الطباعة في لبنان

الطباعة في لبنان، يتناول المقال الطباعة والنشر في لبنان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التاريخ

الطباعة في لبنان

ليس مصادفة محضة أبدا أن نقولا الصائغ كان قد أعد الترتيبات اللازمة لسكب الحروف العربية سنة 32/1733 في دير مار حنا بمساعدة أخيه عبد الله زاخر (1680-1748)، ولتأسيس أول مطبعة كاثوليكية عربية أصدرت حتى سنة 1753 ما ينيف على العشرين كتابا في اللاهوت، وهي عبارة عن تراجم لمواعظ الآباء اليسوعيين في الزهد والتقشف، والتي لا تثير في نفس قارئها الشوق الى المعرفة والنور. بل توقظ فيه الميل الى "الانعزال والانفصام عن العالم الآثم والدنيا الفانية"، على حد تعبير الرحالة الفرنسية ڤولني.[1]

ورغم التناقش الطائفي المذهبي فان الخلفية الفكرية كانت متطابقة الأهداف بين المطبعة الكاثوليكية المشار اليها أعلاه، وبين مطبعة القديس جاورجيوس للروم الأرثوذكس التي تأسست في بيروت سنة 1751، وقد طبعت الكثير من كتب التاريخ والأدب، ويرجع الفضل في انشائها الى الشيخ نقولا يونس الجبيلي المعروف بأبي عسكر، وقد دمرت كلية سنة 1770 من جراء القصف المدفعي للاسطول الروسي إبان العمليات الحربية ضد الأتراك.

خلاصة القول: اتسمت الحياة الثقافية في جبل لبنان وبيروت, بطابع ديني ، فكان الأدب اللاهوتي – الروحاني اللون المهيمن الذي شدد الخناق على علم تدوين التاريخ.

وهذا أمر لا مناص منه في ظروف الهيمنة المطلقة التي فرضتها الكنيسة على الحياة الاجتماعية. اذا كانت الدوغماتية الدينية القاعدة الأساسية التي قامت عليها المؤسسات السياسية والقانونية والايديولوجية، وحيث كان التعليم الديني – الروحاني المصدر الأساسي للحياة الفكرية – الثقافية، وعن هذا الموضوع كتب أحد المعاصرين يقول: "الدين في جميع مظاهره يتمازج ويتشابك مع جميع تجليات الحياة الاجتماعية، لا بل يستقطب كل الطموحات والتطلعات القومية".

لقد ترك المذهب الكاثوليكي اثرا بالغا في الحياة الاجتماعية اللبنانية، فالطائفة المارونية التي شكلت واحدا من العناصر الأساسية في التركيب السكاني لجبل لبنان، وكانت على صلات وثيقة وتابعية برومة الكاثوليكية، استقطبت منذ أواسط القرن الخامس عشر أنظار البابا والمبشرين المرسلين الى المشرق، الذين استهدفوا بسط هيمنة كاملة هلى هذا الطائفة. وفي هذا السياق يجب النظر الى ارسال الشبان الموارنة للتعلم في رومة في أواخر القرن الخامس عشر ومطلع القرن السادس عشر، والى تاسيس الكلية الرهبانية المارونية في رومة التي دشنها البابا غريغوريوس الثالث عشر سنة 1584.

ومن نافل القول أن التدابير التي استهدفت التبشير الديني – المذهبي لم تترك أدنى حد من النتائج الايجابية على الحياة الفكرية والثقافية داخل الطائفة المارونية. حقا ان الشبان الأكثر موهبة وذكاء من الآخرين (أمثال: الهيكلاني والسمعاني والصهيوني وغيرهم) الذين اكتسبوا علماء واسعا ودراة وحكمة عميقة. قد تراجعوا عن فكرة العودة الى مسقط رأسهم، وعن مهمة القيام بدور الوعاظ العاديين، ولكن الصحيح أيضا ان بعض الذين عادوا ، مما يعدون على الأصابع، من بينهم اسطفان الدويهي (1629-1704) الذي تلسم منصب البطريرك الماروني عام 1670، بذلوا قصارى جهودهم لعدم التقوقع في مجال التبشير والخدمة الروحانية، بل تفانون في خدمة العمل التربوي التعليمي.

وبصرف النظر عن أن وضع النشاط التعليمي التربوي حتى مطلع القرن التاسع عشر لم يكن على النحو الذي تحسد عليه الطائفة المارونية وطائفة الروم الكاثوليك المتفرعة عنها، ولكنه كان أشد سوءا وتدبيرا في الأوساط الأرثوذكسية والدرزية والشيعية، اذ لم توجد مدرسة واحدة لتعليم مبادئ القراءة والكتابة. وهذا كان الحال أيضا داخل الطائفة السنية، اذ كانت الكتاتيب تعلم تلاوة القرآن وأصول الفقه "المراكز التنويرية التوحيدية".

ولكن وانصافا منا للحقيقة التاريخية، نسجل هنا الشاهدة التي وردت على لسان الدبلوماسي الروسي الشهير والعالم الفذ قسطنطين بازيلي، المطلع خير اطلاع على أحوال ذلك العصر والقائمة "بأن السوريين عامة، واللبنانيين خاصة كانوا، بفضل ذكائهم الفطري ومواهبهم العظيمة، أرقى مستوى وتقدما من الأتراك والرعايا المسلمين الخاضعين للحكم التركي من بقية المقاطعات العربية".

العصر الحديث

دور النشر اللبنانية

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ نجاريان, يغيا (2005). النهضة القومية-الثقافية العربية. دمشق، سوريا: أكاديمية العلوم الأرمنية - الدار الوطنية الجديدة.