فرناندو ألڤاريز دى توليدو، دوق ألبا الثالث

فرناندو ألڤارز ده تولـِدو إ پيمنتل، دوق ألبا الثالث Fernando Álvarez de Toledo y Pimentel, 3rd Duke of Alba[1] (عاش 29 أكتوبر 1507 – 11 ديسمبر 1582) كان جنرال اسباني وحاكم الأراضي الواطئة الاسبانية (1567–1573)، وكانت كـُنـِّيَ بلقب "الدوق الحديدي" من قِبل پروتستانت البلدان الواطئة لحكمه الفظ وعنفه. وقد صارت الحكايات عن الفظائع التي أقتـُرفت في عملياته العسكرية في الفلاندرز جزءاً من الفولكلور الفلمنكي والهولندي والإنگليزي، مشكـِّلة عنصراً جديداً ومحورياً في الأسطورة السوداء.

دون

فرناندو ألڤاريز دى توليدو، دوق ألبا الثالث
دوق ألبا
Caballero del Toisón de Oro
Tizian 060.jpg
نائب ملك البرتغال
في المنصب
1580–1582
العاهل فليپه الثاني
سبقه منصب مستحدث
خلفه الكاردينال ألبرت، أرشدوق النمسا
تفاصيل شخصية
وُلِد 29 اكتوبر 1507
أڤيلا، اسبانيا
توفي ديسمبر 11, 1582(1582-12-11) (aged 75)
لشبونة, البرتغال
الدين كاثوليكي


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

دوق ألبا في الأراضي الوطيئة 1567 - 1573

فرناندو ألڤارز ده تولدو، دوق ألبا الثالث كان آنذاك في التاسعة والخمسين من العمر، وكأنه صورة أبدعتها ريشة الرسام الجريكو: طويل القامة، نحيل القوام، ذو عينين سوداوين، وبشرة صفراء، ولحية بيضاء فضية، وكان قد ورث، وهو في سن العشرين، لقبه اللامع الذائع الصيت، وضياعه الشاسعة، وبدأ العمل العسكري في سن مبكرة، وامتاز بالشجاعة والذكاء والقسوة. وألحقه فيليب بأخص مجالسه واستمع مغتبطاً إلى مشورته وكان حكمه في هذه الساعة العصيبة ما يقضي به جندي درج على النظام الأسباني والورع الأسباني: اسحق الثوار العصاة دون شفقة ولا رحمة، فإن أي تنازل يقوي المعارضة. وأطلق فيليب يده ومنحه كل السلطة ودعا له بالتوفيق.

شق ألفا طريقه إلى إيطاليا، وهناك جمع أساساً من الحاميات الأسبانية في نابلي وميلان صفوة الجند ليشكل جيشاً قوامه عشرة آلاف رجل، ألبسهم أفخر الثياب وزودهم بأحدث العدة والعتاد، وأثلج صدورهم بألفين من بنات الهوى أحسن اختيارهن وإعدادهن وقاد الجيش عبر جبال الألب، وعبر برجندي واللورين ولكسمبرج وفي 22 أغسطس 1567 دخل بروكسل وتلقاه اجمونت في كل الخضوع والخشوع. وقدم له جوادين نادرين هدية. ولقيته مرجريت يعروها الآسى والأسف وهي تشعر بأن أخاها حل محلها وفرض سلطانه عليها في نفس الوقت الذي كانت قد أعادت فيه نظاماً إنسانياً. واحتجت مرجريت عندما أقام ألفا حاميات أسبانية في كل المدن. وأجاب في فتور "إني على استعداد لاحتمال كل الخزي والوز".

واستأذنت مرجريت الملك فيليب في الاستقالة من منصبها، فأجابها إلى طلبها مع منحها معاشاً سخياً يضمن لها الهناءة، وفي ديسمبر رحلت عن بروكسل إلى موطنها في بارما، وقد حزن من أجلها الكاثوليك الذين أجلوها واحترموها، والبروتستانت الذين تنبأوا بأنه سيتضح وشيكاً أن أشد قساوتها كانت ليناً واعتدالاً إلى جانب وحشية ألفاً المنتظرة.

وأقام نائب الملك الحاكم العام الجديد في قلعة أنتورب، وأعد نفسه لتطهير الأراضي الوطيئة من الهرطقة، ودعا اجمونت وهورن إلى العشاء وأكرم وفادتها. ثم ألقى القبض عليهما وأرسلهما في حراسة مشددة إلى أحد الحصون في غنت (7 سبتمبر) وعين "مجلس القلائل" الذي أطلق عليه البروتستنت الجزعون من جديد اسم "مجلس الدم" وكان سبعة من أعضائه التسعة من الأراضي الوطيئة واثنان من الأسبان، وكان لهذين العضوين فقط حق التصويت. واحتفظ ألفا لنفسه بالقرار الحاسم في أي موضوع يعنيه بخاصة. وأمر المجلس بالبحث عن المشتبه في معارضتهم للكنيسة الكاثوليكية أو الحكومة الأسبانية، واعتقالهم ومحاكمتهم سراً، ومعاقبة من يحكم عليهم دون ترفق أو إبطاء. وانبث الوكلاء للتجسس، وشجع المخبرين على الغدر بأقاربهم وأعدائهم وأصدقائهم وحظرت الهجرة، وأعدم ربانية السفن الذين يساعدون على ربانية عليها شنقاً(23). وحكم على كل مدينة عجزت عن قمع الثورة أو معاقبة العصاة بأنها مذنبة، وأودع موظفوها السجن أو فرض عليهم الغرامة. وأعتقل آلاف الأفراد. وذات صباح واحد قبض على نحو 1500 في مضاجعهم ونقلوا إلى السجون. وكانت المحاكمات قصيرة عاجلة، وكان الحكم بالإعدام يصدر أحياناً بالجملة، على ثلاثين أو أربعين أو خمسين دفعة واحدة(24). وفي شهر واحد-(يناير 1568) أعدم 84 شخصاُ من سكان فالنسيان. وسرعان ما كان من العسير أن تجد الفلاندرز أسرة غير حزينة على فرد منها قتل أو أعتقل بأمر من "مجلس القلائل". وندر أن كان في الأراضي الوطيئة من يجسر على الاحتجاج، فإن أيسر النقد كان يعني الاعتقال.

وأحس ألفا بأن نجاحه قد تلطخ بعجزه عن إيقاع وليم أورانج في حبائله. وأصدر مجلس المتاعب قراراُ باتهام الأمير وأخيه لويس، وزوج أخته كونت فان دن برج، والبارون مونتيني وغيرهم من الزعماء، بتشجيع الهرطقة والثورة. وكان مونتيني لا يزال في أسبانيا، فأودعه فيليب السجن. وكان ابن وليم، وهو فيليب وليم كونت بورن طالباً في جامعة لوفان. فاعتقل وأرسل إلى أسبانيا، وهناك نشئ تنشئة كاثوليكية متحمسة، وتبرأ من مبادئ أبيه. وصدر إعلان بأن وليم خارج على القانون، أحل لأي إنسان قتله دون التعرض لعقاب القانون.

وعمل وليم أورنج على تنظيم جيش، ووجه أخاه لويس إلى أن يحذو حذوه. والتمس العون من الأمراء اللوثرين فكم يتحمسون للاستجابة له، ومن الملكة إليزابث التي أمسكت عن مساعدته في حذر. وجاءته الأموال من أنتورب وأمستردام ولايدن وهارلم وفلشنج، وأرسل إليه كل من الكونت فان دن برج وكولمبرج وهو جستراتن ثلاثين ألف فلورين، وباع مجوهراته وأوانيه الفضية ومطرزاته وأثاثه الفاخر، وجمع نحو خمسين ألف فلورين، وتوافر الجنود، لأن المرتزقة الذين تفرقوا نتيجة بعض الهدوء في الحرب الدينية في فرنسا، عادوا إلى ألمانيا مفلسين. وكان لزاماً أن ينتهج وليم سياسة التسامح، فكان عليه أن يكسب اللوثريين والكلفيين تحت لوائه، كما كان عليه أن يؤكد للكاثوليك في الأراضي الوطيئة أن عبادتهم لن تمس بسوء بتحرير البلاد من ربقة إسبانيا.

ووضح أورانج خطة العمل لثلاثة جيوش في وقت واحد، قوة من الهيجونوت من فرنسا تهاجم أرتوا من الجنوب الغربي، ويقود هوجستراتن جيشه ضد ماسترخت في الجنوب، ويقتحم لويس ناسو من ألمانيا في الشمال الشرقي . وصدت هجمات الهيجونوت وهو جستراتن، وكن لويس انتصر على الجنود الأسبان في هيلجرلى (23 مايو 1568). وأمر دوق ألفا بإعدام أجمونت وهورن (5 يونية) ليطلق ثلاثة آلاف من الجنود كانوا يتولون حراستها وحماية مدينة غنت، ليستفيد منهم. وتقدم بهذه الإمدادات إلى فريزلند، ودحر جيش لويس الذي أصابه الوهن في جمنجن (21 يولية) وأودى بحياة 7000 رجل وهرب لويس سبحاً في مصب نهر امز. وفي أكتوبر قاد وليم جيشاً قوامه 25 ألف رجل إلى برابانت، وقد عقد العزم على ملاقاة ألفا في معركة حاسمة. ولكن ألفا بجيشه الأقل عدداً والأحسن نظاماً أحبط خططه، وتجنب اللقاء في معركة، وعمد إلى تعويق عدوه بهجمات في مؤخرته ورفض القتال جنود وليم الذين لم تدفع رواتبهم. فقادهم إلى مكان آمن في فرنسا وسرحهم. ثم تنكر في زي فلاح وشق طريقه من فرنسا إلى ألمانيا حيث تنقل من مدينة إلى مدينة، فراراً من القتل. وبهذه الحملات المشئومة الممتلئة بالكوارث بدأت "حرب الثمانين عاماً" التي خاضتها الأراضي الوطيئة في ثبات ومثابرة لم يسبق لهما مثيل، حتى قدر لها النصر في النهاية في 1648.

كان ألفا آنذاك سيد الموقف المزهو في الميدان، ولكنه كان خاوي الوفاض إلى أحد بعيد. وكان الملك فيليب قد دبر أصحاب المصارف في جنوة أن يمدوه بحراً بأربعمائة وخمسين ألف دوكات. ولكن القرصان الإنجليز أجبروا السفن على الاتجاه إلى ميناء بليموت، وهناك وضعت اليزابيث يدها على المال، مع أرق الاعتذارات، حيث لم تكن تكره مساعدة وليم مقابل هذا الثمن. عندئذ دعا ألفا الجمعية العمومية المكونة من النبلاء وممثلي المدن للاجتماع في بروكسل، واقترح عليهم (20 مارس 1569) فرض ضريبة فورية قدرها 1% على الممتلكات وضريبة دائمة قدرها 5% على أية عملية نقل للعقارات، وضريبة دائمة قدرها 10% على المبيعات فاحتجت الجمعية بأنه لما كانت مواد كثيرة قد غيرت الملكية عدة مرات في العام الواحد فإن ضريبة المبيعات هذه تقارب أن تكون مصادرة، وأحالت المقترحات إلى جمعيات المقاطعات، وهناك كانت المعارضة شديدة إلى حد اضطر معه ألفا إلى إرجاء ضريبة الـ 10% إلى 1572، والاكتفاء بضريبة الواحد في المائة، وبمنحة قدرها مليوني فلورين سنوياً لمدة عامين. ولكن حتى ضريبة الواحد في المائة كانت جبايتها شاقة باهظة التكاليف ورفضت أوترخت دفعها. فأطبقت فرقة من الجند على المنازل والممتلكات، واستمرت المقاومة، ورمى ألفا كل الأقاليم بالخيانة وألغى كل إعفاءاته وامتيازاته، وصادر كل ممتلكات سكانه لصالح الملك.

وأن هذه الضرائب والإجراءات التي اتخذت لفرضها هي التي هزمت ألفا الذي لم يهزم حتى ذلك اليوم. وبات كل السكان تقريباً كاثوليك وبروتستانت، يقاومونه، في استياء يتفاقم أمره، كلما عوقت وعرقلت ضرائبه نشاط الأعمال التي بنت عليها الأراضي الوطيئة ازدهارها ورخاءها. ولما كان ألفا أبرع في الحرب منه في شئون المال فإنه انتقم لاستياء إليزابث على الأموال التي كانت في طرقها إليه من جنوة، بالاستيلاء على الممتلكات الإنجليزية في الأراضي الوطيئة، وحظر التجارة مع إنجلترا. وردت إليزابث على هذا بمصادرة بضائع الأراضي الوطيئة في إنجلترا، وتحويل التجارة الإنجليزية إلى همبرج. وسرعان ما أحست الأراضي الوطيئة بوطأة الكساد الاقتصادي. فأغلقت المتاجر أبوابها، وازداد التعطل، وفكر رجال الأعمال الأقوياء الذين احتملوا في صبر وتجلد شنق البروتستانت ونهب الكنائس، فكروا ملياً وسراً في الثورة وأخيرهاً مولوها. وحتى رجال الدين الكاثوليك الذين خشوا انهيار الاقتصاد الوطني، انقلبوا على ألفا، وحذروا الملك فيليب من أن الدوق يعمل على تخريب البلاد(25)، بل أن البابا-بيوس الخامس الذي كان قد اغتبط أيما اغتباطاً بانتصارات ألفا، نراه الآن يشاطر الكاردينال دي جرانفل أسفه لقساوة ألفا(26). ويوصي بالعفو العام عن العصاة والهراطقة النادمين التائبين-ووافق فيليب على هذا الإجراء وأبلغ به ألفا (فبراير 1569)، ولكن الدوق طلب التمهل، ولم يعلن العفو إلا في 16 يوليه 1570..وفي تلك السنة خلع البابا على ألفا القبعة والسيف المقدسين، وأنعم "بالوردة الذهبية" على زوجته(27)، كما أعدم فيليب مونتيني الذي كان سجيناً-(16 أكتوبر 1570).

وفي نفس الوقت ظهرت على المسرح قوة جديدة. وذلك أنه في مارس 1568 قامت من اليائسين المستميتين عرفوا باسم "المتسولين المتطرفين"، وجهوا همهم إلى نهب الكنائس والأديار وقطع أنوف القساوسة والرهبان أو آذانهم، وكأنهم عقدوا العزم على مباراة "مجلس الدم، وفي وحشيته وفظاعته(28). وفيما بين عامي 1569-1572 ظهرت جماعة أخرى أطلقوا على أنفسهم اسم "متسولي البحر"، وضعوا أيديهم على 18 سفينة، وتلقوا عمولة من وليم أورانج، وأغاروا على شواطئ الأراضي الوطيئة، ونهبوا الكنائس والأديار، وسيطروا على المراكب الأسبانية، وزودوها ثانية بالمؤن من الثغور الإنجليزية الصديقة-بل حتى من لاروشيل النائية-التي كانت في يد الهيجونوت آنذاك. وأغار "متسولو البحر على أية مدينة ساحلية لا توجد بها حامية أسبانية، واستولوا على المواقع الحصينة، وبفضل قدرتهم على فتح السدود بات من أخطر الأمور على القوات الأسبانية أن تقترب منهم أو تصل إليهم. فلم يعد في مقدور ألفا أن يتلقى أية امدادات أو مؤن من البحر وهكذا صارت المدن الرئيسية في هولندا وزيلند وجلدرلند وفريزلند آمنة محمية، ومن ثم قدمت ولاءها لوليم أورانج، وقررت تزويده بالإمدادات من أجل الحرب (يوليه 1572) ونقل وليم مقر قيادته إلى دلفت وأعلن أنه "الأصلع الكلفني، وهو لقب أصدق على رأسه منه على عقيدته، وفي تلك الآونة كتب فيليب فان مارنكس أغنية "وليم ناسو" التي أصبحت، ولا تزال، الترنيمة الوطنية في الأراضي الوطيئة.

ومنذ لقي وليم أورانج التشجيع على هذا النحو جهز جيشاً آخر وغزا برابانت. وفي نفس الوقت قام لويس ناسو، بمعونة كوليني، بإعداد قوة في فرنسا، ودخل هيبوت، واستولى على فالنسيان ومونز (23 مايو 1572). وتقدم ألفا ليسترد مونز، وهو يأمل بذلك أن يثني فرنسا عن مساعدة لويس. وتقدم وليم جنوباً لنجدة أخيه، وأحرز بعض انتصارات يسيرة، ولكن سرعان ما استنفذ ما لديه من مال، فتقاضى جنوده أجورهم بنهب الكنائس، وتسلوا بقتل القساوسة(29). فثارت ثائرة الكاثوليك، حتى أنه عندما اقترب جيش وليم بروكسل وجد الأبواب موصدة والأهالي يحملون السلاح لمقاومته واستأنف الجيش سيره، ولكن على مسافة فرسخ من مونز فوجئ الجند، وهم نيام، بستمائة جندي أسباني، وقتلوا من جنود وليم ثمانمائة قبل أن يتمكنوا من تهيئة أنفسهم للدفاع. واستطاع وليم الهرب بشق النفس مع بقايا قواته، إلى مكلين في برابانت. وفي نفس الوقت قضى قتل كوليني ومذبحة سانت برتلميو على كل أمل في العون من فرنسا. وفي 17 سبتمبر سقطت مونز في يد ألفا الذي هيأ للويس وفلول جيشه أن يرحلوا دون أن يمسهم أذى. ولكن قائد جيش ألفا، فيليب دي نوفارم، شنق من تلقاء نفسه مئات من الأهالي، وصادر ممتلكاتهم وباعها بثمن عال(30).

أن فشل استراتيجية وليم وإفراط قواته التي يصعب قيادها ووحشية "المتسولين" وفظائعهم، كل أولئك خيب آماله في توحيد الكاثوليك والكلفنيين واللوثرين ليقاوموا جميعاً طغيان ألفا. فإن "المتسولين". وكانوا كلهم تقريباً كلفنيين متحمسين أبدوا ضد الكاثوليك من ضروب الوحشية والضراوة ما أبدته محاكم التفتيش ومجلس الدم نحو الثوار والهراطقة. وفي كثير من الحالات لم يتركوا للأسرى الكاثوليكية إلا الخيار بين الكلفنية أو الموت، وكانوا يقتلون دون تردد، وفي بعض الأحيان بعد تعذيب لا يصدق، كل من تمسك بأهداب العقيدة القديمة(31). وأعدم كل ن طرفي النزاع كثيراً من أسرى الحرب. وكتب مؤرخ بروتستاني يقول:

في أكثر من مناسبة رئي الرجال يشنقون...اخوتهم هم أنفسهم الذين وقعوا أسرى في صفوف الأعداء... ووجد سكان الجزر لذة وحشية في ضروب القسوة هذه، ولم يعد الأسباني في نظرهم فرداً من بني الإنسان. وذات مرة انتزع أحد الجراحين قلب سجين أسباني، وثبته بالمسامير في مقدم السفينة ودعا الأهالي ليغرسوا أسنانهم فيه، وفعل كثير منهم هذا في ارتياح وحشي(32).

أن هؤلاء "المتسولين" القساة القلوب هم الذين هزموا دون ألفا. وأخلد الدوق إلى شيء من الراحة بعد الحملات التي قام بها، وورث أبنه دوق فدريجو ألفارث دي توليدو مهمة استعادة ومعاقبة المدن التي كانت قد أعلنت تأييدها لوليم أو استسلمت له. فبدأ ألفارث بمدينة مكلين التي أبدت أقل مقاومة، حيث خرج القساوسة والأهالي في موكب نادمين، يرجون الصفح والإبقاء على المدينة، ولكن ألفا كان قد أمر بانتقام تكون فيه موعظة وعبرة. فظل جنود فدريجو لمدة أيام ثلاثة ينهبون البيوت والأديار والكنائس، ويسرقون الحلي والأردية الثمينة من التماثيل المقدسة. ويطأون الفطائر المقدسة تحت الأقدام، ويذبحون الرجال ويستحيون النساء، كاثوليك أو بروتستانت على حد سواء وفي طريق تقدمه إلى جلدرلند، تغلب جيشه على الدفاعات الهزلية في زوتفن، وقتل كل رجال المدينة تقريباً. وعلق بعضهم من الأقدام، وأغرق خمسمائة منهم يربطون زوجاً زوجاً، ظهراً لظهر، والإلقاء بهم في نهر ايسل. واستسلمت بلدة ناردن الصغيرة بعد مقاومة قصيرة، وحيت الأسبان الغزاة بموائد زخرت بألوان الطعام، فأكل الجنود وشربوا ثم اعملوا القتل في كل الأهالي في المدينة وتقدموا إلى هارلم، وهي مركز كلفني أبدى حماساً خاصاً للثورة. وقد دافعت حامية قوامها أربعة آلاف رجل عن المدينة دفاعاً مجيداً، إلى حد أن دوق فدريجو اقترح الانسحاب منها، ولكن ألفا هدد بأن يتبرأ منه إذا لم يستمر في الحصار، فتصاعدت أعمال العنف، وعلق كل من الطرفين أسراه على أعواد المشانق في مواجهة عدوه. وأثار المدافعون حنق المحاصرين بأن مثلوا على الأسوار الطقوس الكاثوليكية بطريقة تدعو إلى السخرية والضحك. وأرسل وليم ثلاثة آلاف جندي لمهاجمة جيش دوق فدريجو، ولكنهم أبيدوا وأخفقت كل محاولة لتخليص هارلم بعد ذلك. وفي 11 يولية 1573، بعد حصار دام سبعة أشهر اقتات فيها الناس على الأعشاب والجلود، استسلمت المدينة. ولم يبق على قيد الحياة سوى 1600 رجل أعدم معظمهم. كما أعدم 400 من المواطنين المتزعمون، أما بقية الأهالي فقد على حياتهم بعد موافقتهم على دفع غرامة قدرها مائتان وخمسون ألف جلدر.

وكان هذا آخر انتصارات حكومة دوق ألفا وأبهظها تكلفة. وهلك أكثر من اثني عشر ألفا من أفراد الجيش الذي تولى الحصار متأثرين بالجراح أو بالمرض. واستنزفت الحرب كل ما حصل من ضرائب بغيضة، واكتشف فيليب الذي كان يعد النقود أكثر مما يحسب حساب الأنفس والأرواح، أن ألفا لم يكن محبوب لدى الناس فحسب، بل أنه كان كذلك ينفق أموالاً طائلة، وأن أساليب قائده كانت تعمل على توحيد الأراضي الوطيئة ضد أسبانيا وأحس دوق ألفا بأن الرياح غير مواتية له، وأن التيار قد انقلب ضده. فطلب تنحيته وتباهى بأنه قتل 18 ألف ثائر(34). ولكن الهراطقة كانوا في مثل القوة التي كانوا عليها عندما جاء هو إلى الميدان، بل أكثر من ذلك أنهم سيطروا على الثغور وعلى البحر، وأن الملك فقد مقاطعتي هولندا وزيلندة تماماً. وقدر أسقف نامور أن ألفا في سبع سنين، وألحق من الأذى بالكاثوليكية أكثر مما ألحقه بها لوثر والكلفنية في جيل بأسره(35). وقبلت استقالة ألفا وغادر الأراضي الوطيئة (18 ديسمبر 1573) وأستقبله الملك فيليب استقبالاً حسناً. وقاد، وهو في سن الثانية والسبعين الجيوش الأسبانية لغزو البرتغال (1580). ولدى عودته من هذه الحملة انتابته حمى متقطعة، ولم يحفظ عليه حياته إلا إرضاعه اللبن من ثدي امرأة. وفاضت روحه في 12 ديسمبر 1582، بعد أن عاش عاماً على اللبن. ونصف قرن على الدم.


الحسب

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
{{{16}}}
 
 
 
 
 
 
 
8. García Álvarez de Toledo
1st Duke of Alba
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
{{{17}}}
 
 
 
 
 
 
 
4. Fadrique Álvarez de Toledo
2nd Duke of Alba
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
{{{18}}}
 
 
 
 
 
 
 
9. María Enriquez
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
{{{19}}}
 
 
 
 
 
 
 
2. García de Toledo
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
{{{20}}}
 
 
 
 
 
 
 
10. Álvaro de Zuñiga
Duke of Plasencia
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
{{{21}}}
 
 
 
 
 
 
 
5. Isabel de Zúñiga y Pimentel
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
{{{22}}}
 
 
 
 
 
 
 
11. Leonor de Pimentel
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
{{{23}}}
 
 
 
 
 
 
 
1. Fernando Álvarez de Toledo
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
{{{24}}}
 
 
 
 
 
 
 
12. Alonso Pimentel Enríquez
Count of Benavente
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
{{{25}}}
 
 
 
 
 
 
 
6. Rodrigo Alonso Pimentel
Duke of Benavente
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
{{{26}}}
 
 
 
 
 
 
 
13. María de Quiñones
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
{{{27}}}
 
 
 
 
 
 
 
3. Beatriz Pimentel
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
{{{28}}}
 
 
 
 
 
 
 
14. Juan Pacheco
1st Duke of Escalona
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
{{{29}}}
 
 
 
 
 
 
 
7. María Pacheco
Lady of Villacidaler
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
{{{30}}}
 
 
 
 
 
 
 
15. María Portocarrero
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
{{{31}}}
 
 
 
 
 
 


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

معلومات اضافية

الهامش

  1. ^ الاسم الكامل: إسپانية: Don Fernando Álvarez de Toledo y Pimentel, tercer Duque de Alba de Tormes, tercer marqués de Coria, conde de Piedrahita, señor del estado de Valdecorneja, señor del estado de Huéscar, caballero del Toisón de Oro, capitán general de los Reales Ejércitos, consejero de Estado, Mayordomo mayor del rey, Virrey, gobernador y capitán general de Nápoles, gobernador de los Paises Bajos

المصادر

  • ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.
  • Hobbs, Nicolas (2007). "Grandes de España" (in Spanish). Retrieved 15 October 2008. {{cite web}}: Cite has empty unknown parameters: |month= and |coauthors= (help)CS1 maint: unrecognized language (link)
  • Instituto de Salazar y Castro. Elenco de Grandezas y Titulos Nobiliarios Españoles (in Spanish). periodic publication. {{cite book}}: Cite has empty unknown parameters: |laydate=, |coauthors=, |laysummary=, |chapterurl=, |month=, and |lastauthoramp= (help); Unknown parameter |separator= ignored (help)CS1 maint: unrecognized language (link)
مناصب حكومية
سبقه
فرديناندو گونزاگا
حاكم دوقية ميلانو
1555–1556
تبعه
كاردينال كريستوفورو مادروتسو
سبقه
مارگريت من النمسا
حاكم الأراضي الواطئة الهابسبورگية
1567–1573
تبعه
لويز ده زونييگا
لقب حديث نائب الملك على البرتغال
1580–1582
تبعه
الكاردينال ألبرت، أرشدوق النمسا
نبيل إسپاني
سبقه
فادريكه ألڤارز ده تولدو
دوق ألبا
1531–1582
تبعه
فادريكه ألڤارز ده تولدو