فرانسواز دوبينيه، مركيزة مينتنون

(تم التحويل من مدام دي مينتنون)

فرانسواز دوبينيه، مركيزة مينتنون Françoise d'Aubigné, Marquise de Maintenon (عاشت 27 نوفمبر 1635 - 15 أبريل 1719) كانت الزوجة الثانية عرفية للملك لويس الرابع عشر من فرنسا. وكانت تعرف بعد أول زيجة بإسم Madame Scarron، ثم لاحقاً Madame de Maintenon. زواجها من الملك لم يـُعلن رسمياً ولم يـُعترف به.

فرانسواز دوبينيه
Françoise d'Aubigné
Francoise Aubigne 1.jpg
مركيزة مينتنون
وُلِدَ(1635-11-27)27 نوفمبر 1635
نيور، فرنسا
توفي15 أبريل 1719(1719-04-15) (aged 83)
العنوانمركيزة مينتنون
الزوجپول سكارو (1651 - 1660)
لويس الرابع عشر من فرنسا (1685 - 1715)
الوالدانConstant d'Aubigné
Jeanne de Cardillac

بعد وفاة "ماري تريز" (30 يوليه 1683) كانت الملكة المتوجة لفرنسا "الأرملة سكارون" المركيزة دي مينتنون، مربية أبناء الملك غير الشرعيين، وسرعان ما أصبحت (يناير 1684؟) زوجته غير المتكافئة والتي لا ترث عرشه، وكانت منذ ذلك التاريخ ذات أكبر نفوذ شخصي طيلة حكمه. ومن العسير اليوم أن نعرف حقيقة خلقها، ولا يزال المؤرخون يختلفون عليه. وكان لها أعداء كثيرون كرهوا صعودها وقوتها. وكتب بعضهم التاريخ وأسلمها إلينا وغداً أنانياً ماكراً مدبراً للمكائد. ومهما يكن من أمر، فإنها حين كان من الميسور لها أن تحل محل مدام مونتسبان "خليلة الملك"-بكل ما يأتي به هذا من نفوذ وسيطرة-أبت، وبدلاً من ذلك، حرضت الملكة آنذاك في الثانية والأربعين من العمر، أصغر من دي مينتنون بثلاثة أعوام، ولم يكن ثمة ما يبر توقع موتها الباكر. وظاهر أن المركيزة، في هذه الآونة، آثرت الفضيلة على السيطرة والنفوذ، وعندما اختطفت يد المنون الملكة ظلت المربية على رفضها أن تكون خليلة، وسعت وراء أهداف عليا، مغامرة بوظيفتها الحالية. وإذا كانت فضيلتها طموحاً فإنها لم تتلطخ به أكثر ما تلطخ به تواضع عانس متعلقة ليس لها أمناً إلا مفاتنها تساوم بها من أجل حياتها، وتظن أن مضاجعة ليلة واحدة أقل أمناً من خاتم العرس. ولما تزوج لويس من مينتنون كان عمرها ثمانية وأربعين عاماً. ورسمها مينارد عقيلة لطيفة جاوزت مرحلة الإغراء أو الفتنة الجسدية، وكانت في أحسن الأحوال تقية مخلصة في تقواها، وفي أسوأ الأحوال قامرت مقامرة جريئة وكتب لها الفوز.

وخصص لها آنذاك مسكناً قريباً من مسكن الملك، فعاشت في قصر فرساي في بساطة برجوازية تقريباً. "كانت حياة البلاط تضايقها، ولم تجد لذة في التباهي والتفاخر(1)". ولم تجمع ثروة، وحتى في قمة سعود نجمها لم تكن تملك إلا القليل إلى جانب قصر مينتنون الذي تركته غير مؤثث ولم يستخدم. ويقال أن لويس، في أعوامها الأخيرة، قال لها يوماً "ولكنك يا سيدتي لا تملكين شيئاً، وإذا ما مت فستكونين فقيرة خاوية الوفاض، خبريني ماذا يمكن أن أفعل من أجلك؟". فطلبت بعض الامتيازات والرعاية المتواضعة لذوي قرباها، ومبالغ كبيرة من المال لمشروعها الأثير لديها: الكلية التي أسست 1686 في سان سير لبنات الأسرات الكريمة اللاتي أفنى عليها الدهر. ولم يكن خيلاؤها بل خيلاء الملك هو الذي جند الرجال وخصص الأموال لقناة الماء التي لم يتم بناؤها، والتي حملت أسمها.

وكانت دي مينتنون، من نواح كثيرة، زوجة صالحة. وكان شغلها الشاغل في يوم حافل أن تقف حائلاً بين الملك وبين العالم، وأن تحافظ على السلام والهدوء، وسط أطماع أفراد البلاط ودسائسهم، وتلاطف سرباً من الطامعين في المناصب، وتعمل خالة عطوفة لحفدة زوجها، وتفي بمتطلباتهم بوصفه رجلاً، وتواسيه في إخفاقه وهزائمه. وترفه "عن الرجل الذي من أصعب الصعب الترفيه عنه في مملكة بأسرها(3)"، وتخلق جواً من الهدوء المنزلي، في حياة كان لزاماً في كل ساعة تقريباً أن تتخذ فيها قرارات يتأثر بها مليون حياة. وفي أوراقها الخاصة التي وجدت بعد وفاتها، عثر على هذا الدعاء، وظاهر أنه كتب فور زواجها:

يا إلهي، لقد بوأتني هذا المكان الذي أنا فيه الآن، وإني لأترك نفسي رهن تدبيرك وعنايتك دون قيد أو شرط، امنحني النعمة الإلهية، حتى أستطيع، كمسيحية، أن أحتمل الآلام، وأقدس المسرة، والتمس في كل شيء مجدك، و.... أعاون على خلاص الملك، وحل بيني وبين الاستسلام لتهيجات ذهن قلق. ولتكن مشيئتك يا إلهي، مشيئتي، فإن السعادة كل السعادة، في هذه الدنيا وفي الآخرة هي موضوع لمشيئتك أنت دون تحفظ.

اغمر نفسي بهذه الحكمة، وبسائر الهبات الروحية اللازمة لتلك المنزلة العالية التي وضعتني فيها. ولتجعلها مثمرة تلك القدرات التي طاب لك أن تمنحني إياها. يا إلهي، أنت يا من تمسك بين يديك قلوب الملوك، افتح قلب الملك حتى أصب فيه من الخير ما تشاء أنت سبحانك. أوعزني أن أسعده وأسره وأواسيه وأشجعه، بل حتى أن أزعجه وأحلب عليه الحزن إذا اقتضى الأمر تمجيداً لك. هيئ لي ألا أخفي عنه شيئاً يجدر أن يعلمه مني، مما لا يجد الآخرون في أنفسهم الشجاعة ليبلغوه إياه. هيئ لي أن أنقذ نفسي وأنقذه معي، وأن أحبه فيك ومن أجلك يا إلهي. وهيئ له أن يحبني بنفس الطريقة. هب لنا أن نسير معاً في ملكوتك دون لوم أو خزي حتى يوم قدومك(4).

وهذا الدعاء جميل قدر جمال أية رسالة من ألواز إلى أبيلارد، ونأمل أن يكون أصح وأصدق. ومثل هذا الدعاء يمكن أن يمنح القوة، بصرف النظر عن أية استجابة خارجية، وربما كانت ثمة إرادة خفية للسيطرة والسلطة في ثنايا الرغبة في إصلاح الآخرين وهدايتهم، ولكن السنوات الباقية من عمر مينتنون أثبتت أصدق تقواها وضيق أفق هذه التقوى معاً. يقول سان سيمون "لقد وجدت ملكاً يعتقد في نفسه أنه رسول أو حواري لأنه طيلة حياته يضطهد الجانسينة.... وهذا أوحى إليها بنوع الحب الذي تبذر به الحقل لتجني أعظم حصاد(5)". (عرفت من أين تؤكل الكتف). هو شجعت مينتنون على اضطهاد الهيجونوت؟ وهكذا يظن سان سيمون(6)، ولكن التحقيقات اللاحقة تميل إلى تبرئتها من هذه الوحشية التي كان بطلها عدوها اللدود لوفوا. ورأى فيها لورد أكتون، وهو مؤرخ كاثوليكي، نادراً ما كان مناصراً للكاثوليكية:

أعظم امرأة ثقافة وتفكيراً وإدراكاً. وكانت بروتستانتية من قبل. واحتفظت لأمد طويل بحماسة المرتدة وغيرتها. وكانت تعارض الجانسنية معارضة شديدة، وكانت تحظى بثقة أفاضل رجال الدين إلى حد كبير، وساد الاعتقاد بأنها شجعت الاضطهاد وحرضت الملك على إلغاء مرسوم نانت. وأبرزت رسائلها شواهد على ذلك. ولكن رسائلها كانت قد حرفت بواسطة محرر كان مزيفاً مشوهاً(7) .

أن مينتنون-مثل فنيلون، ومدام دي سفيني ومعظم الكاثوليك في ذاك العصر. أقرت إلغاء مرسوم نانت، ولكنها استخدمت نفوذها-بنجاح غالباً، كما يروي البروتستانتي ميشيليه-في وقف قساوة الاضطهاد أو الحد منها(8).

وحتى لا تطغي النزعة الرومانتيكية على إضفاء المثالية على المرأة، فتلون الصورة بألوان وردية زاهية، فلننظر إلى المركيزة من خلال آراء أخرى فيها تحامل عليها. أن كبرياء سان سيمون النابعة من لقب الدوق أو الدوقة، لم تكن لتغفر صعود البرجوازية الوضيعة إلى مرتبة سيدة فرنسا: أن العوز والفقر اللذين عاشت في براثنهما لفترة طويلة قد ضيقا من أفق تفكيرها، وهبطا إلى الحضيض بقلبها وعواطفها. أن مشاعرها وأفكارها كانت محدودة، إلى درجة أنها كانت دائماً في الحقيقة أقل حتى من مدام سكارون... وليس ثمة شيء أشد إثارة للنفور والاشمئزاز من منبت وضيع يتبوأ مكاناً متألقاً إلى هذا الحد(9).

ولكن الدوق نفسه وجد بعض المزايا والفضائل وسط أخطائها وعيوبها:

كانت مدام دي مينتنون امرأة على جانب كبير من الذكاء الذي احتملته الرفقة الطيبة التي عاشت بين ظهرانيها أولاً، ولكن تألقت فيها سريعاً، وصقلتها كثيراً وزودتها بزينة المعرفة الدنيوية، التي جعلتها الكياسة البالغة من أكثر ألوان المعرفة استساغة وقبولاً. وجعلتها المناصب المختلفة التي شغلتها مداهنة متملقة راضية تسعى دائماً إلى إرضاء الناس. أن حاجتها إلى الدسائس، وأولئك الذين التقت بهم من كل الأنماط، واختلطت بهم من أجل شخصها ومن أجل الآخرين، أضفوا عليها ذوقهم وعاداتهم. أن كياسة لا تضاهى وسلوكاً هيناً ليناً رضياً، ولكنه كدروس، يدعو إلى الاحترام، وكأنه نتيجة لطول خمول ذكرها قد أصبح أمراً طبيعياً بالنسبة لها، كل أولئك ساعد على تنمية مواهبها بشكل عجيب، إلى جانب لغة مهذبة محكمة حسنة للتعبير، فصيحة موجزة بشكل طبيعي. أما أسعد أيامها، حيث كانت تكبر الملك بثلاث أو أربع سنوات، فكانت فترة التودد ومطارحة الغرام والمغازلة الرقيقة.... وبعدها أحاطت نفسها بهالة من الأهمية وجلال الشأن. وتقلص ظل هذه تدريجياً لتحل محلها هالة من التقوى أحاطت بها نفسها بطريقة تدعو إلى الإعجاب. ولم تكن نزاعة إلى الخداع والغدر، ولكن الحاجة ألجأتها إلى أن تكون كذلك. وجعلها طيشها الطبيعي تبدو مخادعة ضعف ما هي عليه في حقيقة الأمر(10). وأثار بعد الشقة في نفس ماكولي شيئاً من الشفقة، فنظر إلى مدام دي مينتنون نظرة أكثر اتساماً بالشهامة والاحترام، وربما أحس بأنه يمكن أن يغتفر الكثير لسيدة كانت "تمتاز بالفصاحة والإيجاز معاً:

أنها حين جذبت انتباه مليكها، لم تكن في وضع تستطيع معه أن تتيه عجباً بشبابها أو بجمالها، ولكنها، وبدرجة غير عادية، كانت تتمتع بتلك المفاتن الأبقى على الزمن، والتي يقدرها أعظم التقدير الرجال الذين يتحلون بحسن الإدراك في شريكة الحياة... كانت دي مينتنون تتميز بعقل منصف، ومعين لا ينضب، ولكنه غير ممل إطلاقاً، من حديث عقلاني رقيق مرح، ومزاج لا يتكدر صفوه أبداً، ولباقة فاقت لباقة بنات جنسها، بقدر ما فاقت لباقة جنسها لباقة جنسنا نحن. تلك هي المناقب التي جعلت من أرملة المهرج في أول الأمر صديقة جديرة بالثقة، ثم زوجة لأقوى ملوك أوربا وأكثرهم غطرسة وغروراً(11).

وأخيراً نراها من خلال قلم هنري مارتن، وهو مؤرخ فرنسي غير مشهود له بالبراعة كثيراً:

كان ثمة توافق في الذهن والطباع بين الاثنين (المركيزة والملك)، وهو توافق قدر له أن يزداد على مر الأيام، كما أن جمالها الناعم المتناسق الرزين الذي زاد منه وقار طبيعي نادر، كان هو الجمال الذي يرضي لويس أساساً. وأحبت هي التأمل والبحث، وأحب هو العظمة والمجد. وكانت مثله متحفظة حذرة، ومع ذلك تفيض جاذبية ورقة. ولحديثها نفس السحر والفتنة، اللتين دعمتهما طويلاً بفضل خيال أخصب وتعليم ذي جوانب أكثر تعدداً. وكانت ذات شخصية تتميز بالأنانية واتخاذ التدابير القوية، ومع ذلك كانت أهلاً لعواطف متينة ثابتة وإن لم تكن حارة، وكانت في نفس الوقت أقل انفعالاً وأشد ثباتاً من الملك الذي لم يكن مخلصاً حقاً في الصداقة وفي الحب، إلا لها وحدها. ولكنها لم تعرف قط بم تضحي من أجل عواطفها، بمصالحها أو بهدوئها, وعلى النقيض من لويس الرابع عشر، كانت تهتم بالبسيط من الأمور، ولا تتسامح في عظائمها. أن طبيعتها الهادئة المفطورة على التأمل والتفكير، البعيدة عن الانفعالات والأوهام، ساعدتها على الدفاع عن الفضيلة غالباً كانت محصورة(12).

ومهما يكن من أمر، فلا بد أن هذه السيدة تحلت بمناقب جديرة بالإعجاب، حدث بملك مستبد إلى أن يختارها زوجة له، ويعهد إليها بالنظر في أدق شئون الدولة. وكان عادة يلتقي بوزرائه في حجرتها الخاصة، تحت سمعها وبصرها، وعلى الرغم من أنها كانت تجلس على مسافة معقولة منهم، تلتزم الصمت، حكمة وحزماً منها، منهمكة في أشغال الإبرة، كان لويس "أحياناً يتجه إليها ويسألها رأيها(13)" وأطلق عليها المتشككون "سيدة اللحظات الراهنة" مقدرين أنها لن تلبث حتى ينضم إليها المنافسات أو يجلينها عن مكانتها ليحللن محلها، ولكن على النقيض من ذلك، ظل الملك الزوج المحب الوفي لها حتى وفاته.

وعظم نفوذها عاماً بعد عام. وكان مقروناً بالخير والإحسان قدر ما سمحت به تقواها. وحاولت أن تحد من إسراف الملك وتبذيره، وأن تصرفه عن الحرب. ومن هنا كان عداء لوفوا لها. ووفرت دي مينتنون إعانات ملكية للصدقات والمستشفيات والأديار، ومساعدة النبلاء المفلسين، ومهور البنات(14)ولم يحظ بالترشيح للوظائف من جانبها إلا الكاثوليك الأخيار، وكست التماثيل العارية والصور الزيتية العادية التي ازدان بها قصر فرساي بالأستار أو النباتات المعترشة(15). وحولت كنيسة سان سير إلى دير (1693) أغلقت أبوابه بعد ذلك أمام العالم. وأصبحت هي نفسها راهبة في قصر، "كانت قعيدة القصر تقضي الساعات وحيدة، ومن ثم بدت وكأن لها قدماً في الدير(16)".

وبدأ الملك بالسخرية من تقواها، وانتهى بتقليدها في هذا التواضع. وابتهج القساوسة المحيطون به ليروا مداومته على تأدية طقوس العبادة، ولكن زوجته كانت تفهمه فهماً جيداً، فقالت "أن الملك لا يخطأ موضعاً في الصليب، أو موقفاً للكفارة أبداً، ولكنه لا يستطيع أن يدرك الحاجة إلى الخشوع أو إلى إذلال نفسه حتى تتجلى فيه الروح الحقيقية للتوبة والندم(17)". وكان البابا اسكندر الثامن راضياً على أية حال، وهنا مدام دي مينتنون على هداية الرجل الفرنسي الذي كان يوماً معادياً للبابوية، وربما زاد من تقوى الملك اعتلال صحته وضعف جسمه بعد 1680، ومعاناته من ناسور في الشرج، حيث ذكره هذا كله بأنه فان. وفي 18 نوفمبر 1686 استسلم لعملية أليمة، احتملها في شجاعة أملاها عليه وعيه الطبقي أو إدراكه أنه ملك لا ينبغي أن يخور أو يضعف. ولفترة من الوقت ابتهج الائتلاف المعادي لفرنسا للشائعات التي راجت بأنه على وشك أن يقضي نحبه(18). ولكنه بقي على قيد الحياة. وعندما قصد كنيسة نوتردام (30 يناير 1687) ليقدم الشكر لله على شفائه، حيته كل فرنسا الكاثوليكية وابتهجت لإبلاله من مرضه وكأنه يوم عيد.

قال فولتير "ومنذ ذلك الوقت لم يذهب الملك إلى المسرح قط(19)، أن المرح المقرون بالوقار والعظمة، والذي كان يميز النصف الأول من حكمه، وقد ولى ليحل محله وقار ورزانة قاربتا أحياناً الصرامة القاتمة والتزمت، ولكنه سمح بين الحين والحين بشيء من الإفراط في النوم والطعام(20). وقد أضناه الإرهاق والتعب، وحيث شجعته مينتنون، فإنه أنقص من حفلات البلاط وعروضه، وأوى إلى حياة أكثر انعزالاً، قانعاً بألفة الحياة الأسرية التي عودته إياها زوجته. وظل مسرفاً في الإنفاق على القصور والحدائق، وظل مزهواً أبياً مثل صولجانه، حساساً مثل فكيه. وفي مارس 1686 أجاز لرجل متذلل خنوع من رجال الحاشية، فرنسوا دي أوبيسون دوق دي لافياد فيما بعد، أن يقيم له في "ميدان الانتصارات" تمثالاً يرمز إلى أنه "الرجل الخالد". على أننا يجب أن نضيف أنه عندما أراد أوبيسون أن يضع، وفاء بنذر، أمام التمثال مصباحاً يضاء ليل نهار، حظر عليه الملك افتراض الألوهية والقداسة بهذا الشكل المبتسر غير الجائز.

وضربت جماعة محدودة من الأرستقراطيين المخلصين، على رأسهم دوق ودوقة شفريز، ودوقتي بوفليير ومورتمار، وبنات كولبير الثلاث، ضربت حول الملك وزوجته "نطاقاً كريماً من الأتقياء" وكان كثير منهم متمسكين بأهداب الدين حقاً، كما نقل بعضهم عن مدام جويون طمأنينتها المتصوفة. وحوالي هذا الوقت ألف شاعر فرنسي غير معروف الترنيمة الذائعة الصيت والمعروفة باسم "المؤمنون الأخيار" وشارك بقية أفراد البلاط، الملك مزاجه الجديد، ظاهرياً فقط. وتخلوا عن اللهو والعبث، وكثيراً ما حضروا القداس وتناولوا القربان المقدس، وقل شيئاً فشيئاً ذهابهم إلى الأوبرا والمسرح اللذين هبطا آنذاك بسرعة من عليائهما على عهد للي ومليير، واستمر الصيد والقنص والمآدب الباذخة وحفلات الرقص، ولعب الورق بمبالغ ضخمة، ولكن في جو من الاعتدال تشوبه مسحة من الكآبة. وأخفى المعربدون الصاخبون والمفكرون الأحرار في باريس رؤوسهم، انتظار للثأر في ظل وصي يرقبون مجيئه بفارغ الصبر. ولكن شعب فرنسا ابتهج لقداسة مليكه، واحتمل الصمت، في الموت وفي الضرائب، أعباء الحرب المتزايدة.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الهامش


المصادر

  • Herman, Eleanor. Sex with Kings. New York, HarperCollins, 2004. ISBN 0-06-058543-9
  • A Picture of Françoise d'Aubigné as a young woman from the Lëtzebuergesch Wikipedia.
  • Additional picture of Françoise d'Aubigné from the German Wikipedia.
  • Another additional picture of Françoise d'Aubigné from the Swedish Wikipedia.
  • ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.
  • Buckley, Veronica,The Secret Wife of Louis XIV: Franoise D'Aubigne, Madame de Maintenon, Farrar, Straus & Giroux, 528 pages.[1]

للاستزادة

  • L'allée du Roi", Françoise Chandernagor, Memories of Françoise d’Aubigné, Marquise de Maintenon, wife of the king of France, French, Paris, Julliard, 1995 ISBN 2-266-06787-7
  • Buckley, Veronica. Madame De Maintenon: The Secret Wife of Louis XIV. London, Bloomsbury, 2008. ISBN 0-7475-8098-7