العيطة الحوزية

العيطة الحوزية هي نوع من أنواع فن العيطة في المغرب ينسب إلى منطقة أحواز مراكش، وتضم منطقة صخور الرحامنة، بلاد احمر، قلعة السراغنة إلى حدود تادلة. تمتاز العيطة الحوزية عن باقي الألوان العيطية الأخرى بألحانها وإيقاعاتها ورقصاتها، وكذلك بأساليب الأداء الصوتي وأنواع الآلات الموسيقية المرافقة لها، حيث تمتزج فيها الدمعة والبسمة والنغمة والكلمة ويكون فيها الأداء في وضعية الوقوف والحركة الدائمة والغناء بأصوات رجالية في الغالب، ذات حدة عالية. وتقوم العيطة الحوزية على إيقاع غالبا ما يبدأ رتيباً عند الإنطلاق، لكنه يمضي في التصاعد تدريجيا.

من بين أشهر أشياخ وأعلام العيطة الحوزية: الشيخ بن حمامة الذي أعطى لهذا اللون الغنائي إشعاعا فنيا، وذلك بإحيائه للحفلات بالقصور والرياضات وعلى يده سجلت لأول مرة العيطة الحوزية في أسطوانة، سنة 1921 ثم فيما بعد عبر تسجيلات الشيخ ابراهيم الحربيلي ورباعات الأشياخ الآخرين.[1][2]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

نشأة العيطة الحوزية

نشأت العيطة الحوزية بمناطق تتميز بطبيعتها الخلابة، عرفت بتنوع ووفرة الأنواع النباتية والحيوانية وبتضاريسها المتنوعة (جبال، هضاب، تلال، وديان مع وفرة المياه السطحية والجوفية) على امتداد وادي أم الربيع إلى وادي تانسيفت الحوز ثم إلى حدود سهل دكالة إذ تنتشر بمنطقة صخور الرحامنة و بلاد احمر و تصل إلى حدود قلعة السراغنة ومنها إلى حدود تادلة وتشمل كل من: اليوسفية، الشماعية، بوشان، أربعاء الصخور، بن كرير، نزالة لعظم، المخاليف، سيدي عثمان، قلعة السراغنة، سيدي رحال، شيشاوة، تملالت، العطاوية، مراكش، القليعة، الصهريج، المهاية، تمصلوحت، سيد الزوين، تحناوت، مولاي ابراهيم، صكارة، حربيل، راس العين، أولاد حسون، أولاد دليم، اولاد مطاع....

ترعرعت العيطة الحوزية في مجالس القايد العيادي، الذي كان نصيرا وذائدا لها حيث كان يفتح بيوته ورياضاته لمغني وعازفي هذا اللون العيطي وأكثر من ذلك حماهم من تعسف رجال السيبة، وجبروت المستعمرين، الذين كانت رغبتهم استمالة رواد الغناء الحوزي لحضيرة الدعاة، وخلدته في عيطة "خالي يا خويلي" والتي تحمل إسم هذا القائد البطل عيطة العيادي :[3]

دوزها واحد ف القياد / دوزها القايد العيادي

دوزها فحكامو ناضي / او كملها بحجة فالنبي

مول الثريات الذهبية / مول الشراجم الشيبية

ورا الخادم تمشي وتجي / وياك العبد يعيط سيدي

وياك القايد فالبيرو / اللي بغاتو ليام ديرو

هاز برادو فقبو / فين مارشق ليه يكبو

داير شيخاتو فجنبو / فين مارشق ليه يلعبو

الآلات الموسيقية المرافقة لفن العيطة الحوزية

كانت تعتمد العيطة الحوزية في بدايتها على آلات موسيقية بسيطة وهي الوتار و الطعريجة أو الكمنجة و مقص و مهراس، مزمار و صينية و كأسان، وأقصت في الأول آلة البندير إلى أن صارت تمارس كباقي العيوط الأخرى بآلات عصرية مختلف أشكالها وأنواعها كما هو الحال بأوركسترا حميد السرغيني .

الآلات الموسيقية التي صارت تستعمل في العيطة الحوزية :

  • الآلات الوترية وتتمثل في الوتار، العود، الكمنجة، الربابة، البوزق، السنتير، المندولين، البانجو، القيثارة... .
  • الآلات النفخية وتتمثل في الغيطة، المزمار، الناي، الليرة إلى الساكسوفون.
  • الآلات الإيقاعية وتتمثل في البندير، الطبل، الصنج، الدف، الطر، الصينية والكؤوس، المهراس والطعريجة الصغيرة والكبيرة، الدربكة، النويقسات، المقص والطمطام إلى لباتري.
  • ومن الآلات العصرية المرافقة لهذا الفن، الآلات النقرية كالقانون والأورغ... .

اللباس و الرقص

يلبس مغنيو هذا اللون الغنائي التراثي الزي التقليدي المغربي و يتمثل بالنسبة للرجال في : الجلباب و الجباور و العمامة أو الطاقية و البلغة؛ أما بالنسبة للنساء : التكشيطة و القفطان و الدفينة و السبنية و الدرة على الرأس و الشربيل.

صارت بعض المجموعات الغنائية المؤدية لفن العيطة الحوزية تخرج عن العادة في اللباس، حيث صارت ترتدي لباسا عصريا يتمثل في القمصان و ربطة العنق و سروال الجينز و الأحذية الرياضية.

الرقص في فن العيطة الحوزية له دلالات رمزية، يقوم بها الرجل والمرأة كل في دائرة اختصاصه، حيث كان المجتمع الحوزي في الأول مجتمعا محافظا لا يقبل باختلاط الرجال بالنساء خلال الحفلات، فكانوا الرجال الراقصين يرتدون ملابس نسائية ويضعون النقاب على وجوههم، كما هو الشأن بالنسبة للمجموعة الفنية أولاد احمر، التي تقوم بعروضها إلى حد الآن بالساحة الشهيرة بمراكش ساحة جامع لفنا، حيث يقوم الراقصون بحركات تمثيلية مستوحاة من الأعمال الزراعية السائدة بالمنطقة ومن بين هذه الحركات :

طريقة شد المحراث التقليدي أثناء الحرث وزرع البذور، كيفية فتح السواقي الطينية للماء بالمعول، طريقة حصاد الزرع بالمنجل ونفض الثمار من الأشجار، كيفية غزل الصوف بالمغزل على الفخذ، طريقة غسل الصوف على صخور الوادي وتقليد حركات أرجل الطيور خلال فترة التزاوج المستمدة منها رقصة القعدة.

عرفت الرقصة الحوزية برقصة الصينية والكيسان التي اشتهرت بها منطقة احمر، وهي رقصة حكر على الرجال في إشارة إلى الترحيب بالضيوف والكرم وحسن الضيافة، كما هو الحال كذلك بالنسبة للفن البلدي الفيلالي حيث يرتدي الرجل الراقص زيا نسائيا ويستوجب أن تتوفر فيه الرشاقة والخفة واستقامة الجسم ومرونته وحسن الحركة والتمايل، وأن يكون متناغما مع الإيقاع ويقوم بعرضه بدور انفرادي، حيث ينفصل عن الجماعة حاملا الصينية بها براد وكؤوس مملوءة بشموع ملونة بألوان قزحية، وينتقل في حركات بهلوانية متماشيا مع الإيقاع الخفيف المتوسط، يرقص أمامهم في مواجهة الحضور و هو الذي يستقطب أنظار النساء بمهارته فيشرعن بالصلاة على النبي ويطلقن الزغاريد من أجله.[1]

بعض أشعار العيطة الحوزية

أغنية العيطة الحوزية هي مجموعة أهازيج ببراويل وبأشعار تغنى باللهجة المغربية العامية، تصدح بها حناجر قوية بأصوات عالية، وقد أعطت هذه الأغنية تعريفا للمنطقة وهي منطقة معروفة بدروس الدين وتعليم الفقه بالمدرسة القرآنية وجمال الطبيعة هذه النقطة التي يقول مطلعها :

واو واو واو واو على شريفي بويا رحال / وتعالى ياوليدي وتعالى ياسيدي

رحنا زايرين وراجعين طالبين / ضيف الله في سيدي الزوين

واو واو واو واو شربي ميهة لعيون / ياك اسيدي ع شربي / يا لالة  شحال من حاجة تقضات بيه

راه حنا زايرين ورايحين  / شيخ الطلبة سيد الزوين

اهتمت العيطة الحوزية برموز السلطة والشعب، حيث وثقت بعض العيوط الحوزية نصوصا للإشادة بأبطال "السيبة" ممن داع صيتهم في مستهل القرن العشرين بفضل مناوئتهم للمخزن الرسمي وعدائهم للمستعمرين من جهة أخرى. ومن أبرز هؤلاء : البطل " سيدي صالح الخطابي"، الذي قامت قائمته في بلاد الرحامنة أوائل القرن الماضي، واشتهر بفضل عيطة تحمل اسمه تتضمن تمجيدا لفروسيته وشجاعته... وهذا نموذجا للاستشهاد[4] :

ضربو عليه النقب / جبدو عوجات الركب

جبدو شامة بنت علال الشرقاوي / خلاو الشلحة فمها لاوي

ياودي منسحابش النوضة اليوم / اما نبالي بيكم

حسبو البكر ضار وخاطي / سيدي صالح يا الخطابي

خيمة حدو مقابلة العدو / منسحابش النوضة ليوم

كما أن هناك عيطات تتضمن أمثلة وحكم ونصائح كعيطة الحب الحوزي :

العمود الحنين /  كاع يغسل البطاين /  ياوي واه 

نوض تجاهد /  عالش ع كاعد /  ياوي هاه

نضحي ونموت / وما نعيش مشموت /  ياوي هاه

مادا عيطت / واش انت ميت / ياوي هاه

دوك اللي خانو / كلهم بانو /  ياوي هاه

القايد العيادي  / اللي فاش مرادي /  ياوي واه

خيام القياد  / مخالفة لوتاد /  ياوي واه

تعالى ليا  / الله يا ربي الله / وديها فيا /  حبيبي الله ياربي الله

و تعالى ليا /  مالي مابي علفة مساوية فيها أولاد الحوز

رواد فن العيطة الحوزية

للعيطة الحوزية أشياخ وأعلام قدامى وجدد وقد رحل معظم شيوخها الحافظين والمتقنين لأدائها، ومن بين أشهر الرواد القدامى : الشيخ ابن حمامة _ الشيخ حربيلي _ الشيخ مبارك الزغرات _ الشيخ الطاهر زعطوط _ الشيخ ولد قرد _ الشيخ سالم المنبهي _ الشيخ عبيدة الطلحي _ الشيخ عبد السالم الغنامي _ الشيخ امحمد وزم _ الشيخ صالح بوتارتية _ الشيخ المصطفى ولد الجوطية _ الشيخ المحجوب الرحماني _ الشيخ الجيلالي الحاموني.

و من بين الأشياخ الجدد الذين جددوا في فن العيطة الحوزية وبسطوا إيقاعاتها واختصروا أجزاء منها : حجيب _ علي البوشاني _ حميد السرغيني _ كبور _ مجموعة أولاد حادة الممثلة في الإخوة الشيخ عزيز والشيخ رفيق الرزود والعلمي الحوزي ووليد الرحماني. كما اكتسحت العيطة الحوزية فن المجموعات والأوركسترا مثل مجموعة تكادة_ مجموعة المخاليف _ مجموعة اولاد الرمى _ مجموعة أولاد الخبشة _ مجموعة مسناوة _ مجموعة أضواء البهجة _ مجموعة الخيالة؛ وفي نمط الأوركسترا : عبد الله الداودي _ سعيد الصنهاجي _ عبد الرحيم الصويري _ حميد السرغيني _ حميد الزاهير _ المختار البهجة _ طهور _ حسن الناجي وآخرون.

لعبت المرأة إلى جانب الرجل دورا كبيرا وفعالا في فن العيطة الحوزية، فمن الشيخات اللواتي أبدعن وتركن بصمتهن في هذا الفن : الشيخة الخودة _ الشيخة التايكة _ الشيخة الرحمانية _ الشيخة فاطنة الزبود _ الشيخة الطاهرة _ الشيخة أم هاني بنت مجيب _ الشيخة خدوج الحمرية _ الشيخة زبيدة حبوطة _ الشيخة زينب مسيكة _ الشيخة الهاترة بنت الحمري _ الشيخة ربيعة بنت العظيم _ الشيخة لطيفة المخلوفية _ الشيخة فيطنة الحمرية _ الشيخة الفقرية _ الشيخة الضاوية الغنامية _ الشيخة الحامونية _ الشيخة عايدة الرحمانية _ الشيخة الزوهرة البوشانية _ الشيخة سعاد الرحمانية _ الشيخة الخادم _ الشيخة سعاد الكحيلة _ الشيخة خديجة المراكشية وغيرهن.[1]

صور







مصادر

  1. ^ أ ب ت https://jisrattawasol.ma/archives/18395
  2. ^ كتاب غناء العيطة لحسن نجمي الطبعة الأولى 2007 دار توبقال للنشر ص104
  3. ^ حلقة العيطة الحوزية من برنامج صناع الفرجة قناة الأولى المغربية
  4. ^ https://www.google.com/amp/s/www.hespress.com/%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B9%25D9%258A%25D8%25B7%25D8%25A9-%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B9%25D8%25B1%25D8%25A8%25D9%258A%25D8%25A9-%25D9%2588%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2582%25D8%25B5%25D9%258A%25D8%25AF%25D8%25A9-%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25A3%25D9%2585%25D8%25A7%25D8%25B2%25D9%258A%25D8%25BA%25D9%258A-324450.html/amp