التطبيب عن بعد

(تم التحويل من الطب عن بعد)
إيهاب عبد الرحيم
ساهم بشكل رئيسي في تحرير هذا المقال

التطبيب عن بعد Telemedicine، هو مجال سريع النمو في الطب السريري حيث تنقل المعلومات الطبية عبر وسائط صوتية مرئية تفاعلية بغرض الاستشارة، وأحياناً العمليات الجراحية عن بعد أو الفحص.

التطبيب عن بعد.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مقدمة

 
مراقبة ضغط الدم عن بعد.

يعاني سكان المناطق الريفية والنائية في كثير من بلدان العالم من نقص في الرعاية الصحية؛ ويرجع ذلك بصورة أساسية إلى أن الأطباء المتخصصين عادة ما يتواجدون في المدن الكبيرة ذات الأعداد السكانية الكبيرة.

ونتيجة للتطورات المتلاحقة في مجال الكمبيوتر وتكنولوجيا الاتصالات، يمكن تنفيذ العديد من عناصر الممارسة الطبية بالرغم من وجود كل من المريض والطبيب في منطقتين جغرافتين متباعدتين، ويمكن أن تكون هذه المسافة مجرد نقطتين في مدينة واحدة، أو حتى بين دولتين في مكانين مختلفين من العالم. وقد شهد عقد التسعينات من القرن الماضي زيادة مطردة في التطبيب عن بعد خصوصا في الولايات المتحدة الأمريكية، وأصبح متاحا لقاعدة كبيرة من المستخدمين في جميع أنحاء العالم.

يمكن تعريف التطبيب عن بعد، أو الطب البعادي Telemedicine، على أنه نقل البيانات الطبية الإلكترونية (الصور، الأصوات، أفلام الفيديو، سجلات المرضى عالية الوضوح) من مكان إلى مكان آخر، من أجل صحة المريض وتعليمه أو مقدم الخدمة الصحية، وبغرض تحسين رعاية المرضى.

 
طاقم طبي تابع للبحرية الأمريكية يتدرب على استخدام أجهزة الرعاية الصحية (2006).

ويمكن أن يستخدم نقل البيانات الطبية هذا أنماطا متنوعة من تكنولوجيا الاتصالات، بما فيها خطوط الهاتف العادية، والشبكة الرقمية للخدمات المتكاملة(1)، وبرنامج مدير الحروف لشركة أدوبي ATM(2)، والإنترنت، والشـبكات الداخلية Intranet(3)، والأقمار الصناعية.

ويستخدم التطبيب عن بعد من قبل مقدمي الرعاية الصحية في عدد متزايد من التخصصات الطبية، بما فيها طب الجلد، وطب الأورام، والأشعة، والجراحة، وطب القلب، والطب النفسي، والرعاية الصحية المنزلية.


تاريخ التطبيب عن بعد

 
Pharmacy personnel deliver medical prescriptions electronically; remote delivery of pharmaceutical care is an example of telemedicine.

على الرغم من أن الزيادة الكبيرة في الاهتمام بالتطبيب عن بعد خلال السنوات الأخيرة توحي بأنه يمثل استخداما حديثا نسبيا لتكنولوجيا الاتصالات، إلا أن الحقيقة أنه ظل قيد الاستخدام بصورة أو بأخرى لمدة لا تزيد على ثلاثين عاما. وقد لعبت وكالة الفضاء الأمريكية NASA دورا بارزا في التطوير الأولي للطب البعادي، حيث بدأت جهود الوكالة في أوائل الستينيات من القرن الماضي، عندما بدأ البشر في الطيران عبر الفضاء، فكانت القياسات الفيزيولوجية تنقل إلكترونيا إلى الأرض من خلال المركبات الفضائية والبذلات الفضائية خلال الرحلات الفضائية. وقد أدت هذه الجهود المبكرة وتحسن إمكانات الأقمار الصناعية المخصصة للاتصالات إلى نشوء التطبيب عن بعد وظهور العديد من الأجهزة الطبية المستخدمة اليوم.

ومن بين أوائل مشروعات التطبيب عن بعد التي استهدفت سكان المناطق النائية، مشروع STARPAHC الذي استهدف سكان محمية باباجو للهنود الحمر في ولاية أريزونا الأميركية، والذي تم تشغيله بين عامي 1972 و1975، وقد قامت وكالة الفضاء الأمريكية بتوفير المتطلبات التقنية للمشروع، بينما قام بتشغيله وتقييمه هنود الباباجو أنفسهم، وإدارة الخدمات الصحية للهنود الحمر، ووزارة الصحة الأمريكية. وكان هدف المشروع هو توفير الرعاية الصحية لرواد الفضاد أثناء رحلاتهم الفضائية، وتوفير الرعاية الصحية العامة لسكان المحمية، حيث كانت هناك شاحنة يقودها إثنان من المسعفين الهنود تحمل العديد من الأجهزة الطبية، بما فيها جهاز تخطيط كهربية القلب وجهاز للأشعة السينية، وكانت الشاحنة متصلة بمستشفى خدمات الصحة العامة، وبمستشفى آخر يحتوي على العديد من التخصصات الدقيقة بواسطة اللاسلكي الذي يعمل بالموجات القصيرة.

كان مستشفى نبراسكا للأمراض النفسية من أوائل المستشفيات الأمريكية التي زودت بدائرة تلفزيونية مغلقة في العام 1955 . وفي عام 1964 أتاحت منحة من المعهد الوطني للصحة العقلية إقامة وصلة ثنائية الاتجاه two-way link بين مستشفى الأمراض النفسية، وبين مستشفى نورفولك التابع للولاية، والذي يبعد 112 ميلا. وكانت الوصلة تستخدم لأغراض تعليمية، وللتشاور بين الاختصاصيين والممارسين العامين. وفي عام 1971، تم ربط المركز الطبي لولاية نبراسكا بمستشفى قدماء المحاربين في مدينة أوماها، ومستشفيين آخريين تابعين لإدارة المحاربين القدماء في مدينتين أخرتين. وقد أجرى مستشفى الأمراض النفسية أيضا تجارب على العلاج الجماعي بالطب البعادي.

 
التطبيب عن بعد في إعادة التأهيل.

كذلك أنشئت المحطة الطبية لمطار لوجان الدولي بمدينة ماساتشوستس عام 1967 لتوفير خدمات الصحة المهنية للعاملين في المطار؛ وكذلك لتوفير الرعاية الطبية العاجلة للمسافرين. كان أطباء مستشفى ماساتشوستس العام يقدمون الرعاية الصحية للمرضى في المستشفى عبر دائرة سمعية بصرية ثنائية الاتجاه تعمل بالموجات الصغرى. وكان يعمل في المحطة الطبية ممرضات طوال 24 ساعة يوميا، يضاف إليهن طبيب يعمل لمدة أربعة ساعات في وقت الذروة بالنسبة لحركة المسافرين في المطار. كان تقييم التشخيص والعلاج في المرضى الذين تختارهم الممرضات يتم من قبل الأطباء المشاركين في المشروع، بينما يراقبهم طبيب مستقل. وقد تم أيضا تحليل مدى دقة النقل بالموجات الصغرى microwave، كما أجري أيضا الفحص، والتسمع، وقراءة الصور الشعاعية والشرائح المجهرية.

وفي عام 1971 أيضا، تم اختيار 26 موقعا في ولاية ألاسكا من قبل المكتبة الوطنية الأميركية للطب؛ للتأكد من أن الاتصالات الجيدة يمكنها تحسين الرعاية الصحية في القرى النائية، وقد اعتمد المشروع على القمر الصناعي ATS-1 التابع لوكالة الفضاء الأميركية. وكان الهدف الأساسي للمشروع هو بحث استخدام الاستشارات الفيديوية Video consulation؛ لتحسين جودة الرعاية الصحية في المناطق الريفية بولاية ألاسكا.

 
فحص CT يظهر من خلال طب الأشعة عن بعد.

وفي عام 1989، أنشأت وكالة الفضاء الأميركية أول برنامج عالمي للطب البعادي، وهو المشروع الذي عرف باسم «الجسر الفضائي إلى أرمنيا». ففي ديسمبر 1988، أصاب زلزال مدمر هذه الجمهورية التي كانت تابعة وقتئذ للاتحاد السوفيتي، وعرضت حكومة الولايات المتحدة على الحكومة السوفيتية إجراء استشارات طبية من موقع الكارثة مع العديد من المراكز الطبية في الولايات المتحدة. وقد تم إجراء الاستشارات عن بعد باستخدام أجهزة أحادية الاتجاه للفيديو ، والصوت والفاكس بين المركز الطبي في مدينة إيريفان في أرمينيا وبين أربعة مراكز طبية في الولايات المتحدة، وقد تم توسيع البرنامج ليشمل مدينة أوفا الروسية؛ للاستشارة حول ضحايا الحريق الناجم عن حادث مروع للقطارات هناك. وقد أثبت هذا البرنامج أن الاستشارات الطبية يمكن إجراؤها عبر شبكات الأقمار الصناعية العابرة للحدود السياسية، الثقافية، الاجتماعية والاقتصادية.

أنواع التطبيب عن بعد

وهناك العديد من أنواع التطبيب عن بعد تصنف حسب التكنولوجيا المستخدمة وهي:

1- القياس عن بعد Telemetry: وهو النقل المتزامن للبيانات الطبية الهامة من المناطق النائية إلى مستشفى مركزي.

2- التطبيب عن بعد بالتخزين والإرسال :Store & forward وهو التقديم المتزامن للخدمات الطبية. وفي عالم اليوم، يتخذ ذلك شكل رسالة بريد إلكتروني بالوسائط المتعددة multimedia e-mail ترسل إلى طبيب استشاري بواسطة إحدى خدمات الاتصالات الإلكترونية، ومنها الإنترنت. ويقوم الطبيب الاستشاري بمراجعة البيانات المرسلة إليه، ومن ثم إرسال رأيه بنفس الطريقة إلى المريض في المناطق النائية. وتفيد هذه الطريقة بصورة أساسية في الحالات الطبية غير الطارئة.

3- التطبيب عن بعد بالمؤتمرات الفيديوية Video conference Telemedicine: وهو نمط آخر من التقديم المتزامن للخدمات الطبية، ويتخذ شكل مؤتمر فيديوي مباشر بين المريض و «مقدم حالته» (عادة مايكون طبيب الرعاية الصحية الأولية الذي يعالجه)، وبين طبيب استشاري في مستشفى رئيسي، حيث يقوم الطبيب الاستشاري بمراجعة البيانات المتعلقة بالمريض قبل عقد المؤتمر الفيديوي، ومن ثم يجري المؤتمر الفيديوي على الهواء، وبعد ذلك يرسل تقريرا مكتوبا عن رأيه في الحالة.

4- الرعاية المنزلية Home care: وهو تزويد الرعاية الصحية للمرضى في بيوتهم. وتستخدم خدمات الاتصالات لنقل الصوت وصور الفيديو المنخفضة الوضوح. ويتيح جهاز خاص في المنزل للمريض أن ينقل معلوماته الصحية الأساسية (معدل النبض، ضغط الدم، والأصوات الصدرية)، ومن ثم نقل تلك المعلومات إلى طبيب يوجد في مركز طبي بعيد. ويمكن رؤية جرعات الأدوية (بما فيها محتويات الحقن)، وبعض الأمراض الجلدية، على شكل صور ثابتة.

وتتضمن الاتجاهات التي ظهرت حديثا لاستخدام التطبيب عن بعد ما يلي:

1- يؤدي استخدام التطبيب عن بعد في السجون والرعاية الصحية المنزلية، إلى تقليل وقت وتكلفة نقل المرضى بصورة كبيرة.

2- تقنين الخدمات الطبية العاجلة في المناطق النائية والريفية، وذلك بنقل الصور الطبية للمراكز الطبية الرئيسية للتقييم والإرشاد من قبل الأطباء الاختصاصيين المناسبين.

3- إتاحة الفرصة للأطباء الذين يجرون أبحاثا إكلينيكية للاتصال ببعضم البعض بالرغم من بعدهم الجغرافي، بحيث يتبادلون سجلات المرضى والصور التشخيصية.

4- تحسين التعليم الطبي للأطباء العاملين في المناطق الريفية، حيث يمكن ربط العديد من المستشفيات الريفية بمستشفى جامعي رئيسي.


الشروط الواجب توافرها في أنظمة الرعاية المنزلية عن بعد

1- يمكن لمؤسسة الرعاية الصحية المنزلية أن توفر زيارات للتطبيب عن بعد؛ لتنفيذ و/أو تحسين الرعاية الصحية للمريض عندما لا تتطلب الحالة الفحص المباشر للمريض من قبل الطبيب.

2- يجب الحصول على أمر الطبيب لدمج الرعاية الصحية عن بعد في خطة الرعاية الصحية المقدمة للمريض.

3- يمكن إجراء الزيارات الفيديوية من قبل ممرض، أو الأخصائي الاجتماعي، أو الأخصائي العلاج الطبيعي، أو أخصائي التخاطب أو التغذية، أو الأطباء.

4- يجب على موظفي هيئة الرعاية الصحية توثيق كل زيارة فيديوية في سجل المريض.

5- يجب أن يتم تدريب جميع العاملين على تقديم الرعاية الطبية المنزلية عن بعد، على إجراء الزيارات الفيديوية من خلال التكنولوجيا المستخدمة في الهيئة.

6- عند فشل الأجهزة المستخدمة في الرعاية المنزلية عن بعد، يجب عمل زيارة شخصية لمقدم الرعاية الصحية بأسرع ما يمكن؛ للتأكد من اتباع الخطة العلاجية المقررة للمريض.

7- يجب على العاملين في الهيئة إظهار القدرة على استخدام التكنولوجيا المتبعة بكفاءة، وكذلك حل المشكلات التقنية الشائعة.

8- يجب أن تزود هيئة الرعاية الصحية المرضى بإرشادات واضحة ومكتوبة بخصوص استخدام الأجهزة، بالإضافة إلى تدريبهم عليها شخصيا في بداية تطبيق البرنامج.

9- يجب أن يزود المرضى بتعليمات مكتوبة وواضحة بخصوص كيفية الاتصال في حالة تعرضهم لمشاكل، وخصوصا التصرف في حالة الطوارىء الطبية والتعرف على الفرق بين استخدام خدمة التطبيب المنزلي عن بعد وبين الاتصال بالإسعاف في حالات الطوارىء.


انظر أيضاً

المصادر

الهوامش

(1) Integrated Services Digital Network; ISDN.

(2) Adobe Type Manager; ATM.

(3) هي شبكة للإنترنت داخل مؤسسة ما، وغير مخصصة للاتصالات الخارجية، تتسم بصفات شبكة الإنترنت، وتوضع خلف نظام خاص للحماية؛ لمنع دخول جهات خارجية إليها.


قراءات إضافية


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وصلات خارجية