لسان العرب

لسان العرب معجم لغويّ يُعَدُّ من أكبر معاجم اللغة العربية وأشملها، وقد ألفه جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور المتوفى عام 711هـ . ويضم المعجم نحو ثمانين ألف مادة، وهو معجم موسوعي يتسم بغزارة المادة، حيث يستشهد فيه مؤلفه بكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة وأبيات الشعر. وقد بلغ الشعر الذي استشهد به ابن منظور قرابة اثنين وثلاثين ألف بيت، موزعة بين عصور الرواية الشعرية من جاهلي ومخضرم وإسلامي وأموي وعباسي، وذلك إضافة إلى رواية المؤلف لآلاف من آراء اللغويين والنحويين وغير ذلك من الأخبار والآثار. وقد جمع فيه ماتوفّر له من خمسة معاجم رئيسية اطلع عليها وعلى غيرها من كتب اللغة، وهذه المعاجم هي: تهذيب اللغة لأبي منصور محمد ابن أحمد الأزهري، والمحكم لأبي الحسن علي بن إسماعيل بن سِيده الأندلسي، والصحاح للجوهري، وحاشية الصحاح لابن بري، والنهاية لابن الأثير.

ومن أسباب تأليف ابن منظور لمعجم لسان العرب هو أنه وجد أن الذين سبقوه إما أحسنوا الجمع وأساءوا الوضع والترتيب، وإما أحسنوا الوضع ولكنهم أساءوا الجمع. وقد رتب ابن منظور معجمه على نظام الأبواب والفصول، حيث يعالج كل باب حرفًا من حروف الهجاء، وفقًا لآخر جذر الكلمة. ثم يورد في كل باب فصلاً لكل حرف وفقًا لأوائل جذور الكلمات. وقد طبع لسان العرب عدة طبعات، لعل من أفضلها طبعة دار المعارف المصرية، حيث قام بتحقيق المعجم ثلاثة من الباحثين هم محمد أحمد حسب الله وعبد الله علي الكبير وهاشم محمد الشاذلي. كما أنهم أعادوا ترتيب مداخل اللسان وفق نظام أساس البلاغة للزمخشري والمصباح المنير للفيومي، وهو الأسلوب المتّبع في معظم معاجم اللغة العربية الحديثة، حيث رتبت المواد تبعًا لأوائل الجذور لا أواخرها.


وأراد ابن منظور بكتابه أن يجمع بين صفتين : الاستقصاء والترتيب ؛ اذ كانت المعجمات السابقة – كما يقول – تعنى بأحد هذين الأمرين دون الآخر، و أخذ على نفسه أن يأخذ ما في مصادره الخمسة بنصه دون خروج عليه ، واعتبر هذا جهده الوحيد في الكتاب، وتبرأ من تبعة أية أخطاء محتملة بأن ما قد يقع في الكتاب من خطأ هو من الأصول ، و ان تصرف قليلا في النهاية فغير شيئا من ترتيبها .

وقد بلغ عدد المواد اللغوية التي ضمنها لسان العرب 80.000 مادة ، وهو ضعف ما في الصحيح، وأكثر ب 20.000 مادة من المعجم الذي جاء بعده وهو القاموس المحيط للفيروزابادي . و اللسان مصدر بمقدمة غير قصيرة بلغت صفحتين و نصفا من المطبوعة، افتتحها المؤلف بتحميد و صلاة بلغا ستة أسطر و نصفا، ثم ذكر شرف اللغة العربية وارتباطها بالقرآن الكريم ، ثم نقد التهذيب والمحكم والصحاح، ثم وصف منهجه الدافع الى تأليف معجمه. ووضع ابن منظور بين المقدمة و المعجم بابين : الأول في تفسير الحروف المقطعة في أول سور القرآن الكريم ، و ثانيهما في ألقاب حروف المعجم و طبائعها و خواصّها.

ولا تختلف صورة الأبواب و الفصول في اللسان عن الصحاح إلا في ضخامتها حتى أبواب الألف اللينة باقية على حالها في المعجمين ، لكن ابن منظور صدر بعض أبوابه بكلمة عن الحرف المعقود له الباب ،ذكر فيه مخرجه و أنواعه و خلاف النحويين فيه و ما الى ذلك . و لقد كان ابن منظور ميالا الى اختصار نصوص التهذيبو التصرف فيها أكثر من غيرها، بل آثر نصوص الصحاح والمحكم عليها حين تشترك في التفسير، ولعل سبب ذلك أن ابن سيده والجوهري كانا أدق في نقل النصوص ، غير أنه يؤخذ على اللسان تلك الفوضى الضاربة أطنابها في داخل مواده، فهو لم يستفد من منهج ابن سيده الذي شرحه في مقدمته كما لم يستفد ابن سيده نفسه ، فسار سيرته و اضطرب اضطرابه، بل ازداد اضطرابا لازدياد مواده و مراجعه.

ويؤخذ على اللسان-ايضا- تركه بعض الصيغ و المعاني التي أوردهاأحد مراجعه ولاسيما التهذيبكما يؤخذ عليه اقتصاره في المراجع على الكتب الخمسة و اهمال غيرها من المراجع الكبيرة المهمة ك الجمهرة لابن دريد و البارع للقالي و المقاييس لابن فارس وغيرها؛ ففاته كثير من الصيغ و المعاني والشواهد الواردة فيها.

و قد طبع الكتاب بالطابعة الأميرية ببولاق (القاهرة) في عشرين جزءا كبيرا ينيف كل منها على (300) صفحة، حظيت باعجاب العلماء ، و استدرك عليها العلامة أحمد تيمور بعض الأخطاء المطبعية التى نشرها في جزء صغير باسم تصحيح لسان العرب ، كما استدرك عليها الأستاذ عبد السلام هارون أخطاء أخر نشرها في مجلة مجتمع اللغة العربية (المصري) .

و قد قامت دائرة المعارف (بالقاهرة) باعادة ترتيب مواد الكتاب على طريقة تهذيب اللغة للأزهري وذلك حسب الحرف الأول فالثاني فالثالث الخ من جذر الكلمة ، بخلاف ترتيبه الأصلي الذي يلتزم طريقة الصحاح بالترتيب وفق الحرف الأخير فالأول فالثاني ... الخ، فخرج في ستة أجزاء من القطع الكبير المطبوع بحرف صغير ، أعقبته بثلاثة أجزاء هي الفهارس الفنية للكتاب .

ولا جدال في أن لسان العرب موسوعة علمية ثرية ، بما اشتمل عليه من مادة لغوية و أدبية ، و بما تضمنه من شواهد من الشعر و الحديث الشريف ، و بما قدم من شرح مسهب للمادة يعكس كثيرا من مظاهر حياة اللغة العربية و حياة المجتمع العربي ، على نحو يجعله مفيدا لا في المجال المعجمي المحدود بل في مجالات علمية كثيرة منوعة. [1]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المصادر


لسان العرب على الشبكة