الاضطرابات العقلية Mental disorders ، هي مجموعة من الأعراض المركبة القابلة للتحديد من الناحية العيادية. وقد دخل مفهوم الاضطرابات النفسية اللغة الاختصاصية النفسية والطبية النفسية من دون أن يكون معرفاً بدقة، ومن دون تفريق دقيق بينه وبين مفهوم المرض، بهدف تجنب استخدام المرض الطبي التقليدي الذي يعني بالتحديد الخلل الحاصل في مجرى العمليات الحيوية القابل للبرهان موضوعياً، والذي يعود إلى أسباب محددة بدقة، إما أن تكون خارجية كالبرد والحرارة والرطوبة والجراثيم، أو أن تكون كيمياوية أو آلية أو وراثية، ويمكن علاجه بالطرق الطبية التقليدية كالمعالجة الدوائية أو الجراحية. وقد نجم هذا التصور العضوي الخالص أو الأحادي الجانب عن التطورات التي شهدتها العلوم الطبيعية في القرن الثامن عشر والتاسع عشر.[1]

مرض عقلي
Gautier - Salpetriere.JPG
Eight women representing prominent mental diagnoses in the 19th century. (Armand Gautier)
التبويب والمصادر الخارجية
التخصصطب نفسي, علم النفس السريري
ICD-10F99.
Patient UK

فشل عرض الخاصية P1461: لم يتم العثور على الخاصية P1461.

مرض عقلي
MeSHD001523

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التصنيف

تختلف المعايير التي تعتمدها التصنيفات المختلفة للاضطرابات النفسية، فيعمد فريق من الباحثين إلى تصنيف هذه الاضطرابات انطلاقاً من معيار شدة انحراف الوظائف النفسية عن السواء، في حين يعتمد فريق آخر على معيار السن الذي يظهر فيه الاضطراب، ويعتمد فريق ثالث على معيار الأسباب المؤدية إلى الاضطراب.


الاضطرابات

تعد التصنيفات المنطلقة من المعيار الأول من أشد التصنيفات شيوعاً، وهي تميز عادة بين اضطرابات خفيفة في الوظائف النفسية، واضطرابات شديدة في هذه الوظائف، ويتم استخدام وسائل القياس الكمي لدرجة الاضطراب أو الشذوذ لتحديد موقع الفرد على خط بياني، حده النظري الأدنى غياب السلوك أو السمة الشخصية موضوع القياس، وحده الأعلى أقصى درجات الشدة في ظهور السلوك أو السمة الشخصية موضوع القياس. ويتم القياس استناداً إلى مجموعة من الاختبارات النفسية المخصصة لقياس موضوع السمة أو السلوك المعني. ويسعى التحديد الكمي لدرجة الاضطراب ومدى وضوحه إلى موازنة موقع الفرد بالنسبة لأقرانه، وإعطاء صورة نفسية أوضح عن مدى الاضطراب أو الشذوذ. وتضم الاضطرابات النفسية الخفيفة طائفة واسعة من الاضطرابات التي خضعت تسمياتها العالمية إلى تغيرات كثيرة تبعاً لتطور المعرفة حول هذه الاضطرابات، وهي تضم ما يعرف بالعُصابات neuroses واضطرابات السلوك والشخصية وأنماط مختلفة من السلوك اللا اجتماعي. ولما كانت أعراض هذه الاضطرابات تظهر بدرجات لا تبعد كثيراً عن ما يمكن أن يظهر كذلك في حياة الأسوياء، فإنها لا تصنف على أنها شذوذ أو اضطراب إلا إذا بلغت درجة تتطلب المساعدة النفسية والاجتماعية، أو تلحق الضرر بالنظام الاجتماعي والقيم الاجتماعية. أما الاضطرابات النفسية الشديدة فتشتمل على أعراض لا يمكن ملاحظتها عادة في مجال خبرات الأسوياء من الناس، وتقود إلى تداع شديد في التواصل والتفاعل الاجتماعيين. ويطلق على هذه المجموعة عادة اسم الذُهانات، أو طائفة الاضطرابات الذهانية، أو الذهانات الداخلية المنشأ، وهي تشتمل على أشكال الفصام المختلفة، والذهانات الوجدانية الدورية أو غير الدورية، أو ما يطلق عليه عامة الناس صفة الجنون.

تصنيف منظمة الصحة العالمية ICD

ويمكن ملاحظة انتشار وهيمنة تصنيفين عالميين للاضطرابات النفسية هما: تصنيف منظمة الصحة العالمية ICD، و التصنيف الأمريكي الذي يرمز له اختصاراً بـ DSM، وتصنّف منظمة الصحة العالمية في تصنيفها العالمي للاضطرابات النفسية International Classification of Diseases، الذي يختصر اسمه إلى الـ ICD، الاضطرابات النفسية وفق الفئات التشخيصية الرئيسية العامة التالية، التي يتفرع عنها تفصيلات وتفريعات متنوعة ضمن كل فئة:

  • الاضطرابات النفسية العضوية.
  • الفصام schizophrenia، والاضطرابات ذات السلوك الفصامي والهذائي schizotpe & delusionstype disorders.
  • الاضطرابات الوجدانية الانفعالية.
  • الاضطرابات العُصابية واضطرابات الضغط (الإرهاق) stress والاضطرابات ذات الشكل الجسدي.
  • شذوذات السلوك المترافقة مع اضطرابات أو عوامل جسدية.
  • اضطرابات الشخصية واضطرابات السلوك.
  • التخلف العقلي.
  • الاضطرابات النمائية.
  • الاضطرابات السلوكية والانفعالية التي تبدأ في سن الطفولة.
  • اضطرابات نفسية غير محددة بدقة.

التصنيف الأمريكي DSM-IV

ولا يختلف التصنيف الأمريكي المعروف باسم «الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسية ـ الإصدار الرابع» Diagnostic & Statistical Manual of Mental Disorders, IV Edition، والذي يُعرَف اختصاراً بالـ DSM-IV كثيراً عن تصنيف منظمة الصحة العالمية في الفئات التشخيصية الرئيسة العامة، غير أنه يعتمد مبدأ التشخيص المتعدد المحاور من أجل الوصول إلى دقة أكبر في تشخيص وجود اضطراب أو عدمه. وهذه المحاور التشخيصية هي:

  • المتلازمات السريرية: أي الأعراض التي يتلازم ظهورها في شكاوي صاحب الحالة أو ملاحظات الآخرين عن سلوكه، وهو ما يسمى بالتشخيص النفسي المنطلق من الأعراض.
  • الاضطرابات الجسدية: وهنا يتم تحديد الأعراض المرضية الجسدية التي يمكن أن تكون على صلة وثيقة بالاضطراب النفسي، وهو ما يسمى التشخيص الجسدي.
  • اضطرابات الشخصية، والمقصود هنا تشخيص اضطرابات الشخصية باختبارات محددة.
  • اضطرابات النمو وتعني شذوذاً سلوكياً يظهر على صورة نكوص أو تثبت في السلوك عند مرحلة نمائية أدنى.
  • درجة شدة العوامل النفسية والاجتماعية الضاغطة التي يمكن أن تسهم في حدوث الاضطراب وتفاقمه، أي تشخيص الضغط.
  • أقصى درجة من التكيف الاجتماعي بلغها صاحب الحالة في السنة الأخيرة، أي تشخيص تكيف الشخص المصاب باضطراب في الوقت الراهن.

العلامات والأعراض

المسار

تنجم عادة عن مجموعة متوالفة من العوامل النفسية والاجتماعية والوراثية والجسدية، وقد ترافقها تبدلات عضوية أو شذوذات سلوكية ظاهرة في التعامل مع المحيط الاجتماعي، كالسلوك الجانح والسلوك اللا اجتماعي والكذب والعدوان الزائد أو غير ذلك. وتترافق هذه الأعراض والشذوذات مع شيء من الأذى للوظائف النفسية على المستويين الفردي والاجتماعي.

الإعاقة

الأسباب

على الرغم من إشارة الأبحاث العلمية إلى العديد من الأسباب التي تقف خلف الإصابة بالأمراض العقلية، إلا أن أسْباب هذه الأمراض مازالت غير مفهومة بصورة كاملة. فمثلا تحدث بعض الأمراض نتيجة لبعض إصابات الدماغ، وبعضها نتيجةً لعدم التوازن الكيميائي في الدماغ، والأخرى تُسبِّبُها بعض العوامل البيئيّة مثل المرور بطفولة معذبة شقية، أو المعاناة من كرْبٍ عاطفيّ شديد. وقد تحدث بعض هذه الأمراض نتيجة لتضافر أكثر من سبب من هذه الأسباب.

التغيرات العضوية. تؤدي التغيرات العضوية في البنيان الدماغي إلى الإصابة ببعض الأمراض العقلية مثل الهذيان أو الخطرفة والخرَف أو العتاهة. ومما يُتلف الدِّماغ تعرّضه لبعض الإصابات أو الالتهابات الجُرثوميّة أو التشوُّهات الوراثية، أو التهاب الدماغ والتهاب السحايا والأورام وتصلّب الشرايين ـ الذي يَحْدُث نتيجةً لضعف تغذية الدماغ بالدم ـ وهو غالبًا مايُصيب متوسطي العمر والكهول.

الاختلالات الكيميائية. قد تؤدي الاختلالات الكيميائية في الجسم، إلى التأثير على تفكير وأحاسيس وسلوك الإنسان. وقد أوضحت البحوث أن اختلال بعض الكيميائيات الدماغية، قد يؤدي إلى حدوث بعض الأمراض العقلية مثل الفصام والهوس الاكتئابي. وتُعرف هذه الكيميائيات الدِّماغية باسم الناقلات العصبية أو الإرسال العصبي، وهي تساعد على اتصال الخلايا العصبية بعضها مع البعض الآخر. ويُلاحَظ كثرة إفراز أحد هذه الناقلات العصبية عند المصابين بداء الفصام، بينما يحدث الهوس نتيجةً لكثرةٍ إفراز ناقلات دوبامين ونورادرينلين وسروتونين. وقد يؤدي الضعف في إفراز هذه المواد إلى الاكتئاب.

العوامل الوراثية. تُعدُّ كل من أمراض الفُصام والهوس الاكتئابي من الأمراض الوراثية، إذْ كشفت البحوث وراثة الأطفال للعوامل الوراثية التي تؤدي إلى الاختلالات الكيميائية في الدماغ، ومن ثَمَّ الإصابة بهذه الأمراض. ولكن تجدر الملاحظة إلى أن لبعض العوامل البيئية اليد العليا في المساعدة على الإصابة بهذه الأمراض. ومن ناحية أخرى يُعدُّ مرض هَنْتَنْجتُن المرض العقليّ الوحيد المرتبط ارتباطًا وثيقًا ببعض العيوب الوراثية. وإضافة إلى ذلك، فقد أشارت بعض البحوث إلى تَدخُّل بعض العوامل الوراثية في إدمان الكحول وفي بعض حالات مرض ألزهايمر.

تجارب الطفولة. قد تؤدي تجارب الطفولة المحْزِنة والمزْعِجة مثل المشكلات العائلية، وبعض المصاعب الدراسية، والعلاقات السيئة مع الأطفال الآخرين، إلى العديد من النزاعات والتناقضات العقلية غير الشعورية التي تؤثر على الإنسان مدى حياته. ويعتقد عدد من الأطباء النفسيين أن فرط الحماية الأسرية في الصغر يسلب الأطفال الفرصة في اكتساب التجارب لحل مشكلاتهم الشخصية، ويساعد على تهيئتهم للأمراض العقلية.

الكرْب العاطفي. يحدث من كثرة العمل، والضّعف الصحيّ والمشكلات المالية، والمسؤوليات العائلية. ويؤدي الكرب العاطفي الخطير إلى صعوبة مواجهة الإنسان لمشكلاته اليومية والروتينية. وعند اشتداد الكَرْب بصورة كبيرة ينهار الإنسان ويُصاب ببعض الأمراض العقلية. وتعتمد قدرة الإنسان على مجابهة الكَرْب على بُنْيانه الجسدي وتجاربه الماضية ومشاكله الحالية.[2]

التشخيص

يعتمد تشخيص الاضطرابات النفسية على نوعية الصورة المرضية الظاهرة في البدء، ويمكن تقسيمها إلى: تشخيص الاضطراب لتحديد نوعه أو فئته التصنيفية، وتشخيص الشخصية الذي يقيس سمات الشخصية بهدف تحديد نسبة السمات السليمة إلى السمات غير السليمة، ومقدار تضرر الوظائف النفسية أو تعطيلها، كالوظائف المعرفية والانفعالية والدافعية. وتعد المقابلة التشخيصية الأساس الذي يقوم عليه تحديد الصورة المرضية، ويمكن للمقابلة التشخيصية أن تكون حرّة أو محددة مسبقاً؛ وتهدف إلى جمع معلومات عن الأعراض (التشخيص التصنيفي)، وأسئلة حول منشأ المشكلة وتطورها، وحول ما قد يوجد من أحداث حياتية راضّة أو صدمات نفسية يمكن أن تكون قد أسهمت في إثارة الاضطراب، وإجراء الفحوصات الطبية اللازمة للبحث عن العوامل الجسدية، وتطبيق بعض الاختبارات النفسية التي تقيس الأعراض والضغوطات الناجمة عنها، ودرجة التكيف معها.

ويمكن في التشخيص الاستعانة بمصادر إضافية للمعلومات، كملاحظات الأهل والرفاق والمعلمين، ويكون لهذا فائدة خاصة في حالات الاضطرابات النفسية الشديدة كالفصامات، وفي حالات الاضطرابات النفسية عند الأطفال. وتعتمد دقة التشخيص بالأساس على خبرة المشخص في ميدان عمله، وعلى مدى وضوح الصورة المرضية وتجليها، وعلى توافر أدوات القياس المناسبة الموثوقة، وهي تختلف باختلاف نوع الاضطراب.

الإدارة

العلاج النفسي

تتنوع أساليب المعالجة تبعاً لنوع الاضطراب النفسي أو نوع الانحراف السلوكي والعوامل المؤدية إليه، فمنها المعالجة النفسية والاجتماعية والتربوية والدوائية، أو المزج والتوفيق بين هذه الأنواع من العلاج بما يتناسب وطبيعة الحالة. وتهدف المعالجة النفسية إلى مساعدة المتعالج على تخطي الأزمات القصيرة والطويلة الأمد، والتغلب على أعراض معينة أو التخفيف منها، وتشجيع النمو السوي للشخصية. ويمكن إجراء المعالجة النفسية فردياً أو ضمن المجموعات. أما المعالجة الاجتماعية والتربوية فتهدف إلى تحسين تكيف الإنسان وإعادة تأهيله عن طريق دمجه في المجتمع والمهنة من جديد وجعله أقرب للسواء. وتسهم المعالجة الدوائية في تحسين توازن السلوك وتخفيف حدة الانفعالات، الأمر الذي يسهّل البدء بالمعالجة النفسية والاجتماعية خصوصاً في حالة الاضطرابات الذهانية. والاتجاهات العلاجية متعددة، وهي تقوم على مبادئ نظرية مختلفة، وتقدم طرقاً متنوعة في معالجة الاضطرابات النفسية. وهناك اتجاهان أساسيان في العلاج النفسي هما: العلاج بالتحليل النفسي، والعلاج السلوكي behavioral therapy، وثمة طرائق أخرى متفاوتة الانتشار عالمياً، كالعلاج النفسي التحليلي المختصر، والعلاج السلوكي المعرفي، والعلاج المنظومي system therapy، والعلاج الگشتالتي gestalt therapy، والمعالجة النفسية المتمركزة حول المتعالج client-centred psychotherapy.

تقوم طريقة التحليل النفسي التي أسسها سيگموند فرويد Sigmond Freud وطورها تلاميذه من بعده على أن أسباب الاضطرابات النفسية غالباً ما تنجم عن الصراعات اللاشعورية الحاصلة في مرحلة الطفولة، وتهدف المعالجة بناء على ذلك إلى جعل هذه الصراعات شعورية بعد تحصين الشخصية لمواجهتها جيداً. ويكون للعلاقة بين المحلل النفسي وبين المتعالج شأن كبير في نجاح العملية الجراحية، فمن هذه العلاقة يعيش المتعالج من جديد الخبرات المرضية الطفولية التي عاشها في السابق، مما يمكّن المحلل من دفعه لفهمها فهماً أفضل ودفاعه عن نفسه في مواجهتها مما يمكّنه من تجاوزها، ومن تبني أنماط سلوك جديدة. ويتمثل دور المحلل في الإصغاء والتفسير مستخدماً في ذلك تحليل الأحلام والتداعي الحر. ويتطلب العلاج بالتحليل النفسي مدة زمنية قد تستمر سنوات، ومن هنا قلما يُمارَس اليوم بصورته التقليدية، وتستخدم بدلاً منه طرق مختصرة أقل كلفة وأحسن فاعلية، مثل الطرائق التي تجمع بين الكلامية والطبية.

أما طريقة العلاج السلوكي فتستند إلى نظرية التعزيز في التعلم، وتعتمد على تقوية السلوك السوي وخفض حساسيته تدريجياً لتخفيف حدة الاضطراب، حتى يعتاد المتعالج على مواجهة ما يخيفه في المواقف الحياتية المختلفة من دون أن تظهر عليه أعراض الاضطراب. كما يعتمد العلاج السلوكي على تنمية الثقة بالذات وتطبيق تمارين تقوية السلوك المؤكد للذات assertive behavior وغيرها من التقنيات العلاجية.

يركز العلاج السلوكي على الأعراض المرضية، وقلما يبحث في الأسباب الكامنة خلفها، وينطلق من أن الاضطرابات النفسية ترجع إلى تعلم الفرد عادات سلوكية خاطئة، ومن هنا فهو يسعى إلى تعديل السلوك عن طريق آليات التعلم نفسها التي قادت إلى تعلم السلوك المضطرب. وفي العقود الأخيرة ظهرت أساليب متطورة من العلاج السلوكي تشمل المظاهر المعرفية، التي أثبتت الأبحاث أهميتها في نشوء الأعراض المرضية، وهو ما يسمى اليوم بالعلاج السلوكي المعرفي. ويستخدم العلاج السلوكي طرائق الإشراط التقليدي والإجرائي، إضافة إلى التعلم عن طريق المحاكاة والتقليد المشتق من نظرية ألبرت باندورا Albert Bandura في التعلم الاجتماعي. ويُعدّ العلاج السلوكي المعرفي من أكثر أشكال المعالجة النفسية انتشاراً في الوقت الراهن.

أما العلاج النفسي المتمركز حول المتعالج فقد أسسه كارل روجرز Carl Rogers معتمداً على الاتجاه الإنساني في العلاج النفسي، ويقوم هذا النوع من أنواع المعالجة النفسية على النظر إلى الاضطرابات النفسية على أنها نتيجة للتناقض بين مفهوم الذات المثالي والواقعي، وهو تناقض ينشأ في أثناء سعي الإنسان إلى تحقيق ذاته. وينطلق المعالجون بهذا الأسلوب من فرضية مفادها أنه عندما تتوافر للمتعالج علاقة إنسانية يشعر فيها بالتقدير والاحترام غير المشروطين والتفهم المتعاطف فإن مسيرة العلاج تتحرك باتجاه تعديل صورة تحقيق الذات فتنخفض حدة التضررات النفسية. وأهم ما يميز هذا النوع من المعالجة النفسية هو عدم التطفل على المتعالج واقتحام حياته بالنصائح الجاهزة، والتركيز بدلاً من ذلك على احترام كرامة الإنسان وقيمته في سعيه نحو تحقيق ذاته.

وإلى جانب هذه الطرائق هناك أنماط من المعالجات التي تؤلف بين مجموعة من الإجراءات القائمة على التدريب على السلوك الصحي وإعادة البناء المعرفي واكتساب المهارات الاجتماعية، عدا عن الإجراءات العلاجية التربوية الاجتماعية التي تستخدم في حالات انحرافات السلوك الاجتماعي، وبين ذوي الحاجات الخاصة.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الدواء

هناك أنواع من الاضطرابات النفسية الشديدة التي تُعالج بالأدوية النفسية، كالذهانات الداخلية المنشأ، إذ تخفف الأدوية من حدة الاضطراب أو تزيله. والأدوية النفسية مواد يمكنها أن تثبط بعض الإثارات الشديدة أو أن تنشط بعض الإثارات الضعيفة، وتؤثر في المزاج والدافعية والتفكير عند متعاطيها، ويمكن تقسيم الأدوية النفسية إلى ثلاثة أنواع هي: الأدوية العصبية ومضادات الاكتئاب والمهدئات. وتُستخدم الأدوية العصبية في حالات الفصام والمرض الهوسي الاكتئابي على سبيل المثال، فتخفف من مظاهر القلق والتوتر وخداعات الحس واضطرابات النوم والتفكير، الأمر الذي يسهل البدء فيما بعد بالمعالجة النفسية. أما مضادات الاكتئاب فهي أدوية تُستخدم غالباً للمعالجة بحسب نوع الأعراض الاكتئابية التي يتعرض لها المتعالج، وهي قد تكون رافعة للمزاج أو خافضة له، ولهذه الأدوية تأثيرات جانبية كالشعور بالتعب والدوار والتعرق وجفاف الأغشية وغير ذلك. أما المهدئات فلها تأثيرات مهدئة ومزيلة للقلق وموازنة للمزاج، ولا تستخدم الأدوية النفسية إلا بإشراف طبيب مختص خشية الإدمان أو الاعتياد عليها من قبل متعاطيها.

أخرى

الوقاية

العوامل المسببة

إن انتشار الاضطرابات النفسية يتزايد في هذا العصر زيادة تتوافق والضغوط النفسية في الحياة الراهنة، مما يؤدي إلى اختلال توازن تكيف الإنسان مع محيطه واضطراره إلى شتى أساليب العلاج النفسي، والعلاج الدوائي الذي يتم عادة بإشراف طبيب متخصص، ولكل أسلوب من أساليب هذه المعالجات ميزاته وآثاره الجانبية وفاعليته في النجاح، ومن ثم فإن السماح بممارستها متفاوت هو الآخر من بلد إلى آخر وفق قوانينها، وتعليمات القائمين على هذه المهن في شرعية المعالجة.

تقييم المخاطر

الأبحاث

افادت دراسة بأن معظم الامراض العقلية تبدأ قبل سن ال14 في الولايات المتحدة حيث يعاني اميركي من كل اربعة من مشاكل عقلية.[3]

وفي معظم الحالات كانت الاضطرابات عرضية أو يمكن التخلص منها دون الخضوع لعلاج نفسي.

وقال رونالد كيسلر الباحث في كلية الطب في جامعة هارڤرد (مساتشوستس، غرب) أن الأعراض تبدأ لدى عدد كبير من الأطفال والشبان بشكل طفيف مثل قلق معتدل أو خجل دائم.

وأوضح أنه إذا ما تم تجاهل هذه الأعراض، يمكن ان تتفاقم سريعا لتتحول إلى حالة خطيرة من الإكتئاب أو حالات من الهوس الشديد أو حتى أزمات من القلق المزمن.

وقال كيسلر أنه نظرا إلى أن عددا كبيرا من هذه الحالات تظهر لدى الشبان 75% قبل سن ال24 فان ذلك يؤكد ضرورة كشف هذه الأمراض ومعالجتها في أول مراحلها لئلا تتحول لاحقا إلى أمراض خطيرة.

وقال توماس إنسل مدير المعهد الوطني للصحة العقلية أن "هذه الأمراض العقلية تتحول إلى مشاكل مزمنة لدى الشبان في أميركا". وقد مول انسل قسما من الأبحاث التي نشرت نتائجها في نشرة "اركايفز اوف جنرال سايكايتري" (محفوظات الطب النفسي العام) لشهر حزيران/يونيو. كما نقل ميدل إيست اونلاين على الإنترنت.

وغالبا ما تظهر أزمات القلق مع انتهاء فترة الطفولة وعدم الاستقرار العاطفي في الحقبة الأخيرة من المراهقة في حين تبرز مشاكل تعاطي المخدرات وإدمان الكحول خصوصا مع بلوغ سن العشرين.

إلا أن مخاطر المشاكل النفسية تتراجع مع بلوغ سن النضج خصوصا بعد ال44 بحسب ما قال الباحثون الذين تستند دراستهم على لقاءات على انفراد مع 9282 أمريكيا كانوا في سن الثامنة عشرة على الأقل بين عامي 2001 و2003.

برامج الوقاية

ضمن استراتيجيات الصحة النفسية

علم الأوبئة

 
Disability-adjusted life year for neuropsychiatric conditions per 100,000 inhabitants in 2004.[مطلوب توضيح]
  <2200
  2200-2400
  2400-2600
  2600-2800
  2800-3000
  3000-3200
  3200-3400
  3400-3600
  3600-3800
  3800-4000
  4000-4200
  >4200


تاريخ

 
Early color illustration of psychiatric treatment methods

الحضارات القديمة

اعتقدت شعوب ما قبل التاريخ بحدوث الأمراض العقلية نتيجةً لدخول بعض الأرواح والقوى الشريرة في البدن وامتلاكه، مما دفع كهنتهم لإقامة بعض الطقوس السحريّة، وإعطاء المرضى بعض الجرعات الدوائية وإجراء التنويم المغناطيسيّ لطرْد هذه الأرواح، وقد يلجأون لعمل فتحة في جُمجُمة المريض لتسهيل خروج الأرواح.

واعتقد قدماء الإغريق أن الأمراض العقلية عِقَابٌ من آلهتهم، ولذلك لجأوا للصلاة وإجراء الاحتفالات الدينية للعلاج. وفي حوالي 400ق.م، ادّعَى الطبيب الإغريقي أبقراط حدوث الأمراض العقلية تبعًا لاختلال أربعة من سوائل الجسم هي الدم، والبلغم، والصفراء الصفراء، والصفراء السوداء. فقد اعتقد أن حدوث مرض الاكتئاب، نتيجة لزيادة الصفراء السوداء التي تعرف في الإغريقيّة باسم melan chole (ملان كول) ومنها اشتُقتْ كلمة ماليخوليا أو مالنخوليا أو ما يعرف باسم السوداوية والتي تعني الحُزن.

عرف الأطباء العرب الأمراض العقلية، وكتب بعضهم رسائل تبحث في علل هذه الأمراض، ومنهم على سبيل المثال ابن عمران الذي ألف كتابًا باسم المالخوليا، وابن ميمون كتب رسالة بعنوان الرسالة الأفضلية تبحث في الحالات النفسية كالغضب والسرور والحزن وأثرها في الصحة.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

اوروپا

وفي خلال القرن السادس عشر الميلادي، أنْشأت العديد من الأمم الأوروبية مُجَمَّعات خاصة للمرضى عقليًا، ومن أشهرها مُجَمَّع سانت ماري بمنطقة بثلهم في مدينة لندن، وهو شهير باسم بدلام. وهناك يعاني المرضى من أوضاع ٍغير صحية ومعاملاتٍ سيئة ومن ضَرْب المواطنين، والآن تعني كلمة بدلام الاضطراب والارتباك والبلبلة.

العصور الوسطى

وخلال العصور الوسطى، انتشر الاعتقاد بوجود السِّحر في أوروبا، حيث عُدّ كل من يصاب بمرض عقلي ساحرًا يستحق الموت حرقًا أو شنقًا أو غرقًا. أما من يَنْجو من تهمة السحر فمصيره السِّجن أو المستشفيات.

القرن الثامن عشر

الكرسيّ الدوّار استُعمل في خلال القرن الثامن عشر لعلاج المرضى عقليًا. وكان الاعتقاد السائد هو أن هذه الطريقة تزيد من سريان الدم إلى الدماغ، مما يساعد على إزالة أو تخفيف المرض العقلي.

المعالجة الإنسانية، ظهرت في نهاية القرن الثامن عشر، عندما بدأ الطبيب الفَرَنسي فيليپ بنل والتاجر الإنجليزي وليم توك، العمل على تحسين الظروف المعيشيّة للمرضى عقليًا، وتحسين طرق علاجهم بالتمارين الرياضية، وتعريضهم للهواء النقي الصحي، ووضعهم في بيئات صحية جيدة وسارة.

القرن التاسع عشر

العلاجات الطبية، بدأ علاج الأمراض العقلية في أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر، وتحديدًا في عام 1883م عندما قام الطبيب الألماني النفساني إميل كربلن باقتراح تقسيم وتشخيص الأمراض العقلية. وواصل الطبيب السويسري إيوجين بلولر هذه الجهود ووسّع من هذه التقسيمات، وأضاف تجربة فحص كل الجوانب في حياة المريض.

القرن العشرين

وفي بداية القرن العشرين، أَدْخَلَ الطبيبُ النِّمساوي النَّفسيّ سيگموند فرويد نظرية قوى العقل الباطني ـ غير الواعي ـ في تحديد شخصية وسلوك الإنسان، واعتقد بأن التناقضات التي يعيشها الفرد في طفولته تؤدي لنمو وتقوية العقل الباطني. وأصبحت هذه النظريات من أساسيّات التحليل النفساني والمعالجة النفسية.

بدأ ظهور الأدوية الفعالة في علاج الأمراض العقلية منذ الخمسينيات من القرن العشرين، مما ساعد المرضى على مغادرة المستشفيات، وتناول علاجهم بمنازلهم. ولكنْ تَجْدُرُ الإشارة إلى خلو المنازل من الرعاية الطبية الجيدة، والاستشارات والنصائح الصحية التي تساعد المرضى على الاندماج في مجتمعاتهم، والاستمرار بصورة طبيعية، والحصول على مساكن ووظائف بصورة سهلة.

وقد أدّى نجاح المعالجة الدوائية إلى تشجيع البحث عن طرق أخرى لعلاج الأمراض العقلية مثل دراسة العلاقة بين الأمراض العقلية والعيوب الوراثية والاضطرابات الجسدية الأخرى.

اوروپا والولايات المتحدة

ومع ظهور مدرسة التحليل النفسي psychoanalysis في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وظهور الطب النفسي الجسدي psychosomatic في الربع الثاني من القرن العشرين على يد المحللين النفسيين المهاجرين إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وظهور المفهوم الأمريكي للطب النفسي، فقد عانى الطب النفسي التقليدي مأزقاً فيما يخص الفهم الأحادي الجانب للمرض، بسبب صعوبة إثبات وجود تبدلات ملموسة في الأعضاء وعدم تحديد عوامل موضوعية ملموسة قابلة للبرهان في كثير من صور الأمراض النفسية والجسدية، إضافة إلى إمكانية الشفاء بطرق غير الطرق المألوفة في الطب النفسي التقليدي في ذلك الوقت.

المجتمع والثقافة

أخذ مفهوم الاضطراب النفسي والاضطراب النفسي الجسدي يحل تدريجياً محل المرض النفسي، غير أن الحدود بينهما كانت وما تزال غير واضحة بدقة. ولم تؤد المحاولات التي جرت من أجل فصل مفهوم الاضطراب عن المرض إلى نتيجة مقبولة، فجرت مثلاً محاولات تبسيطية استندت في تفريقها بين هذين المفهومين إلى المنشأ المرضي، وأطلقت مفهوم الاضطرابات النفسية على الاضطرابات الناجمة عن عوامل بيئية اجتماعية ونفسية، وقصرت استخدام مفهوم الأمراض النفسية على الحالات التي تنشأ عن عوامل عضوية جسدية أو وراثية خالصة تقود إلى حدوث المرض أو الاضطراب النفسي. وازدادت صعوبة التفريق بين مصطلحي الاضطراب النفسي والمرض النفسي بسبب التطورات الحاصلة في علم أسباب الأمراض وتطورها، الذي ينطلق من أن الأمراض النفسية تنجم عن وجود تركيب متشابك من العوامل المتوالفة التي تقود إلى حدوث الصورة المرضية واضطراب النظام النفسي.

الحركات

التحيز الثقافي

القوانين والسياسات

الإدراك والتمييز

في الحيوانات

الهوامش

  1. ^ سامر رضوان. "الاضطرابات النفسية". الموسوعة العربية.
  2. ^ "الأمراض العقلية". ارابيا فور سيرف.
  3. ^ "الامراض العقلية". منتديات عيون العرب.

للإستزادة

  • Atkinson, J. (2006) Private and Public Protection: Civil Mental Health Legislation, Edinburgh, Dunedin Academic Press ISBN 1-903765-61-7
  • Hockenbury, Don and Sandy (2004). Discovering Psychology. Worth Publishers. ISBN 0-7167-5704-4.
  • Fried, Yehuda and Joseph Agassi, (1976). Paranoia: A Study in Diagnosis. Boston Studies in the Philosophy of Science, 50. ISBN 90-277-0704-9.{{cite book}}: CS1 maint: extra punctuation (link) CS1 maint: multiple names: authors list (link)
  • Fried, Yehuda and Joseph Agassi, (1983). Psychiatry as Medicine. The HAgue, Nijhoff. ISBN 90-247-2837-1.{{cite book}}: CS1 maint: extra punctuation (link) CS1 maint: multiple names: authors list (link)
  • Porter, Roy (2002). Madness: a brief history. Oxford [Oxfordshire]: Oxford University Press. ISBN 0-19-280266-6.
  • Weller M.P.I. and Eysenck M. The Scientific Basis of Psychiatry, W.B. Saunders, London, Philadelphia, Toronto etc. 1992
  • Wiencke, Markus (2006) Schizophrenie als Ergebnis von Wechselwirkungen: Georg Simmels Individualitätskonzept in der Klinischen Psychologie. In David Kim (ed.), Georg Simmel in Translation: Interdisciplinary Border-Crossings in Culture and Modernity (pp. 123–155). Cambridge Scholars Press, Cambridge, ISBN 1-84718-060-5 قالب:Please check ISBN
  • عبدالفتاح دويدار، في الطب النفسي وعلم النفس المرضي الإكلينيكي (دار النهضة العربية، بيروت 1994).
  • سامر رضوان، الصحة النفسية بين السواء والاضطراب (المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1996).
  • أحمد محمد عبد الخالق، أسس علم النفس (دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية 1991).
  • إ. م كولز، المدخل إلى علم النفس المرضي الإكلينيكي، ترجمة عبد الغفار عبد الحكيم وماجدة حامد حماد وحسن علي حسن (دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية 1992).

وصلات خارجية

قالب:Mental illness (alphabetical list)