عملية دمشق لفك حصار الفالوجا

عملية دمشق، هي عملية عسكرية وهمية لفك حصار الفالوجة عن الجيش المصري أثناء حرب 1948.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

العملية

لا دخل لدمشق أو لسوريا بهذه العملية، إلا اسمها أو بالأحرى رمزها. وهذه العملية هي خطة وضعتها قيادة الجيش الأردني لتخليص لواء الفالوجة من الحصار.[1]


بدأت فكرة العملية بعد توجه العميد سعد الدين صبور، والعقيد حسين سري عامر، أركان حرب سلاح الحدود، والمقدم حسين أحمد مصطفى إلى عمان من أجل أن تساهم هذه في مساعدة اللواء المصري المحاصر، وذلك بأن تقوم بتوصيل إمدادات إلى الفالوجة، وأن تعمل على تدبير قوة من الجيوش العربية تهاجم القوات الصهيونية، بهدف إلهائها عن الجند المحاصرين، وبذلك تتوفر الفرصة لفتح الطريق أمام القوات المصرية المتواجدة في جيب الفالوجة وسحبها خارج الحصار. والسبب في التوجه إلى الأردن بالذات، هو أن الملك عبد الله بن الحسين، كان القائد العام للقوات العربية التي تحارب في فلسطين، وقام الملك عبد الله وبعد لقائه الوفد المصري بتحويلهم إلى قائد الجيش الأردني، غلوب باشا.

كانت الخطة الموضوعة من قبل غلوب باشا بعد لقائه الوفد تقضي بأن تعزّز القوات المصرية العاملة في بيت لحم والخليل والظاهرية، بكتيبة عراقية وأربعة مدافع من نوع هاوتزر، على أن يتم وضع جميع القوات المصرية والأردنية والعراقية الموجودة في هذه المنطقة، تحت قيادة الأميرالاي سعد الدين صبور، رئيس هيئة المستشارين العسكريين المصريين في عمان. وتقوم هذه القوات بمهاجمة القوات الإسرائيلية في بيت جبرين والدوايمة، وكذلك يتم تقوية دفاعات الظاهرية لتتمكن من صد أي هجوم إسرائيلي من جهة بئر السبع. في نفس الوقت تتسلل جماعة من القوة الخفيفة الموجودة في بيت لحم إلى الفالوجة، ومعها 300 رطل من المتفجرات وبعض الذخائر من أجل استعمالها في تدمير الأسلحة والمعدات المصرية الثقيلة، حتى يتسنّى خروج القوات من الفالوجة بدونها. وتقوم القوات المحاصرة بالانسحاب مشيًا على الأقدام باتجاه الجنوب الشرقي نحو خربة الأمير، وعليها أن تتجنّب المناطق اليهودية خلال سيرها حتى الظاهرية. وخلال انسحابها تقوم القوات الجوية المصرية بحمايتها في وجه أي هجوم إسرائيلي محتمل.

من أجل تنفيذ هذه الخطة، عقد الأميرالاي سعد الدين صبور، مؤتمرًا عسكريًا في بيت لحم، بتاريخ 18 نوفمبر 1948 عند الساعة 11:00. حضر المؤتمر قائد الفوج العراقي العقيد الركن أنيس وزير، والميجور لوكيت آمر القوة الأردنية في بيت لحم وترقوميا، وقادة الوحدات المصرية التي ستشارك في العملية، وعلى رأسهم: العقيد أحمد سيف خليفة، والمقدم عبد الجواد طبالة قائد الوحدة الخفيفة في بيت لحم، والرائد حسين أحمد مصطفى، والعقيد حسين سري عامر، والنقيب معروف الحضري.


سقوط العملية دمشق

قرّر المؤتمر أن تنفّذ خطة "دمشق" على النحو الآتي: يقوم النقيب معروف الحضري برفقة الميجور لوكيت، ومساعده الصول فورستال، وضابط صف أردني، بدراسة الطريق أو الطرق المحتملة لإخراج اللواء المصري المحاصر عن طريق الظاهرية، على أن تنفذ هذه المهمة بعد غروب شمس يوم 19 نوفمبر 1948. في المرحلة الثانية وعند وصول هؤلاء إلى الفالوجة، تعرض الخطة على الأميرالاي سيد محمود طه بيك، وإذا وافق عليها يتم تفجير الأسلحة والمعدات الثقيلة على يدي 500 فدائي من الإخوان المسلمين، ويبقى الميجور لوكيت معهم لتنفيذ الأمر. وفي النهاية، تخرج القوة المحاصرة إلى خارج الفالوجة، على أن تقوم القوات الأردنية في ترقوميا، والقوات المصرية في الخليل والظاهرية وخربة العوا وخربة الوبيدا والمكونة من الإخوان المسلمين، وقوات الجهاد المقدس الفلسطينية، بتنفيذ غطاء لهذه القوات يمكنها من الاستمرار في انسحابها أن شعر بها الإسرائيليون.

استطاع الحضري ولوكيت ومرافقيهما الوصول إلى نطاق الأسلاك الشائكة في عراق المنشية قبل بزوغ الفجر بساعة ونصف، حسب الموعد المقرر في الخطة، وهناك قابلهم النقيب عبد الخالق أبو السبع، وأخذهم معه إلى العقيد حسين كامل قائد الكتيبة السادسة مشاة، والتي تدافع عن عراق المنشية، والصاغ جمال عبد الناصر، رئيس أركان حرب الكتيبة السادسة. وتوجهوا معا إلى الفالوجة بعد الظهر في سيارة مدرعة، وكان في انتظارهم الأميرالاي سيد طه وعدد كبير من الضباط، من بينهم الضابط زكريا محيي الدين، والرائد صلاح سالم، والمقدم رزق الله عطية رزق الله رئيس أركان حرب اللواء الرابع، أي لواء الفالوجة، وقائد الكتائب الثلاثة المحاصرة.

استلم السيد طه رسالة الأميرالاي سعد الدين صبور، وبعد أن قرأها وعرف فحواها، طلب من الحضري والآخرين أن يخرجوا ليختلي بضباطه وأركان حربه. خلال تباحث ضباط الفالوجة مع قائدهم، عاد النقيب معروف الحضري إلى الظاهرية، وأحضر معه في فجر اليوم التالي، الموافق 21 نوفمبر 1948، قافلة من الجمال مكونة من 45 جملًا محملة بالمؤن والأدوات الجراحية والأدوية والذخيرة (77 ألف طلقة رصاص، و88 قذيفة مدفع 25 رطلا، و240 طلقة مدفع 6 أرطال). بعد عودته، التقى مجددًا بقائد الفالوجة وضباطه، ومعه الميجور لوكيت ومرافقيه.

خلال النقاش، الذي أجراه ضباط اللواء الرابع المصري، كانت الأسئلة المطروحة هي: لماذا لم يحمل الرسول الإنجليزي ما تيسر من ذخيرة أو تموين أو دواء للفالوجة؟ من قال له ولصبور إن قوات الفالوجة بحاجة إلى خبراء في تدمير الأسلحة؟ كيف يمكن ضمان سلامة انسحاب 4000 جندي؟ أهي خطة بريطانية بالاتفاق مع اليهود؟ هل يمكن التسلل عبر خربة الأمير، كما في الخطة، المليئة بالصهاينة؟

أرسلت كل هذه التساؤلات للواء أحمد فؤاد صادق، والذي كان رده حاداً وقاطعاً، أنْ "اطرد السكير لوكيت من مواقعك، فهذا ليس مشرّفًا لجيشنا، بل كارثة حقيقية. دافع عن مواقعك حتى آخر طلقة وآخر رجل، فذلك ما يناسب جنود مصر". وأرسل إلى القاهرة هذه الرسالة: "لو كانت قوات اللواء الرابع المشاة قد انسحبت ليلًا من الفالوجة لحدث بها ما أتوقعه من دمار، ولضاعت هذه القوة وضاع شرفها وشرف مصر كلها. ابعدوا عنا الكابتن غلوب".

أما السيد طه فقد قام بطرد الميجور لوكيت، وأبلغه برفضه للخطة التي ستعرض قواته للخطر، وبأنّ القيادة العامة المصرية تشاركه نفس الرأي.

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ فراس السعافين (2020-07-28). "الفالوجة: 72 عاما على النكبة: صمود رجال "الضبع الأسود" في الفالوجة (2/2)". فلسطين في الذاكرة.