بوابة:مجلة العلوم/حاسوب

مفجر البيانات اللاسلكي

SCI2003b19N4-5 H04 002940.jpg

كان خيط الضوء الشديد المتماوج ذي اللون الأزرق الفاتح يتراقص عبر الحيز الصغير بين طرفي قضيبين معدنيين، مُصدرا صوتا أشبه بصوت الفرقعة التي تصاحب قلي البيض. مكان هذا المشهد قاعة تعليمية خافتة الإضاءة في جامعة كارِلسروهه بألمانيا، حيث يعرض أستاذ وقور عمره واحد وثلاثون عاما لطلبته ظواهر كهرمغنطيسية مستعينا بجهاز إرسال ذي فرجة شرارية spark-gap transmitter. أما الزمان فهو عام 1887، والأستاذ الوقور<H. هرتز> يعمل على توليد موجات راديوية. وبعد ذلك بسبع سنوات حدث أن قرأ شاب إيطالي يدعى<G. ماركوني> [كان يمضي إجازته في جبال الألب] مقالة لهرتز حملته على العودة فجأة إلى بيته وفي ذهنه تصور لجهاز تلغراف لاسلكي. وما لبثت أجهزة إرسال ماركوني الخاصة ذات الفرجة الشرارية أن ظهرت في مختبره مرسلة دفقات نبضية من نظام مورس دون استعمال أي أسلاك. وبتعزيز طاقة الإرسال وإنشاء هوائيات أكبر، تمكن هذا «الرائد الراديوي» فيما بعد من استعمال جهاز لبث إشارات لاسلكية مكودة (مرمزة) عبر المحيط الأطلسي وذلك عام 1901. بعد مضي قرن على ذلك التاريخ، ها هم الباحثون يرسلون مجددا نبضات كهرمغنطيسية قصيرة في أرجاء مختبراتهم العلمية، إلا أن التقانة تبدلت، فحلت الدارات المتكاملة والديودات النفقية tunnel diodes البالغة الصغر محل الملفات (الوشائع) والمكثفات الضخمة التي استخدمها كل من هرتز وماركوني. كذلك طُوِّرت حاليا دفقات الشرر العشوائية الشاردة التي كانت تبثها أجهزة الإرسال الأولى، فغدت سلاسل متعاقبة بالغة الدقة في التوقيت لنبضات متميزة الشكل، لا يتعدى أمد الواحدة منها بضع مئات من أجزاء التريليون من الثانية.