ألفونسو الثامن من قشتالة

ألفونسو الثامن (11 نوفمبر 11555 أكتوبر 1214) ملك كاستيا من 1158 إلى وفاته. عانى من هزيمة كبيرة مع الجيش في معركة الأرك، قاد التحالف المسيحي من الأمراء الصليبيين والاجانب الذين هزموا الجيش الموحدي في معركة العقاب في 1212 ، وهو أحد الأحداث الفارقة في استرداد شبه جزيرة أيبريا للمسيحية. وفي عهده تفوقت مملكة كاستيا على مملكة ليون، عن طريق تحالفه مع مملكة أراجون .

ألفونسو الثامن من قشتالة
ملك قشتالة
تمثال ألفونسو الثامن
تمثال ألفونسو الثامن في حدائق سباتيني، مدريد (خ. ڤيانويڤا، 1753)
العهد11581214
سبقهسانچو الثالث
تبعهإنريكه الأول من قشتالة
المدفن
دير سانتا ماريا لا ريال ده لاس هويلگاس، بورگوس
الأنجالإنريكه
البيتكاستيا
الأسرة المالكةبيت بورگونيا
الأبسانچو الثالث
الأمبلانكا ده نڤارة

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ارتقاؤه العرش والحرب الأهلية

الاسترداد

في 1174، تنازل عن اوكلس لنظام سانتياگو Order of Santiago وبعد ذلك أصبحت المقر الرئيسي للنظام. ومن اوكلس، بدأ حملة انتهت باسترداد كوينكا في 1177. فقد استسلمت المدينة في 21 سبتمبر، عيد القديس ماثيو، الذي صار الأهالي يحتفلون به منذ ذلك الحين.

أخذ أفونسو زمام المبادرة ليشكل تحالف لجميع الممالك المسيحية في شبه القارة — نڤارة، ليون، البرتغال، وأراگون — ضد الموحدين. وقد وقعوا معاهدة كازولا في عام 1179، التي حددت مناطق توسع كل مملكة في أراضي المسلمين.

معركة الأرك

بعد هزيمة "ألفونس الثامن" ملك كاستيا وليون في معركة الأرك عقد هدنة المسلمين سنة 1198م، غير أن تلك الهزيمة كانت تقض مضجعه، وتثير في نفسه نوازع الانتقام؛ فانتهز فرصة الهدنة في تحصين قلاع بلاده الواقعة على الحدود، ونبذ الفُرقة والخصام مع خصومه ، حتى إذا وجد في نفسه القوة نقض المعاهدة، وأغار على بلاد المسلمين. فاستنفر سلطان الموحدين "الناصر محمد بن يعقوب" الذي خلف والده المنصور المسلمين للغزو والجهاد، وعبر البحر إلى الأندلس في (19 من ذي القعدة 607هـ= 4 من مايو 1211م) ووصل إلى إشبيلية، وأقام بها لإعداد جيشه وتنظيم قوته، ثم تحرك في مطلع سنة (608 هـ= 1211 م) صوب مملكة كاستيا، واستولى على قلعة "شلطبرة" إحدى قلاع مملكة قشتالة بعد حصار دام ثمانية أشهر، ثم عاد بجيشه إلى إشبيلية بعد دخول فصل الشتاء رغبة منه في إراحة جيشه.

ترك ألفونسو الثامن قلعة شلطبرة تقع في قبضة المسلمين دون أن يتحرك لنجدتها وإنقاذها، وصرف همه إلى استنفار أوروبا كلها ضد المسلمين في الأندلس، وبعث الأساقفة إلى البابا "إنوسنت الثالث" بروما يناشده إعلان الحروب الصليبية في أوروبا، وحث أهلها وشعوبها على السير إلى إسبانيا لقتال المسلمين، وعقد مؤتمرًا لتوحيد جهود الإمارات المسيحية في أسبانيا لقتال الموحدين، وأطلق صيحته المشهورة: "كلنا صليبيون"، فتوافدت على طليطلة جموع المسيحيين المتطوعين من كافة أنحاء المدن الأسبانية، يقودهم القساوسة والأساقفة.

وقد أثمرت جهود "ألفونسو الثامن" في استنفار أوروبا كلها ضد المسلمين، حيث أنذرهم البابا بتوقيع عقوبة الحرمان الكنسي على كل ملك أو أمير يتأخر عن مساعدة ملك قشتالة، كما أعلن الحرب الصليبية، وتوافدت جحافل الصليبيين من كل أنحاء أوروبا استجابة لدعوة البابا، واجتمع منهم نحو سبعين ألف مقاتل، حتى إن طليطلة لم تتسع لهذه الجموع الجرارة، فأقام معظمهم خارج المدينة.

تحركت هذه الجيوش الجرارة التي تجاوزت مائة ألف مقاتل تحت قيادة "ألفونسو الثامن" من مدينة توليدو في 2 من يونيو 1212م، فاخترقت حدود الأندلس، وضربت حصارًا حول قلعة رباح، وكانت حاميتها صغيرة نحو سبعين فارسًا، دافعوا عن موقعهم بكل شجاعة وبسالة، واستنجد قائد الحامية "أبو الحجاج يوسف بن فارس" بالخليفة الناصر الموحدي، لكن رسائله لم تكن تصل إلى الخليفة؛ فلما طال الحصار، ورأى "ابن قادس" استحالة المقاومة مع فناء الأقوات وقلة السلاح، ويئس من انتظار وصول المدد، صالح ألفونسو على تسليم الحصن له، على أن يخرج المسلمون آمنين على أنفسهم، واستمر زحف القوات الصليبية؛ فاستولت على حصن الأرك وبعض الحصون الأخرى.

لما علم الناصر بخروج الجيوش المسيحية المجتمعة خرج للقائهم، واستنفر الناس من أقاصي البلاد، فاجتمعت إليه جيوش كثيفة من القبائل المغربية والمتطوعة وجند الموحدين النظاميين، وجند الأندلس، وتألف من تلك الجموع الجرارة جيش عظيم بلغ نحو ثلاثمائة ألف مقاتل، وكان ممن وفد عليه بإشبيلية "أبو الحجاج يوسف بن قادس" قائد حامية رباح، فأمر الناصر بقتله دون أن يسمع حجته أو يحاط علمًا بملابسات التسليم، وأثار قتله غضب الكتائب الأندلسية على الخليفة الناصر الموحدي.

معركة العقاب

 
معركة العقاب. لوحة زيتية بريشة ف.پ. ڤان هالن (القرن 19)، محفوظات قصر الشيوخ في مدريد.

استعد كل من الطرفين للقاء، والتقيا في أحد الوديان بين جبال سير مورينا، وهضبة لينارس، بالقرب من بلدة "تولوسا"، ويطلق الأسبان على هذه الوديان اسم "نافاس"؛ ولذا عرفت الموقعة عندهم باسم "لاس نافاس دي تولوسا"، ويسمي المؤرخون المسلمون هذا الموضع بـ"العقاب"، نسبة إلى حصن أموي قائم بالقرب من المكان الذي دارت فيه المعركة.

وفي (15 من صفر 609 هـ= 17 من يوليو 1212م) نشبت المعركة بين الفريقين، وأقبلت مقدمة جموع الصليبيين الضخمة، فاجتاحوا الجند المتطوعة وكانوا في مقدمة الجيش، فأبادوهم عن آخرهم، وتمكنوا من الوصول إلى قلب الجيش الموحدي واشتبكوا معه، لكن القلب صمد لهذا الهجوم الجامح، ولاح النصر للمسلمين.

فلما رأى ذلك ملك قشتالة اندفع بقواته وقوات مملكتي ليون والبرتغال وكانت تمثل قلب الجيش الصليبي، واندفع وراءه ملكا "أرغون" و"نبرة" بقواتهما وكانا يمثلان جناحي الجيش، فأطبقا على الجيش الموحدي من كل جانب، فاضطربت صفوف الجيش، ولاذ الجند بالفرار؛ مما أربك أوضاع الجيش الذي استسلم للهزيمة القاسية. وفر الناصر من ساحة القتال مع مجموعة من رجاله، وخسر المسلمون الألوف من المجاهدين في الأندلس، وعددا كبيرا من خيرة العلماء والفقهاء والقضاء، واستولى المسيحيين على معسكر الموحدين بجميع محتوياته من العتاد والسلاح والخيام والبسط والأقمشة والدواب. ولا تزال بعض أعلام الموحدين وخيمهم في معركة العقاب محفوظة في إسبانيا.

وقد فجع الموحدون بهذه الهزيمة القاسية التي راح ضحيتها الألوف من زهرة جنود المسلمين؛ مما أضعف دولة الموحدين، وأفقدهم هيبتهم وقوتهم. وبعد وفاة الناصر سنة (610هـ = 1213م) بدأ الضعف يتسلل إلى الدولة، ويتطرق إليها الخلاف والفرقة؛ مما أضعف الأندلس، وشجع المسيحيين على تصفية ما بقي للمسلمين من أرض، واختزلت دولتهم في مملكة غرناطة في جنوب الأندلس[1].

شاهد أيضا

مراجع


سبقه
سانچو الثالث
ملك قشتالة
1158-1214
تبعه
إنريكه الأول