب في مدينة طرابلس دون توقف الى حد القصف من جبل محسن للمدينة ، الموالي للمليشيات الشعوبية ، بتناغم مع مجموعات مسلحة ممولة في التبانة من نفس الإقطاع المالي لتتناغم مع قصف الحبل لاعطائه شرعية إستمراره بحجة الدفاع عن المدينة ، بما لاحاجة له مطلقاً مع وجود الجيش اللبناني الذي حسم المعركة مؤخراً خلال أيام ووضع حد لهذه المأساة الدموية التي أوقعت آلآف القتلى والجرحى على أسس مذهبية طائفية شعوبية بغيضة لم تعرفها طرابلس في تاريخها القريب والبعيد لحسّها العروبي الوطني .

وكانت أشرس معركة عدائية ضد المدينة قد جاءت مع إعلان الشركة الصينية ، المشار اليها أعلاه ، انها خلال اسابيع ستعمد إلى افتتاح المعرض للبضائع الصينية مما زاد من أوار القصف من جبل محسن . ولم يتوقف إلا بعد أن اعلنت الشركة الصينية انه لم يعد لها من مصلحة لافتتاح المعرض نظراً لانتشار الإرهاب والقصف وتردي الأمن في المدينة، لينتهي القصف على إثرها وتنسحب المليشيات الطائفية من الجبل مع بداية عهد حكومة تمام سلام .

وأهمية المعرض الصيني الذي حاربته المليشيات المسلحة العدوانية المافياوية شريكة الإقطاع المالي الحاكم ، هو أنه كان قد أعلن بأنه سيصبح ممثلاً تجارياً للشركات الصينية لجميع دول البحر المتوسط وكافة الدول العربية وجزء من افريقيا وأوروبا ، بحيث انه إذا توجه احد التجار من هذه الدول المحددة للصين لاستيراد سلعة ما، فإنهم يمتنعون عن بيعه وإعادته الى معرض طرابلس لشراء حاجاته بعد فتح الإعتمادات اللازمة .

إلا أن أرباح المعرض بما سيجلب من آلاف الزبائن للشراء منه عدا مئات الاف السياح كل عام من مختلف الجنسيات ، سيحقق عشرات الملايين من الدولارات بدءاً ومن ثم مئات الملايين بعد سنوات ثلاث ، مما اغضب المليشيات المسلحة لان لاحصة لها فيها فعمدت الى تعطيل مشروع الشركات الصينية قصداً بتفجير الوضع في طرابلس على حساب دماء الشهداء الأبرياء وتدمير البيوت دون وازع أو ضمير .

ا-لذا فإن افضل الخطط لتشغيل المعرض وقد إستتبب الأمن هو أن تقوم مجموعة مليئة بدعم من النواب الثلاث ، ميقاتي ، صفدي ، فاضل ، متحدين أو منفردين ، بتأسيس شركة تجارية تضم بعضاً من أبناء المدينة تقوم باستثمار المعرض بنفس السعر الذي سبق ان استأجرته الشركة الصينية وهو مليون دولار سنوياً لتشجيع استثماره، على أن تعمد هذه الشركة إلى استقدام الشركات العالمية من كافة انحاء العالم كوكلاء لها ، خاصة الشركات الصينية مما سيخلق الآف فرص العمل، بشكل مباشر وغير مباشر ، من آلاف المحلات التجارية والمؤسسات في طرابلس وسائر محافظة الشمال التي سينشط عملها مع توفر السياح بمئات الالآف سنوياً ،مما سيعيد مجد مدينة طرابلس التجاري والإقتصادي كما كانت قبل مئات الأعوام حيث كانت تضم الكثير من الفنادق والخانات التي اختفى معظمها لانتفاء السياح.

ب-كما أن هناك خطة أخرى وهو إجراء مزايدة عالمية لتأجير المعرض حيث سيجذب ذلك عشرات الشركات الأجنبية لما سيحقق المعرض من أرباح كبيرة ، على ان يشترط على المستثمرين جذب الشركات الصينية بشكل رئيسي ومن ثم باقي الشركات الغربية .

كانت تلك مجرد أفكار لتشغيل معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس بشكل دائم دون انقطاع طوال العالم . ولن ادخل في التفاصيل ولا في كيفية جنى الأرباح لان المستثمرين المخضرمين والشركات المعنية بهذا الأمر أكثر خبرة مني في التطبيق على الأرض بما لديهم من أموال وتسهيلات مصرفية ، إلا أنه بالإمكان بدءاً جذب جميع وكلاء السيارات لعرض سياراتهم الجديدة المستوردة ، كما تخصيص جناح ضخم للموبيليا التي اشتهرت بها طرابلس من مختلف انحاء لبنان .

وسعر تعويض الإشغال التشجيعي لعرض البضائع والسلع داخل قاعات المعرض هو من يجذب جميع الشركات في لبنان وخارجه لعرض منتوجاتهم المتنوعة ، كما ويجلب الزبائن والسياح من مختلف بلدان العالم عدا الداخل اللبناني.

المصادر والهامش

  • محمد السويسي (2014-04-29). "طرابلس لبنان ..وبلاء الإستقلال". مدونات المعرفة.
  • محمد السويسي (2014-11-11). "تشغيل معرض طرابلس لبنان الدولي .. من هنا نبدأ". مدونات المعرفة.