محمود السرطاوي

محمود السرطاوي (مواليد 1943) هو أستاذ الشريعة بالجامعة الاردنية، كان عميدا للكلية خلال فترة التسعينات.

د.محمود السرطاوي - ماذا عن أيام الطفولة؟ وُلدت عام 1943، في قرية سرطة في قضاء جماعين بمحافظة نابلس بالضفة الغربيّة من المملكة الأردنيّة الهاشميّة، فدرست في مدارسها وأكملت المرحلة الابتدائيّة والإعداديّة في مدرسة قرية بديا، ثمّ درست في قرية سلفيت الصف العاشر. وكانت مرحلة الطفولة تتسم بالجديّة؛ نظراً للظروف المعيشيّة القاسية حيث يجب على الأبناء مساعدة الآباء في أعمالهم لجني لقمة العيش؛ فالاحتلال الإسرائيلي لفلسطين سنة 1948، وتهجير الناس قسراً من أراضيهم وديارهم أدّى إلى تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وكانت أسرتي ممن هُجِّروا قصراً من أرضهم المعروفة (بعزبة سرطة) بالقرب من قرية كفر قاسم. - لماذا أخترت دراسة الشريعة الإسلاميّة؟ عشت في أسرة محافظة، حرصت على تعليم أبنائها العلوم الدينيّة؛ فأجدادي – رحمهم الله تعالى – قد درسوا علوم الشريعة، وكنتُ من صغري أواظب على أداء الصلاة في مسجد القرية بحمد الله. وأتذكّر أنّ شيوخ القرية كانوا يقولون لوالدي: أرسل هذا الولد إلى الأزهر، وكانت أمنيتي أن أذهب إلى الأزهر الشريف؛ لما يتمتّع به خريج الأزهر من مكانة في نفوس الناس، وشجّعني على ذلك وجود أحد أعمامي وهو الشيخ جميل أبو ديّة في القاهرة، وهو من خريجي الأزهر الشريف وجامعة القاهرة؛ حيث درس الشريعة الإسلاميّة واللغة العربيّة. فالتقت رغبتي ورغبة الأهل على الدراسة في الأزهر، وكما يقولون: إذا صدق العزم اتضح السبيل ويسّر الله الأمر. توجّه والدي إلى قرية الزواية لسؤال أحد الطلاب الذين يدرسون في الأزهر، وهو الأخ الفاضل السيخ محيي الدين الرابي – أمدّ الله في عمره ومتّعه بالصحّة والعافية – فأرشدهم إلى أنّه من الأفضل أن أدرس في نابلس على يد المرحوم صاحب الفضل مؤسّس النهضة الدينيّة في الضفة الغربيّة في تلك الحقبة، وهو الشيخ موسى الأحمد السيّد من قرية جيت، وكان إمام جامع الحاج نمرفي نابلس، وأمين مكتبة الجامع وهي مكتبة ضخمة فيها كتب قيّمة، وكان يجمع طلاب العلم ويدرّسها حبّاً لوجه الله تعالى لا يتقاضى أجراً من أحد. ثمّ تحوّلت هذه المدرسة بفضل جهوده المباركة، وجهود الخيرين من وجهاء مدينة نابلس – رحمهم الله تعالى – منهم الحاج معزور المصري، والحاج أبو نشأت التميمي، والعالول، إلى جمعيّة خيريّة تضامنيّة أخذت على عاتقها تأسيس معهد ديني، والإنفاق عليه من أموالهم وممّا يجمعونه من تبرّعات من أهل الخير في مدينة نابلس. وقد تخرّج من هذا المعهد عدد كبير من العلماء الذين حملوا شهادة الدكتوراه، وهم يدرِّسون الآن في الجامعة الأردنيّة، وجامعة اليرموك، وفي كثير من جامعات الدول العربيّة في المملكة العربيّة السعوديّة، والكويت، وقطر، والبحرين، والإمارات العربيّة، وغيرها من الجامعات. ولا يزال نفر كبير منهم يعمل في وزارة الأوقاف. درستُ في هذا المعهد ثمّ توجّهت إلى الأزهر الشريف، حيث حصلت على الشهادة الثانويّة الأزهريّة المعادلة (الفرع الأدبي)، وكنتُ من العشرة الأوائل وكان ترتيبي السابع من مجموع الناجحين، وعددهم (1267). علماً بأنّ نسبة النجاح كانت (57٪)، وحصلتُ على جائزة ماديّة مقدارها (120) جنيه مصري، وكانت جائزة قيّمة اشتريت بها كتباً وأسّست نواة مكتبتي. وقد سمحت وزارة التعليم العالي في مصر للعشرة الأوائل الالتحاق بإحدى كليّات جامعة القاهرة التي تقبل التخصّصات الأدبيّة من الاقتصاد، أو الحقوق، أو دار العلوم، أو غيرها. ولكن الرغبة الأكيدة كانت في دراسة الشريعة الإسلاميّة بالأزهر الشريف، واستمر التفوّق بفضل الله تعالى، واستمرّت المنحة أو الجائزة في جميع سنوات الدراسة، وقد مكّنني هذا الوضع المادي من تكوين مكتبة كبيرة، والإنفاق على نفسي طيلة مدّة دراستي. - ما هي المحطات الأبرز في حياتك الدراسيّة؟ كنتُ أرغب في مواصلة دراستي للحصول على الماجستير والدكتوراه، ولكن حرب حزيران عام 1967، والتي وقعت أثناء الامتحانات وأنا لا أزال في القاهرة، وفي السنة الأخيرة جعلني أقطع الدراسة لأقوم بمساعدة أسرتي التي ما كنت أعرف عنها شيئاً نتيجة الحرب، فسافرت إلى الأردن وعملتُ في مدرسة خاصّة، ثمّ واعظاً في وزارة الأوقاف بمحافظة الطفيلة سنة 1968، ولمدّة عام. ثمّ عملتُ في السعوديّة مدرِّساً لمدّة ثلاثة أعوام، ثمّ التحقت بالدراسة في الأزهر للحصول على الماجستير. وفي عام 1972 حصلت على الماجستير بمعدّل (89.9٪)، ثمّ رجعت إلى الضفة الغربيّة حيث طلب منّي أستاذي وشيخي المرحوم موسى أحمد السيّد أن أعمل معه في المعهد الديني، وأن أقوم بإدارة المعهد، حيث بلغ سنّه في ذلك الوقت (96) سنة، وهو يعلّم (12) حصة أسبوعياً، ويؤمّ الناس في مسجده، ويعطي درسه المعتاد بعد العصر، فعملتُ في المعهد مدّة سنتين، ثمّ طلبت منه أن يأذن لي بالتفرّغ للدراسة والحصول على الدكتوراه، فأذن لي – رحمة الله وبركاته عليه. حصلتُ على الدكتوراه في عام 1976 بتقدير درجة الشرف الأولى، مع التوصية بطبع الرسالة. رجعتُ بعد الدكتوراه للعمل في الضفة الغربيّة، فطلب منّي أن أكون مدرِّساً في المعهد الديني (كليّة مجتمع متوسطة) في القدس، وقد صدر قرار تأسيس المعهد في نفس العام، وعيّن في نفس العام عميداً للمعهد المرحوم الأستاذ محمد الكفراوي، وكان يحمل درجة البكالوريوس في الشريعة الإسلاميّة. فقال لي بعض الأصدقاء: كيف تقبل أن تعمل مدرِّساً في المعهد وعميد المعهد يحمل البكالوريوس، وقد عُيِّن بعد حضورك، فقلتُ له: إنّني لا أحمل شهادة في الإدارة، والغاية عندي أن أخدم طلاب العلم، وكنتُ أوّل من يحمل درجة الدكتوراه من موظفي وزارة الأوقاف الذين يعملون في الضفة الغربيّة. ولذا لم يرق للبعض – سامحهم الله تعالى – ذلك الأمر، فعملوا على عدم صرف علاوة الدكتوراه التي قرّرها القانون، فصبرتُ مدّة ثمانية أشهر، وأنا أُطالب بحقّي ولكن دون جدوى، ولمّا كنتُ قد درست الماجستير والدكتوراه على نفقتي الخاصّة؛ ونظراً للظروف الماديّة الصعبة قدّمتُ طلباً للعمل في الجامعة الأردنيّة، وعُيّنت فيها بتاريخ 1/10/1976 محاضراً متفرّغاً. - ماذا كان موضوع رسالتك في الدكتوراه؟ ولماذا؟ موضوع الرسالة عن الإمام الجليل صاحب الإمام الشافعي: إسحاق بن إبراهيم أبو إبراهيم المزني، الذي كان له الفضل الأكبر في تدوين مذهب الإمام الشافعي في كتابه المختصر، ولأهميّة هذا الكتاب فقد شرحه فقهاء الشافعيّة فيما يقارب (27) شرحاً. أمّا سبب الاختيار فهو أنّ شيخي الذي أشرف على الرسالة العلاّمة المرحوم عبد الغني عبد الخالق – رحمه الله تعالى – كان محبّاً لآل البيت وللشافعي، فطلب منّي أن أبرز فضل هذا الإمام وعلمه الغزير، وخاصّة لمذهب الشافعي. فامتثلت لقوله محبّة في طاعته، فقد كان – رحمه الله تعالى – محبّاً لطلاب العلم عفيف النفس، وكان لهذه الخصال أثر في نفوس الطلاب فكثُر محبوه الذين تخرّجوا على يديه، ونهلوا من علمه، وتأدّبوا بأدبه. كتبتُ عدداً من الكتب، وعدداً من الأبحاث العلميّة من بينها: 1. شرح قانون الأحول الشخصية الأردني : عقد الزواج وآثاره . 2. شرح قانون الأحوال الشخصية الأردني : انحلال عقد الزواج والآثار المترتبة عليه طبع بدعم من الجامعة الأردنية . 3. الأحوال الشخصية / بالاشتراك مع آخرين ،. 4. نظام الإسلام / بالاشتراك مع آخرين. 5. الأحوال الشخصية (1) / طبعة جامعة القدس المفتوحة . 6. تأليف كتاب فقه عبادات (1) مع آخرين . 7. تأليف كتاب فقه عبادات (2) مع آخرين . 8. المشاركة في تأليف كتاب التربية الإسلامية للصف الخامس . 9. المشاركة في تأليف كتاب التربية الإسلامية للصف السادس . 10. المشاركة في تأليف كتاب التربية الإسلامية للصف السابع. 11. المشاركة في تأليف كتاب التلاوة الخامس . 12. المشاركة في تأليف كتاب التلاوة للصف السادس . 13. المشاركة في تأليف كتاب التلاوة للصف السابع . 14. المشاركة في تأليف كتاب دليل المعلم للصف السادس . 15. الزواج والمواريث ، 16. التحكيم في الشريع الإسلامية : دراسة مقارنة .


أمّا الأبحاث فمنها:

1- المسؤولية المدنية للطبيب بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي . 2- حكم التشريح وجراحة التجميل في الشريعة الإسلامية . 3- الدفاع الشرعي العام . 4- حكم زرع الأعضاء في الشريعة الإسلامية 5- الدفاع الشرعي الخاص . 6- أثر العود في تشديد عقوبتي حد الشرب والسرقة . 7- حكم الطارئ – إذا كان سبباً أو شرطاً أو مانعاً – بعد الحكم وقبل الإمضاء على عقوبات الحدود 8- تنظيم النسل في الشريعة الإسلامية . طبعته وزارة العمل بالتعاون مع منظمة العمـل الدوليـة وصنـدوق الأمم المتحدة للنشاطات السكانية 9- حجية الاعتراف اللاإرادي . 10- قيمة العمل في نظر الدين الإسلامي 11- العلاقة بين المؤسسات والأفراد من المنظور الإداري الحديث والإسلامي المعاصر . 12- تعاليم الإسلام في الاختيار والتوظيف . 13- حكم نقل الدم في الشريعة الإسلامية . 14- مذكرة في التربية الإسلامية . 15- مذكرة في الحدود والقصاصة . 16- نطاق التحكيم وصلاحيات الحكم . 17- علاقة المصارف اإسلامية بالبنوك المركزية .


- ما العوامل التي تسهم في إنجاح مسيرة البحث العلمي الجامعي؟ لإنجاح مسيرة البحث العلمي لا بدّ من توفير الحريّة الأكاديميّة، وتوفير الإمكانات المناسبة للبحث حسب ما تقتضيه طبيعة البحث العلمي، ومن ذلك دعم البحث العلمي، وأن توجد خطّة وطنيّة للبحث العلمي لمساعدة الجامعات والمعاهد العلميّة على القيام بمهامها، وربط البحث العلمي بحاجة المجتمع. وللارتقاء بالبحث العلمي النوعي لا بدّ من التنسيق بين الجامعات في الدول العربيّة في هذا الصدد، ووضع خطّة قوميّة على مستوى العالم العربي للارتقاء بالأبحاث والتقنيات العلميّة. - برأيك كيف يمكن أن تعمل الجامعة على صقل شخصيّة الطالب الجامعي؟ مكوّنات الشخصيّة تتمثّل في التوازن والشمول في تربية العقل والجسم والروح؛ فالتربية العلميّة من خلال المحاضرات ليست كافية لصقل الشخصيّة وتنميتها، ولا بدّ من إفساح المجال للطلاب في المشاركة الفاعلة في البناء المؤسّسي للجامعات وتدريبهم على تحمّل المسؤوليّة. وهذا يحتاج إلى التفاعل بين الأستاذ والطالب، وبين الإدارة والأستاذ والطالب. فالثقافة اللامنهجيّة التي يكتسبها الطالب من المحاضرات الثقافيّة المرافقة والندوات والمؤتمرات والرحلات تسهم بشكل فاعل في بناء شخصيّته. كما أنّ تدريب الطلبة على الحوار البنّاء من خلال النوادي، والمشاركة الطلابيّة في صنع القرار يسهم بشكل فاعل في بناء شخصيّته. وكما أن قصر التعامل بالأساليب الأبويّة لا يربّي الأبناء القادرين على البناء وتحمّل المسئوليّة. - أين تجد سعادتك؟ عندما أكون بين طلابي في المحاضرة، أو في الكتب؛ فأرى الفكرة والقيمة قد نضجت وارتسمت على جباههم، كما أرها في المجتمع عندما أتجوّل فيه فأرى طلاب الأمس هم روّاد المجتمع يحملون همومه، ويعملون بسواعدهم وعقولهم على رفع هامته ومكانته، ويهبون أنفسهم له ولا يكونون عالة عليه. - كيف تنظر إلى المرأة؟ المرأة شريك الدرب، يستمدّ الرجل منها العزيمة والإرادة؛ فالحياة بدون المرأة لا قيمة لها، لأنّها ظلمة لا نور فيها، موحشة لا أُنس فيها، قاسية لا دفء فيها.

- ماذا تعني لك الكلمات التالية؟ الوداع: اللوعة الممزوجة بالأمل. المال: متاع يديمه شكر المنعم. الشمس: الحياة والحريّة. الصداقة: التعاون والتكافل. العمر: عمل الخير. الأرض: وعاء الإسلام. الغربة: جفاء الخلق "كفاح يخالطه الحنين إلى الأهل والوطن". الليل: نبع الإرادة والإلهام. الورد: دليل على وجود القواسم المشتركة بين الناس، فلنفتّش عنها. الأمل: استمراريّة الحياة. - كيف يسهم أعضاء هيئة التدريس في تطوير الخطط الدراسيّة؟ تفعيل مجالس الأقسام ومجالس الكليّات، وتنوّع الجامعات التي تخرّج منها أعضاء هيئة التدريس المعنيون في القسم. - لمن تقرأ من الشعراء؟ وما أجمل ما قرأت؟ قرأت أخيراً لمعالي الدكتور منذر المصري ديوانه الشعري عن القدس، ومن أجمل ما قرأت فيه: هذى الدُّمى في طريق القدس قد زُرِعت إنْ كان درب حبيبي كلُّه شوكٌ والموج أركبه، والصخر أحرثه القدس عاصمتي، والعود أُمنيتي زهر المدائن إن لم نحمِ حرمتها فاستوطنت وطني، لكن إلى حين الشوكُ أقلعه، فالأرض من طين والريح أحصدها، لا شيء يثنيني أشواقها لي تُسْري في شراييني نبقى بأغلالنا مِثلَ المساجين

- ماذا يشغلك الآن؟ كتابة بعض الأفكار التي طالما آمنت بها وناقشتها مع طلابي دون أن أكتبها، بعضها يتعلق بالأسرة والمرأة، وبعضها يتعلق بحقوق الإنسان، وضرورة وجود مشروع حضاري يستمدّ من القرآن الكريم والسنّة النبويّة.

- ماذا تقول لطلبة الجامعة؟ أنتم عماد الأمّة وأملها، فاعملوا وقتكم في البناء؛ بناء العقل والروح والجسم، وأنتم من يستهدفه أعداء الإنسانيّة كي تقعوا في شباكه، والشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد.

- حكمتك المفضّلة؟ الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك. - أحبُّ أوقات اليوم بالنسبة لك، ولماذا؟ الصباح الباكر، ففيه النشاط والحيويّة، والعزيمة للبناء والعمل. - ماذا تحبّ؟ وماذا تكره؟ أحبّ الصدق، وأكره النفاق.

- ماذا في بطاقتك العائليّة؟ في بطاقتي العائلية ستة أولاد ذكور ، أكبرهم إياد الذي يكمل دراسة الدكتوراه في الولايات المتحدة الأمريكية في تخصص هندسة الميكانيك ، يليه عبدالله الذي يكمل الدكتوراه في تخصص المصارف الاسلامية ، ثم محمد الذي يكمل أيضا دراساته العليا في تخصص الكيمياء في استراليا ، يليه أنس الذي أنهى دراسته الحقوقية ويكمل الماجستير في الجامعة الاردنية ، والخامس هو عبد الرحمن الذي ما زال طالباً على مقاعد الثانوية العامة لهذا العام ، وآخرهم علي الذي لم يتم العاشرة بعد.

أضرع إلى الله تعالى أن يحفظ أولادي من حبائل الشيطان، وأنتظر بفارغ الصبر تخرّجهم.

- ماذا عن الغد الآتي؟ عندي هو مفعم بالأمل، أن أصلّي في المسجد الأقصى، وقد تحرّر من الاحتلال الغاشم، وأنّه السبيل لتوحيد الأمّة العربيّة.