الشريف غالب بن مساعد

(تم التحويل من الشريف غالب)

الشريف غالب بن مساعد (ت. 1231 ه‍ = 1816 م) غالب بن مساعد بن سعيد الحسني: من أمراء مكة. وليها بعد وفاة أخيه سرور (سنة 1202 ه‍) ونازعه ابن أخيه (عبد الله ابن سرور) فقبض عليه غالب واستتب له الامر زمنا. في أيامه قوي الإمام سعود.

بداية حكم الشريف غالب بن مساعد كانت بعد وفاة أخيه الشريف سرور بن مساعد في العام 1202هـ 1788م وقد كان الشريف غالباً خارج الحجاز في تجارة له. وفور عودته تسلم مقاليد الأمور ونودي له بالحكم. وقد كان الشريف عبدالمعين أخ غالب الشقيق ممسكا بمقاليد الأمور في الفترة الإنتقالية بين أخوية غالباً وسروراً.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حكم الشريف غالب

لم يكن ليهنأ الشريف غالب بالحكم ففور استلامه قام بن أخيه سرور يحيى ذو الإثنى عشر ربيعاً بمطالبة عمه بملك أبيه بتشجيع من رئيس عبيدة وعلى ما تعارف عليه الأشراف القتاديين بتملك الإبن بعد أبيه في حالة صلاحه. ولكن لصغر سنه وضعف شكيمته حصلت بعض المناوشات بين عبيد الشريف غالب وعبيد ابن أخيه يحى بن سرور وانتهت لمصلحة غالب وتمت المصالحة فيما بينهم وتم تأديب شيخ عبيد الشريف يحي.

وفي هذه الأثناء بدأ الخطر الوهابي في التزايد والتوسع نحو الغرب الحجازي. وفي العام 1205هـ 1791م حدثت أول معركة بين الشريف غالب والوهابيين تحت قيادة الدولة السعودية الأولى.

وقد كانت المعارك بينهم تارة انتصاراً لغالب وتارة انتصاراً لأمير السعوديين حتى سقطت مكة للمرة الأولى تحت حكم السعوديين في عام 1217هـ 1803م. وقد خرج غالب من مكة وترك فيها أخيه عبدالمعين الذي سلم مكة للسعوديين وقد ولوه عليها حتى أتموا الحج وأنصرف الجيش السعودي. فهاجم غالب مكة من جدة وأستعدها مرة أخرى بعد حج ذلك العام.

واستمرت الحروب والغزوات حتى عاد السعوديين مرة أخرى إلى مكة في العام 1220هـ 1806م ولكن في هذه المرة على صلح مع الشريف غالب على أن يكون والياً لمكة لهم عليها وحجوا في تلك السنة من نجد خلق كثير وتبادل الشريف غالب الهدايا مع السعوديين و فيها دخولهم للمدينة وتقاسمهم للجواهر الموجودة في الحجرة الشريفة.

وخلال صلحه للدولة السعودية وقبل ذلك والشريف غالب يراسل الدولة العثمانية لكي تنجده من الوهابيين ولكن لإنشغال الدولة العثمانية في حرب البلقان وحربها مع روسيا القيصرية لم تستطع مساعدة الشريف غالب.


الحملة المصرية

بدأ بزوغ نجم جديد في مصر وهو الضابط المقدوني محمد علي الذي كان في الحامية العثمانية التي طردت الفرنسيين من مصر وتولى ولاية مصر وهاجم الدولة العثمانية حتى مني بهزيمة في الشام بمساعدة الأسطول الإنجليزي للدولة العثمانية. وبعدها أوكل الخليفة العثماني لمحمد علي ولاية مصر وتحرير الحجاز من أيدي الوهابيين.

في العام 1226هـ 1811م أرسل محمد علي ابنه إبراهيم باشا طوسون إلى الحجاز مع جيش لتحرير الحجاز، وقد نزل الجيش ينبع لقربها من المدينة وقد إنتصر الجيش في أول الأمر لكن سرعان ما غير البدو ولائهم ضد طوسون الذي لم يحسن معاملتهم وإغداق المال عليهم وهزم جيش طوسون ووصلت الأخبار لمحمد علي. ولما لم يكن لطوسون دراية بأحوال البدو ولم يكن قد نسق مع الشريف غالب الخبير بأحوال بلاده فقد مني بالهزيمة.

ولم يكن لمحمد علي باشا أن يسمح بهزيمة أخرى فترأس الحملة الثانية على الحجاز في العام 1227هـ 1812م بعد أن راسل الخليفة لكي يراسل الشريف غالب ليسهل له الأمور في الحجاز ولما لم يكن الشريف غالب مرتاحاً لحكم الدولة السعودية ولشعوره بالخذلان من السلطان العثماني ساعد الشريف غالب محمد علي حتي تمكن من دخول المدينة أولاً ثم مكة ثانياً في ذي القعدة من نفس العام.

نهاية الشريف غالب

بعد دخول محمد علي وخروج السعوديين من مكة انتهت الظروف الصعبة للشريف غالب وظن أن محمد علي سيكون داعماً له للقضاء على فلول الوهابية في معقل رأسهم في الدرعية.

فما كان من الشريف غالب إلا بدعوة محمد علي للعشاء في قصره بأجياد، وفي ثاني يوم حضروا غسيل الكعبة والصلاة فيها وكل منهما متوجساً من الآخر. حتى بادر محمد علي الشريف غالب في وسط الكعبة بالقسم بأن لا يخون أحدهم الآخر وقد أقسم الشريف غالب على ذلك أيضاً. وبعد الصلاة والطواف بالكعبة المشرفة، دعا محمد علي الشريف غالب وأبنائه لحضور طعام الغذاء في سرادقه بقلعة القشاشية. وفيها تم القبض على الشريف غالب وأربعة من أبنائه الكبار وإرسالهم للدولة العثمانية.

لم يبق للشريف غالب في مكة سوى ابنتيه المتزوجات من أبناء عمومتهم وولدين هما الشريف عبد المطلب وعلي اللذان كانا في البادية يتعلمان فنون الفروسية والقتال.

وفاة الشريف غالب

لقد توفي الشريف غالب في العام 1231هـ 1818م في مدينة سالونيك اليونانية كانت تابعة للدولة العثمانية وله فيها قبر يزار هو و أهل بيته ممن سافروا معه. وقد كان الخليفة أستقبل الشريف غالب واحتفى به في العام 1228هـ 1812م باسطنبول وأمر بأن يجهز له السكن المناسب في سالونيك.

خلاصة

لقد حكم الشريف غالب ما يقارب من ستة وعشرين سنة مليئة بالحروب والمشاكل وقد حاول رحمه الله وسع قدرته درء المشاكل والمفاسد عن ولايتة وقد أشتهر الشريف غالب قبل حكمة بالتجارة وقد كانت تجارتة ممتدة من الهند إلى أوروبا عبر الخليج العربي واليمن ومصر.

فقد كان من موردي البهارات والقهوة إلى اوروبا ومن أكبر مالكي وتجار اللؤلؤ في الخليج ولكن حينما توفي الشريف سرور ووضع أهل مكة الثقة فيه لتولي المسؤلية تخلى عن تجارته ومتابعتها وأوكلها لوكيله الشيخ يوسف قابل في جدة صاحب شارع قابل المشهور في جدة بجوار شارع الأشراف وشارع الملك عبدالعزيز.

الناظر لحياة الشريف غالب يرى أنه أضاف للولاية ولم تضف له فقد كان كريماً مع أهل مكة والحجاز بصفة عامة. رحم الله الشريف غالب فقد كان المخلص لدينه ولأمته في ظل أسوء الظروف من حملات شرسة على الإسلام والمسلمين.