تقييد السُّعرات (الكالوريات) وعلاقته بالشيخوخة


تقييد السُّعرات (الكالوريات) وعلاقته بالشيخوخة

قلل مما تأكله، ولكن تأكد أنك تحصل على كمية كافية من البروتين

والدهن (الدسم) والفيتامينات والمعادن. إن لهذه الوصفة مفعولاً عجيبًا

في صحة القوارض وطول عمرها.

فيا تُرى هل بإمكانها مساعدة البشر أيضا؟

< R .ويندرتش>

قبل ستين عاما توصل العلماء في جامعة كورنيل إلى اكتشاف رائع. فبتقييد الجرذان بنظام غذائي ذي سعرات ضئيلة جدا، تمكن <M .C .ماك كي> وزملاؤه من إطالة المدى الأقصى (الأعظمي) لعمر هذه الحيوانات بنسبة 33%، أي إطالة أعمارها من ثلاث إلى أربع سنوات. ووجدوا فيما بعد أن الجرذان التي أُلزمت نُظُما غذائية قليلة السعرات بقيت فتية مدة أطول، كما عانت في أواخر حياتها أمراضا أقل مما عانته مثيلاتها التي أُعطيت طعاما اعتياديا. ومنذ عقد الثلاثينات كان تقييد السعرات caloric restriction هو المداخلة الوحيدة التي أظهرت، وعلى نحو مقنع، أنها تُبطئ حدوث الهَرم aging لدى القوارض (وهي حيوانات ثديية مثلنا)، وفي المخلوقات التي تمتد من الحيوانات الأَواليّ protozoans وحيدة الخلية حتى الديدان المدورة (حيات البطن) وذباب الفاكهة والأسماك.

ومن الطبيعي أن تثير القوة الهائلة التي تتمتع بها الطريقة المذكورة سؤالا عما إذا كان بوسعها أن تُطيل مدة البقاء على قيد الحياة (البُقْيا) واستمرار الصحة الجيدة لدى البشر. إن هذه المسألة عرضة لنقاش واسع، بيد أن الحقيقة المتمثلة في نجاح هذه المقارنة لدى عدد كبير من الكائنات الحية لأمر يوحي بأن الإجابة قد تكون بتفاؤل كبير «نعم». وهناك بعض المعلومات الموثوقة المثيرة للاهتمام، المستمدة من دراسات أُجريت على القرود والبشر، تدعم هذه الفكرة أيضا.

وبالطبع، وحتى إذا ما ثبت في النهاية أن التشدد الصارم في تحديد السعرات هو ينبوع الشباب للبشر، فقد لا يصبح مطلبا شعبيا مطلقا؛ إذ مازال سجلنا التتبّعي عن التزام الحمية الغذائية الشديدة ضعيفًا. ولكن ربما تمكن العلماء يوما ما من كشف وتطوير عقاقير تضبط شهيتنا على المدى الطويل وبشكل آمن، أو تحاكي (تقلد) التأثيرات النافعة لضبط السعرات في نُسُج (أنسجة) الجسم. وقد تسمح هذه المقاربة الأخيرة للناس بالاستمتاع بالأغذية العادية إلى حد ما، وفي الوقت نفسه الاستمرار في جني ثمار التأثيرات الصحية النافعة الناجمة عن تحديد مدخولهم الغذائي. ويقوم العديد من المختبرات الآن، بما فيها مختبرنا في جامعة وسكنسن-ماديسون، بالعمل ابتغاء التوصل إلى فهم الأساس الخلوي والجُزَيْئي للطريقة التي يؤخر بها تقييد السعرات عمليات التشيّخ (التهرم) لدى الحيوانات. وقد تؤدي جهودنا إلى إيجاد بدائل مفيدة تقوم مقام التزام النظام الغذائي الصارم، مع أن أغلبيتنا تركز جهودها الأساسية في الوقت الحالي على فهم سيرورة (أو سيرورات) الهرم ذاتها.

فأران لهما العمر نفسه وهو 40 شهرا؛ ومع ذلك فإن المقارنة بين الفأر الذي تناول طعاما عاديا ـ ويظهر في يمين الصورة ـ والفأر الذي تغذى بقوت قليل السعرات منذ أن بلغ 12 شهرا من العمر (أوائل أواسط العمر) ـ وهو في يسار الصورة ـ تبين أن الثاني يبدو أصغر سنا وأكثر صحة. لقد أمكن ـ إلى حد كبير في معظم الأحيان ـ إطالة أعمار بعض الحيوانات (كتلك التي تظهر في الصورة) بإنقاص شديد لمدخولاتها من السعرات. ولكن انطباق ذلك على البشر مازال قيد البحث. وهذا التقييد في المدخول من السعرات لا ينجح إلا عندما تحصل الحيوانات على تغذية ملائمة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

في القوارض، السعرات الأقل هي الأكثر نفعا

لقد أظهرت البحوث، التي أُجريت في مجال تحديد السعرات، عددا هائلا من الفوائد لدى الحيوانات ـ بشرط ضمان مراقبة الحاجات الغذائية للحيوانات التي تتبع الحمية الغذائية مراقبةً محكمة دقيقة. وفي معظم الدراسات تستهلك حيوانات الاختبار، وهي عادة الفئران أو الجرذان، قدرا من السعرات يقل عما تستهلكه الحيوانات الضابطة (الشاهدة) بنسبة 30 إلى 50 في المئة، كما أن وزنها أقل بنسبة 30 إلى 50 في المئة أيضا. ولكنها تحصل في الوقت ذاته على ما يكفي من البروتين والدهن (الدسم) والفيتامينات والمعادن اللازمة كلها للحفاظ على عمل نُسُجها الفعال. وبعبارة أخرى: تُلْزَم هذه الحيوانات اتّباع شكل صارم من الحمية الغذائية الحكيمة الذي تستهلك فيه الحد الأدنى من السعرات من غير أن تصاب بسوء التغذية. فإذا ما تمت تلبية الحاجات الغذائية للحيوانات، فلن يقتصر عمل تقييد السعرات على الزيادة الثابتة في متوسط مدى عمر الأفراد ولكن سيرفع أيضا المدى الأقصى للأعمار ـ أي عمر أطول أعضاء الزمرة بقاء على قيد الحياة. وتعني هذه النتيجة الأخيرة أن تحديد السعرات يتدخل ويعبث ببعض جوانب سيرورة الهرم الأساسية. إن كل ما من شأنه أن يمنع الموت المبكر، كذاك الذي يسببه مرض يمكن توقّيه أو معالجته أو ذاك الناجم عن حادث طارئ، سيرفع متوسط مدى حياة مجموعة ما. ولكن من الواجب حقا إبطاء سرعة حدوث الشيخوخة حتى يتمكن الأفراد الأشد قدرة على التحمل من تجاوز الحد الأقصى المعروف الآن.

وفضلا عن تغيير مدة البقاء على قيد الحياة (البُقْيا)، فقد استطاعت الحمية الغذائية المنخفضة السعرات أن تؤجل عند القوارض حدوث معظم الأمراض الخطرة الشائعة في أواخر الحياة [انظر ما هو مؤطر في الصفحة المقابلة]، بما فيها سرطانات الثدي والموثة (البُرُسْتاة) والجهاز المناعي والسبيل المعِدي المعوي. وعلاوة على ذلك، فمن بين نحو 300 مقياس للشيخوخة تمت دراستها، وجد أن نحو 90% من القوارض التي حصلت على غذاء مقيد السعرات تبقى «محافظة على شبابها» مدة أطول مما في القوارض التي تم إطعامها جيدا. وعلى سبيل المثال، تتناقص بعض الاستجابات المناعية في الفئران السوية حينما تبلغ سنة واحدة من العمر (أوائل أواسط عمرها)؛ إلا أن هذه الاستجابات لا تضعف في الفئران الأشد نحافة والمماثلة للمجموعة السوية وراثيا، إلا عند بلوغها سنتين من العمر. وشبيه بذلك ما يحدث حينما تتقدم القوارض في السن فتقوم عموما بتصفية الگلوكوز ـ وهو سكر بسيط ـ من دمها على نحو أقل فعالية مما كانت تفعله وهي فتيّة (وهو تغير قد يتعاظم ويصبح داء سكريا)، كما أنها تصطنع وتركب البروتينات اللازمة ببطء أشد، وتقع تحت وطأة الارتباط التصالبي cross-linking (وهو الذي يؤدي إلى التصلب) في البروتينات ذات الحياة المديدة في النسج، وتفقد من كتلتها العضلية، ويغدو تعلمها أبطأ. أما في الحيوانات التي تحصل على سعرات محددة، فإن هذه التغيرات كلها يتأخر حدوثها.

وليس من المستغرب أن يتساءل القائمون بالاستقصاءات عما إذا كان تقييد السعرات (الطاقة) في حد ذاته هو المسؤول عن المزايا التي تُجنى من اتباع النظم الغذائية ذات السعرات القليلة، أم أن الحد من الدهن (الدسم) أو من مكون آخر في النظام الغذائي هو الذي يعلل هذا النجاح ويفسره. ويبدو أن الإمكانية الأولى هي الصحيحة. إن تقييد كمية الدهن (الدسم) والبروتين والكربوهِدْرات (السكريات) من غير إقلال السعرات لا يرفع مدى العمر الأقصى لدى القوارض. إن الاقتصار على إضافة الفيتامينات المتعددة ـ أو الجرع العالية من مضادات التأكسد (المؤكسدات) ـ ليس بالأمر الناجع، كما لا يجدي تغيير نمط الدهن أو الكربوهدرات أو البروتين في الغذاء.

ومن الأمور المشجعة ما توحي به الدراسات أيضا من أن تقييد السعرات قد يكون ذا نفع حتى وإن لم يتم البدء به إلا في أواسط العمر. وفي الواقع، إن أشد ما اكتشفْتُه إثارة في عملي هو أن تقييد السعرات الذي ابتُدِئ في اتباعه لدى الفئران في أوائل أواسط عمرها أمكنه أن يطيل مدى عمرها الأقصى بنسبة 10 إلى 20 في المئة، كما أمكنه أن يقاوم نشوء أو نمو السرطان. إضافة إلى ذلك، فمع أن إنقاص المدخول من السعرات إلى قدر يعادل تقريبا نصف ما تستهلكه الحيوانات التي تأكل على شكل غير مقيد هو الأكثر زيادة لمدى الحياة الأقصى، فإن تقييد السعرات الأقل صرامة له بعض الفوائد أيضا، سواء ابتدئ به في مقتبل الحياة أو في أواخرها.

ومن الطبيعي أن يغدو العلماء أكثر ثقة في أن تقييد النظام الغذائي يمكنه أن يؤجل روتينيا حدوث الهرم عند الرجال والنساء إذا أمكن تأكيد النتائج التي تم الحصول عليها بالنسبة للقوارض في دراسات على القرود (وهي الأشد شبها بالبشر)، أو على البشر بالذات. ولكي تكون مثل هذه الاستقصاءات أغنى بالمعلومات، يجب تتبع الأفراد الخاضعين للدراسة سنوات عديدة ـ وهي مهمة مكلفة وشاقة من الوجهة المنطقية (اللوجستية). ومع ذلك، هناك تجربتان مهمتان واسعتان تُجريان حاليا على القرود.

 
فأران لهما العمر نفسه وهو 40 شهرا؛ ومع ذلك فإن المقارنة بين الفأر الذي تناول طعاما عاديا ـ ويظهر في يمين الصورة ـ والفأر الذي تغذى بقوت قليل السعرات منذ أن بلغ 12 شهرا من العمر (أوائل أواسط العمر) ـ وهو في يسار الصورة ـ تبين أن الثاني يبدو أصغر سنا وأكثر صحة.


فوائد تقييد السعرات

أدى التقدم في الممارسات الصحية بدءا من عام 1900 إلى زيادات كبيرة في مدى العمر المتوسط بين الأمريكيين (وهو ما يظهر في المخطط البياني a)، وقد تم ذلك بصفة أساسية عن طريق تحسين الوقاية من الأمراض التي تسبب موت الإنسان المبكر ومعالجتها. ولكن تلك المداخلات لم تؤثر على نحو جوهري في مدى العمر الأقصى (أقصى اليمين في المخطط البياني a)؛ الأمر الذي يُعتقد أن تحديده مرتبط بعمليات هرم (شيخوخة) تحدث داخل الجسم. (تُظهر منحنيات المخطط وبياناته بروزات تعبّر عن الأشخاص المولودين في السنوات المشار إليها وتفترض أن الشروط التي تؤثر في البقاء على قيد الحياة لا تتغير). وبالمقابل، أدى تقييد السعرات إلى زيادة واضحة في مدى العمر الأقصى إضافة إلى زيادته متوسط مدى العمر في القوارض (b) وهو، في الواقع، المداخلة الوحيدة التي يبدو حتى الآن أنها تبطئ حدوث الشيخوخة في الثدييات ـ وهي إشارة تدل على إمكان تأخير الهرم في البشر أيضا.

وعلى الرغم من أن اتباع نظم غذائية صارمة يطيل مدة البقاء إلى درجة تفوق ما يفعله اتباع نظم معتدلة، فإن دراسة الفئران التي أعطيت غذاء قلت فيه السعرات ابتداء من مقتبل الحياة (في عمر ثلاثة أسابيع) توضح أن تقييد السعرات ـ ولو كان بسيطا ـ يقدم بعض الفوائد (c). وهذه النتيجة هي خبر يكمن فيه الخير للناس. كما أن من الأمور المشجعة اكتشاف أن تحديد السعرات لدى القوارض يفضي إلى أكثر من إطالة العمر؛ فهو يسمح للحيوانات بالبقاء شابة مدة أطول (الجدول). إن الفأرة التي تبدو في الزاوية تناولت غذاء محدد السعرات وعاشت فترة طويلة بشكل غير مألوف. إن أغلب بنات نوعها التي تتناول الطعام الاعتيادي تعيش 40 شهرا. وقد كان عمر تلك الفأرة 53 شهرا حينما أُخذت الصورة لها، ونفقت لأسباب مجهولة بعد نحو شهر واحد.

تقييد السعرات لدى القوارض: تأثيرات منتقاة

يؤجل النقصان المرتبط بتقدم العمر من:

ضبط گلوكوز الدم؛ قدرة التوالد عند الإناث؛ إصلاح الدنا؛

المناعة؛ القدرة على التعلم؛ الكتلة العضلية؛ تركيب البروتينات

تبطئ الزيادات المرتبطة بتقدم العمر من:

الارتباط المتصالب في البروتينات المعمّرة؛ إنتاج المتقدرات للجذور الحرة،

الضرر التأكسدي الذي يصيب النسج ولا يمكن إصلاحه

يؤخر ظهور أمراض أواخر العمر، بما فيها:

اضطرابات المناعة الذاتية(1)؛ السرطانات؛ أشكال الساد cataract؛

الداء السكري؛ فرط ضغط الدم؛ الفشل الكلوي

بيانات ضئيلة عن الرئيسات ولكنها مدهشة

مازال الوقت مبكرا جدا للحكم على قدرة الحميات الغذائية ذات السعرات المنخفضة على إطالة الحياة أو فترة الشباب عند القرود مع مرور الزمن. غير أن الدراسات تمكنت من قياس تأثيرات تحديد السعرات فيما يسمى بالواسمات (العلامات) الحيوية biomarkers للشيخوخة: وهي خاصيات تتغير بصفة عامة مع تقدم السن، وقد تساعد على التنبؤ بمدى الصحة أو العمر في المستقبل. وكمثال على ذلك، إن ضغط الدم يرتفع عند الرئيسات primates مع تقدمها في العمر، كما ترتفع مستويات الأنسولين والگلوكوز في دمها، وتتناقص في الوقت نفسه الحساسية للأنسولين (وهي قدرة الخلايا على التعامل مع الگلوكوز ومعالجته استجابة لإشارات من الأنسولين). وينطوي تأجيل حدوث هذه التغيرات على دلالة ضمنية تشير إلى احتمال قدرة النظام الغذائي التجريبي على إبطاء حدوث بعض مظاهر الشيخوخة على أقل تقدير.

وفي عام 1987 ابتدأت إحدى الدراسات على القرود بإشراف S.G. روث من المعهد الوطني للشيخوخة. ويتم في هذه الدراسة تفحُّص قرود الرَّيْص rhesus التي تعيش نمطيا نحو 30 سنة وتصل أحيانا إلى 40 سنة، والقرود السنجابية التي يندر أن تبقى حية مدة تزيد على 20 سنة. وقد بوشر بتحديد النظام الغذائي لبعض هذه الحيوانات وهي لمّا تزل فتية (في عمر سنة أو سنتين)، كما بُدئ لدى بعضها الآخر بعد مرحلة البلوغ . أما المشروع الثاني الذي يشمل دراسة قرود الرَّيْص فحسب، فقد استهله B .W. إرشلر و W .J. كمنتز و B .E. رويكر من جامعة وسكنسن-ماديسون عام 1989، وقمتُ بالانضمام إلى هذا الفريق بعد سنة. لقد ابتدأ تقييد السعرات في غذاء قرود دراستنا وهي في بداية سن البلوغ، أي في عمر 8 إلى 14 سنة. وتفرض كل من الدراستين مستوى من تقييد السعرات يقل بنسبة 30% تقريبا عن مدخول الحيوانات الضابطة التي تتغذى بشكل اعتيادي.


نظرية في الشيخوخة (الهرم)

إن التفسير الأول لسبب شيخوختنا يضع الكثير من اللوم على الجذور الحرة المخرِّبة (الأحمر) المتولدة في المتقدرات وهي مصانع لتزويد الخلية بالطاقة. وتتشكل الجذور (في اليسار) حينما تستخدم آلة إنتاج الطاقة في المتقدرات (ضمن إطار أسود) الأكسجين والغُذَيّات لتركب ATP (ثالث فسفات الأدينوزين) ـ وهو الجزيء (الأخضر) الذي يزود معظم النشاطات الأخرى للخلية بالطاقة. وتهاجم تلك الجذور الآلة ذاتها ودنا DNA المتقدرات اللازمة لإنشاء أجزاء منها، وقد تلحق بها أذى مستديما. وبوسعها أيضا أن تُلحِق ضررا بمكونات أخرى في المتقدرات وفي الخلايا.

وترى هذه النظرية أن الضرر المتراكم الذي يصيب المتقدرات يُحدث مع مرور الزمن (في اليمين) هبوطا في إنتاج ATP، كما يولّد أيضا إنتاجا متزايدا في الجذور الحرة؛ الأمر الذي يفضي إلى تسارع تخرب مكونات الخلية. وحينما تغدو الخلايا بحاجة ماسة إلى الطاقة ويعتريها الضرر، فإنها تقوم بوظيفتها على نحو أقل كفاءة. وحينئذ تبدأ النُّسُج التي تشكلها هذه الخلايا بالضعف، كما يصاب الجسم بأكمله بالوهن. ويرتاب العديد من الباحثين في أن السبب الرئيسي لإبطاء الشيخوخة عن طريق تقييد السعرات هو تقليل إنتاج الجذور الحرة في المتقدرات.

تتألف آلة إنتاج الطاقة في المتقدرات بشكل أساسي من سلسلة نقل الإلكترونات: وهي سلسلة من أربعة معقّدات جزيئية كبيرة (الرمادي) ومن معقديْن جزيئيين صغيرين (الأخضر الفاتح). إن المعقدين I و II (أقصى اليسار) يلتقطان الإلكترونات (الأسهم الذهبية) من الطعام ويوصلانها إلى اليوبيكوينون ubiquinone، وهو الموضع الذي يتم فيه توليد معظم الجذور الحرة (الأحمر). ويرسل اليوبيكوينون هذه الإلكترونات عبر بقية أقسام السلسلة إلى المعقد IV، حيث تتفاعل مع الأكسجين والهِدْروجين لتشكل الماء. إن تدفق الإلكترونات يحرض البروتونات (H+) على الجريان (الأسهم الزرقاء) إلى معقد آخر أيضا ـ سنتاز ATP (الأرجواني) ـ يجتذب الطاقة التي تولدها البروتونات لتصنيع ATP (الأخضر الغامق). وتتشكل الجذور الحرة حينما تهرب الإلكترونات من سلسلة النقل وترتبط بالأكسجين الواقع إلى جوارها.

الكلمات الدالة: