منطق الطير

(تم التحويل من مؤتمر الطير)

منطق الطير، هو كتاب شعر بالفارسي كتبه فريد الدين عطار في عام 1177م ويتكون من حوالي 4500 بيت. موضوعها هو بحث الطيور عن الطائر الوهمي المعروف بسيمرغ والطيور هنا ترمز إلي السالكين من أهل الصوفية، وأما السيمرغ فترمز إلي الله. تبدأ المنظومة كما هو العادة بجملة من المدائح في حمد الله ومدح الرسول والخلفاء الراشدين الأربعة. والجزء المتعلق بالحكاية نفسها يبدأ بالبيت 500 من المنظومة نفسها وهو يشتمل علي خمسة وأربعين مقالاً تنتهي بخاتمة. وتبدأ القصة بتوجيه الخطاب والترحيب بثلاثة عشر طائراً ينعقد بهم المجلس، فيقررون أنه لا بد لهم من أن يخضعوا أنفسهم لواحد منهم يجعلونه مرشداً لهم أثناء بحثهم عن العنقاء حتي يوفقوا إلي العثور عليها. ثم يختارون الهدهد ويأخذ الهدهد في مخاطبتهم بحديث طويل.[1]

منطق الطير
Conference of the birds.jpg
المؤلففريد الدين عطار باركود
عدد الصفحات
تاريخ التأليف1177 تاريخ المخطوط1177
الموضوعأدب صوفي
حمـِّل
نسخة
المعرفة
اضغط
هنا لتحميل نسخة PDF كاملة من الكتاب
. منطق الطير
(معلومات)

حمـّل كـتـب أخرى من
قائمة المخطوطات

ساعدنا في تحويل المخطوطات المصورة إلى نصوص. سجـّل في مشروع تدوين المخطوطات، هنا، ودوّن ولو صفحة من أي مخطوط تشاء.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الأعذار

و لم تكد أنواع الطيور تصمم علي الوصول إلي السيمرغ حتي عادت فوجدت الطريق إليها طويلة متبعة، فأخذ كل طائر منها يلتمس لنفسه عذراً من الأعذار. فاعتذر البلبل بأنه مشغول بحب الوردة النضيرة واعتذرت الببغاء بأن جمالها جعلها للأقفاص أسيرة، وأعتذر الطاووس بإدعاء الخجل والتواضع لاقتران اسمه بقصة إخراج آدم وحواء من الجنّة، واعتذرت البطة بعدم استطاعتها البعد عن الماء؛ واعتذرت الحجلة بأنها لا تستطيع البعد عن الجبال والأدوية؛ واعتذرت البجعة بعدم استطاعتها مغادرة البحيرات الصافية؛ واعتذرت البومة بعدم استطاعتها مغادرة الأماكن الخربة التي اعتادت أن ترتادها، وأبدي طائر هما إعجابه بقدرته علي منح الملكوم ألقابهم، واعتذر الصقر بأنه لا يستطيع أن يترك مكانه الممتاز علي أكف الموك، واعتذرت الصعوة بأنها ضعيفة هزيلة يقعدها الوهن والسقم. وجميع هذه الأعذار ترمز إلي الأعذار التي يبديها الآدميون عندما يقعون عن التماس عالم الروح ويعجزون عن المضي فيه، وقد‌ أخذ الهدهد الحكيم يجيب عليها واحداً واحداً ويتمثل بطائفة من الحكايات والقصص للتدليل علي آرائه وأفكاره.


شيخ صنعان

حكاية طويلة في منطق الطير، تتعلق بالشيخ صنعان الذي كان يقطن مكة مع أربعمائة من مريديه ،وكان على قدر كبير من الصلاح والتقوى، ثم رأى في منامه انه رحل إلى بلاد الروم وسجد للصنم ،ورؤية الصالحين صادقة. فأسرع بالذهاب إلى بلاد الروم مع مريديه، وهناك أغرم بفتاة مسيحية غراماً شديداً،ولما ادركت الفتاة حبه لها ومقدار شغفه بها عرضت عليه شروطها وهى :السجود أمام الصنم، واحراق القران، وشرب الخمر، والبعد عن الايمان. فقبل في بداية الامر شرب الخمر دون غيرها، وبعد أن تمكنت منه الخمر وسيطر عليه العشق، قبل أن يكون مسيحيا ثم عرض على الفتاة الاقتران به ،فاشترطت أن يكون صداقها خدمة الخنازير عاما كاملا ،فقبل الشيخ. حاول مريدوه إصلاحه دون جدوى فأسرعوا بالعودة إلى الكعبة، وكان للشيخ صنعان صديق يقطن الكعبة حين علم هذا الصديق بما حدث للشيخ صنعن اغتم وحزن حزنا شديدا. فأسرع بالسفر إلى بلاد الروم مع المريدين للحاق بالشيخ ،وواصلوا التضرع والتشفع أربعين ليلة فاستجاب الله لتضرعهم، وذات ليلة رأى أحد المريدين الرسول-عليه السلام-فطلب منه الشفاعة للشيخ عند الله ،فتشفع له الرسول الكريم ،فتخلى الشيخ عن ما فعله ،وعاد الجميع إلى مكة مرة ثانية.

وبعد رحيله رأت الفتاة في نومها أن الشمس قد سقطت بجانبها وطلبت منها الاسراع صوب شيخها ،فأسرعت خلف الشيخ حتى وصلت اليه بالحجاز ،فاضطرب الشيخ حين علم بقدومها ولكنها طلبت منه أن يعرض عليها الإسلام ،وما أن أسلمت حتى أسلمت روحها...

أودية السلوك السبعة

اختارت الطيور الهدهد مرشدا لها وتطرح عليه السؤال تلو السؤال حول الرحلة العرفانية وأحوالها، وتبدو إجابات الطير العارف أشبه بالإرشادات الروحية في التجرد من كل ما هو دنيوي ومادي. وتأخذ هذه الإرشادات طابعا حيا عبر قصص كثيرة تتحدث عمن ذاق حلاوة الوصال وبات شهيدا للعشق الإلهي. يبلغ هذا الإرشاد الذروة في نهاية المقالة الثامنة والثلاثين حيث يذكر الشاعر على لسان طيره الأودية السبعة التي تفصل بين الطيور والأعتاب العلية، وهي وادي الطلب، وادي العشق، وادي المعرفة، وادي الاستغناء عن الصفة، وادي التوحيد الظاهر، وادي الحيرة الصعب، ووادي الفقر والفناء. "وبعد ذلك لن يكون لك سلوك بالطريق، فإن تدرك نهايته، يتلاش مسيرك، وإن تكن لك قطرة ماء، فإنها تصبح بحراً خضماً".

أصغت الطيور إلى الهدهد ومضت في المسير والطيران نحو ملكها، وقضى عدد كبير منها في هذا الطريق الشاق، منها من غرق ومنها من أسلم الروح عطشاً، ومنها من اختنق حراً، ومنها من أحرقه وهج الشمس. وتوقف الكثير ممن دهمه التخلف والهجران في طريقه، فلزم كل منهم مكانه وكفّ عن الطلب. ولم ينجح في الوصول إلى الجبل المنشود إلا ثلاثون طائراً فقدوا ريشهم وباتوا "محطمي القلوب، فاقدي الأرواح، سقيمي الأجساد". ولهذا الرقم في "منطق الطير" دلالة عميقة، فهو بلغة النص الفارسي "سي مورغ"، واسم الملك "سيمرغ"، وفي هذا الجناس تعبير عن مبدأ وحدة الشهود الذي تقوم عليه تحفة العطار.

لم تر الطيور الثلاثون المنهكة شيئا من جلال الحضرة الإلهية في بادئ الأمر، تماما كما لم يتعرف أبناء يعقوب الى أخيهم يوسف الحسن حين جاؤوا إلى مصر طلباً للخبز. وحين استولى اليأس والحسرة على نفوسهم، هتف بهم حاجب الحضرة، فاشتعلت نار الشوق في قلوبهم من جديد، فعادوا عبيداً للوح وتملكتهم حيرة لم يعرفوها من قبل. وحين أضاءت شمس القربة من جباههم، رأوا أن السيمرغ هو الثلاثون طائراً، وكلما نظروا في اتجاهه "كان نفسه الثلاثين طائراً في ذلك المكان، وكلما نظروا إلى أنفسهم، كان ثلاثون طائراً هم الشيء الآخر، فإذا نظروا إلى كلا الطرفين، كان كل منهما هو السيمرغ بلا زيادة ولا نقصان. فهذا هو ذاك، وذاك هو هذا، وما سمع أحد قط في العالم بمثل هذا". على عكس طيور ابن سينا التي عادت أدراجها بعدما حظيت بمقابلة الملك، لم تعد طيور العطار من رحلتها بعدما تجلّت بنور الحضرة، فقد فنيت في الذات الإلهية ولم يعد لها من وجود خارج هذا الفناء، وامّحت فيه على الدوام، "كما ينمحي الظل في الشمس والسلام".

"كنت أتكلم، ما داموا يسلكون"، يقول العطار في الخاتمة، "ولكن ما إن وصلوا، حتى لم يعد للقول بداية ولا نهاية، فلا جرم أن نضب معين الكلام هنا، حيث فنى السالك والمرشد والطريق".

المنمنمات

ألهمت منظومة "منطق الطير" الكثير من الفنانين على مختلف العصور، إلا أن المنمنمات التي رافقت بعض من نسخها تبقى أكثر هذه الأعمال الفنية قربا من هذا الأثر الخالد. في منمنمة من مخطوط أُنجز عام 1456 وهو من محفوظات مكتبة برلين، يظهر الهدهد أمام جمع مؤلف من عشرة طيور في صورة تختزل الفصل الأول من منطق الطير. يتكرر المشهد في حلة جديدة في منمنمة من أصفهان حملت توقيع الرسام حبيب الله. في هذه اللوحة، يبلغ فن التصوير الإسلامي الفارسي القمة وتبدو الحديقة التي شهدت اجتماع الطيور كأنها جنة من جنات عدن. في الجزء الأعلى من التأليف، نرى صيادا يحدق من وراء الصخر في الطيور رافعا يده نحو فمه في حركة ترمز إلى الدهشة. يقف الهدهد بثبات على صخرة صغيرة بينما تتجه العيون كلها نحوه. هو المرشد والحكيم، وقد قال الرسول فيه: "لا تقتلوا الهدهد فإنه كان دليل سليمان على قرب الماء وبعده، وأحب أن يعبد الله ولا يشرك به شيئا في أقطار الأرض"، بحسب ما نقله القزويني في "عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات".

في مخطوط من محفوظات المكتبة البريطانية يعود إلى نهاية القرن الخامس عشر، مصدره على الأرجح هرات، يظهر الهدهد في وضعية مماثلة أمام طاووس يتقدم رافعا قائمته اليسرى في اتجاهه. نقرأ في مطلع المقالة الخامسة الخاصة بعذر الطاووس: "بعد ذلك، أقبل الطاووس في حلة ذهبية، وازدان كل جناح بألف لون. جاء كأنه عروس يوم الجلوة، وكل ريشة منه مجلوة". يتقدم أحسن الطيور جمالا من المرشد ويسأله أن يعذره عن السفر، فهو ليس من الآملين بالسلطان. ويجيبه الهدهد: "إن كل ما تريده هو منزل ذلك السلطان، فلتقل تقدم قريبا منه".

في صفحة أخرى من مخطوط مكتبة برلين، نشاهد طيراً عظيماَ يفتح جناحيه وسط نيران محرقة كبيرة أمام جمع من الحيوانات المتوحشة والأليفة التي اجتمعت من حوله، تحت سماء من الذهب تعبرها طيور تحني رأسها لتراقب هذا المشهد الغريب. تجسد المنمنمة حكاية من الحكايات التي جاءت بعد حديث أحد الطيور عن الموت الذي يرهب قلبه ويمنعه من خوض السفر. يحكي الراوي قصة "الققنس النادر الجذاب"، رديف طائر الفينيق الشهير. ويمتاز هذا الققنس بمنقاره الطويل الذي يشبه الناي، "ففيه ما يقرب مائة ثقب وفتحة، فإن ينح بكل الثقوب متأوهاً يُفقد السمك والطير راحتها واستقرارها، ويسيطر الصمت على جميع الطيور، وتصبح إزاء صوته فاقدة الشعور". ناهز هذا الطير، الذي شابه بعزفه أورفيوس، الألف سنة وشعر بدنو أجله فجمع حوله من الحطب مئة كومة، ثم وقف ينوح وسطها مرتعدا من خشية الموت. "اعجب الأيام يومه، فهو ينزف دما من آلام قلبه، وعندما يصل عمره إلى آخر زفرة، يرفرف بجناحيه إلى الأمام والخلف، وتتطاير النار من جناحه. بعد ذلك تصبح النار كل حاله، وسرعان ما تسقط النار في الحطب، فتحرق حطبه في قمة السرور، ويصبح الطائر والحطب كلاهما جمرة من نار، ثم تتحول الجمرة بعد ذلك إلى رماد. وما إن يختفي كل شيء، حتى يبدو الققنس بين الرماد. عن النار تحيل الحطب رماداً، فكيف يعاود القنفس الظهور بين الرماد؟".[2]

يجيب فريد الدين العطار عن هذا السؤال في نهاية منظومته. وصلت الطيور الثلاثون الى البقاء بعدما أسلمت نفسها إلى الفناء الكلي، "وليس لأحد قط من المحدثين أو القدماء أن يتحدث عن ذلك الفناء وذلك البقاء. وهذا الأمر بعيد نسبة لك عن مجال النظر، لأن شرحه بعيد عن الوصف والخبر، ولكن في طريق مثل طريق أصحابنا هل يمكن شرح البقاء بعد الفناء؟ وأين يمكن إتمام ذلك؟ إن هذا يلزمه كتاب جديد، ولكن من ذا الذي يدرك أسرار البقاء؟ ومن ذا يكون جديراً بها؟".


Collection at the Metropolitan Museum of Art, New York. Folio from an illustrated Persian manuscript dated c.1600. Paintings by Habiballah of Sava (active ca. 1590–1610), in ink, opaque watercolor, gold, and silver on paper, dimensions 25,4 x 11,4 cm.[3]

انظر أيضاً

المصادر

  • Attar, Harvey & Masani, Conference of the Birds: A Seeker's Journey to God, Weiser Books, 2001, ISBN 1-57863-246-3
  • Farid Ud-Din-Attar, The Conference of The Birds - Mantiq Ut-Tair, English Translation by Charles Stanley Nott, First published 1954 by The Janus Press, London, Reissued by Routledge and Kegan Paul Ltd, 1961, ISBN 0-7100-1032-X

وصلات خارجية