محمد مفتاح الفيتوري

محمد مفتاح الفيتوري (و. 1936 - ت. 24 أبريل 2015) شاعر سوداني. درس وحفظ القران الكريم بالمعهد الديني والازهر الشريف، ودرس بكلية دار العلوم وعمل محررا بالعديد من الصحف السودانية والمصرية. يعد الفيتورى أحد اقطاب الشعر السودانى المعاصر، وهو من جملة الأقران المجيدين في طلائع الحركة التجديدية أمثال السياب والبياتي وصلاح عبد الصبور وأمل دنقل.

محمد مفتاح الفيتورى
M M FITOURI.jpg
وُلِد1936
الجنينة، السودان
توفيَ24 أبريل 2015
الرباط، المغرب
المهنةشاعر ودبلوماسى
الجنسيةFlag of Sudan.svg السودان
الصنفشعر حر، نثر
الحركة الأدبيةالصوفية
أبرز الجوائزالوسام الذهبى للعلوم والفنون والآداب (السودان)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته

ولد في الجنينة عاصمة دار مساليت الواقعة على حدود السودان الغربية عام 1936. أما والده فالشيخ مفتاح رجب الفيتوري وكان خليفة خلفاء الطريقة العروسية، الشاذلية، الاسمرية وهو صوفي ليبي عبر بوابة الشمال الافريقي ويبدو ان وطأة الاحتلال الايطالي قبيل الحرب العالمية الأولى كانت سبباً مباشراً في هجرة والد الشاعر وأسرته الى غربي السودان.

أما والدة الشاعر فهي الحاجة عزيزة علي سعيد من أسرة شريفة من قبيلة الجهمة ووالدها الشريف علي سعيد تاجر رقيق وعاج تزوج جارية وانجبت والدة الشاعر وهذه الجدة السوداء زهرة اسهمت اسهاما كبيرا في تشكيل وعي الشاعر فأورتث الشاعر عقدة العبودية حيث لازمه الشعور بالعبودية وهو يرى الابيض يستعبد ارضه ولهذه القصة حضور طاغ في تداعيات الشاعر، فكانت البذرة النارية التي اشعلت روحه.

انتقلت أسرة الشاعر من غربي السودان إلى الإسكندرية، مصر، وهناك تلقى الفيتوري تعليمه الأول حيث حفظ القران الكريم في الكتاب والتحق بالأزهر.


التعليم والثقافة

منذ الصغر كان الشاعر يقرأ عنترة العبسي والاميرة الناعسة وفيروز شاه وتنقل بين قراءة شرلوك هولمز وطرزان واطلع على الكتب المترجمة البعث وأنا كارنينا والحرب والسلام وفاوست ودرس في المعهد الثانوي في القاهرة كانت هذه الدراسة كفيلة بتنمية معارفه بالعلوم العربية والانسانية وكان شعوره بالغربة والحزن عميقا الشريف، ودرس بكلية دار العلوم وعمل محررا بالعديد من الصحف السودانية والمصرية.

هناك محطات وقف الفيتوري عندها كان لها الأثر المهم في تشكيل فكره ومنها أفريقيا، العروبة، والبعد الصوفي. أفريقيا المشهد الذي استوقف الشاعر طويلا أنها محنة الإنسان الأفريقي المستعبد وتمرده ونضاله الباسل ضد المحتل الأبيض والفيتوري بهذه الصرخات الأفريقية أراد ان يكون محاميا لقارته السوداء وهو أول من غنى في العربية لأفريقيا وعلاقة الحرية بالرؤية الأفريقية شديدة الالتحام أن القضية تبدأ بالحرية أفريقيا لتنتهي بحرية الانسان وكرامة الإنسان في كل أرض وزمان.

المحطة الأخرى هي العربية التي وقف الشاعر طويلا يعيد تشكيل الواقع وهو المتفلت من أزمنة الرتابة العربية حيث لا يحفل كثيرا بتحديد الجنسية التي ينتمي اليها فهو شاعر وحسب ان الامتداد العربي يشكل اتجاها آخر في شعر الفيتوري الخارج من رحم المعاناة الافريقية لينغرس في واقع اخر أكثر ايلاما أنه الواقع العربي المشوب بالخذلان.

تتنازع الشاعر ثلاث جنسيات السودانية، الليبية، والمصرية، ونرى الفيتوري يتغنى في شعره بأقطار الوطن العربي ويقف طويلا عند بعضها بتركيز كبير وهذه الأقطار هي ليبيا ثورة عمر المختار مصر (أغاني افريقيا) السودان (رسالة إلى الخرطوم) وفلسطين (مقاطع فلسطنية).

حياته العملية

عمل الفيتوري محرراً أدبياً بالصحف المصرية و السودانية ، وعُيّن خبيرًا للإعلام بجامعة الدول العربية في القاهرة في الفترة ما بين 1968 و 1970. ثم عمل مستشارًا ثقافياً في سفارة ليبيا بإيطاليا. كما عمل مستشاراً وسفيراً بالسفارة الليبية في بيروت بلبنان ، ومستشارا للشؤون السياسية والإعلامية بسفارة ليبيا في المغرب.

أسقطت عنه الحكومة السودانية في عام 1974 إبان عهد الرئيس جعفر نميري الجنسية السودانية وسحبت منه جواز السفر السوداني لمعارضته للنظام آنذاك وتبنّته الجماهيرية الليبية وأصدرت له جواز سفر ليبي وارتبط بعلاقة قوية بالعقيد معمر القذافي وبسقوط نظام القذافي سحبت منه السلطات الليبية الجديدة جواز السفر الليبي فأقام بالمغرب مع زوجته المغربية رجات في ضاحية سيدي العابد ، جنوب العاصمة المغربية الرباط.[1] وفي عام 2014، عادت الحكومة السودانية ومنحته جواز سفر دبلوماسي.[2]

وفاته

توفي في 24 أبريل 2015، في مستشفى الشيخ زايد، الرباط، المغرب. عن 79 عام بعد معاناة مع المرض.[3]

انتاجه الأدبي

اقرأ نصاً ذا علاقة في

محمد مفتاح الفيتوري


يعتبر الفيتورى جزءًا من الحركة الأدبية العربية المعاصرة، ويعد من رواد الشعر الحر الحديث، ففي قصيدة «تحت الأمطار» نجده يتحرر من الأغراض القديمة للشعر كالوصف والغزل، ويهجر الأوزان والقافية، ليعبر عن وجدان وتجربة ذاتية يشعر بها وغالبًا ما يركّز شعره على الجوانب التأملية، ليعكس رؤيته الخاصة المجردة تجاه الأشياء من حوله مستخدماً أدوات البلاغة والفصاحة التقليدية والإبداعية [4].


أسلوبه الأدبي

المعجم اللفظي

لقد انطلق الشاعر في جل معالجاته من واقع مأزوم ومهزوم سيطر على الشاعر وبالتالي على معجمه اللغوي فكان معجمه تعبيرا عما يعانيه وكان استخدامه للغة سهلة والتي جاءت نتيجة لنزعة الشاعر الواقعية استحقاقا لمقتضيات الواقع وانغراسا في هموم الامة.

التراكيب

التراكيب الدينية تشكل المساحة الاكبر استحضارات الشاعر فهو يستلهم مضامين بعض القصص لتعميق رؤية معاصرة يراها في الموضوع الذي يطرحه أو القضية التي يعالجها اذن هذا الاستحضار يلقي بها بتعزيز موقف من الرؤى والمفاهيم التي يطرحها في نصه . ان الفيتوري شاعر استطاع ان يتبث وجوده من خلال ايمانه بقارته السوداء ومبادىء سار عليها وتوظيفه للرموز بطرقة قصصية مبدعة فمن خلال البحث عن قصائده استمتعت بقراءة عدد من قصائدة واحيانا تكون اقرب للنثر من الشعرلكن في طياتها تحمل رؤية وفكر شاعر عاش وعاصر الكثير من الاحداث والوقائع التي تجعله كفيلا ان يكون شاعرا يطبق ما يؤمن به.


الصوفية

هو صاحب تجربة صوفية غنية فهو ابن لاب صوفي وهو خليفة خلفاء الطريقة الاسمرية الشاذلية وقد تعلق بالصوفية مبكرا منذ ان كان طفلا وهو يعبر عن ذلك خلال تصريح له ورد في تضاعيف جريدة القدس في 25 يناير 2003 حيث يقول:

«ومنذ دب الوعي في وجداني وبدات ادرك معنى الكلمات التي كان يرددها والدي ليلا مع زواره من ادعية وترانيم دينية تعلقت بما اسمع وبدات افكر تفكيرا تفكيرا عميقا لدرجة اني تركت اقراني في اللعب وانا طفل لانضم الى رفاق ابي في فناء البيت مستمعا ومستمتعا بايات الذكر الحكيم والتواشيح الصوفية والاوراد والقصص الدينية).

بيد اننا نجد الفيتوري المتعلق بصوفيته يسخر هذه التجربة في خدمة النص الشعري بمعنى ان الفيتوري قد مزج بين التجربتين الصوفية والفنية ذلك لان التجربة الفنية تنتج وجودا يوازي الوجود المادي ويثريه بينما تكون التجربة الصوفية حالة الفناء التي ينعدم فيها الوجود المادي من بدايتها الى نهايتها.»

فصوفية الشاعر ليست الانجذاب الى مجموعة من الافكار المشوشة والاحاسيس التجريدية اننا ازاء صوفية متمردة تخلق من الوجود كائنا جديدا بثوب يلامس احتياجات الواقع برؤية اعمق وقيم أعلى.

استخدم محمد الفيتوري الكثير من الرموز الدينية التي تختزنها الذاكرة الانسانية وفي محاولة الشاعر للبحث عن البديل (المعادل النفسي نلمح حقيقة الشاعر المتشبت بأردان الماضي ذلك الماضي المتمثل بصورة الانسان الحر والمناضل الشريف والثائر الصلب تعويضا عن نقص حضاري وحلم مفقود وفي قصيدة عودة نبي التي كتبت في ذكر الشابي نقرأ:

وعدت يا شابي في ناظر الأعمى
وفي قلب الأصم
عدت نبيا كالنبيين
لو تدرك معاك عقول الوجود

أراد الفيتوري أن يرصد براعته للتعبير عن آلام القارة السوداء ليكون صوتها الثائر الخوف من الرجل الأبيض وهي حالة متوارثة، للأبيض من سطوة وهيمنة على الأسود المبتذل في بلاد الزنوج المستعبد لذلك تتكرر صورة الطفل الذي يخاف من الرجل الأبيض.

وقال طفل أسود:
يا أبي إني أخاف الرجل الأحمرا
فهو إذا أبصرني سائدا يبصق فوق الأرض مستكبرا
ولا تدعه يا أبي بيننا
فهو غريب عن هذا الثرى
اقتله ....اقتله .....
فيا طالما مزق أعماقي مستهترا

نلاحظ من خلال هذه المقطوعة رؤية الفيتوري للرجل الأبيض الذي بقي ظله يرافقه منذ الصغر فهو مستبد متكبر يمثل بكرامة الانسان الأسود لأن لونه ابيض ويركز على أنه غريب عن بلاده ويدعو للثورة ضد هذا المستبد.


الشعر

في قصيدته "موت الملك سليمان"، حاول الشاعر أن يقنع نصه كاملا بقصة نبي الله سليمان عليه سلام الذي ورث النبوة من أبيه داود عليه السلام يقول الله عز وجل (وورث سليمان داوود وقال يا أيها الناس علمنا الطير وأوتينا من كل شيء ان هذا لهو الفضل المبين).

يبدأ الشاعر نصه بالحديث عن التعب الذي كان يلاقيه الجن من العمل لسليمان عليه السلام مؤكدا لو ان الحراس اكتشفوا موت النبي لما عملوا:

لو ان الجسد الملقي على كرسيه
مال قليلا
لاستيقظت من نومها مدينة النحاس
واستغرق الحراس في البكاء والضحك
فزائر الموت الذي زار سليمان الملك
كان ثقيلا
وسليمان الملك
مات طويلا!

وهذا ما أورده القران الكريم جملة ونصا: (فلما خر تبينت الجن ان لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين).

ولعل الربط القائم بين النصيين القراني والشعري يهدف الى اعادة تشكيل افاق اللغة من خلال عمليات تفجير هادئة او ما يسمى بالمهمة الهادفة للأدب فتبدو العلاقة القائمة بين نصيين هي علاقة امتصاص تفاعل الايجابي بين النصيين للغائب والحاضر وقد سعى الى انتاج نص ذي دلالات جديدة ولم يكن اسير حلقة للعقل التاريخي كما ورد في القران الكريم فالملك سليمان أضحى رمزا للملك الذي يمتلك ادوات القوة والسيطرة ولكن ذلك لا يمنع من وجود عدد من المتربصين الذين يرقبون زوال الحكم.

وترد إشارة أخرى في النص الشعري تتعانق مع النص القراني تتمثل بذكر الأعداد الكبيرة من العمال والحراس الذين يأتمرون بأمر سليمان وهذا ما ورد في القران الكريم: (ومن الشياطين من يغوصون له ويعلمون عملا دون ذلك وكنا لهم حافظين).


وفي نص شعري:

خمسون ألف مارد
ينتظرون الإذن بالمثول
تسعون ألف مارد
يرقب عرس الشمس بذهول

وترتبط بقصة الملك سليمان قصة أخرى على تماس معها هي قصة بلقيس رمز شرعية دلالية جديدة وهي ايمانا بأن الرموز الدينية الكبرى تمارس وظيفة في اطار ثقافة عامة وتنتج مدلولات أدبية جديدة وهي متقلبة كرمز لانها رمز شعري لحشد من خلاله الشاعر مواقف وتأثيرات نفسية.

وبلقيس عند الفيتوري تبدو عكس الموروث قرانيا اذ يصورها معذبة وحينها نتسائل عن سبب هذا العذاب ليس هناك سبب سوى احتضار الملك سليمان الذي استعار الشاعر عنه بلفظ شمس والشمس في معارج اكتمالها متحجبة.

تغسل جدران المدافن المذهبة
وعرس بلقيس الجميلة المعذبة
والمدن الكبرى
التي تسقط تحت عجلات المركبة

وبلقيس تحمل دلالة رمزية فهي الأمة المنتشية المزهوة بفارسها وفجأة يسقط الفارس وتغيب الشمس فسليمان كان شمس الحكمة والعدل وبلقيس عذرية الامة التي تستباح بعد ان تفقد فارسها والحراس ينتظرون بشوق ساعة السقوط وبع ذلك يمتد السقوط ليشمل بقية المشهد. يقول الشاعر: المدن الكبرى هي الحضارات المتألقة التي تشهد اندثارا وانهزاما أمام حضارة المركبة الحضارة الحديثة.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

دواوينه الشعرية

  • أغانى إفريقيا 1955
  • عاشق من إفريقيا 1964
  • اذكرينى ياإفريقيا 1965
  • أحزان إفريقيا 1966
  • البطل والثورة والمشنقة 1968
  • سقوط دبشليم 1969
  • سولارا (مسرحية شعرية) 1970
  • معزوقة درويش متجول 1971
  • ثورة عمر المختار 1973
  • أقوال شاهد إثبات
  • ابتسمى حتى تمر الخيل 1975
  • عصفورة الدم 1983
  • شرق الشمس... غرب القمر 1985
  • يأتى العاشقون إليك 1989
  • قوس الليل... قوس النهار 1994
  • أغصان الليل عليك
  • يوسف بن تاشفين (مسرحية) 1997
  • الشاعر واللعبة (مسرحية) 1997
  • نار في رماد الأشياء
  • عريانا يرقص في الشمس 2005

قصائد مختارة

قصائد مختارة للفيتوري:[5]

جوائز وتكريمات

حصل محمد الفيتورى على وسام الفاتح الليبي والوسام الذهبي للعلوم والفنون والآداب بالسودان.

مرئيات

حوار مع محمد مفتاح الفيتوري .

المصادر

  1. ^ الشاعر الفيتوري يأمل زيارة الخرطوم..بعد إشاعة وفاته، عواصم
  2. ^ محم الفيتوري صوت أفريقيا العربي، الجزيرة نت
  3. ^ "الموت يغيب الشاعر السوداني محمد الفيتوري". روسيا اليوم. 2015-04-24. Retrieved 2015-04-26.
  4. ^ http://almothaqaf.com/index.php/qadaya/79325.html
  5. ^ محمد الفيتوري، الموسوعة العالمية للشعر العربي