قالب:الصفحة الرئيسية/ركن كتاب المعرفة/3

القضاء والقدر مقابل مسؤولية الإنسان -     علاء الأعرجي

علاء الأعرجي

"في هذا البحث سنُركِّز على ظاهرةٍ خطيرة كانت وما تزال تؤثِّرُ سلبًا في المسيرةِ التقدُّميَّة للأُمَّةِ العربيَّة وتُساهمُ في تخلُّفها عن رَكبِ الحضارةِ الحديثة، وأَقصدُ بها ظاهرةَ الإيمانِ بالقضاءِ والقدَر، المنتشرةَ في معظمِ أوساطِ المجتمعِ العربيّ، وخاصَّةً الإسلاميّ، بما فيه كثيرٌ من المتعلِّمين، وبوجهٍ أخصّ لدى الطبقاتِ الفقيرة والجاهلة التي تُشكِّلُ قرابةَ 50 في المئة من المجتمعِ العربيّ (حوالى نصف الشعب العربيّ أُمّيّ، حسب ”تقارير التنمية البشريَّة للأُمم المتَّحدة“). وأهمِّـيَّةُ بحثِ هذه الظاهرة تنجمُ عن أنَّها تؤدِّي إلى عدم شعور الإنسانِ العربيّ شعورًا عميقًا وفعَّالاً بمسؤوليَّتِه تجاهَ نفسه وإزاءَ مجتمعِه، وبالتالي تُساهم في شَلِّ المبادراتِ الشخصيَّة والكفاحِ المُثمِر لتغيير الأوضاع المتردِّية الراهنة، وبالتالي في تفاقُمِ أزمةِ التطوُّرِ الحضاريّ. وكمثالٍ على ذلك، أقول: إنَّني كنتُ وما أزال أتعمَّدٌ أن أَخوضَ في الحديث مع العديد من المهاجرين العرب في هذا البلد (أمريكا)، وخاصَّةً عامَّة الناس الذين يُمارسون الأعمالَ التجاريَّةَ الصغيرة مثل أصحابِ المتاجرالعربيَّة التي تبيعُ الموادَّ الغذائيَّة مثلاً. وبعد أن نتبادلَ الرأيَ حول أوضاع أُمَّتنا الراهنة المتفاقمة، أُلاحظُ أنَّ معظمَهم، إن لم يكن جميعهم، يُنهي كلامَه، بعد أن يشكوَ مِمَّا يحدثُ في البلدِ الأُمّ من مآسٍ ونكبات، بقولٍ من هذا النوع: ”إنَّها مشيئةُ الله ولا مردَّ لها،“ أو ”ننتظرُ رحمتَه سُبحانَه وتعالى،“ أو ”لا حَولَ ولا قوَّةَ إلاَّ بالله،“ أو ”إنَّ الله مع الصابرين“، أو ”ندعو الله سُبحانه وتعالى إلى خلاصِ الأُمَّة من هذه الغمَّة.“ وأَهمُّ من ذلك أنَّ أحدَهم كان، غالبًا، يُردِّدُ لي بحرارةٍ قولَه: ”كلُّ ما أسالُ الله، سُبحانه وتعالى، أن يُبقيَ الأوضاعَ المتردِّية والجارية حاليًّا على وضعِها من التردِّي ولا يزيدَها سوءًا.“ وهذا قِمّةُ التشاؤم والاستسلام لِما يُعتقَدُ أنَّه قضاءُ الله وقدَرُه."